بسام مولوي.. وزير داخلية لبنان يدافع عن المواطنين ويفضل التقارب مع العرب

12

طباعة

مشاركة

"مهمة صعبة" لدى وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، القاضي بسام مولوي، لاختيار خليفة للمدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم.

وتنتهي ولاية اللواء عباس في مارس/ آذار 2023، وسط غياب التوافقات على بقائه في منصبه، وقد تقرر إحالة أمره لمولوي، في وقت يريد "حزب الله" أن يبقي اللواء بمنصبه لعام 2025.

وتعيق القوانين اللبنانية الخطوات التالية للواء عباس البالغ من العمر 64 عاما، رغم تأكيده سابقا أنه سيتقاعد عام 2023، إلا أن التشريعات الجديدة قد تشهد تجديد ولايته حتى عام 2025، وهذا ما يستدعي بحث مولوي عن مخرج قانوني للتمديد له.

العد العكسي

وفي 16 فبراير/شباط 2023، أعلن حليف اللواء عباس، رئيس مجلس النواب، الشيعي نبيه بري، أن المجلس سيعقد جلسة تشريعية استثنائية لإقرار هذا القانون، رغم أن الأمر سيكون صعبا في ظل الشغور الرئاسي الذي يعيشه لبنان منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر/تشرين الأول 2022.

كما فشل البرلمان 11 مرة في انتخاب رئيس جراء الخلافات السياسية التي حالت منذ الانتخابات النيابية في مايو/أيار 2022 دون تشكيل حكومة جديدة، وأبقت على حكومة تصريف الأعمال تمارس مهامها برئاسة نجيب ميقاتي.

ورغم دعم "حزب الله" المدعوم من إيران والمهيمن بسلاحها على لبنان، وأطراف أخرى لتجديد ولاية اللواء عباس، فسيكون من الصعب التجديد له نظرا لإجماع الأطراف المسيحية على رفضه بمن فيهم "التيار الوطني الحر" بزعامة جبران باسيل.

فضلا عن الأوساط السنية، خاصة رئيس حكومة تصريف الأعمال، ميقاتي.

وفي خضم هذا الصراع، وبدء العد العكسي لإحالة اللواء عباس إلى التقاعد، يحضر اسم بسام مولوي، للبت في مصير "المدير العام للأمن".

وذلك بعدما تعذر عقد أي اجتماع لقضاة في السراي الحكومي بالعاصمة بيروت مع رئيس الحكومة، كان يفترض أن تبحث فيه اقتراحات للصيغ القانونية التي تسمح بالتمديد للواء عباس، حيث تردد أن الاجتماع لم يعقد لعدم وجود صيغة متينة غير قابلة للطعن.

وقالت جريدة "الأخبار" اللبنانية، في تقرير نشرته بتاريخ 24 فبراير/شباط 2023، أن "ميقاتي، لم ينجح باقتراح حل بينه وبين وزير الداخلية مولوي الذي قالت مصادر قريبة منه إنه "لا يريد تحمل هذه المسؤولية"، خصوصا أن التمديد لعباس يلقى معارضة واسعة، ويسهل الطعن به أمام مجلس شورى الدولة.

النشأة والتكوين

ولد بسام مولوي في طرابلس شمال لبنان لأسرة من الطائفة السنية، عام 1968، وحصل على إجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية عام 1990.

أصبح مولوي قاضيا متدرجا، ثم قاضيا أصيلا عام 1995، ثم قاضيا منفردا مدنيا وجزائيا في عكار من 1955 - 2002، كما أصبح أستاذا محاضرا في جامعة "روح القدس كسليك" ودرس فيها مادة القانون الدستوري.

ومن عام 1996 - 1997 أصبح محاميا عاما استئنافيا في شمال لبنان، قبل أن يعين رئيس دائرة تنفيذ في بيروت عام 2002.

عام 2003 أصبح مولوي رئيس محكمة الإفلاس في جبل لبنان، ورئيس محكمة جنايات الأحداث في جبل لبنان، كما عين عام 2015 رئيسا لمحكمة الجنايات في لبنان الشمالي.

كما أصبح مولوي قاضيا تولى الغرفة الابتدائية في بيروت، وكان أول قاض يعقد جلسة إلكترونية في تاريخ محافظة الشمال، وذلك بسبب إقفال المحاكم إثر جائحة كورونا، بحسب وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.

وعندما تشكّلت الحكومة الحالية عقب مخاض سياسي عسير في 10 سبتمبر/ أيلول 2021 وحملت 24 وزيرا لم يخض معظمهم غمار السياسة من قبل، كان على رأسهم مولوي.

ولم يكن مولوي ذائع الصيت في لبنان، قبل أن يبدأ رحلة "وزارة الداخلية والبلديات"، والتي تتطلب مرونة شديدة مع الأحزاب والقوى السياسية التي عادة ما تدفع بأسماء الوزراء قبل تأليف الحكومة في هذا البلد.

التقارب مع العرب

ولذلك بقي مولوي بعيدا عن إحداث الشروخ الكبير مع القوى السياسية في الداخل، وهذا ما قاده لإبقاء "حبل الود" ممتدا إلى دول الخليج المؤثرة في المشهد اللبناني.

وأكد مولوي خلال لقائه سفير الرياض لدى بيروت، وليد بخاري، في 12 أبريل/نيسان 2022 أن "على لبنان واللبنانيين الالتزام بعروبتهم وأمن وأمان مجتمعات أشقائهم وأمن السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي".

ومضى مولوي يقول: "ملتزمون بمنع أي أذى لفظي أو عملي بحق دول الخليج، وما نقوم به ينطلق من قناعاتنا ومرتبط بوجودنا في مواقعنا لنخدم شعبنا وأمتنا، ومستمرون فيما نقوم به انطلاقا من إيماننا بالدولة اللبنانية ولاستقرار لبنان والدول العربية باعتبار أن الأمن العربي هو أمن مشترك".

وفي موقف يدل على رغبة مولوي بجعل لبنان قريبا من دول الخليج، أمر الأجهزة الأمنية في 16 ديسمبر/كانون الأول 2021، بترحيل جميع أعضاء جمعية "الوفاق" البحرينية المعارضة من غير اللبنانيين، بعد احتجاج من المنامة على المؤتمر الذي عقدته الجمعية بالعاصمة بيروت في 11 من الشهر المذكور.

وجمعية الوفاق من بين أبرز مجموعات المعارضة الشيعية في البحرين، وشكلت الكتلة الأكبر في البرلمان حتى العام 2011، قبل أن تعمل السلطات على حلّها مع جمعية العمل الوطني الديمقراطي العلمانية "وعد"، بسبب اتهامهما بالارتباط بـ"الإرهاب".

كما علّق  مولوي على ندوة أقامها "حزب الله "في ذكرى إعدام المعارض السعودي، نمر باقر النمر، في 11 يناير/كانون الثاني 2022 مؤكدا "أننا سنعمل على تطبيق القانون اللبناني وسنبلغ جميع من هم في الاجتماع بعدم التعرض للسعودية تحت طائلة تطبيق القوانين".

ولطالما سعى مولوي إلى ترميم علاقات لبنان مع دول الخليج التي يعكر صفوها "حزب الله" بإيعاز مباشر من إيران. 

ودعا مولوي بعد شهر من توليه المنصب إلى تطبيق الإجراءات المطلوبة وإنجاز إصلاحات شاملة كـ"خطوة أولى" لترميم علاقات لبنان مع الدول العربية.

وقال لصحيفة "الجمهورية" المحلية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2021 إن "لبنان يستمد شرعيته العربية من علاقاته المميزة والعميقة مع أشقائه في السعودية ودول الخليج العربي، وهو لا يحتمل أن يكون في عزلة عن محيطه العربي الذي لطالما وقف إلى جانب شعبنا في أصعب الظروف".

كما اجتهد مولوي كثيرا في ملف الحد من تهريب المخدرات عبر مرفأ بيروت إلى دول الخليج، وشدد إجراءات مديريات الأمن في الصدد.

ولم يكن يتوانى مولوي في الإعلان كثيرا عن إحباط محاولة تهريب كمية كبيرة من مخدر "الكبتاغون" إلى الدول العربية، مهددا الشبكات بأن "التحقيقات والتوقيفات مستمرة ولكم بالمرصاد"، وفق تغريدة كتبها عبر حسابه على "تويتر" في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

"الهوية السنية"

ويحاول مولوي تمرير رسائل سياسية عبر التأكيد على "الهوية السنية" في لبنان، مقابل محاولات ابتلاع هذا البلد من قبل "حزب الله" وحلفائه.

وفي خطوة تدل على ذلك، زيارة مولوي في 14 فبراير 2023 لقبر رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، بمناسبة ذكرى اغتياله.

وقال مولوي بعد وضع إكليل من الزهور على القبر، إن "خسارة الرئيس الشهيد رفيق الحريري خسارة وطنية، ومن اغتاله أراد اغتيال الدولة، ونحن نشدد على مسيرة إنقاذ لبنان من خلال (اتفاق) الطائف والوحدة الوطنية والتمسك بالدولة".

واغتيل رفيق الحريري في 14 فبراير/شباط 2005 جراء انفجار استخدمت فيه 1800 كلغ من مادة "تي إن تي"، مع 21 شخصا آخرين، بينهم وزير الاقتصاد باسل فليحان، الذي كان برفقته في سيارته.

وعام 2020، أدانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان غيابيا، سليم عياش، وهو عضو في "حزب الله" (حليف إيران والنظام السوري) بعملية الاغتيال، بينما برأت 3 متهمين آخرين ينتمون للحزب، ورأت أنه لا دليل على أن "قيادة الحزب" كان لها دور في الأمر.

ضبط الأمن والأخلاق

كما لا يتوانى مولوي في تأكيد تمسكه بالأخلاق العامة ورفض انتهاكها في لبنان، فقد عمل شخصيا على تشديد إجراءات الجهات التي تتبع وزارته لمنع الترويج للشذوذ الجنسي.

واستبق مولوي في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، نشاطا مرتقبا لهؤلاء ، عبر كتاب وجهه إلى كل من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام، أكد فيه على "منع أي مؤتمر أو لقاء أو تجمع يهدف إلى الترويج لظاهرة المثلية الجنسية".

وقال الكاتب اللبناني أحمد الأيوبي عن وزير الداخلية والبلديات، إنه "يقف في المساحة المشتركة بين الأمن والعدالة، ساعيا إلى الإمساك بزمام المبادرة لتوفير الأمان والاستقرار في ظل الانهيار بتداعياته الكبيرة على القوى الأمنية".

وفي مقابلة أجراها الأيوبي، مع مولوي لصالح موقع "نداء الوطن" نشر في 20 يناير/كانون الثاني 2023 قال وزير الداخلية إن "السنة في لبنان لا يأخذون صلاحيات غيرهم، بل يمارسون دورهم الدستوري، ولا نقبل أن يعتدي أحد على صلاحيات رئيس الحكومة الدستورية، وخاصة صلاحيته في وضع جدول الأعمال".

ويرفض مولوي أن تصطدم قوى الأمن بالناس خلال معالجة تداعيات الأزمة الاقتصادية وتكرار حوادث الاعتداء على المصارف والبنوك من قبل المودعين.

وقال الوزير إن "مهمة القوى الأمنية حماية الناس وليس قمعهم، وإذا تظاهر الناس أمام وزارة الداخلية، فأنا أفتح الأبواب لهم وأقول هذا بيتكم"، وفق ما نقل عنه "نداء الوطن" في 20 يناير/كانون الثاني 2023،

وتفرض المصارف اللبنانية منذ بدء الانهيار الاقتصادي عام 2019 قيودا مشددة على سحب الودائع، حتى بات من شبه المستحيل على المودعين التصرف بأموالهم، خصوصا تلك المودعة بالدولار أو تحويلها إلى الخارج.

وحول مستوى الأمن في لبنان قال لموقع "نداء الوطن" إن "الأمن مضبوط ومستوانا الأمني جيد قياسا بعواصم أوروبية، فمعدلات الجريمة في العام 2022 أفضل مما سبق في كل أنواع الجرائم، باستثناء النشل في الأماكن التي ينتشر فيها السوريون".