مع زيادة انتقادات بايدن.. هل تطرق حكومة نتنياهو اليمينية أبواب بوتين؟
بسبب خطة "الإصلاحات" القضائية المثيرة للجدل، ازدادت حدة الانتقادات الخارجية لاسيما من قبل أميركا ضد الحكومة اليمينية في إسرائيل، تزامنا مع المظاهرات الداخلية التي لا تتوقف في البلاد.
ووفقا لصحيفة "فزجلياد" الروسية، ألقى الرئيس الأميركي جو بايدن الزيت على النار برفضه نهاية مارس/آذار 2023 دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض.
وردا على ذلك، ذكّر السياسيون اليهود واشنطن بأن إسرائيل دولة ذات سيادة، وليست مجرد "نجمة أخرى على العلم الأميركي".
وفي ضوء هذه الأحداث، تتحدث الصحيفة الروسية عن العواقب التي يمكن أن تؤدي إليها هذه المناوشات، ولماذا يجب على روسيا إلقاء نظرة فاحصة على هذا الصراع.
ضغط داخلي وخارجي
إثر الأحداث المتصاعدة في إسرائيل، صرح جو بايدن أنه لن يدعو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض "في أي وقت قريب".
كما أصدر توبيخا حادا للإصلاح القضائي الذي اقترحه نتنياهو. وقال بايدن نهاية مارس: "لا يمكنهم الاستمرار في هذا الطريق، وآمل أن يتمكن رئيس الوزراء من التوصل إلى حل وسط وأن يتخلى عن خطة الإصلاح القضائي".
ورد نتنياهو قائلا: "إسرائيل دولة ذات سيادة تتخذ القرارات بناء على إرادة شعبها، وليس على أساس ضغوط من الخارج، بما في ذلك أفضل الأصدقاء".
لكنه أضاف لاحقا: "كانت هناك خلافات بيننا من وقت لآخر. لكنني أريد أن أؤكد للجميع أن التحالف بين أكبر ديمقراطية في العالم وإسرائيل مستقر".
كما أكد أن إسرائيل في قلب الشرق الأوسط لا تتزعزع، وفق تعبيره. وعلى هذه الخلفية، تحدث وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بشكل أكثر حدة، وفقا لصحيفة "جيروزاليم بوست".
وقال بن غفير إن "الولايات المتحدة عليها أن تفهم أن إسرائيل دولة مستقلة، وليست مجرد نجمة أخرى على العلم الأميركي". لكن زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، انتقد هذا النهج.
ورأى لابيد نهاية مارس أنه "على مدى عقود، كانت إسرائيل أقرب حليف للولايات المتحدة. ثم جاءت أكثر الحكومات تطرفا في تاريخ البلاد، ودمرت هذا كله في ثلاثة أشهر".
ولفتت الصحيفة إلى أن الإصلاح القضائي ينطوي على نقل السيطرة إلى الأغلبية البرلمانية في اختيار قضاة المحكمة العليا.
بالإضافة إلى أن المحكمة العليا ستفقد الحق في إلغاء قرارات الحكومة التي لا تتعارض بشكل مباشر مع نص القانون، وفقا لتقرير صحيفة "كوميرسانت" الروسية.
ونتيجة للإصلاح، تنوه الصحيفة إلى أن رأي المستشارين القانونيين للحكومة والوزارات سيكون استشاريا وليس إلزاميا، وسيفقدون استقلاليتهم.
في فبراير/شباط 2023، تظاهر معارضو خطة الإصلاح القضائي أياما عديدة بالقرب من مبنى الكنيست (البرلمان) في القدس وتل أبيب ومدن أخرى.
ومنذ ذلك الحين، بالكاد هدأت المظاهرات، حتى أن نتنياهو اضطر إلى إقالة وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت، على خلفية تصريحات أدلى بها بشأن تعديل النظام القضائي، الذي قال إنه يمثل "خطرا مباشرا" على أمن إسرائيل. لكنه أعاده إلى منصبه بعد غضب داخلي وانتقادات أميركية.
وفي وقت لاحق، أجرى رئيس الوزراء مشاورات مع شركاء التحالف، وكان معظمهم يؤيد تعليق "الإصلاحات القضائية".
كما قال رئيس دولة الاحتلال إسحاق هرتسوغ إن "تبني الإصلاح القضائي يجب أن يتوقف من أجل وحدة شعب إسرائيل"، وهنا كان على نتنياهو تأجيله حتى الصيف.
ومساء 27 مارس، أعلن نتنياهو على وقع تظاهرات حاشدة وإضرابات واسعة، تعليق إقرار قوانين "إصلاح القضاء" لإفساح المجال أمام حوار مع المعارضة، لكنه قال إنه "لن يتنازل عنها".
وتقول الصحيفة إن "رفض بايدن دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى البيت الأبيض متوقع تماما، فلطالما عُرف كره الحزب الديمقراطي الأميركي لحزب الليكود (يميني يرأسه نتنياهو)".
وتتساءل الصحيفة الروسية: "هل ينبغي اعتبار ذلك تدخلا أميركيا في الأجندة السياسية الداخلية لإسرائيل؟".
موسكو حليف جديد
يشير الخبير السياسي الأميركي دميتري دروبنيتسكي أن "الاختيار سيقع على موسكو لتتحالف معها إسرائيل. ولا سيما أن ما يحدث يتزامن جزئيا مع مصالح روسيا، التي تعيد توازن القوى في المنطقة".
ويستكمل: "وبالتالي، قد تتوقف الولايات المتحدة عن التواصل مع إسرائيل بنبرة متعالية، وتتجه إلى إشعال النار فيها بدلا من ذلك".
وفي هذا السياق، لا يستبعد الخبير السياسي أن "بعض المسؤولين المؤثرين، مثل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قد يقترح على بايدن إشعال ثورة ضد نتنياهو، لأن المحتجين عادوا بطريقة ما إلى منازلهم بسرعة كبيرة".
ومن ناحية أخرى، يتوقع الخبير على المدى المتوسط أن "تتوصل إسرائيل وإيران أيضا إلى نوع من التعايش السلمي".
وأضاف: "إسرائيل تخشى الخروج من المظلة الأميركية، لكن يجب عليها فعل ذلك. وبناء على هذا، ستفتح فرص جديدة في الشرق الأوسط أمام روسيا والصين".
وفي الختام، تؤكد الصحيفة أن نتنياهو لم يلغِ الإصلاح القضائي، لكنه أرجأ النظر فيه إلى الدورة الصيفية للكنيست.
وهذا يعني أن أعمال الشغب في إسرائيل قد تندلع بقوة مجددا في يوليو/تموز 2023، وهو ما يعرض التحالف الحاكم للخطر.
ولذلك، يتوقع العديد من الخبراء أن تسقط الحكومة الإسرائيلية الحالية قبل نهاية العام.
من ناحية أخرى، تقول الصحيفة إن نتنياهو يدرك كل هذه المخاطر، ويحاول كسب "الرؤوس الساخنة" ذات الثقل السياسي في إسرائيل. ومع ذلك، فإن الانتخابات الجديدة عام 2024 في تل أبيب قد تغير الواقع تماما.
وتنقل عن المحللين السياسيين توقعاتهم بأن يأتي ائتلاف يسار الوسط إلى السلطة، إما بقيادة الجنرال يوآف غالانت، أو بقيادة رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت، أو خلفه يائير لابيد.
وفي هذه الحالة، ستبدو العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة وكأنها تطبيع، لأن الديمقراطيين سيكونون في السلطة في كلتا الدولتين.
ولكن في حال فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أو أي جمهوري آخر في انتخابات الولايات المتحدة عام 2024، فإن التوترات ستتصاعد مرة أخرى.
وتختتم الصحيفة: "نتيجة لذلك، فإن ما يحدث سيؤثر على كل من القضية الأوكرانية والسورية، وهو الأمر الذي يصب أيضا في مصلحة روسيا".