محاولات اعتقال فاشلة.. لماذا تخشى حكومة باكستان من عمران خان؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

رصد موقع أميركي التوتر الجاري على الساحة السياسية الباكستانية مع مساعي الشرطة لاعتقال رئيس الوزراء السابق، عمران خان، ما قاد إلى اشتباكات بين أنصاره وقوات الأمن.

وقال موقع "ذا ميديا لاين" إن "خان الذي أطيح به من رئاسة الوزراء في أبريل/ نيسان 2022، يواجه ادعاءات بأنه باع هدايا حكومية في فترة وجوده في منصبه، لكنه في المقابل يؤكد أن وراء هذه القضية دوافع سياسية".

وبعد يومين من الاشتباكات، أمرت محكمة في مدينة لاهور شمال شرقي البلاد، في 15 مارس/ آذار 2023، بالوقف الفوري لعملية اعتقال خان.

توتر متصاعد

وفشلت الشرطة في اعتقال خان، بعد أن طوّق المتظاهرون منزله في حي "زمان بارك" في لاهور، ولم يسمحوا لمسؤولي الأمن بالاقتراب، مبدين مقاومة شديدة لمحاولة اعتقاله.

واستخدمت القوات الأمنية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه ضد أنصار خان، كما أطلقت عدة قذائف غاز مباشرة على منزله، سقط بعضها داخل المبنى وبعضها فوق السطح، وفق "ذا ميديا لاين".

وقال فؤاد تشودري، وهو أحد مساعدي خان، إن "حركة الإنصاف" – التي يتزعمها خان- قدّمت التماسا آخر، في 17 مارس/ آذار 2023، للمحكمة العُليا في إسلام آباد لتعليق مذكرة الاعتقال، بعدما رفضت محكمة أدنى درجة التماسا مماثلا قبل يوم.

وفي اليوم نفسه، حصل خان على إرجاء قانوني من المحكمة العليا في العاصمة إسلام أباد، حيث علقت المحكمة مذكرة اعتقال كانت قد أصدرتها بحقه، بسبب تكرار عدم حضوره أمام المحكمة.

وفي قضية أخرى، مثل خان أمام محكمة لاهور العليا، في 17 مارس 2023، لكنه وصل للمحكمة تحت حماية أنصاره.

وتعيش البلاد فترة توتر سياسي، بعد أن أصدرت محكمة في إسلام أباد مذكرة توقيف بحق خان، حيث خرج آلاف العمال من "حركة الإنصاف" إلى شوارع لاهور، وشاركوا في مظاهرات ضد حكومة تصريف الأعمال.

وتحدث المشرف الطبي بـ"مستشفى الخدمات" في لاهور، مختار أحمد عوان، للموقع الأميركي، قائلا إن "32 شخصا أصيبوا في الاشتباكات ونُقلوا إلى المشفى، بينهم 30 شرطيا ومدنيان".

ونظرا للوضع المتوتر حول حي "زمان بارك"، أعلنت مستشفيات لاهور "حالة الطوارئ"، يضيف التقرير.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، توافد على "زمان بارك" أنصار خان من مختلف أنحاء البلاد، لكن الوضع كان مختلفا، بعد ظهر 14 مارس 2023، بعدما انضم فريق من شرطة "إسلام أباد" إلى شرطة لاهور لاعتقال خان.

وفضلا عن انتشار القوات الأمنية على الطرق الرئيسية في لاهور، نُشرت قوات إضافية على جميع الطرق المؤدية إلى منزل خان، بينما أُغلقت حركة المرور بالحواجز.

ولكن رغم كل هذه القيود، تمكن المتظاهرون من الوصول إلى المنطقة لحماية خان من الاعتقال، وفق التقرير.

وضرب أنصار خان خياما عند مدخل الحي ومقر إقامة رئيس الوزراء السابق وهم يرددون شعارات مناهضة للشرطة والحكومة الائتلافية برئاسة شهباز شريف، حسب الموقع الأميركي.

وظل الوضع خارج محل إقامة خان متوترا حيث حاولت الشرطة شق طريقها بالقوة إلى الداخل، وكشف أحد عمال الإنقاذ لموقع "ذا ميديا لاين" أن فريقه نقل نحو 20 شرطيا إلى المستشفى بسبب الاشتباكات.

وصرح وزير الإعلام في الحكومة، أمير مير، أنه "تم استدعاء القوات المدرعة (رينجرز) بسبب تدهور القانون والنظام في لاهور، ولمساعدة قوات الشرطة".

تدهور الوضع

وفي حوار له على قناة "الجزيرة" القطرية، قال خان إن الحكومة تخشى فوز حزبه بالانتخابات، ولذلك فهي تحاول الزج به في السجن.

وأضاف أن قصف منزله بالغاز المسيل للدموع "غير قانوني بتاتا، وتقف خلفه دوافع سياسية". 

ولفت خان إلى أن "الشرطة حاولت اعتقاله قبل 4 أيام من موعد المحكمة، وهو أمر مخالف للقانون".

ومن المقرر إجراء الانتخابات الباكستانية في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لكن يدعو خان إلى انتخابات مبكرة.

وحث رئيس الوزراء السابق حزبه وأنصاره على مواصلة النضال من أجل "الحرية الحقة" حتى لو تم اعتقاله أو قتله.

وقال خان مخاطبا أنصاره: "إنهم يعتقدون أنهم بوضعهم لي في السجن، فإن الأمة ستنام، يجب أن تثبتوا لهم أنهم خاطئون، عليكم أن تثبتوا أن هذه الأمة يمكن أن تكافح بدون عمران خان".

وأضاف: "على الأمة أن تثبت أنها حية"، مؤكدا أن الأمة لن تقبل أبدا العبودية الأسوأ على الإطلاق وهي "العبودية للصوص".

بدوره، قال القيادي البارز في حركة الإنصاف، وزير الخارجية السابق، سيد محمود قريشي: "في سبيل حل هذه المشكلات، فنحن مستعدون لإيجاد طريقة من خلال المفاوضات المتبادلة، ولا ينبغي أن يتدهور الوضع".

وأضاف المسؤول المقرب من خان: "نريد السلام، ولا نريد سفك الدماء".

وشدد على أن "توجيه الاتهامات جزافا للفاعلين السياسيين أمر غير ضروري وغير مبرر".

وتابع قريشي: "يجب على الشرطة التوقف عن استخدام تلك الأساليب، فقد لجأ حزبنا وقيادته إلى القضاء، ورفعنا دعوى قضائية، وحصل خان على حق البقاء خارج السجن".

مؤامرة قتل

في غضون ذلك، صرح زعيم حركة الإنصاف في إقليم البنجاب، مسرات جمشيد شيما، أن اعتقال خان هو مؤامرة لقتله.

وتابع: "اعتقال خان مؤامرة مدروسة، يريدون إدخاله إلى مصيدة الموت"، مؤكدا "هذا ليس اعتقالا بل مؤامرة قتل".

من جانبه، أعرب الرئيس الباكستاني، عارف علوي، عن أسفه للاشتباكات بين أنصار خان والشرطة، كما أدان الخطوات المتخذة لاعتقال خان.

وغرد الرئيس الباكستاني، في 14 مارس/ آذار 2023، قائلا: "أشعر بحزن عميق لأحداث اليوم، ولتلك السياسات الخاطئة الرامية للانتقام".

وانتقد علوي ما أسماه بـ"الضعف لدى الحكومة في ترتيب أولويات البلاد"، مشيرا إلى أنها "يجب أن تركز على البؤس الاقتصادي للشعب".

وأردف أنه "قلق بشأن سلامة وشرف وكرامة خان، كما يهتم بذلك تجاه باقي السياسيين الآخرين".

بدوره، أعرب المبعوث الأميركي الخاص السابق لأفغانستان، زلماي خليل زاد، عن قلقه بشأن الفوضى في باكستان.

وكتب على تويتر أن "التحييد المستمر للقيادات، عبر السجن أو الإعدام أو الاغتيال وما إلى ذلك، هو المسار الخاطئ"، مشيرا إلى أن "اعتقال خان لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة".

وأضاف زلماي أن "باكستان تواجه أزمة ثلاثية: سياسية واقتصادية وأمنية، ورغم إمكانياتها الكبيرة، إلا أن أداءها أقل بكثير من الهند، وحان الوقت لمراجعة النفس بجدية والتفكير الجريء ووضع الإستراتيجيات".

ووفق الباحث في شؤون جنوب وشرق آسيا، مايكل كوجلمان، فإن "كل جهد تقوم به الحكومة الباكستانية لإضعاف خان سينتهي به الأمر إلى جعله أقوى".

ويرى كوجلمان أن السياسات المختلة والقمعية للحكومة لعبت دورا في زيادة قوة "خان" كسياسي شعبوي،

وأشار إلى أن رئيس الوزراء السابق تمكن من توجيه الغضب العام لصالحه، وأن الأرقام التي نراها في تلك الحشود الضخمة الداعمة له لا تكذب.

كما يعتقد كوجلمان أن "مصير خان قد يتغير بسرعة، لكنه في الوقت الحالي يتنبى سياسات كلها صحيحة، بمساعدة كبيرة من الحكومة التي تواصل استهداف نفسها بهذا المزيج من التردد والوحشية".

وختم الموقع الأميركي تقريره بالإشارة إلى أن "خان -أسطورة الكريكيت الساحر الذي تحول إلى لاعب سياسي بارز- برهن على شعبيته الواسعة بين الجماهير، عبر تنظيم عشرات التجمعات في جميع أنحاء البلاد".