إذكاء للفتنة.. لماذا استولت قوة شيعية على جامع سامراء في العراق؟ 

12

طباعة

مشاركة

في إذكاء لنار الطائفية التي اكتوى بها العراق، واستمرارا لمخطط التغيير الديمغرافي والعبث بهوية أهل السنة، والتجاوز على أوقافهم، أعلنت ما تعرف بـ"العتبة العسكرية" التابعة للوقف الشيعي" الاستيلاء على جامع سامراء الكبير، أحد مساجد العراق الأثرية القديمة.

والمسجد يقع شمال غرب مدينة سامراء العراقية بمحافظة صلاح الدين ذات الغالبية السنية، ومن أروع نماذج العمارة الإسلامية، ويتجاوز عمره نحو ألف عام، وهو شاهد على الحضارة الإسلامية إبان عهد الخلافة العباسية، شيده الخليفة المتوكل بمئذنته الملوية. 

جامع سامراء الكبير يعد ثاني المساجد الرئيسة في المدينة التي تحمل ذات الاسم، وتبلع مساحته نحو 38 ألف متر.

وغيرت العتبة العسكرية اسمه  إلى مسجد صاحب الأمر، وأعادت افتتاح قبته بعد تأهيلها وكسائها، واستولت على المدرسة الدينية التابعة للوقف السني.

وهو ما أثار حفيظة ناشطين على تويتر، ودفعهم لشجب الخطوة وعدوها استيلاء وتعديا علنيا واغتصابا لأوقاف أهل السنة، وسرقة للإرث السني لأهل سامراء ومحافظة صلاح الدين بشكل عام، مستنكرين إلحاق المسجد بمئات الأوقاف التي استولى عليها الوقف الشيعي.

وأشاروا عبر تغريداتهم ومشاركتهم في وسمي #جامع_سامراء_الكبير، #العتبة_العسكرية، إلى أن سنة العراق أمام مرحلة صعبة.

إذ وصلت عملية تهجيرهم وطمس هويتهم الدينية والوطنية إلى مراحل متقدمة، مؤكدين أن ما يحدث استكمال لمخطط تغيير ديمغرافي لمناطق السنة.

خطوة استفزازية

وعدّ ناشطون استيلاء العتبة العسكرية على جامع سامراء الكبير تصعيد طائفي خطير ضد العرب السنة الذين يمثلون الأغلبية الساحقة في المدينة، ومسعى لإضعاف المكون السني، واستفزازهم.

وطالبوا بإيقاف فوري لتلك الإجراءات، واستنكروا الصمت الدولي والمحلي على انتهاكات الشيعة، داعين النخب السياسية والثقافية والدينية والاجتماعية للوقوف ضد هذه التجاوزات "الاستفزازية المرفوضة".

وبدورهم، شجب علماء وعشائر سامراء، إجراءات العتبة العسكرية وعدّوها أشبه بالاغتصاب، كما انتقد المجمع الفقهي العراقي الأمر، ووصفه بالخطير، محذّراً من عواقب وخيمة.

فيما أعرب الوقف السني عن رفضه ما رآه "اغتصاب علني للأوقاف"، مطالباً بتدخل الجهات ذات العلاقة لـ"إيقاف الفتنة".

وتنديدا بإجراءات العتبة العسكرية، وصف عضو الاتحاد الدولي للحقوقيين طارق الهاشمي، ما فعلته العتبة العسكرية بأنه "خطوة استفزازية غرضها إحياء الفتنة الطائفية وضرب التعايش والاستقرار"، داعيا جميع من يهمهم إشاعة الحق والعدل في العراق للإدانة والاستنكار.

وسخر الصحفي عمر الجنابي، قائلا: "انت ممكن تنام وتصحى، وتجد العتبة مستولية على دجلة والفرات وتسجلهما ضمن أملاكها! وبما يرضي الله".

وتساءل عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان كمال السامرائي: "ماذا لو أقدم الوقف السني بالاستيلاء على حسينيه مساحتها غرفتين في مدينة النجف أو كربلاء او الكاظمية.. ما هو رد فعل سكان المدينة؟ والمرجعية أو الحكومة؟ وما هو موقف العتبة المسؤولة؟".

كما تساءل نائب الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي عمار يوسف حمود: "هل هناك حكمة أو عبرة من إجراء العتبة بتغيير اسم الجامع الكبير؟ هل يستطيع أي مسؤول أو صاحب قرار أن يجري أي تعديل على ممتلكات تابعة للعتبة؟ وهل في هذا الإجراء قربة لله؟".

تغيير ديمغرافي

وأكد ناشطون أن ما فعلته العتبة العسكرية مسعى تغيير ديمغرافي طائفي في سامراء السُنة، محذرين من تبعاته والصمت على تمريره.

واتهم الإعلامي حسين دلي، المرجعية الشيعية بالمشاركة بكل وقاحة في التغيير الديمغرافي.

وأشار الكاتب والباحث في الشؤون الشرعية والسياسية تيسير تربان، إلى أن إيران تفعل في سوريا والعراق كما يفعل الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، من تغيير التركيبة السكانية، مؤكدا أن هؤلاء محور مقاومة ضد الإسلام وأهله.

وأكد الصحفي والإعلامي زياد السنجري، أن عمليات التغيير الديمغرافي والاستيلاء على الجوامع وعقارات الوقف السني وأراض ومدن ونواح بأكملها منهج ثابت وضعه المقبور (قاسم) سليماني قائد فيلق القدس السابق.

ورأى الباحث في الشأن الأسري رائد الوردي، أن الأمر الذي يجب أن تصدح به كل حنجرة سامرائية هو، أن الممارسات التي تجري في سامراء من أجل التغيير الديمغرافي معلومة لدى الجميع، وأنّ أهلها يوصي بعضهم بعضا بالصبر والثبات، وأن موعد استرداد الحقوق قريب بإذن الله.

وعد أحد المغردين، ما حدث، تطرف إرهابي ممنهج تمارسه الجهات المحسوبة على الحكم الجعفري بمختلف مسمياتها، تتكأ على اعتبارات سياسية وأمنية ودينية لتبرير جرائمها من قتل وتهجير واغتصاب دور العبادة.

وحذر من أن التغيير الديمغرافي سيدفع ثمنه الأجيال اللاحقة، متسائلا: "من يعي خطورة هذه الجريمة ويوقفها؟".

خرس حكومي

وهاجم ناشطون قادة العراق، وزعماء الشيعة، واتهموهم بإشعال فتيل الفتنة الطائفية، وممارسة سرقة ونهب إرث السنة أمام مرأى ومسمع الحكومة التي لم تبد أي ردة فعل تجاه ذلك، داعين السلطة لإيقاف هذا العبث وحل الأمر.

وأوضح الكاتب والباحث مصطفى سالم، أن تهديم مساجد السنة أو الاستيلاء عليها، جزء من عقيدة مقتدى (الصدر زعيم التيار الصدري) الذي وصفه بالفاسد.

وأضاف أن انعدام القيم الأخلاقية عند مدمني المخدرات والمراقد يكشف استحالة معالجة جرائمهم ببيان هو أقل من أضعف الإيمان، لا سيما أن الحكومة مدمنة عليهما أيضا.

وأكد الباحث التاريخي حسين السبعاوي، أن العراق لم تأت إليه حكومة استولت على المساجد ودور العبادة رغم تنوع هذه الحكومات الملكية والجمهورية والقومية.

وأردف: "جميعها كانت تحترم المساجد وجميع دور العبادة"، قائلا: إلا بعد استلام هذه الأحزاب الطائفية "الإسلامية" السلطة، التي استباحت كل المقدسات تحت مبدأ نصرة "المذهب".

ورأى سمير الفرج، أن الصمت الحكومي والمجتمعي بخصوص استيلاء العتبة الحسينية على مصانع تعليب كربلاء، دفع العتبة العسكرية للاستيلاء على جامع سامراء الكبير بحجج واهية، محذرا من أن خطوات الاغتصاب والاستفزاز المستمرة هذه ستؤدي لمنزلق خطير ما لم يتم تداركها من قبل صناع القرار وأصحاب الحكمة. 

ذبح السنة

وحذر ناشطون من استمرار المد الشيعي في المناطق السنية، واستباحة حريات وممتلكات ومقدسات السنة على يد أذرع إيران.

وقال الكاتب والروائي خليفة الدليمي، إن اغتيال المساجد وطمس هويتها "السنية" يعني بالمحصلة نفي وجود "السنة" أو اجتماع لهويتهم في مكان وبالتالي هي معركة وجود أكثر مما هي تعني آخذ ذلك المسجد أو تركه.

وكتب المحامي الدولي طارق شندب: "الإجرام والإرهاب الشيعي الصفوي المتغطرس والمتغطي بالحكومة العراقية يعتدي على جامع سامراء الكبير ويستولي عليه ليحوله إلى مرتع للميليشيات في إطار التغيير الديمغرافي لطرد ما تبقى من السنة أو ذبحهم".

وعدّ المغرد طايع بدري، الاستيلاء على جامع سامراء الكبير، استفزاز لتحريك الشباب السنة لتنفيذ أعمال عنف ومن ثم يتطلب الرد عليهم بالحشد الشعبي.

ورأى الصحفي علي الطائي، أن سنة العراق أمام مرحلة صعبة، وعملية تهجيرهم متواصلة، مستنكرا إلحاق جامع سامراء الكبير بمئات الجوامع والأوقاف التي استولى عليها الوقف الشيعي.

تراث وإرث

وتحدث ناشطون عما يمثله جامع سامراء الكبير لهم وعن مكانته، مستنكرين الصمت العربي السني على ما يتعرض له المسجد.

وأوضحت سلسبيل الحديثي، أن الجامع الكبير في سامراء بني في سنة 606 هجرية، وهو الأقدم في المدينة.

وفيه المدرسة الدينية التي تعتبر من أهم مدارس المذهب السني في العراق والتي خرجت الكثير من العلماء، وفق ما قال.

وأشار القاضي ابو بكر الباقلاني البصري، إلى أن جامع سامراء، هو أحد أهم مساجد أهل السنة والجماعة في المدينة.

ولفت إلى أن المدينة تعيش كارثة ونكبة منذ أكثر من 15 عاما، وتشهد حصارا واستيلاء على ممتلكات أهلها يوما بعد يوم ويضيق عليهم حتى يتقبلوا التهجير الطائفي.

وأوضح أستاذ العقيدة والفكر الإسلامي أبو بكر العيساوي، أن الحرب الطائفية بدأت بالتفجير المخطط له في مدينة سامراء عام 2006، مشيرا إلى أنه باغتصاب جامع سامراء الكبير يريدون إرجاع البلاد إلى المربع الأول.

وأضاف: "سامراء مدينة تاريخية سنية يراد لها أن تكون مدينة لإثارة النعرات الطائفية"، داعيا سياسيي أهل السنة لأخذ دورهم بسرعة قبل الندم.

ولفت المغرد وليد، إلى أن جامع سامراء، أحد المساجد التاريخية من العصر العباسي وفيه مدرسة بناها العثمانيون، مستنكرا خرس العالم العربي والإسلامي وعدم تجرؤهم على حتى الشجب خوفا من ملالي إيران ومن مليشيات الشيعة.

وكتب المدون عماد السامرائي: "جرف الصخر، ديالى، الطارمية، سامراء، هذه مقدمات فقط وجرس الإنذار يجب أن يقرع في البحر الأحمر والمحيط الأطلسي، للأسف العرب كالنعام رؤوسهم في الرمل ومؤخراتهم مكشوفة لإيران".

وحث رئيس موقع "بغداد بوست" سفيان السامرائي، على تدويل قضية سامراء ومنع تشييعها الرسمي وتحويل مساجدها إلى حسينيات، مشيرا إلى أن المدينة سنية بالغالبية العظمى ولا وجود للشيعة فيها إلا عبر مليشيات الصدر.

وقال: "سامراء هي أرضنا وحقنا ولن نسمح بفرض الدين الشيعي عليها وسنتصدى قانونيا لهذه الهجمة الطائفية، جامع سامراء الكبير لن يكون حسينية".