تسجيل صوتي عن قادة حزب البشير يثير الجدل بالسودان.. من هربهم من سجن كوبر؟

12

طباعة

مشاركة

تفسيرات عدة ساقها ناشطون على تويتر، لإعلان أحمد هارون، المساعد السابق للرئيس السوداني المعزول عمر البشير، خروجه من السجن رفقة بعض رموز النظام البائد بعد فوضى حدثت بالسجن.

هارون الذي كان محتجزا بسجن كوبر القومي شمالي الخرطوم هو وعدد من رموز النظام السابق أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمر توقيفه سابقا وآخرين بتهمة ارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية وإبادة جماعية بإقليم دارفور ما بين عامي 2003 و2007.

وقال هارون في تسجيل صوتي تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي في 24 أبريل/ نيسان، إنهم أصروا على البقاء داخل السجن في البداية، رغم خروج الآلاف منه بعد الفوضى مع عدد قليل من الحراسات، وذلك انتظارا لصدور أمر قضائي بالإفراج بسبب الظروف الأمنية".

وأشار القيادي السابق في نظام البشير،  إلى أن الأمر القضائي لم يصدر لأسباب رفض الكشف عنها، ولذلك فقد قرر مغادرة السجن بقرار شخصي يتحمل هو والفارون معه مسؤوليته، متعهدا بتسليم نفسه متى عادت الأمور لطبيعتها.

وفي السياق، هاجم هارون، قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي واتهمه بالعمل على خوض حرب من أجل أطماعه الشخصية.

ومنذ 15 أبريل 2023، اندلعت في عدد من ولايات السودان اشتباكات واسعة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، راح ضحيتها المئات بين قتيل وجريح معظمهم من المدنيين.

وعام 2013، تشكلت "الدعم السريع" لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المتمردة بإقليم دارفور (غرب)، ثم تولت مهام منها مكافحة الهجرة غير النظامية وحفظ الأمن، قبل أن يصفها الجيش بأنها "متمردة" عقب اندلاع الاشتباكات.

وأكد هارون الذي لديه خلافات عميقة تعود لسنوات مع حميدتي، دعمه للجيش السوداني في المواجهة الحالية، ودعا أفراد قوات الدعم السريع لتسليم أنفسهم له.

بدورها، أكدت القوات المسلحة السودانية، أن البشير وآخرين من منتسبي النظام المعزول موجودون داخل مستشفى علياء العسكري في أم درمان تحت حراسة ومسؤولية الشرطة القضائية، وذلك من قبل اندلاع القتال مع قوات الدعم السريع في 15 أبريل.

واستبقت إفصاحها عن مكان البشير في 26 أبريل 2023، بإصدار بيان نشرته على حسابها بتويتر، تبرأت فيه من تسهيل هروب رموز النظام السابق من السجون، مؤكدة أن "لا مصلحة للجيش في خروج النزلاء من سجونهم بهذه الطريقة التي تضع أمن الناس وطمأنينتهم على المحك". 

وأضافت أنها غير معنية بأي بيانات تصدر من أي جماعة أو أفراد خرجوا من هذه السجون بتلك الطريقة، بما فيها بيان أحمد هارون المحتجز على خلفية بلاغات سياسية، "والذي نستغرب جدا إشارته فيه للقوات المسلحة".

وتباينت ردود فعل ناشطين على تويتر عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #أحمد_هارون، حول بيانات الأطراف كافة، مستنكرين تنصل الجميع من مسؤولية ما وصل إليه الوضع الأمني بالبلاد، لا سيما قوات "الدعم السريع".

فوضى عامة

وأعرب ناشطون عن شعورهم بتقصير القوات المسلحة في أداء مهامها وحماية الشعب وتأمين السجون وملاحقة الهاربين، وعدوا ما حدث بمثابة فشل للجيش وانهزام، متهمينه بافتعال هذه الحرب العبثية من أجل إعادة رموز النظام السابق.

فيما وجه آخرون أصابع الاتهام لقوات الدعم السريع في الوقوف وراء فتح السجون وتهريب السجناء خاصة رموز النظام السابق استكمالا لاختلاق الذرائع لمواجهة الجيش، وتبني المزاعم بأن حربهم لمنع عودة الفلول.

وتفاعلا مع الأحداث، قال الناشط ياسين أحمد، إن خروج الكيزان القتلة من سجن كوبر فوضى تضرب البلد أكتر مما مخطط له، وهذا نتاج الفوضى العامة، محذرا من أن الهاربين مرضى سلطة.

وعلق يوسف النعمة، على خروج البشير وزمرة الكيزان خارج سجن كوبر، وقول أحمد هارون صاحب مقولة (أكسح أمسح) المشهودة حول جرائم دارفور إنهم سيتولون تأمين أنفسهم، قائلا: "الانقلاب في نسخته المُحدّثة".

وأكد يحيى غنيم، أن خروج رموز نظام البشير (مساعده أحمد هارون ونائبه علي عثمان طه) من سجن كوبر لا يخدم سوى لص الصحراء حميدتى مهما أدلوا بتصريحات ضده ومؤيدة للجيش.

وتوقع أن يستغل شيوعيو قوى الحرية والتغيير (حلفاء حميدتي) هروبهم وتصريحاتهم بأن للجيش يدا فى ذلك وأن الجيش يريد عودة النظام الذي قامت عليه الثورة.

ورأى الناشط الحقوقي أباذر حسن، أن خروج قيادات نظام المخلوع من السجون وبياناتهم المتطايرة سترجح كفة مليشيا الدعم السريع التي صنعوها بأيديهم عند البعض، مؤكدا أنه من غير المستبعد أن المليشيا فعلت ذلك بنفسها بمهاجمة السجون.

فيما توقع نبيل شكور، أن أيام البرهان في قيادة الجيش معدودة، وستتم إزاحته من فلول المؤتمر الوطني المنحل المتحكمة في الجيش بعد أن استنفد أغراضه.

بيان مخجل

وصب ناشطون غضبهم على القوات المسلحة وحملوا البرهان كامل المسؤولية عن هروب رموز نظام البشير من السجون، مستنكرين خروجها ببيان ضعيف اكتفت فيه بالإعراب عن القلق عن فرار رموز النظام السابق.

وأكد الصحفي كمال الشريف، أن من الاستفزاز للشعب وأسر آلاف الشهداء أن يخرج أحمد هارون بيانا وهو غير مرغوب فيه داخليا كعضو في نظام أطاحت به الثورة وكشخص مطلوب دوليا لجرائم إنسانية.

وأضاف: "أظن أنه بيان أوله كيدي بحميدتي وآخر موجع للجيش الذي يناضل الآن باسم الوطن".

ووصفت الصحفية داليا الطاهر، بيان الجيش بالمخجل، قائلة إنه ينم عن ضعفه في التعاطي مع الكيزان إن لم يكن يتماهى معهم.

وتساءلت الطاهر: "لماذا لم يسعَ الجيش ولو من باب التطمين للشعب أن يقول سنعيد القبض عليهم وإعادتهم للسجون الحربية حتى استباب الأمن ومن ثم تسليمهم للشرطة مرة أخرى؟"

وتعجب طارق سري جيرايس، من توصيف الجيش لأحمد هارون بأنه "محتجز على خلفية بلاغات سياسية"، مذكرا بأنه متهم بجرائم ضد الإنسانية.

وسخر قائلا "مليشيا جيش الكيزان فى تجلياته فى خلافة على كرسي السلطة مع مليشيات الجنجويد الكيزانية التي خرج من رحمها".

وألمح علاء الدين هاشم، إلى ضعف الجيش السوداني، وتمسكه بالإعراب عن القلق في ظل وجود "نهب وسرقة وهروب مساجين".

وعد عبدالناصر آدم، بيان القوات المسلحة بشأن أحمد هارون وقيادات المؤتمر الوطني المحلول ليس مقنعا، لأن الذي يخوض هذه الحرب حاليا هو رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، فبالتالي يتحمل مسؤولية كل شيء يحدث بما في ذلك انتهاكات الدعم السريع في كل مكان.

واستنكر المحلل السياسي كمال بن بادي، قول الجيش في بيانه إن إدارة السجون خارج نطاق صلاحيته وأنه تابع لوزارة الداخلية، مذكرا بأن البرهان القائد الأعلى للجيش هو رئيس مجلس السيادة والبلد في حالة الحرب تتبع مسؤولية الأمن الداخلي للجيش وفق قانون الطوارئ.

ورأى أن الأمر الأخطر في البيان وصف أحمد هارون بأنه "محتجز على خلفية بلاغ سياسي".

وتساءلت المغردة سلمى: "كيف سمح لقادة النظام المعزول بالهرب في ظل هذه الظروف وكيف خرجوا وأين هم الآن؟ هل الدعم السريع أطلق الكيزان ليحرض الرأي العام ضد الجيش!؟ هل إخراج جميع نزلاء السجون كان مخططا له لإطلاق سجناء كوبر؟"

وواصلت التساؤل: "هل الدعم السريع فقد كل أوراقه في الانتصار في معركته ضد الجيش ولجأ لهذه الحيلة الخبيثة لكسب القليل من الأصوات لصالحه؟".

شكوك بالجيش

ورأى ناشطون أن هروب هارون ورموز النظام السابق من السجون، يحمل دلالة على تعمد الجيش السوداني افتعال الأحداث وإشعالها بهدف إعادتهم للواجهة مرة أخرى، معلنين تمسكهم بحل قوات الدعم السريع وعودة العسكر للثكنات ومحاسبة رموز النظام المعزول.

وأوضح الناشط في العدالة الاجتماعية والسياسية ود المدني، أن تسجيل أحمد هارون الذي يشبه البيان الأول للانقلابات وصياغة البيان وطريقة إلقائه لا تشبه أنه كتب من قبل شخص هرب للتو من السجن، بل معد مسبقا بزمن وصياغة قانونية محترفة.

وقال محمد كنان، إن الخطاب ليس ارتجاليا سواء كتبه هارون أو سواه، بل متفق عليه تنظيميا لأنهم يعرفون أنهم طالعين والآن قيادة المؤتمر الوطني ستكون بيد أحمد هارون.

وعلق أحمد حمدان ألنمير، على هروب هارون من سجن كوبر مع آخرين وإعلانهم أنهم سيوفرون الحماية لأنفسهم، قائلا: "لهذا قامت هذه الحرب اللعينة، وعرض الجيش السوداني جميع مواطنين السودان للخطر، وقصف المدنيين بالطائرات داخل المدن".

وأضاف: "لهذا دمر البرهان اقتصاد البلد وأدخل البلد في دوامة حرب لا ناصر فيها، هنيئا لكم بعودة الكيزان بكامل صلاحيتهم للحكم وننتظر بيان من عمر البشير".

ورأى محمد صديق، أن الكلمة والخط السياسي وتكتيكاته للرصاص والراجمات والطيران الحربي ومضاداته، وأن لا حل إلا بتحالف مدني عريض مشروط بإيقاف الحرب وحل الجنجويد وإعادة الجيش لثكناته ومحاكمة قيادات الطرفين (جنجوجيش).

وقال المغرد أمجد، إن الموقف ضد الحرب ليس موقف حياد ضد الدعم السريع والجيش، بل ضد الاثنين، وضد الابتذال السياسي الذي قاد إلى النظر إليهما على أنهما طرفان سياسيان في عملية سياسية تهدف إلى إنهاء انقلاب قاما به معا. 

وأضاف: "الدعم السريع والجيش يخوضان حربا سيئة أفضل ما يمكن أن يحدث لها هو أن تقف، وأن تقف الآن".