لطخة سوداء.. غضب واسع من مساعي استضافة الأسد في القمة العربية  بالرياض

12

طباعة

مشاركة

"رديفة للخزي والعار والخذلان والشراكة في الدم".. هكذا رأى ناشطون على "تويتر" التحركات السعودية الدبلوماسية، نحو رئيس النظام السوري بشار الأسد، ومساعي تطبيع العلاقات معه وتعويمه وإعادته إلى جامعة الدول العربية.

وكالة "رويترز" البريطانية كشفت في 3 أبريل/نيسان 2023، أن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، سيتوجه إلى دمشق خلال الأسابيع المقبلة، لتسليم الأسد دعوة رسمية لحضور قمة جامعة الدول العربية المقرر عقدها بالعاصمة الرياض في 19 مايو/أيار 2023، في خطوة تعيد العلاقات إلى ما قبل 2011.

وتأتي مساعي التقارب بين النظامين السعودي السوري عقب اتفاقهما قبل أيام، على معاودة فتح سفارتيهما بعد تجميد العلاقات الدبلوماسية نحو 10 أعوام.

وأثارت التحركات الدبلوماسية السعودية نحو الأسد، موجة غضب واسعة بين الناشطين على تويتر، إذ رأوا أن جميع تحالفات المملكة وولي العهد محمد بن سلمان تهدف إلى وأد أي حراك ديمقراطي، ووأد الحرية ومناهضة الشعوب المطالبة بالخلاص من الديكتاتورية.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #القمة_العربية، #بشار_الأسد_مجرم_حرب، #لن_نصالح، وغيرها، صبوا جام غضبهم على السعودية وولي العهد، مؤكدين أن استقبال الأسد في بلاد الحرمين وتطبيع العلاقات مع نظامه المجرم مجرد "سقوط أخلاقي وانبطاح سياسي وخذلان للسوريين".

واتهم ناشطون كل من يضع يده في يد السفاح الأسد ويعيد تأهيله وفرضه على السوريين وتلميع صورته وغسل جرائمه إنما هو "شريك في التعذيب وقتل الآلاف وتدمير سوريا وتهجير وتشريد الآلاف وتجويع الملايين".

وأكدوا أن تلك التحركات نحو الأسد، طعنة في ظهر السوريين وإهانة للشعب السعودي وجميع الشعوب العربية، وأن السوريين لن يرضوا ببقاء الطاغية، معربين عن استيائهم من كل ما يجرى من لُهاث وراء مجرم الحرب.

قمة عار

وتفاعلا مع الأحداث، أكد المنسق العام في الثورة السورية، عبدالمنعم زين الدين، أن "أي علاقة مع سفاح الشام هي علاقة عار، وأي مجلس يحتضنه هو مجلس عار، وأي قمة تستضيفه هي قمة عار، وأي يد تصافحه هي مصافحة عار، وأي مصالحة معه هي ذل وعار، وأي استقبال له هو استقبال عار".

وحذر الكاتب أحمد موفق زيدان، من أن "ما تنقله رويترز عن دعوة محتملة للسعودية لطاغية العصر وكل عصر بشار الأسد مجرم الحرب للقمة العربية المقبلة، سيكون طعنة نجلاء قاتلة في ظهر المملكة قبل الشعب السوري". 

وأكد موفق زيدان أن "هذا الجزار مكانه على أعواد المشانق، وليس بلاد الحرمين الشريفين"، محذرا بالقول: "إياكم وعاقبة خذلان الشام وأهله فهي خطيرة".

واستنكر الكاتب السعودي المعارض، تركي الشلهوب، عزم وزير الخارجية ابن فرحان، التوجه إلى دمشق في الأسابيع المقبلة لتسليم الأسد دعوة رسمية لحضور القمة العربية في 19 مايو بالرياض، قائلا: "تبًّا لجامعة عربية يكون بشار الأسد حاضرا فيها، وتبا لمن يريد إعادة تدوير بشار".

ورأى حمد الجاسر، أن "ترحيب الحكومات العربية بالسفاح بشار في القمة العربية القادمة سيكون لطخة سوداء وإهانة تاريخية للشعوب العربية".

ووجه الجاسر، التحية للحكومات التي "لا تزال تتحفظ على مصافحة المجرم"، وخص منها الكويت وقطر، وأهاب بها أن تبقى على موقفها مع حقوق الشعب السوري.

شراكة وتشجيع

وعد ناشطون كل من يتقرب من طاغية الشام ويشارك في إعادة تأهيله فهو قاتل مثله وشريك معه في إراقة دم السوريين وكل جرائمه، مؤكدين أن التطبيع مع الأسد بلا جدوى كما التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد أستاذ الاتصال السياسي السعودي، أحمد بن راشد بن سعيد، أن "كل من يطبّع مع الأسد الوحش اللعين الذي قتل أكثر من مليون سوري، وشرّد 12 مليونا، وهدم بيوتهم ومساجدهم، وأباد آلاف الأطفال بالغازات السامة، واغتصب آلاف النساء، وعذّب عشرات الآلاف حتى الموت (وكل أولئك الضحايا أو معظمهم من المسلمين السنة)، شريك له في جرائمه". 

وأضاف أن "كل من يهرول إلى هذا الطاغية، ويحاول إعادة تأهيله (وهي عملية فاشلة حتما لأنه كائن ميّت يمشي على الأرض) قاتلٌ مثلُه، وحش مثلُه، زَبَد مثلُه، ولا يؤمن بقول النبي ﷺ: "فإنّ الله قد تكفل لي بالشام وأهله".

وكتب الكاتب والباحث مصطفى سالم: "بكل وضوح.. التطبيع مع السفاح بشار، لن يجعله ملاكا، بل سيجعلك شريكا في جرائمه". وعّد أحد المغردين، التطبيع مع الأسد بمثابة تشجيع له على الاستمرار في قتل السوريين وتهجيرهم، وتدمير بلدهم واعتراف رسمي من ابن سلمان بشرعية جميع الانتهاكات التي مارسها الأسد ضد السوريين، معلقا على صورة تجمعهما بالقول: "مجرم يصافح مجرم، الله ينتقم منكم في هذا الشهر الفضيل". وكتب صلاح الدليبي: "يا عار عليكم يا خونة يا حكام العرب أنتم شركاء بقتل دم الشعب السوري مع سفاح الأسد، سترون غدا كيف إيران التي سلمتم منها الآن ستغدر بكم وتفتت دولكم.. يا للعار".

ورأى أستاذ العلوم السياسية الكويتي عبدالله الشايجي، أن "هناك أسئلة تفرض نفسها، وهي ما مردود تطبيع دول عربية مع إسرائيل في اتفاق أبراهام بإشراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر؟".

وتابع: "لماذا الدول ذاتها تقريبا تتسابق لتأهيل الأسد ونظامه وتعيده للحضن العربي رغم جرائم حربه لـ12 عاما على شعبه وطرده من الجامعة العربية، ليستعيد مقعده؟ ولماذا تبقى الكويت وقطر الاستثناء؟!".

فيما أشار الصحفي قتيبة ياسين، إلى أن "الإمارات طبعت علنا مع بشار منذ 7 سنوات"، قائلا: "أعطوني فائدة واحدة جنتها الإمارات من هذا التطبيع، بالعكس انتعشت المليشيات الإيرانية في سوريا وأصبح لهم فروع إغاثية ودعوية، وانتعشت تجارة الكبتاغون إلى الخليج".

وسخر بالقول: "يبدو أن السعودية أعجبت بتجربة الإمارات وما حققته في سوريا فذهبت تخطو خطاها".

واقتبس الكاتب الصحفي وائل قنديل فقرة من مقال له تساءل فيه: "من يصدّق أنها عشر سنوات فقط تفصل بين قمة الدوحة 2013 التي دشنت النضال الرسمي العربي في كل المحافل من أجل تسليح الثورة السورية لإيقاف سفاح دمشق عن جرائمه، وبين التمني على الأسد أن يقبل الدعوة لحضور قمة الرياض 2023؟".

حيف السعودية

وعّد ناشطون النظامين السوري والسعودي وجهان لعملة واحدة في الإجرام، مذكرين بجرائم ولي العهد السعودي والتي كان أبرزها اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في تركيا عام 2018، والتي أعقبها توصيف ابن سلمان بـ"المنشار" لتكشف استخدامه في تقطيع جثة خاشقجي.

ورأى مؤسس وكالة "ثقة"، ماجد عبدالنور، أن "ابن سلمان دخل مزابل التاريخ كأجبن شخصية في العصر الحديث، وكان بإمكانه أن يكون رجلا يقود العرب للوقوف في وجه أطماع إيران، وعنده من المقومات ما يكفيه ويساعده على ذلك، لكنه أثبت أنه من ذات الطغمة الجبانة التي لا تستحق هذه المكانة.

وقال: "على كل حال يليق بك الأسد وتليق به يا أشباه الرجال".

وعّد الناشط الإعلامي عبدالملك عبود، هرولة ابن سلمان لمصالحة الأسد وإضفاء الشرعية العربية على نظامه "بمثابة إهانة للشعب السعودي والقيم العربية والإسلامية التي استهزأ بها نظام الأسد طيلة 12 سنة سابقة".

وقال عبود: "لن نطالب العرب بالدفاع عن السوريين، لأن من يتخلى عن مبادئه وقيمه الإنسانية يفقد كل شيء".

وقال طارق زهري، إن اعتزام الرياض دعوة الأسد للقمة العربية وتأكيد زيارة وزير الخارجية السعودي إلى سوريا لتسليمه الدعوة بنفسه يجعلنا نقول "إذا كان ابن سلمان يصافح مجرما فهل يقل ابن سلمان إجراما عن بشار! نسيتم خاشقجي أقرب مثال وأبشع جريمة".  وقال رامي عماد: "يا حيف على السعودية العظمى.. كل من يصافح الأسد المجرم، دماء أطفالنا تلطخ يديه.. وطز بابن سلمان وبابن زايد وبقيس سعيد وتبون". ورأى غسان ياسين، أن "ما يفعله العرب ليس تطبيعا مع الأسد الكيماوي، بل هو تطبيع مع ذُلهم وهزيمتهم".

واتهم السعودية بوضع كل قوى الثورة والمعارضة خلف ظهرها وبشكل فج وواضح، داعيا الائتلاف لاتخاذ خطوة سياسية احتجاجية وبشكل عاجل.

ولفت ياسين، إلى أن "السعودية في عهد ابن سلمان أوقفت كل أنواع الدعم وجمدت وعطلت هيئة التفاوض، وقطعت كل الاتصالات مع المعارضة، ورفضت استقبال رئيس هيئة التفاوض"، متسائلا: "ما جدوى بقاء الائتلاف في الهيئة إذا؟".

 ورأت الباحثة في القضايا العربية نرمين أحمد، أن "السعودية لم تخذل السوريين، وإنما خذلت الدين". وذكرت بشرى كانغو أن "أيام الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله كانوا يدعون على الأسد في مساجد السعودية العظمى، لكن سنراه قريبا في الرياض وسيكون ابن سلمان في استقباله".

وأضافت أن "الأسد مجرم حرب وحضوره للقمة العربية لن يغيّر من هذه الحقيقة شيئا، بل سيؤكدها لأنها قمة مجرمي العرب".