سيناريو خاشقجي.. هكذا يستهدف ذباب ابن سلمان الضابط المنشق ربيع العنزي

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع بريطاني الضوء على رصد مقربين من السلطات السعودية مكافأة لمن يدل على عقيد في الشرطة انتقد علنا ​​حكام المملكة، بعد انشقاقه في وقت سابق من مارس/ آذار 2023.

وفي مقابلة له مع موقع "ميدل إيست آي"، قال العقيد السعودي، ربيع العنزي، إنه يخشى على حياته منذ عرض مكافأة على تويتر مقابل الإخبار عن مكان وجوده.

وأشار العنزي إلى أسباب خروجه من الشرطة السعودية، ومعارضته لخطط ولي العهد، محمد بن سلمان، والتهديد الذي يتعرض له، ومهاجمته من قِبل الذباب الإلكتروني التابع لنظام المملكة.

حاكم مجنون

وقال العنزي، البالغ من العمر 44 عاما، إنه اتصل بشرطة العاصمة في لندن، بعد أن عرض حساب -تابع لشخصية مؤثرة في جدة وجرى التأكد منه- 10 آلاف ريال سعودي (2662 دولارا) لتحديد مكان الضابط السابق.

وجاء في المنشور الذي كُتب على تويتر: "أي شخص يحدد مكان هذا الشخص سيحصل على 10 آلاف ريال سعودي".

ورد المتابعون على التغريدة بإضافة 1000 ريال (266 دولارا) إلى المكافأة، كما توقع آخرون بعض المناطق في لندن التي يمكن أن يلجأ إليها.

وقال العنزي: "أنا خائف حقا، أخشى خاصة من العرب، ومن الأجانب، أخشى من أن يطرق أحدهم الباب، حتى عندما أستحم".

وأكمل: "تعرف لماذا أنا خائف؟ لأن ابن سلمان، مجنون ولم يتعلم أي درس مما فعله بقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018".

وأضاف: "عندما تتعامل مع رجل مجنون، عليك أن تتوقع كل شيء".

وأوضح العنزي أنه لم يكن يتوقع أن يصبح معارضا وأن يطلب اللجوء عندما قرر السفر إلى المملكة المتحدة في فبراير/شباط 2023.

وقال إنه فكر في الزيارة على أنها فرصة لتصفية ذهنه في بلد يعرفه جيدا، من خلال دراسة اللغة الإنجليزية والإدارة فيه، عبر البرامج التي تمولها الحكومة السعودية.

وكشف العنزي أنه تجنب "بأدب" أداء مهمات معينة لسنوات لدى عمله في الشرطة.

لكن بعد أسبوعين من وصوله لندن، بدأ يتساءل لماذا لم يتحدث قط عن انتهاكات حقوق الإنسان في بلاده، "لم أقل ذلك مطلقا في حياتي كلها، لماذا لا أقولها هنا في المملكة المتحدة؟".

لذلك نشر تغريدة "لبقة" –وفق وصفه- دعا فيها ضباط الشرطة السعودية إلى رفض التجسس على الناس، وتوجيه جهودهم ضد محاربة "الجرائم العادية" و"الأشرار"، مؤكدا أن هذه "مجرد نصيحة".

انتهاك الحقوق

لكن العنزي سرعان ما وُصف بـ"الخائن"، وأن ما يذكره عار عليه، وهو رد فعل سلبي جعله يدرك أنه بات أو أصبح بالفعل منشقا عن النظام، ولذا أعلن معارضته، وبدأ في نشر انتقاداته على الإنترنت.

وأعرب عن قلقه بشأن حالات الاختفاء القسري، ووصف "رؤية 2030" الخاصة بابن سلمان بأنها "كارثية".

وغرد العنزي عن قبيلة الحويطات، التي تشير تقارير منظمات حقوق الإنسان إلى أنها دُفعت بالقوة لإفساح المجال أمام مشروع نيوم الضخم الذي تبلغ تكلفته 500 مليار دولار.

وفي أبريل/ نيسان 2020، أعلن باسم رئاسة أمن الدولة في السعودية عن مقتل "المطلوب" عبد الرحيم الحويطي، بعد تبادل إطلاق النار بينه وبين رجال الأمن.

وأضاف البيان الأمني أن القوات "طوقت منزله في محاولة لإلقاء القبض عليه بسبب رفضه ترك منزله وتسليمه لقوات الأمن، وأدى ذلك في النهاية إلى مقتله وإصابة اثنين من رجال الأمن".

وكان الحويطي قبل مقتله بأيام، قد نشر مقطعا مصورا له على "تويتر"، تحدث فيه عن رفضه لـ"التهجير القسري" عن أرضه ومنزله في "الخريبة" بمنطقة نيوم التابعة لمحافظة تبوك.

ووصف الحويطي – قبل مقتله- ما تقوم به قوات الأمن في السعودية بتنفيذ مخططات "الدولة الإرهابية".

بدوره، روى العنزي أنه جرى استدعاؤه عام 2020 للانتشار في تبوك، التي تبعد قرابة سبع ساعات بالسيارة من منزله في عرعر شمال البلاد، في "مهمة أمنية" تهدف إلى ضبط الاحتجاجات التي تعلن رفضها هدم منازل المواطنين.

وأضاف العنزي: "أعلم أن ما يفعلونه خطأ، لهذا تذرعت بأني مريض، وفي الواقع، لم أكن مريضا، لكنني سئمت من ولي العهد".

وقال إنه طُلب منه خلال شهر رمضان عام 2022، السفر إلى محافظة القطيف، للتجسس على الشيعة الذين يصلون في المساجد ومراقبة أنشطتهم.

وأيضا رفض العنزي هذا الطلب، لـ"تجنب انتهاك حقوق أي شخص، وأخبر رؤساءه أنه خطط لقضاء إجازة مع أسرته ولا يمكنه الحضور".

سرب النمر 

وبشكل سري، حذر العنزي زملاءه ضباط الشرطة من أن عليهم الاستفهام عن أوامر ولي العهد، دون تنفيذها مباشرة.

ووجه العنزي أصابع الاتهام إلى "سرب النمر"، وهي الوحدة السرية التي جرى إنشاؤها تحت إشراف ابن سلمان بغرض اغتيال المعارضين سرا في المملكة وخارجها، وهي الفرقة ذاتها التي نفذت عملية قتل خاشقجي.

وقال العنزي لزملائه: "هؤلاء الناس قتلوا خاشقجي وهم حاليا في السجن، لذا إذا قلنا نعم لكل شيء من ولي العهد، ففي النهاية، سيؤول مصيرنا إلى السجن".

وأوضح الضابط المنشق أن "سرب النمر لا يزال موجودا، فبعضهم في السجن، لكن ضباطا آخرين حلوا مكانهم".

ووفقا للشهادات التي أدلى بها العنزي للموقع، فإنه أقر بأن "الحكومة السعودية كانت سخية جدا تجاهه".

فقد مولت تعليمه في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، والتحق بأكاديمية الشرطة في ولاية أريزونا الأميركية، وتدرب جنبا إلى جنب مع الشرطة في مدينة "فينيكس"، عاصمة الولاية.

وتابع العنزي: "لدي سيارة ومنزل جيد، في الواقع، كانت حياتي مثالية، لكن الأمر لا يتعلق بالمال والمنازل، هذا يتعلق بكرامتي".

ويعتقد العنزي أنه يخيف القادة السعوديين، وبالتالي لفت انتباه مئات الحسابات الموالية للحكام، لأنهم يرون أن الضباط الآخرين سيتبعونه، موضحا: "إنهم خائفون حقا لأنني نموذج".

وحسب موقع  "ميدل إيست آي" فإنه في الأسابيع القليلة التي قضاها في المملكة المتحدة، شهد زيادة مطردة في حجم وكثافة الهجمات عبر الإنترنت ضده.

وجرى تعليق حسابه على تويتر لفترة وجيزة، وبعد استعادته، جرى اختراقه ولا يزال يتعذر الوصول إليه.

وأفاد حساب تويتر الذي نشر مكافأة مكان وجود العنزي بأنه اتصل بمطعم في شارع "إدجوار" شمال غرب لندن، لمطاردة الضابط السابق الذي انتقد حكام السعودية في بث مباشر على تطبيق "تيك توك"، أثناء وجوده في هذا المطعم.

ووضح الحساب أنه حلل شكل الأثاث في المطعم، ثم وجده باستخدام خرائط جوجل، وبعدها أجرى مكالمة هاتفية مع المطعم.

السعي للاغتيال

من جانبه، قال المعارض عبد الله العودة، رئيس قسم السعودية في منظمة "مبادرة الحرية" بالعاصمة الأميركية واشنطن، إن "الهجمات على العنزي منسقة ومنهجية وتصاعدت بسرعة كبيرة". 

وبشكل منتظم، قامت السعودية بنشر جيوش من المتصيدين لملاحقة المعارضين في الخارج، لكن العودة أوضح أن هذه هي المرة الأولى التي تُعرض فيها مكافأة للإيقاع بأحد المعارضين.

وأضاف: "إنهم يريدون أن يجعلوا منه عبرة من خلال محاولة إسكاته، وأعتقد أنهم يريدون حقا اغتياله، أنا لا أبالغ".

وقال العودة: "إنه كان على تواصل مع شركة تويتر بشأن موقف العنزي، وأن الشركة على علم، لكن هناك قصور في الإجراءات من جانبهم".

ولم تؤكد شرطة العاصمة البريطانية على الفور ما إذا كانت تحقق في قضية العنزي أم لا. 

وفي غضون ذلك، يراقب المعارضون السعوديون الآخرون في المملكة المتحدة وضع العنزي عن كثب.

وأثار مقطع فيديو "تيك توك" لطرد العنزي من المطعم قلق العديد من المتظاهرين الذين علقوا على مدى سهولة تعقبه وإقناع الموظفين بإسكاته.

وقالت ناشطة فرّت من المملكة عام 2022، بعد اعتقال العديد من الأصدقاء لانتقادها الحكومة، إن مشاهدة ما يمر به العنزي يخيفها، حتى وهي تتحدث دون الكشف عن هويتها من الخارج.

وختمت: "آمل أن أكشف يوما ما عن هويتي وأن أمشي بحرية، وطالما أن هويتنا مخفية، فليس هناك الكثير مما يمكننا فعله لشعبنا".