عبر مساعدات الزلزال.. الإمارات توجه رسائل سياسية لإعادة تعويم الأسد

12

طباعة

مشاركة

تجتهد دولة الإمارات في استغلال كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا، في زيادة الدعم لنظام بشار الأسد محاولة تمرير رسائل سياسية داعمة له للشعب السوري.

فقد حصرت الإمارات فور وقوع الزلزال في 6 فبراير/شباط 2023، جهودها ومساعداتها في مناطق النظام السوري لمساعدة المتضررين هناك.

تلميع الأسد

إلا أن الوجه الحقيقي لهذا الاندفاع الإماراتي لمساعدة نظام الأسد المنهار اقتصاديا، بدأ يتكشف أن خلفه محاولة لتلميع صورة رأس النظام بشار الأسد في أوساط السوريين، في وقت تحاول فيه أبوظبي مساعدته لإعادة تعويمه سياسيا.

وضرب زلزال جنوبي تركيا وشمال وغربي سوريا فجر 6 فبراير 2023، بلغت قوته 7,8 درجات وتلاه هزات ارتدادية كثيرة.

وقتل في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري 1408 أشخاص، فيما أصيب 2341، وفق بيان لوزارة الصحة صدر 11 فبراير 2023.

اللافت أن أبوظبي سخرت إمكانات الهلال الأحمر الإماراتي لتقديم المساعدات في المناطق الموالية للنظام السوري، والتي يشكل النسبة الأكبر من سكانها الضباط أصحاب الرتب العالية والمتوسطة في قوات الأسد.

وخلال وجوده في قرى ريف اللاذقية الساحلية، وأثناء توزيع مساعدات على الموالين لنظام الأسد هناك، انتشر تسجيل مصور بتاريخ 29 مارس/آذار 2023، لرئيس وفد الهلال الأحمر الإماراتي محمد الكعبي قال فيه: "وصية لكن مني التفوا حول قيادتكم الرشيدة، فهي قيادة خير ومباركة وسوف تجدون ما يسركم".

وبعد انتشار مقطع الكعبي كالنار في الهشيم، هاجم ناشطون سوريون تصرفه، مؤكدين أنه "لا أخلاقي ولا إنساني بل يحمل في طياته غايات سياسية".

وضمن مبادرة رمضانية، وزع الهلال الأحمر الإماراتي وجبات إفطار على الموالين لنظام الأسد في خمس مناطق بريف اللاذقية.

وهو الأمر الذي شكل حالة استهجان لدى الناشطين السوريين من توزيع الوجبات على قرى الطائفة العلوية التي قالوا "إن سكانها لا يصومون شهر رمضان".

وبدا واضحا زج أبوظبي بعدد من الإعلاميين الإماراتيين لتغطية أعمال الهلال الأحمر الإماراتي بسوريا عبر حساباتها الشخصية.

كما جندت أبوظبي فنانين سوريين موالين للأسد وألبستهم اللباس الرسمي للهلال الأحمر الإماراتي للإشراف على توزيع المساعدات في بعض مناطق سيطرة نظام الأسد.

إغاثة مدروسة

لم يكن الدور الإماراتي المباشر بمناطق سيطرة الأسد عقب كارثة الزلزال دورا إسعافيا وطارئا، بل إن أبوظبي هي من قادت جهود الإغاثة الإقليمية نحو النظام السوري.

وطبعت الإمارات علاقتها مع نظام الأسد أواخر عام 2018 بفتح سفارتها بالعاصمة السورية دمشق، مما شكل بداية العمل المكشوف معه، لا سيما أن أبوظبي ودبي استقبلت رؤوس الأموال السورية المقربة من النظام عقب اندلاع الثورة في مارس 2011.

وكان موقف أبوظبي دائما أقرب للنظام من المعارضة السورية، وهذا ما اتضح من كلمة فيصل المقداد نائب وزير خارجية الأسد، الذي يقود الوزارة حاليا بقوله أثناء حضوره حفل افتتاح سفارة أبوظبي بدمشق، إن "سوريا لن تنسى دور الإمارات في الوقوف إلى جانبها في حربها على الإرهاب".

ولم يكن مستغربا وقوف الإمارات إلى جانب الأسد الذي شرد نحو عشرة ملايين سوري ودمر منازلهم وقتل مئات الآلاف منهم.

لكن ما اتضح في الوقت الراهن أن أبوظبي كانت تتحين الوضع الدولي الملائم لتهيئة الأجواء لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد حرمان النظام من المقعد لقعمه الشعب بالحديد والنار.

كما شكلت زيارة رأس النظام بشار الأسد إلى الإمارات في مارس 2022، ثم في 19 مارس 2023، رغبة من أبوظبي بإعادة تأهيل الأسد وتلميع مكانته عربيا ودوليا، ولا سيما أنها وعدت بإعادة تأهيل بعض البنى التحتية في مناطق النظام.

ومنذ وقوع الزلزال وجه رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد آل نهيان بتقديم مبلغ 50 مليون دولار أميركي أخرى، لإغاثة المتضررين في سوريا.

حتى إن وزير الصحة ووقاية المجتمع الإماراتي عبد الرحمن بن محمد العويس، وصل إلى مطار اللاذقية في 21 فبراير 2023، على متن طائرة تضم وفدا طبيا، ومحملة بـ46 طنا من المساعدات الإغاثية لمتضرري الزلزال بالمناطق الخاضعة لسيطرة الأسد حصرا.

وتعهدت الإمارات بتقديم أكثر من 100 مليون دولار كمساعدات لسوريا التي ضربها الزلزال، وأرسلت فرق بحث وإنقاذ وآلاف الأطنان من مواد الإغاثة ضمن عملية أطلقت عليها "الفارس الشهم 2".

رسائل سياسية

وتتصدر الإمارات الدول الداعمة لنظام الأسد على مستوى الاستجابة الإنسانية، إذ بلغ عدد الطائرات الإمارتية المحملة بالمساعدات الواصلة إلى مناطق سيطرته أكثر من 156 طائرة.

ووصلت في 2 أبريل/نيسان 2023 سفينة مساعدات إماراتية إلى مرفأ اللاذقية محملة بـ 2215 طنا من المواد الغذائية والإغاثية.

وقال رئيس وفد الهلال الأحمر الإماراتي محمد الكعبي خلال استقبالها بمرفأ اللاذقية إن هذه السفينة الإماراتية هي الثانية التي تصل إلى سوريا لدعم متضرري الزلزال بالتزامن مع الجسور الجوية.

وأضاف أن السفينة تحمل حوالي 2215 طنا من المواد المتنوعة الإغاثية منها والغذائية والصحية والطبية لدعم القطاع الصحي ومستمرين بهذا الدعم حتى التعافي والتقدم.

كما ركز الهلال الأحمر الإماراتي جهوده على الواقع الطبي في ريف اللاذقية، محددا نسب استهلاك الأدوية، وزيارة مستودعاتها، وقدم سيارات إسعاف جديدة للمشافي والمراكز الصحية.

وتفقدت فرق الهلال الأحمر الإماراتي الكثير من المنازل لتقديم مساعدات لمن هم بحاجة إلى عمليات جراحية عاجلة بريف اللاذقية.

واتضح من التسجيلات المصورة أن الجولات تركزت على بيوت الطائفة العلوية هناك، رغم وجود سكان من الطائفة السنية.

ونشر ناشطون سوريون قائمة أسماء قالوا إن جميع المساعدات القادمة عبر حملة "الفارس الشهم 2" وزعت عليهم وهم من عائلات محسوبة على نظام الأسد وضباطه وسجانيه.

وقرأ كثير من المتابعين للشأن السوري تحرك الإمارات نحو نظام الأسد وفي مناطق موالاته، لبعث "رسائل سياسية"، بأنها جادة في انتشاله من عزلته السياسية والدولية.

مناصرة القتلة

وفي هذا السياق كتب الإعلامي السوري أحمد زيدان، على تويتر قائلا: "الهلال الأحمر الإماراتي الذي يستغل المساعدات التي يوزعها على المحتاجين في سوريا المحتلة لحضهم على الالتفاف حول عصابات الكبتاغون والبراميل المتفجرة والكيماوي".

كما كتب عضو مجلس القبائل ورئيس الهيئة السياسية لمحافظة الرقة، ناصر الفرج، قائلا: "شكرا للهلال الأحمر الإماراتي الذي يتنقل بين القرى العلوية التي هي مسقط رأس المجرم بشار الأسد وأهلها يحاربون إلى جانبه".

وأضاف قائلا: "أظهروا للعالم عن حالة الفقر وانعدام البنية التحتية والماء والكهرباء ومدارس مهترئة ومستشفيات تشبه الإسطبلات وكأنهم ضباع يعيشون في الجبال، وبنفس الوقت يعيش آل الأسد حياة رفاهية وقصور وسيارات فارهة وأرصدة بنوك عالمية".

ومضى الفرج يقول: "هذا الفرق بيننا وبينكم أنتم تصرون أن تبقوا عبيدا لآل الأسد، وبالمجان والفتات جاء الإماراتي يطعمكم وأنتم تدعون أنكم تعيشون في دولة منتصرة وسيدكم وحاشيته يملكون المليارات ويعيشون في القصور وفي دبي وأنتم في الجبال لا يوجد عندكم أقل مقومات الحياة الكريمة".

أما الإعلامي السوري أيمن عبد النور فكتب متسائلا: "الهلال الأحمر الإماراتي.. لم يعترض السوريون على الفيديو لمنطقة الشلفاطية وهي قرية أيمن جابر صهر كمال الأسد ولكن اعترضوا لماذا لا يرون نفس المنظر بالشمال الغربي أو مخيمات الصائمين المتضررين من الزلزال؟"

ويقصد عبد النور مناطق المعارضة السورية عند الحدود التركية التي تضم نحو 5 مليون نازح يعانون واقعا معيشيا مأساويا، وخاصة أن بلدات الشمال السوري هي الأكثر تضررا جراء الزلزال فقد دمرت أحياء بكاملها.

أما ناصر حويس فقد ذكّر الإمارات بأنها تتعمد توزيع مساعدات في مناطق تعد الخزان البشري لقوات الأسد التي قتلت وشردت الشعب السوري ونفذت عمليات تطهير عرقي بحقه عقب عام 2011.

وكتب حويس قائلا: "الهلال الأحمر الإماراتي يذهب في حملة لريف اللاذقية في سوريا تحت عنوان -إفطار صائم-.. هل تعلمون أن من تلك المناطق انطلقت حملات التطهير العرقي للمناطق السنية شمال وشرق البلاد".

وكتب حساب أخبار العالم الإسلامي قائلا، "إنهم يتبجحون بنصرة بشار الكيماوي وأنصاره في قرى الساحل السوري الذين قتلوا مليون مسلم سني ويعتقلون نصف مليون إنسان مظلوم، قال الله: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}".