"قوات النمر".. مليشيا سورية استخدمت الكيماوي وزجت روسيا بها في معارك أوكرانيا

12

طباعة

مشاركة

برز اسم مليشيا "قوات النمر" السورية ضمن الجهات المتورطة بالهجمات الكيميائية على المدنيين في ريف العاصمة دمشق.

وهذه المليشيا يقودها العميد في قوات النظام سهيل الحسن، رجل روسيا الأول في سوريا، وقد أسسها عام 2012.

وخلص تقرير لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى "مبررات معقولة" تفيد بأن النظام السوري يقف وراء هجوم بالكلورين استهدف مدينة دوما بريف دمشق في 7 أبريل/نيسان 2018 وأسفر عن مقتل 43 شخصا وإصابة العشرات.

وقالت المنظمة في 27 يناير/كانون الثاني 2023، إن "مروحية واحدة على الأقل من طراز إم آي-8/17 تابعة للقوات الجوية العربية السورية انطلقت من قاعدة الضمير الجوية وكانت تعمل تحت سيطرة قوات النمر، أسقطت أسطوانتين صفراوين على مبنيين سكنيين وسط دوما".

وجاء في تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أن الأسطوانة الأولى "تفككت وأطلقت سريعا غازا ساما هو الكلورين بتركيزات عالية جدا".

"الأرض المحروقة"

آنذاك قاد العميد سهيل الحسن الذي تخرج في أكاديمية القوات الجوية السورية عام 1991، حملة عسكرية في 2018 على الغوطة الشرقية وهي تجمع مدن وبلدات ريف دمشق التي كانت أغلبها بيد المعارضة.

واتبع هذا "الضابط الدموي" المولود عام 1970 في قرية بيت غانا بريف اللاذقية، من أسرة علوية، سياسة الأرض المحروقة التي يستخدمها كتكتيك عسكري في استعادة المدن الخارجة عن سيطرة النظام السوري.

والحسن هو الضابط السوري الوحيد الذي فرزت له المخابرات الروسية حماية خاصة تتبع لها، ويقود مليشيا قوات النمر، قبل أن تستميله روسيا لصالحها ويصبح تابعا لها من ناحية التمويل والتسليح لقواته بمعدات قتالية متطورة وفعالة.

وحينها أسفرت الحملة على الغوطة الشرقية عن مقتل 1500 مدني، وسقطت بيد قوات رئيس النظام السوري بشار الأسد وجرى تهجير عشرات الآلاف من سكانها، بعدما استخدمت ضدهم جميع الأسلحة المحرمة.

وعلى رأسها استخدام السلاح الكيميائي بتاريخ 7 أبريل 2018، والتي أسفرت وفق المعارضة عن سقوط 80 قتيلا أغلبهم من النساء والأطفال.

وقبيل الهجوم على الغوطة، ظهر الحسن الملقب بـ "النمر" داخل أوساط المؤيدين للأسد، مطلع مارس/آذار 2018، مدعيا أن قواته ستقاتل حتى ظهور "المهدي المنتظر".

 ومضى يقول إنه "لا رجعة له لا إلى ابن ولا أم ولا أب ولا منزل، إلا أن يذل كل من يعادي بشار الأسد في هذا العالم".

كيف تأسست؟

كانت "قوات النمر" ذا طبيعة خاصة منذ تأسيسها بدعم من القوات الجوية الإيرانية في البداية، قبل أن تنمو مجموعاتها لتصبح أحد أكبر العناصر القتالية في ساحات القتال السورية، مع ما يقرب من 24 مجموعة تشكل جميعها وفق التقديرات حوالي 4000 عنصر، ولكل منها وحدات مدرعة ومدفعية متكاملة.

ومارست مليشيا "قوات النمر"، القتل والتهجير والتدمير بحق الشعب السوري، وتشكلت بالأساس لقمع المظاهرات السلمية ضد النظام في حماة.

ثم حينما بدأت تستقطب مجموعات قتالية من الطائفية العلوية باتت تقود اقتحامات على المدن الثائرة وترتكب مجازر بشعة، ومنها مجزرة بلدة التمانعة بريف إدلب عام 2012، التي قتل فيها حوالي 500 مدني.

ومن أبرز مجموعات "قوات النمر" المقاتلة: "فوج الهادي، وفوج طه، وفوج حيدر، وقوات الطرماح المحسوبة على المخابرات الجوية، وفوج شاهين"، ومعظم عناصر هذه المليشيات من المدنيين المتطوعين بعقود، وبتمويل ودعم لوجستي من روسيا.

وباتت روسيا منذ تدخلها عسكريا في 31 سبتمبر/أيلول 2015، لمنع سقوط نظام بشار الأسد، تشرف على "قوات النمر" التي لم تعد تتحرك ميدانيا في المعارك ضد المعارضة السورية وتنظيم الدولة إلا بإيعاز من موسكو التي كلفت ضباطها بالإشراف عليها حتى الآن.

ولهذا وفي محاولة من روسيا لنزع صفة المليشياوية عن "قوات النمر"، أطلقت ما يسمى "الفرقة 25- مهام خاصة" ضمن تشكيلات قوات النظام السوري، أواخر أغسطس/آب 2019.

وألغت بتلك الخطوة تسمية "قوات النمر" عنها مع إبقاء الدعم الروسي لها والتبعية العسكرية لقاعدة حميميم الجوية الروسية بريف اللاذقية التي تقود العمليات بسوريا.

وتروج روسيا للحسن الملقب بـ "النمر" بشكل دائم عبر الإعلام الروسي بأنه "القائد الذي لا يهزم".

إذ تهتم به قنوات روسية من ناحية تنقلاته وتركز عليه أثناء المعارك، لدرجة أن التسجيلات المصورة له تنشر في المنصات الإعلامية الروسية وليس تلك التابعة لنظام الأسد.

وكان الحسن الضابط الوحيد الذي حضر مع رأس النظام بشار الأسد حين جيء به للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة حميميم باللاذقية في ديسمبر/كانون الأول 2017.

ولطالما توعد "النمر" أهالي مناطق الشمال السوري الخارجة عن سيطرة الأسد بالموت، ومنها حينما وجه "كلمة لقادة مليشياته عبر جهاز اللاسلكي، مخاطبا أهالي الشمال السوري بقوله: "وعهدا بالله العظيم وقسما بنبيه الكريم لنجعلن موتكم جوابا لمن انتظر وعبرة لمن اعتبر".

تنكيل بالجثث

وفي 17 مارس 2020، حملت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، "الفرقة 25 مهام خاصة" الانتقام من المدنيين في محافظة إدلب خلال حملة عسكرية قادتها الفرقة لاستعادة مناطق من المعارضة.

وكشفت المنظمة في بيانها أنها حصلت على صور تظهر عناصر الفرقة وهم يطلقون النار على مدنيين ونكلت بجثثهم في البلدات التي استعادها النظام في محافظتي إدلب وحلب.

ووفقا لمنظمة "مع العدالة" التي تسعى إلى إحقاق مبدأ المساءلة ومنع الإفلات من العقاب لمجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وسوريا، فإن العميد سهيل الحسن "يتمتع بطائفية بغيضة وكلف بفض المظاهرات السلمية في بعض أحياء العاصمة دمشق وريفها".

كما أنه في محاولة من موسكو لتطعيم قوات النمر بعناصر من غير الطائفة العلوية، لجأت إلى استثمار عمليات التسوية الأمنية بين عناصر المعارضة السورية الذين قبلوا بالمصالحة مع النظام السوري ودمج بعض هؤلاء ضمن مجموعاتها.

وسمح هذا التكتيك الروسي بتدعيم محاور القتال التي تكلف بها روسيا "النمر" مثل عمليات تمشيط البادية السورية للقضاء على بعض خلايا تنظيم الدولة.

وفي العام 2020، فرضت وزارتا الخارجية والخزانة الأميركيتين، حزمة عقوبات جديدة على النظام السوري، من خلال إدراج عدة شخصيات داعمة له في حربه ضد السوريين، ومن بينهم سهيل الحسن.

استدعاء إلى أوكرانيا

وبعد أن عرفت "قوات النمر" بدمويتها تجاه الشعب السوري، قررت روسيا استدعاء مجموعات من عناصرها للقتال في أوكرانيا عقب غزوها في 24 فبراير/شباط 2022.

إذ أظهرت وثيقة سرية مسربة من قوات النظام السوري تحمل تاريخ 3 يناير 2023، تأكيد مشاركة "الفرقة 25 مهام خاصة"، التي يقودها اللواء سهيل الحسن، بمهمة خارجية لصالح روسيا.

وكانت الفرقة "25 - مهام خاصة"، أول من رفع الجاهزية القتالية على الأرض السورية، من قبل القوات الموالية لروسيا بعد غزو أوكرانيا.

إذ شارك "النمر" بدوره مع ضباط روس في تدريب أكثر من مئة عنصر على القفز المظلي في البادية السورية في يونيو/حزيران 2022.

وكانت هذه المرة الأولى التي يدرب فيها ضباط روس عناصر تلك الفرقة على القفز المظلي، الأمر الذي ربطه خبراء عسكريون بالتجهيزات لمعارك أوكرانيا.

وبحسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" نشرته في 19 أبريل 2022، فإن عناصر من قوات النمر، سجلوا للذهاب والقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا، وهم "جنود ومقاتلون متمرسون قاتلوا لسنوات ضد تنظيم الدولة في البادية السورية".

وأوضح التقرير أن عددا قليلا فقط وصل إلى روسيا للتدريب العسكري قبل الانتشار على الخطوط الأمامية.