موقع عبري: 10 دروس ينبغي أن تستخلصها إسرائيل من الحرب الروسية بأوكرانيا
مع مرور الذكرى السنوية الأولى للغزو الروسي على أوكرانيا، يقول خبراء عسكريون إن الحرب مستعرة ومستمرة، ولا إشارة على قرب انتهائها.
وخلال هذا العام، قُدر عدد القتلى والجرحى بنحو 200 ألف جندي روسي، و100 ألف جندي أوكراني، بالإضافة إلى مقتل 30 ألف مدني أوكراني.
كما بلغ عدد اللاجئين من أوكرانيا 7.8 ملايين شخص إلى خارج البلاد، ونزح داخليا 6.5 ملايين، فضلا عن انخفاض نسبة الإنتاج المحلي بنسبة 35 بالمئة.
وبشأن الحقائق التي صنعتها الحرب وتداعياتها المستقبلية، استخلص موقع "القناة 12" العبري، 10 دروسا رأى أنه ينبغي أن تستخلصها إسرائيل من الحرب الروسية في أوكرانيا لضمان نفوذها الإقليمي والدولي.
-
التقييم الخاطئ
يرى الموقع العبري أن الخطاب الخاطئ بين بوتين والقيادة السياسية العليا التابعة له، وبين الجيش الروسي أدى إلى قرار غزو أوكرانيا، وكان ذلك نتيجة تقييم غير صحيح لقدرات كل من البلدين.
حيث توقع الخبراء الروس آنذاك أن آلة الحرب الروسية ستجتاح أوكرانيا وتسيطر على كييف، وتقضي على الرئيس فولوديمير زيلينسكي، وستنهار القوات الأوكرانية بسرعة، كما أن الرد الغربي سيكون ضعيفا.
ويعلق الموقع: "لكن بعد مرور عام، تمكنت الحرب من دحض كل هذه التوقعات".
واعتبر أن كل هذه التوقعات والتنبؤات كانت "انعكاسا لتمنيات روسية، أكثر من كونها تدقيقا وتحليلا واقعيا موضوعيا".
وأشار إلى أن "إسرائيل شهدت مثل هذه الإخفاقات في تاريخها، ضاربة المثل بحرب أكتوبر 1973، وأعقاب الحرب اللبنانية الثانية".
وأوضح أن الاستخبارات الأمنية والتقييمات السياسية والعسكرية منيت بالإخفاق، وأثبتت وجود ثغرات خطيرة في عملية صنع القرار على المستويين السياسي والعسكري، وفي التفاعل بينهما.
ويوجه الموقع إلى ضرورة الاستفادة من هذه الإخفاقات في الحروب السابقة، وكذلك الاعتبار بما حدث في الحرب الأوكرانية الحالية.
فيقول: "في حال حدوث مواجهة مع إيران أو تصعيد في الساحة الفلسطينية، من الضروري على المستوى السياسي إدراك القدرات العملياتية للجيش الإسرائيلي وللعدو".
وتابع: "ومن ثم إجراء حوار إستراتيجي شامل مع المستوى العسكري، يشمل أهداف الحرب وإدارتها وكيفية إنهائها".
-
المظلة النووية
ويقول الموقع: "بعد عقود ترسخ فيها تصور أنه لن يكون هناك رابحون في حرب نووية، بل خاسرون فقط، وأن الرعب من الإبادة المتبادلة يبقي خطر الصراع النووي بعيدا، عاد الخوف مجددا من استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا".
وأضاف: منذ بداية الحرب، كان بوتين يرسل إشارات الردع النووي، بما في ذلك خطابه الأخير، والذي أعلن فيه تعليق مشاركة روسيا في المعاهدة الموقعة مع الولايات المتحدة، للسيطرة على مخزونها من الأسلحة النووية "نيو ستارت".
وتأخذ الولايات المتحدة هذه الإشارات على محمل الجد، حتى إنها قامت بتهديد روسيا بالرد "بشكل كارثي" في حال استخدمت الأسلحة النووية.
من ناحية أخرى، تثبت الحرب حتى الآن أن الأسلحة النووية ليست عاملا حاسما في ساحة المعركة، وأن الطرف القوي الذي يمتلكها قد يتكبد خسائر كبيرة في هذه الحرب، حسب الموقع.
وأردف: "ومع ذلك، سمحت المظلة النووية لبوتين بمهاجمة أوكرانيا، وكذلك الحد من قدرة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على التدخل وتزويد كييف بالأسلحة".
واستدرك: "لكن في المقابل، يتضاءل مدى ردع روسيا للغرب عن تسليح أوكرانيا بأسلحة متطورة".
وقد أوضحت الحرب الأوكرانية حدود الردع التي يمكن أن تواجه بها دولة تعمل تحت مظلة نووية، في إشارة إلى إيران.
كما أكد الموقع ضرورة "منع إيران بأي ثمن من الحصول على أسلحة نووية".
ولفت إلى احتمالية أن ترغب بعض الدول في الشرق الأوسط -حال امتلاك إيران أسلحة نووية- في الحصول على أسلحة نووية على المدى البعيد، وهو ما يشكل تحديا كبيرا لإسرائيل.
حيث حذر من أن المشكلة ليست إيران فقط، لكن السعودية وتركيا ومصر يراقبون الأزمة أيضا، قد تفكر بأن الحالة الأوكرانية الحالية سببها التخلي عن مشروعها النووي منتصف التسعينات.
في إشارة إلى احتمالية سعي هذه الدول للدخول في مشاريع تسلح نووية.
-
ثمن الحرب الطويلة
وأوضح الموقع أن الحرب الأوكرانية أبانت أنها حرب استنزاف طويلة الأمد، وأن الجانب القادر على الاستمرار والصمود ستكون له اليد العليا في نهاية المطاف.
ولفت إلى أن قدرات موردي الأسلحة والذخائر تعد متغيرا حاسما لتقرير مصير الصراع.
كما أشار إلى تضاؤل مخزون روسيا من الأسلحة الدقيقة، ومن هنا جاءت حاجتها للمساعدة من إيران وكوريا الشمالية، وكذلك الصين وفقا للمصادر الأميركية.
كما أن أوكرانيا ما كانت لتصمد لولا الإمدادات الأوروبية والأميركية، لكن مخزونات الأسلحة والذخيرة في الغرب والولايات المتحدة -حسب الموقع- تنفد بسرعة.
إضافة إلى أن خطوط إنتاج الصناعات الدفاعية لا تعمل بالمستوى المطلوب لدعم أوكرانيا.
ولهذه الأسباب، يشير الموقع إلى ضرورة أن تعمل إسرائيل على تطوير وتوسيع قاعدتها الدفاعية الصناعية، لضمان أن تكون لديها القدرة والإمدادات اللازمة الملائمة لظروف الحرب طويلة الأمد.
-
فشل منظومة الدفاع الجوي
ولفت الموقع إلى أنه رغم فشلهم في تحقيق التفوق الجوي، إلا أن الروس أثبتوا أنه من الممكن تدمير البنى التحتية الحيوية باستخدام الأسلحة الدقيقة.
وبالتالي إلحاق الضرر بشبكات الكهرباء ومنشآت الطاقة ومحطات المياه والصرف الصحي، وما شابه ذلك.
وعزا الموقع العبري الإنجاز الرئيسي الروسي في هذه الحرب إلى إيران.
حيث تسببت صواريخ كروز والصواريخ الباليستية، والطائرات الانتحارية بدون طيار، التي تنتجها إيران، في انتشار الدمار وفقدان مئات الآلاف من الأرواح في أوكرانيا.
وأضاف أن إيران تكتسب من هذه الحرب دروسا عملية جراء استخدام أسلحتها في أوكرانيا.
وتوقع أن ذلك قد يزيد من القوة الإستراتيجية لحزب الله وحماس في تطوير أسلحتهما، وتسريع جهودهما في هذا الاتجاه.
وهو ما اعتبره الموقع "تهديدا إستراتيجيا للجبهة الداخلية المدنية والعسكرية لإسرائيل، وهو ما سيتطلب منها استثمارا مكثفا للموارد في الردع قبل الحرب، وفي بناء قوة للدفاع والحماية أثناء الحرب".
-
تحدي الحياد الإسرائيلي
وادعى الموقع أن الحرب في أوكرانيا تمثل خط صدع غير مسبوق في صراع عالمي مكثف بين الغرب الديمقراطي الليبرالي بقيادة الولايات المتحدة، وبين النموذج الاستبدادي من منابر روسيا والصين.
وقد حاولت إسرائيل -حسب الموقع- الحفاظ على موقع حيادي إلى حد كبير.
لكنه يؤكد على أهمية التحالف الإسرائيلي مع الغرب، لا سيما مع الولايات المتحدة، التي وصفها الموقع بأنها "الحليف الوحيد- التي ترتبط بها ليس فقط على مستوى القيم، ولكن أيضا على مستوى مصالحها طويلة المدى، إستراتيجية واقتصادية وعسكرية".
ويوضح أنه حتى لو اعتبرت إسرائيل أن دعمها العسكري المباشر لأوكرانيا يعرض مصالح إسرائيل المباشر للخطر.
لكنه يشير إلى أهمية أن يكون هناك مجال للدعم والمساعدة غير المباشرة، على الأقل في الملفات الدفاعية غير الحركية، مثل تحسين قدرات الكشف عن الصواريخ والطائرات.
ولفت إلى أن ذلك سيساعد أوكرانيا على الدفاع عن نفسها من هجوم الطائرات الإيرانية، وتعطيل سلاسل التوريد الإيرانية.
-
ضرورة توطيد العلاقة مع الناتو
وقال الموقع العبري إن الغزو الروسي لأوكرانيا ونشر القوات الروسية في بيلاروسيا أظهر بشكل واضح التهديد الذي تمثله روسيا على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي "ناتو".
وحسب زعمه تحتاج الدول الأوروبية، التي أهملت على مدى عقود بناء قوة جيوشها، إلى المعرفة والخبرة الإسرائيلية، إضافة إلى الأنظمة المتطورة للأسلحة الإسرائيلية، لا سيما في مجالات الدفاع الجوي والصواريخ وحماية الدبابات.
ولفت إلى أن أوروبا ترغب في المزايا التي تجلبها أنظمة الاستخبارات والقيادة والسيطرة الإلكترونية الإسرائيلية، وهذا سيفتح عالما جديدا للصناعات الدفاعية الإسرائيلية.
وفي تلميح إلى احتمالية حدوث تقارب أكثر بين الناتو وإسرائيل، قد يصل إلى طلب الانضمام للناتو، توقع الموقع أن تركيا قد تخفف معارضتها من هذا التقارب، في إطار مساعيها لتوطيد علاقتها مع تل أبيب، إضافة إلى المساعدة الإسرائيلية لتركيا إثر الزلزال.
-
سلاح العقوبات
كما لفت الموقع إلى أن الحرب الأوكرانية أوضحت حدود العقوبات الاقتصادية ومحدوديتها، كما أثبتت عدم قدرتها على منع الحرب أو وقف تقدمها.
وأضاف: ينبغي أن تستخلص إسرائيل درسا مهما، هو التأكيد على الفرضية الإسرائيلية المستندة إلى أن العقوبات وحدها غير قادرة على وقف المشروع الإيراني النووي، وأن الناجع هو العقوبات والتهديدات العسكرية الجادة.
-
المحور الإيراني الروسي
ويشير الموقع إلى أن خيار إيران الإستراتيجي للانضمام إلى روسيا في الحرب في أوكرانيا وتزويدها بمئات الطائرات الانتحارية بدون طيار، قد جعل إيران في قلب منافسة القوى العظمى.
وبموجب الشراكة العسكرية التكنولوجية بين إيران وروسيا، ستزوَّد إيران بأسلحة روسية متقدمة مثل Sukhoi 35 أو S-400، والتي ستعزز الدفاع عن سماء إيران.
كما أنه من المتوقع أن تقدم روسيا مساعداتها لإيران في المجالات الحساسة مثل الاستخبارات العسكرية والسيبرانية والصواريخ ، وربما حتى النووية.
ومكافأة من روسيا لمساعدتها في حربها على أوكرانيا، من الممكن أن تتمتع إيران بمزيد من حرية العمل في سوريا أيضا على حساب إسرائيل، حسب الموقع العبري.
-
الشرق الأوسط
كذلك تسببت أزمة الطاقة العالمية والمساعدات الإيرانية لروسيا ومحاولة الصين لتقويض الهيمنة الأميركية في المنطقة في تحويل الشرق الأوسط إلى ساحة ساخنة لمنافسة القوى العظمى.
وهكذا، عاد الشرق الأوسط إلى خريطة المصالح العالمية، بعد أن حدت الولايات المتحدة من تدخلها فيه وتحويل جهودها إلى آسيا.
وفي الوقت نفسه، أدت المساعدة الإيرانية لروسيا إلى تجميد عميق للاتفاق النووي مع إيران، والذي كانت تسعى إليه الولايات المتحدة وأوروبا، وعادوا إلى نهج العقوبات والضغط على طهران.
وفي هذا الصدد، يقول الموقع إن الوجود الأميركي في الشرق الأوسط مصلحة حيوية لإسرائيل، كما أن عودة نظام الضغط الدولي على إيران هو توجه إيجابي بالنسبة لها.
-
الصين تحذير إستراتيجي
وأوضحت الحرب الأوكرانية للولايات المتحدة ما قد يبدو عليه الوضع حال قررت الصين احتلال تايوان تحت مظلة نووية.
وأشار الموقع إلى أن المخابرات الأميركية تزعم أن الرئيس الصيني أمر جيشه بالاستعداد للاستيلاء على تايوان بحلول عام 2027.
وفي ظل هذه الظروف، يوضح الموقع أن "مستوى الحساسية الأميركية تجاه التهديد الصيني يزداد بشكل واضح".
ويعتبر أن هذه التوجهات تعد "تحذيرا إستراتيجيا لإسرائيل، يدفعها إلى تقليص مجال المناورة بين القوتين".
وفي ضوء هذا التحذير، يؤكد الموقع "ضرورة تشديد آليات الرقابة على الاستثمارات مع الصين، والحذر من وصولها إلى المجالات التكنولوجية الحساسة"، مشددا على"ضرورة التعامل مع واشنطن بتنسيق وشفافية كاملين".