صحيفة عبرية: 8 أحداث ذهبت بالسعودية من التبعية لأميركا للعب مع الصين وإيران

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع إعلان الخصمين الإقليميين السعودية وإيران استئناف العلاقات الدبلوماسية، حللت صحيفة عبرية الدوافع التي أدت إلى هذه الخطوة المفاجئة. 

ورأت صحيفة "ماكور ريشون"، أن الأزمة الداخلية التي تمر بها إسرائيل نتيجة تصاعد اليمين المتطرف، والنفور المتزايد بين الرياض وواشنطن من أهم هذه الدوافع. 

وأوضحت أن العلاقة بين الطرفين كانت قائمة منذ الأزل على قاعدة أن السعودية تمنح واشنطن النفط، مقابل الحماية من كل أعدائها وخصومها الإقليميين، لكن هذه المشاعر تبدلت بأخرى أكثر قسوة ونفورا خلال السنوات الـ13 الأخيرة.

رأس جبل الجليد

وفي 10 مارس/ آذار 2023، أُعلن عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية الإسلامية، بوساطة من الصين.

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تداولت هذا الحدث باهتمام بالغ.

فقد أُثير بعض القلق تجاه النتائج التي ستنعكس على إسرائيل واتفاقات أبراهام، التي عقدتها بعض الدول العربية مع إسرائيل.

وأوضحت وجود علاقة وثيقة ومهمة بين الوضع الداخلي في إسرائيل وهذا التطور، مؤكدة أنه أمر سلبي للغاية من وجهة نظر إسرائيل.

وتزعم الصحيفة أن "السعودية لم تكن لتجدد العلاقات مع إيران إذا كان الوضع الداخلي في إسرائيل هو نفسه قبل ثلاثة أشهر".

ومن أجل فهم الخطوة السعودية، ترى الصحيفة أنه من الضروري محاولة فهم المشاعر الداخلية لدى صانعي القرار في السعودية، بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة. 

وتسرد الصحيفة: "منذ فترة حكم فرانكلين روزفلت، الرئيس الثاني والثلاثين للولايات المتحدة الأميركية، كان هناك تحالف بين واشنطن والرياض".

وأوضحت: "حيث اتفق الطرفان أن تزود السعودية الولايات المتحدة والغرب بالنفط، في مقابل حمايتها من كل أعدائها وخصومها الإقليميين". 

وأردفت: "واستمر هذا التحالف لسنوات عديدة، لكنه كُسر من قبل الأميركيين واُستبدل بمشاعر قاسية تراكمت على مدى السنوات الثلاث عشر الماضية".

وهنا تسرد الصحيفة مراحل هذا التغير الذي طرأ على العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية من خلال ثمانية أحداث.

الحدث الأول

وذكرت الصحيفة أن السعوديين بدأوا بالشعور بالخيانة وتخلي الإدارة الأميركية عنهم، منذ بداية أحداث الربيع العربي عام 2011.

وزعمت قائلة "في فترة حكم الرئيس باراك أوباما، رأى السعوديون دعم الرئيس الأميركي باراك أوباما العضو بجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، الرئيس المصري بين عامي 2012 و 2013".

وتابعت أن "الشكوك ساورت السعوديين حول أن الأميركيين أجبروا محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع المصري والحاكم الفعلي لمصر  آنذاك الذي أطاح بحسني مبارك من السلطة في 2011، على إيصال مرسي لقصر الرئاسة".

"وذلك عن طريق تزوير نتائج الانتخابات التي أجريت في مصر في يونيو/ حزيران عام 2012"، وفقا لمزاعم الصحيفة.

وأضافت أن "هذا هو السبب وراء تقديم السعودية المساعدة إلى رئيس النظام المصري الحالي عبد الفتاح السيسي".

ومضت تقول: "في رأي السعوديين، كان الدافع وراء محاولة أوباما التوصل إلى اتفاق مع إيران في عام 2015 هو الانتقام من السعودية، لدعمها السيسي الذي أطاح برجلهم المفضل قبلها بعامين". 

الحدث الثاني

أما الحدث الثاني الذي ساهم في توتير العلاقات بين واشنطن والرياض من وجهة نظر الصحيفة، هو توقيع الولايات المتحدة على الاتفاق النووي مع إيران عام 2015.

وذلك بالرغم من المعارضة السعودية القوية لهذا الاتفاق، لدرجة أنهم اعتبوه "طعنة في ظهورهم"، وفق الصحيفة.

كما تزعم أنهم رأوا في ذلك "محاولة واضحة من أوباما لإحداث انهيار في حكم آل سعود، وإعطاء الشيعة الأماكن الإسلامية المقدسة، مكة والمدينة.

وبالتالي سلب الهيمنة من الأغلبية السنية وإعطائها للأقلية الشيعية، وفقا لـ"ماكور ريشون" العبرية.

الحدث الثالث

وتذكر الصحيفة أن الحدث الثالث هو العاصفة الإعلامية التي أحاطت باغتيال الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، داخل قنصلية بلاده بإسطنبول.

وفي ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة من أولى المشتبهين بتورط بمحمد بن سلمان في هذه الجريمة.

وتابعت: "وخلال حملته الانتخابية، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن كثيرا أن المملكة العربية السعودية ستتلقى عقابا على هذا".

وأردفت: "وعندما أصبح رئيسا للولايات المتحدة، ألقت انتقادات بايدن المتكررة بظلالها على العلاقات مع المملكة".

الحدث الرابع

كذلك كان الهجوم على منشآت أرامكو في منتصف سبتمبر/ كانون الأول عام 2019، بالصواريخ الإيرانية والطائرات بدون طيار التي انطلقت من اليمن والعراق وإيران، أحد الأحداث التي أثرت في العلاقات بين الطرفين.

ووفقا للصحيفة العبرية، تسبب ذلك الهجوم في تعطيل نحو نصف طاقة تصدير النفط السعودي لشهور.

وتؤكد الصحيفة أن الأميركيين، هذه المرة تحت رئاسة دونالد ترامب، كانوا على علم بهذا الهجوم، لكنهم لم يفعلوا شيئا.

وهو ما أدى إلى "بقاء السعودية وحيدة في مواجهة القوة العدوانية الايرانية"، حسب "ماكور ريشون".

الحدث الخامس

أما عن الحدث الخامس الذي استدلت به الصحيفة، فهو حرب اليمن بين الحكومة المدعومة من السعودية والحوثيين المدعومين من إيران. 

حيث هاجم الحوثيون منشآت في السعودية مئات المرات بالصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية.

وتقول الصحيفة إن "كل ما فعلته الولايات المتحدة هو بيع أسلحة وذخائر للسعوديين بأسعارها كاملة، ولم تفعل شيئا لوقف الدعم الإيراني للحوثيين".

وأضافت أن السعوديين يخالجهم شعور بأن الأميركيين استفادوا ماليا من هذه الحرب، من خلال بيع الطائرات والأسلحة والذخيرة.

ومن ناحية أخرى، ضغطت الولايات المتحدة على الإمارات لترك السعودية وشأنها في مواجهة الحوثيين وإيران، حسب الصحيفة.

الحدث السادس

كما لفتت الصحيفة إلى سياسة بايدن تجاه الإيرانيين ومحاولاته رفع العقوبات عنهم والسماح لهم باستئناف تصدير الطاقة.

بالإضافة إلى إعادة المليارات المجمدة لهم وجهوده التي بذلها لإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي.

وتبعا لهذا، أدركت السعودية، وفقا للصحيفة العبرية، أن "أميركا معنية بتقوية إيران على حسابها، حتى لو انتهى ذلك بأن تصبح إيران دولة نووية".

الحدث السابع

تذكر الصحيفة أن الحدث السابع هو الحرب في أوكرانيا. حيث يتقاتل تحالفان ضد بعضهما البعض، الولايات المتحدة وأوروبا من جهة، وروسيا وإيران والصين من جهة أخرى.

وأشارت إلى أن "الولايات المتحدة وأوروبا لم يتمسكا بالتزامهما بالحفاظ على وحدة الأراضي الأوكرانية في مذكرة "بودابست 1994"، وتركوا روسيا وحلفاءها يحفرون أسماءهم في أراضي أوكرانيا".

وتابعت: "في نظر السعوديين، أصبح الغرب مرة أخرى ضعيفا في مواجهة روسيا وحلفائها الذين يتعاملون بعنف دون ضبط النفس".

وتشير الصحيفة إلى أن إيران التي منع مجلس الأمن تصدير السلاح إليها، هي التي تزود روسيا بطائرات بدون طيار وصواريخ.

وفي المقابل، يقف العالم أمام هذا دون فعل شيء لإيقافها.

الحدث الثامن

الحدث الثامن هو اتفاقيات إبراهام والدور الذي تلعبه إسرائيل في الشرق الأوسط.

 في عام 2020، أعطى السعوديون الإمارات العربية المتحدة والبحرين الضوء الأخضر للمضي قدما في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. 

وتذكر الصحيفة العبرية أن السعوديين أنفسهم لم يسلكوا هذا المسار علنا بسبب خوفهم من إيران، لكنهم شجعوا جيرانهم على القيام بذلك.

واستند هذا الموقف إلى حقيقة أن إسرائيل قوية وصامدة، تهاجم القوات الإيرانية في سوريا بوتيرة عالية دون أن يجرؤ الإيرانيون على الرد.

ولهذا عُقدت لقاءات عديدة بين نتنياهو ومحمد بن سلمان، وفقا لـ"ماكور ريشون".

ومن ناحية أخرى، تشير الصحيفة العبرية إلى ظهور مشكلتين في الأشهر الثلاثة الماضية.

الأولى هي الحكومة اليمينية المتطرفة التي شُكلت مؤخرا في إسرائيل.

وتعتقد الصحيفة أن أي اتصال معها سيثير غضب بايدن وحكومته وغضب أوروبا على المملكة العربية السعودية.

والمشكلة الثانية هي الأزمة الحكومية في إسرائيل، والتي تقوض صورتها القوية، مما يدفع أصدقاءها -مصر والأردن والإمارات والبحرين- بإعادة حساب مسارهم في علاقاتهم معها.  

ونتيجة لكل هذه المراحل السابق ذكرها، تخلص الصحيفة إلى أن "خيانة الولايات المتحدة وضعف إسرائيل دفعتا السعودية للشعور بأن الإيرانيين هزموهم في الصراع على الهيمنة".

وأضافت أن "كل ما تبقى للسعودية هو محاولة تقليل الأضرار، من خلال محاولة كسب إيران لجانبها".

وتقول الصحيفة: "هذا ما فعلته السعودية بوساطة من الصين، كوسيلة للانتقام من الأميركيين على خيانتهم".

وفي الختام، تحذر الصحيفة من هشاشة اتفاقات إبراهام، وترى أنه من المؤكد أن زحف السعوديين تجاه الإيرانيين من خلال وساطة الصين يساهم في الشعور بالأمان لحكام طهران.

وفي اليوم الذي يشعرون فيه بالقوة الكافية، تؤكد الصحيفة أنهم سيحاولون تقوية علاقاتهم مع الإمارات والبحرين كذلك.