الاقتصاد العالمي في 2023.. هذه أبرز التوقعات والملامح للعام الجديد

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة إسبانية عن التوقعات الاقتصادية العالمية لسنة 2023، وسط أزمات سياسية ومالية وبيئية وتوترات دولية لا تنتهي.

ومازال من غير الواضح إذا ما كانت البنوك المركزية قادرة على وقف ارتفاع الأسعار، في المستقبل، دون التسبب في أضرار جسيمة للاقتصادات، في بيئة تتسم بأقصى قدر من التقلبات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية.

وقالت صحيفة إلباييس، إن سجلات العقود الماضية أظهرت أن إجماع الاقتصاديين، على عكس الأسواق، غالبا ما لم يكن في محلّه؛ إذ إنهم لم يتوقعوا أيا من حالات الركود التي حدثت منذ السبعينيات.

ركود اقتصادي

في الوقت الراهن، يشير الإجماع نفسه إلى أن مزيج التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وضعف الاقتصاد الصيني وعدم اليقين الجيوسياسي لديه احتمالية كبيرة، بأكثر من 60 بالمائة، بأن ينتهي بها الأمر إلى الركود.

لهذا السبب بالتحديد، يقول البعض إنه إذا توقع الاقتصاديون حدوث ركود، فمن المرجح ألا يحدث.

وأضافت الصحيفة أن الخبراء الاقتصاديين أطلقوا على 2022 سنة التعافي الكامل بعد وباء كورونا ونهاية القيود والعودة إلى الحياة الطبيعية.

وانتهى الأمر بأن أصبحت سنة الحرب (في أوكرانيا) والتضخم وأزمات أسعار الطاقة والمواد الخام والجفاف والفيضانات.

علاوة على ذلك، كان 2022 بمثابة عام التحول النموذجي في البنوك المركزية، الغارقة في المهمة الصعبة المتمثلة في مكافحة التضخم بأي ثمن.

إذ أصبحت أسعار الفائدة التي كانت تقترب من الصفر شيئا من الماضي، وبدأت نهاية الطاقة الرخيصة والعولمة كما كنا نعرفها.

في هذا السياق، يقر إيف بونزون، مدير الاستثمار في البنك السويسري الخاص جوليوس باير، بأنه ليس من السهل إجراء التوقعات في ظل هذه الظروف.

ويؤكد أن "2022 كان عاما قاتما بالنسبة للتوقعات الاقتصادية، ولن يكون 2023 أسهل فيما يتعلق بمهمة قراءة ما يخبئه لنا".

عموما، يختزل السؤال الأساسي لعام 2023 في ما إذا ستكون البنوك المركزية قادرة على خفض التضخم؛ ليس فقط إلى هدفها البالغ اثنبن بالمائة.

ولكن إلى مستويات مقبولة دون التسبب في ركود، أو على الأقل دون أن يكون عميقا، وفي حين أن الاختلافات الإقليمية ملحوظة، فإن المخاطر عالية للغاية. 

فحص مدقق 

ونوهت الصحيفة إلى أن المحللين أصروا في البداية على أن التضخم كان مؤقتا ثم عابرا. لكن واجهت البنوك المركزية مستويات أسعار لم تشهدها منذ الثمانينيات مما دفعها إلى الرد برفع أسعار الفائدة، بنسبة كانت الأكثر ارتفاعا خلال هذه العقود الأربعة.

ووصلت هذه النسبة إلى 4.5 بالمئة في الولايات المتحدة، و2.5 بالمئة في أوروبا.  

وعلى الرغم من أن التضخم قد بدأ في الانخفاض في الأشهر الأخيرة في الولايات المتحدة وفي بعض دول منطقة اليورو، مثل إسبانيا، فإنه لا يزال على حاله في اقتصادات مثل ألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا.

وبدأ عدد كبير من الاقتصادات في أميركا اللاتينية، وكذلك في أوروبا الشرقية والوسطى، في رفع أسعار الفائدة للتعامل مع الضغوط التضخمية قبل فترة طويلة من نظرائهم في الاقتصادات المتقدمة.

والحقيقة أنه لم ينجح أي من هذه البلدان في كسر التضخم، لكن كان نشاطها بشكل عام أفضل مما كان متوقعا.

في الأثناء يتوقع الخبراء أن تنخفض الأسعار في المستقبل القريب، في حال تلاشي التقلبات في أسعار الطاقة والغذاء. لكن، لا يمكن استبعاد التوترات الجديدة في مجال الطاقة.

وبحسب إيدواردو كامبانيلا الاقتصادي في بنك يونيكريديت، فإن "سوق الغاز العالمي متوتر لدرجة أنه لن يكون قادرا على استيعاب أي زيادة تقريبا في الطلب الأوروبي العام المقبل (2023)".

ومع عدم وجود نهاية تلوح في الأفق للحرب في أوكرانيا، ستكون الأشهر المقبلة حاسمة لتحديد مستقبل أسعار الطاقة في الشتاء المقبل.  

وأشارت الصحيفة إلى عوامل أخرى ستساعد في الحفاظ على معدل التضخم مرتفعا لبعض الوقت.

وفي هذا المعنى، يوضح ستيفان هوفريختر، رئيس قسم الاقتصاد والإستراتيجية في شركة أليانز، أن هذه العوامل تتمثل في "الزيادات المتوقعة في الأجور في البلدان الرئيسة، وتجزئة الاقتصاد العالمي".

وهو ما يجعل سلاسل التوريد أكثر تكلفة ويقلل من المعروض من المنتجات الحيوية وغيرها، ومكافحة تغير المناخ، الذي يتسبب في ارتفاع أسعار الطاقة خلال الانتقال نحو نموذج أكثر استدامة وكفاءة، وفق قوله.

تشديد السياسات

وفي هذا السيناريو، فإن احتمال استمرار البنوك المركزية في تشديد السياسة النقدية طوال عام 2023 أكثر من منطقي.

ونوه التقرير إلى أن فترة الاعتدال العظيم أصبحت من الماضي، وهو ما يؤكده الاقتصاديون في معهد بلاك روك للاستثمار.

وفي هذا النظام الجديد،  لن تأتي البنوك المركزية لإنقاذ النشاط كما فعلت في الماضي؛ وهذا يعني أنها أعلنت بداية فترة الركود.  

من ناحية أخرى، تتوقع بعض البيانات تباطؤا في النشاط، مثل مؤشر مديري المشتريات، الذي كان أقل من مستوى 50 لعدة أشهر.

ومن المتوقع أيضا تحقيق انخفاض في الإنتاج الصناعي، والذي يولد انخفاضا في الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو وتباطؤا ملحوظا في الولايات المتحدة.

على الجانب الإيجابي من التحليل، يجدر تضمين قرار الصين الأخير بإنهاء سياسة مكافحة فيروس كورونا، على الرغم من أنه قد يتسبب في اضطرابات قصيرة المدى في النشاط العالمي.

وحتى الآن، عملت قوة سوق العمل على حماية الاقتصاد العالمي من الهبوط الصعب المحتمل.

وقد فاجأت هذه المقاومة العديد من الخبراء الذين توقعوا حدوث ركود في الاقتصادات الرئيسة في وقت مبكر من عام 2022.

لكن الزيادة في تكاليف التمويل بسبب الارتفاع في أسعار الفائدة والانخفاض في الدخل المتاح يمثل عائقا واضحا للنشاط.

ووفقا لحسابات مؤسسة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني، في حالة الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، فإن كل زيادة بنقطة مئوية في أسعار الفائدة تخفض الناتج المحلي الإجمالي بمقدار نصف نقطة.

وقد رفع البنك المركزي الأوروبي بالفعل أسعار الفائدة بمقدار 2.5 نقطة مئوية، بينما كانت في حدود 4.25 نقاط مئوية بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي.

وتؤكد وكالة التصنيف أن سوق العقارات تعاني بالفعل من عواقب التمويل الأكثر تكلفة، مع انخفاض في الاستثمار السكني بنسبة 8 بالمائة.

وعلى الرغم من اختلاف التوقعات من مؤسسة تحليلية إلى أخرى، فإن الإجماع يشير إلى أن الركود في الولايات المتحدة يمكن أن يكون في حدود ناقص 0.5 بالمائة.

بينما سيكون الركود في منطقة اليورو والمملكة المتحدة أعمق (بين -1.5 بالمائة و -2 بالمائة) بسبب التأثير الأكبر لأزمة الطاقة والعلاقات التجارية مع روسيا.

في حالة الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، جرى استبعاد الركود، لكن، يقدر الخبراء أن اقتصادها سيكون عند مستويات منتصف عام 2021 بحلول عام 2023، بعد ما يقرب من عامين من النمو المفقود بسبب إدارة جائحة كورونا.