خوف من الاغتيال وحظر سياسي.. كيف يواجه عمران خان أزماته؟
سلط معهد دراسات جنوب آسيا (ISAS) الضوء على ما أسماه "دوامة التحريض والمواجهة" بين رئيس الوزراء الباكستاني الحالي، شهباز شريف، وسلفه، عمران خان.
ففي أبريل/نيسان 2022، شهدت باكستان أول عملية تصويت برلمانية ناجحة لحجب الثقة عن رئيس الوزراء حينها، عمران خان، لكنه غادر منصبه بعد تردد، متعهدا بالعودة إليه مرة أخرى في 2023.
"وفي حين أن علاقته الوثيقة مع المؤسسات النافذة بالدولة قادت خصومه إلى وصفه بأنه "رئيس الوزراء المختار"، فإن "خان" يتبنى الآن رسائل مناهضة لتلك المؤسسات بشكل واضح"، حسب التقرير.
وفي خضم الأزمة الاقتصادية وعدم اليقين السياسي المتزايد في باكستان، يواصل خان التأثير على السياسة الداخلية الباكستانية، وتتصدر أخباره وسائل الإعلام المحلية، حسب المعهد.
حظر سياسي
وكانت لجنة الانتخابات الباكستانية قد استبعدت خان، في أكتوبر/تشرين الأول 2022، من تولي أي منصب سياسي لمدة خمس سنوات.
وأجمعت اللجنة على أن خان متورط في ارتكاب "ممارسات فاسدة"، تتمثل في الحصول على هدايا حكومية وردت من رؤساء دول أخرى وشخصيات أجنبية، دون إخبار الجهات المعنية كما ينص القانون.
وادعت لجنة الانتخابات أن خان انتهك الأحكام الواردة في الأقسام 137، و167، و173 من قانون الانتخابات لعام 2017؛ لتقديمه "بيانا كاذبا" و"إعلانا غير صحيح" إلى اللجنة يوضح تفاصيل أصوله والتزاماته لعام 2020-2021.
وبعد معاقبة اللجنة له بحظره من العمل السياسي لمدة 5 سنوات، رفض خان وحزبه "حركة الإنصاف الباكستانية (PTI)"، الحكم، واصفين إياه بأنه مدبر و"عمل من أعمال الهندسة السياسية".
ودعا خان أنصاره إلى النزول إلى الشوارع وقدم استئنافا إلى محكمة إسلام أباد العليا، لكن طلبات استئنافه أمام المحاكم رُفضت، وتركت لائحة الاتهام معلقة.
الآن، وعلى الرغم من الحفاظ على نتائج إيجابية في استطلاعات الرأي، يواجه خان وحزبه عقبات قانونية متزايدة، ومخاطر على سلامته الشخصية، وقمعا ممنهجا من الدولة، وفق التقرير.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أسفرت محاولة اغتيال خان عن إصابته بطلقات نارية في ساقه، حيث أُطلق عليه الرصاص في "وزير آباد"، بإقليم البنجاب، وذلك أثناء مسيرة احتجاجية ضخمة ضد الحكومة.
كما أن هناك أكثر من مائة قضية قانونية ضده، ووقعت عدة اشتباكات بين أنصاره أعضاء حركة الإنصاف، والشرطة الباكستانية.
واتهمت السلطات خان وعددا من أعضاء حزبه بارتكاب جرائم إرهابية، وأعمال شغب، والاعتداء على الشرطة، والترويع الإجرامي.
وفي 24 مارس/آذار 2023، ألقت قوات الأمن القبض على المسؤول الإعلامي في حركة الإنصاف، أزهر مشواني؛ بسبب حملته ضد رئيس أركان الجيش الباكستاني، عاصم منير.
وتقود وكالة التحقيقات الفيدرالية الباكستانية سيئة السمعة هذه التحقيقات، بالتعاون مع وكالات المخابرات والشرطة، وفق التقرير.
ومع ذلك، فقد فشل هذا في إسكات خان، وهناك حملة جارية على وسائل التواصل لتوثيق وإدانة الحملة المتعمدة والممنهجة ضد حركة الإنصاف. ومن جانبه، يكرر رئيس الوزراء السابق أن حياته مهددة وأن حكومة شهباز شريف تخطط لقتله.
قلق مستمر
وبينما من المقرر أن تشهد البلاد انتخابات في وقت لاحق من هذا العام 2023، اجتمع البرلمان الباكستاني في جلسة مشتركة لمناقشة مجموعة من القضايا الرئيسة التي تعاني منها البلاد.
وضمت هذه القضايا: عدم الاستقرار السياسي، والانهيار الاقتصادي، والانتخابات الإقليمية في مقاطعتي البنجاب وخيبر باختونخوا.
وفي غضون ذلك، يواجه اقتصاد البلاد نموا بطيئا، وتضخما مرتفعا، واستنزافا في احتياطيات النقد الأجنبي، واحتياجات تمويلية ضخمة.
كذلك، فإن هناك مصدر قلق مستمرا من أن تقترض حكومة شريف 1.1 مليار دولار أميركي من صندوق النقد الدولي، يضيف التقرير.
والجدير بالذكر أن باكستان تتفاوض مع صندوق النقد الدولي منذ نهاية يناير/كانون الثاني 2023، للإفراج عن 1.1 مليار دولار من حزمة الإنقاذ البالغة 6.5 مليارات دولار المتفق عليها عام 2019.
وفي سبيل ذلك، خفضت الحكومة الإعانات التي تقدمها للشعب، وألغت سقفا مصطنعا كانت قد وضعته لسعر الصرف وأضافت ضرائب ورفعت أسعار الوقود.
وأكد المعهد أن باكستان بحاجة إلى القرض لتحمل الواردات الأساسية وتغطية التزامات ديونها الخارجية.
لكن من جانبه، وضع صندوق النقد الدولي شروطا صارمة، وعملت الحكومة على طمأنة الصندوق بأنها بصدد تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
ومع ذلك، فإن هذه الأموال التي تعد شريان حياة للاقتصاد الباكستاني لا تزال بعيدة المنال، وفق التقرير.
وهذا بدوره يضع عوائق كبيرة أمام إجراء عملية سياسية في البلاد، تسوي الصراع بين الحكومة الحالية بقيادة شريف، وحركة الإنصاف بقيادة خان.
تهرب من الانتخابات
وحسب المعهد، فقد كان حل مجلسي البنجاب و"خيبر باختونخوا" في 14 و18 يناير 2023، على التوالي إستراتيجية تكتيكية من خان - الذي يحكم حزبه كلا المقاطعتين- في سبيل إجبار الحكومة على إجراء انتخابات مبكرة.
وذكرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية حينها أنه سيتم إجراء اقتراع مبكر في الإقليمين بهدف انتخاب مجلس إقليمي جديد يرتقب أن يفوز بها حزب "تحريك إنصاف" مجددا.
وأشارت الوكالة إلى أن خان يسعى إلى استغلال الانتخابات بالإقليمين لإظهار خصومه السياسيين وقيادات الجيش التي تناهضه بأن شعبيته منيعة.
ومع ذلك، يبدو أن هذا لم يؤد إلى شيء، فعلى الرغم من أن الحكومة الفيدرالية ملزمة قانونا بإجراء انتخابات في غضون 90 يوما من الحل، فإن هذا الموعد النهائي قد انقضى بالفعل دون إجراء الانتخابات.
وبررت الحكومة هذا التأخير على أساس أنها تواجه صعوبات مالية كبيرة تمنعها من إجراء الانتخابات.
إذ رفض شريف مرارا مطالب خان بإجراء انتخابات مبكرة، قائلا إن حكومته بحاجة للتركيز بدلا من ذلك على إعادة بناء البلاد بعد الفيضانات المدمرة التي ضربتها (في سبتمبر/أيلول 2022).
ووفق رئيس المعهد الباكستاني للتنمية التشريعية والشفافية في إسلام آباد، أحمد بلال محبوب، فإن خان "يرى أنه يتمتع بمستوى عالٍ من الشعبية يمكن أن يمنحه أغلبية واضحة في البرلمان" في الانتخابات المقبلة.
ويرى معهد دراسات جنوب آسيا أنه مع تزايد شعبية خان، فإن تأخير الانتخابات يصب في مصلحة حكومة شريف، غير أن أنصار الطرفين يبدو أنهم محاصرون في دوامة من التحريض والمواجهة.
وأخيرا، أمرت المحكمة الباكستانية العليا بوجوب أن تجرى في مايو/أيار 2023 انتخابات محلية في البنجاب، كما طلبت من حزب خان أن يرفع إليها طلبا لتنظر في قضية إجراء الانتخابات في إقليم خيبر باختونخوا.
ومن جانبه، سارع حزب رئيس الوزراء السابق إلى الترحيب بقرار المحكمة العليا. وقال فؤاد شودري، أحد كبار المسؤولين في حركة الإنصاف إنّ هذا الحكم هو "نصر عظيم" لعمران خان.
ومن المقرر أن تنتهي ولاية الحكومة الحالية لحكومة شريف في أغسطس/آب 2023، ويتعين إجراء الانتخابات العامة الوطنية في غضون 3 أشهر.