انتقادات علنية.. ما أبعاد التوتر بين روسيا وحليفتها أرمينيا؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع أميركي الضوء على أبعاد التوتر بين روسيا وأرمينيا، والذي قاد يريفان إلى إلغاء المناورات العسكرية المقررة عام 2023، وتوجيه انتقادات علنية إلى موسكو.

وأوضح موقع "نيوزويك" أن الحكومة الأرمينية أعلنت في 10 يناير/ كانون الثاني 2022، رفضها استضافة مناورات عسكرية خلال عام 2023، في إطار "منظمة معاهدة الأمن الجماعي"، التي تقودها روسيا.

وجاء القرار على لسان رئيس الوزراء، نيكول باشينيان، الذي قال: "ترى أرمينيا أن من غير المناسب إجراء مناورات لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي هذه السنة".

وشدد رئيس وزراء أرمينيا على أن "هذه المناورات لن تحصل".

وأشار إلى أن بلاده أبلغت قرارها إلى إدارة التحالف العسكري، الذي أنشئ عام 2002 بعد التدخل الأميركي في أفغانستان، والذي يضم بيلاروسيا وأرمينيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان.

موقف سلبي

وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فقد وجه باشينيان انتقادات إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بسبب أن الوجود العسكري في إقليم "قره باغ" لا يخدم بلاده، وفق وصفه.

ووجه المسؤول الأرميني انتقادات للرئيس الروسي، لأنه "لا يقدم الدعم المطلوب" ليريفان في نزاعها مع جارتها أذربيجان، المدعومة بشكل كامل من تركيا.

وألقى باشينيان باللوم على المنظمة لـ"رفضها إدانة تصرفات أذربيجان"، وعلى روسيا أيضا لعدم الاضطلاع بدورها كـ"ضامنة لأمن أرمينيا".

وأوضح أن بلاده كانت "تتوقع أفعالا محددة من شركائها الروس وغيرهم، لكن قيل لها إن حدود أرمينيا وأذربيجان لم يتم ترسيمها بعد"، في إشارة إلى أن ما تراه أرمينيا داخل حدودها، لا تراه روسيا كذلك.

وذكر الموقع الأميركي أن "التوترات مازالت مستمرة بين أرمينيا وأذربيجان بعد أن انخرط البلدان في حرب استمرت ستة أسابيع عام 2020، انتصرت فيها أذربيجان، من دون ترسيم رسمي للحدود بين الدولتين حتى الآن".

وفي عام 2021، اتهمت أرمينيا أذربيجان باحتلال أراضيها، وطالبت "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" بإدانة باكو، لكن ذلك لم يحدث.

كما تتهم أرمينيا جنود حفظ السلام الروس المنتشرين في إقليم "قره باغ" بعدم التحرك بعد تعطيل حركة المرور على ممرّ "لاتشين" الرابط بين الإقليم والأراضي الأرمينية.

من جانبها، تنفي الحكومة الأذرية علاقتها بتعطيل الحركة في ممر لاتشين، مؤكدة أن قوات حفظ السلام الروسية هي التي أغلقت الطريق، وأن ناشطين مدنيين كانوا يشاركون في احتجاج ضد التعدين غير القانوني الذي يقوم به الأرمن في المنطقة.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج ميسون، مارك كاتز، أن "الشيء المهم الذي يجب ملاحظته هو أن باشينيان ألغى إجراء المناورات ليس لأنه يريد إنهاء دور روسيا في أرمينيا، بل كإشارة احتجاج على أنها لا تفعل ما يكفي لمساعدة أرمينيا في نزاعها مع أذربيجان، المدعومة من تركيا".

ووقفت أنقرة بجانب باكو في "حرب التحرير" عام 2020، حيث أمدتها بالأسلحة، وعلى رأسها مسيرات "بيرقدار" التركية ذائعة الصيت.

كما يؤكد المسؤولون الأتراك استمرار دعمهم لأذربيجان، إذ صرح وزير الدفاع، خلوصي أكار، في 22 ديسمبر/ كانون الأول 2022، أن تعاون بلاده مع باكو "مستمر في مجالات التدريب العسكري وتطوير الصناعات الدفاعية وإزالة الألغام والمتفجرات".

ودعا أكار أرمينيا للاستجابة إلى مبادرات السلام التي أقدمت عليها أذربيجان، مبينا أن أنقرة وباكو تسعيان لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة، وأن أذربيجان قامت بما يلزم في سبيل ذلك.

ورغم امتعاض أرمينيا من سلبية روسيا، يعتقد كاتز أن "المشكلة تكمن في أن موسكو ليست أبدا في وضع يُمَكِّنها من فعل الكثير لأرمينيا، مع تعثر قواتها في أوكرانيا".

عجز روسي

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن باشينيان قوله عن التقدم العسكري الأذري على الأرض عام 2021، إن "أرمينيا تنتظر إجراءات ملموسة من شركائها الروس".

وفي تصريحاته مؤخرا، شدد باشينيان على أن "كتيبة حفظ السلام الروسية يجب أن تضمن حركة طبيعية على ممر لاتشين".

وأوضح أنه "في الوقت الذي يتبين فيه فجأة أن روسيا عاجزة عن القيام بواجباتها، فإن بلاده ستلجأ إلى الأمم المتحدة".

ووفق موقع "نيوزويك"، فإن قرار باشينيان كانت له بعض المقدمات، منها رفضه التوقيع على إعلان قمة منظمة معاهدة الأمن الجماعي، أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وتجنبه الوقوف بجانب بوتين أثناء التقاط صورة جماعية لقادة المنظمة.

لكن يبدو أن موسكو تفاجأت بقرار رفض أرمينيا استضافة المناورات العسكرية، حيث إن وزارة الدفاع الروسية كانت قد أعلنت مطلع يناير 2023، أن أرمينيا ستستضيف التدريبات السنوية لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي عام 2023.

وبعد إعلان رئيس وزراء أرمينيا قراره، نقلت وكالة الأنباء الروسية عن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، قوله إن روسيا طلبت توضيحا من أرمينيا بهذا الشأن، مع وصفها بأنها "الحليف الوثيق" لبلاده.

فيما قال متحدث باسم منظمة معاهدة الأمن الجماعي، إنه تلقى إشعارا من وزارة الدفاع الأرمينية بشأن قرار عدم استضافة المناورات العسكرية لعام 2023.

وأشار إلى أن المنظمة تدرس مقترحات لإجراء المناورات في دولة أخرى.

غضب داخلي

وحسب الموقع الأميركي، فإن "هناك جدلا داخليا في أرمينيا، حول وجود القوات العسكرية الروسية في إقليم قره باغ، الذي ينتمي لأذربيجان، حسب القانون الدولي".

ففي 8 يناير 2023، نظم حزب "القطب الوطني الديمقراطي" مظاهرات، في مدينة غيومري الأرمينية، للمطالبة بانسحاب القوات الروسية المتمركزة في قاعدة عسكرية بالمنطقة.

وأفادت وسائل الإعلام المحلية اعتقال الشرطة الأرمينية لأكثر من 60 متظاهرا، وإغلاقها للطرق المؤدية إلى القاعدة العسكرية الروسية التي تحمل رقم 102، شمال غرب البلاد.

علاوة على ذلك، نقل موقع "أوراسيانيت" الأميركي أن رئيس الوزراء باشينيان وصف وجود القوات الروسية في أرمينيا بأنه "تهديد" لبلاده.

وقال باشينيان: "في الآونة الأخيرة، تبرر أذربيجان لشركائها الغربيين تصرفاتها العدوانية بأنها قلقة من وجود استعدادات أرمينية-روسية لشن عدوان مشترك ضدها، ولهذا تتخذ إجراءات وقائية".

وبعد أن وصف هذه الاتهامات بأنها "سخيفة"، قال باشينيان: "أود أن ألفت انتباه زملائنا الروس إلى حقيقة أنهم عندما يلتزمون الصمت، فهذا يعني أن وجودهم العسكري في أرمينيا لا يضمن أمننا، بل على العكس من ذلك، فهو يخلق تهديدا أمنيا لنا".

لكن أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج ميسون، كاتز، أنه "لو كان لدى باشينيان معضلة مع بوتين، فسيكون من الصعب عليه إيجاد دعم مماثل في أي مكان آخر".

وشدد على أنه "من المستبعد أن يدافع أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن أرمينيا في أي صراع مستقبلي".

وعلى هذا، فإن "دولة باشينيان ببساطة ليست في وضع يُمَكنها من الاستغناء عن علاقتها بروسيا"، يضيف كاتز.

وختم بالقول: "إذا انسحبت القوات الروسية من أرمينيا بالفعل، فإن يريفان ستكون أكثر عرضة للخطر".