ناصر بن حمد.. السادس بترتيب ولاية عهد البحرين الأول من جهة إسرائيل

داود علي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

الأمير ناصر بن حمد آل خليفة هو الابن المفضل للملك البحريني حمد بن عيسى، فهو المعني بتنفيذ خطة والده بعناية شديدة، ويتقلد مهام بالغة الأهمية في المنامة.

ويجرى هذا في ظل صراع مستتر مع أخيه غير الشقيق ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة، للسيطرة الكاملة على جهاز الأمن والاستخبارات البحريني.

ذلك ما أوردته مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المختصة بشؤون الاستخبارات في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2022، إذ نشرت تقريرا يتحدث عن تدرج "ناصر بن حمد" في مواقع السلطة داخل البحرين، وعلاقته المتقدمة بقطاع الأمن السيبراني الإسرائيلي.

وقالت: "رغم كونه السادس في ترتيب ولاية العهد، هناك تنافس محموم بينه وبين أخيه غير الشقيق ولي العهد سلمان بن حمد، للتحكم في مفاصل السلطة، وامتلاك أدوات القوة من جيش وأمن واستخبارات". 

والدافع الرئيس للأمير المعروف أكثر باسم "الشيخ ناصر" هو تفضيل والده له، وكونه ظهيرا رئيسيا للأمير في مساعيه وطموحه اللامحدود نحو قصر الحكم.

وبحسب تقرير نشره موقع "بحرين ليكس" في 25 مايو/أيار 2022، يتخطى ناصر بسهولة وبشكل متكرر أخاه غير الشقيق سلمان بن حمد ولي العهد ورئيس الوزراء والركيزة الثانية لسلطة الملك وصاحب النفوذ الكبير في الدولة العميقة في البحرين.

ويشرف الأمير سلمان على أجهزة المخابرات البحرينية وهو على علاقة جيدة بمختلف قطاعات وزارة الدفاع.

ومع ذلك فإنه يعاني في الديوان الملكي من العلاقة الخاصة بين والده والشيخ ناصر، ولذا فعليه أن يجلس ويشاهد تصاعد شعبية أخيه.

ويهرع الدبلوماسيون ورجال الأعمال وضباط الجيش والمستشارون إلى الأماكن القليلة التي يظهر فيها الأمير ناصر في الأماكن العامة مثل نادي الركبي البحريني الشهير.

وقد استفاد ناصر من مواءمة مصالح البحرين مع آل نهيان في أبوظبي، كما أسس للتقارب البحريني مع إسرائيل حتى توقيع اتفاقية "أبراهام" التطبيعية عام 2020.

البداية والصعود

ولد ناصر بن حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، في 8 مايو 1987 بمدينة الرفاع بالبحرين، وهو الابن الرابع للملك حمد بن عيسى، من زوجته الكويتية شيمة بنت حسن الخريش العجمي.

تلقى تعليمه الأولي في المملكة، ثم انتقل إلى المملكة المتحدة، وفي أغسطس/آب 2006، أنهى دراسته في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، التي تخرج فيها كبار حكام وملوك الخليج.

بدأت خطواته القيادية داخل الترتيبية الإدارية للدولة في سبتمبر/أيلول 2010، عندما شغل منصب، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة. 

لكن الخطوة الأهم حدثت في 19 يونيو/حزيران 2011، عندما أصدر الملك حمد بن عيسى آل خليفة أمرا ملكيا بترقيته إلى رتبة عقيد، وعينه قائدا للحرس الملكي بقوة دفاع البحرين، وهو منصب رفيع للغاية، ودلل على مدى ثقة الأول بابنه ناصر. 

وقد شهدت السنوات المتتالية زيادة نفوذ ورسوخ قدم الأمير الشاب، حتى صار من أقوى رجال الدولة بلا منازع حقيقي سوى أخيه ولي العهد سلمان بن حمد. 

وفي 5 أكتوبر/تشرين الأول 2018، صدر قرار ملكي بترقيته إلى رتبة لواء. وبعدها بعام، أصدر الملك أمرا ملكيا بتعيين اللواء الركن ناصر بن حمد آل خليفة مستشارا للأمن الوطني البحريني.

وفي 5 يوليو/تموز 2020، أصدر الملك أمرا ملكيا بتعيين الأمير ناصر، أمينا عاما لمجلس الدفاع الأعلى البحريني. 

وإضافة إلى هذه المناصب الرفيعة، أسند إليه منذ أبريل/نيسان 2021، مهمة رئاسة مجلس إدارة الشركة القابضة للنفط.

استعراض قوة

في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، قاد الأمير ناصر التمرين العسكري المشترك بين البحرين والإمارات.

وشكل هذا الحدث فرصة له ليظهر قوة نفوذه داخل جهاز الأمن البحريني، لا سيما أمام رئيس الإمارات محمد بن زايد الذي كان حاضرا في البحرين بهذه المناسبة.

ليس هذا فحسب، فهو الذي قاد المحادثات السرية مع إسرائيل (بشأن التطبيع)، وأشرف بالكامل على التدخل العسكري ضد الحوثيين في اليمن.

تلك المهام الصعبة جعلت ناصر شخصية رئيسية داخل أجهزة الأمن والاستخبارات البحرينية.

لكن دوره الأمني بدأ قبل زمن، عندما شارك في قمع احتجاجات دوار اللؤلؤة في فبراير/شباط 2011، والتي قادها جزئيا شيعة البحرين الذين يشكلون أغلبية.

بعد ذلك استخدم الأمير الصاعد الأمن كوسيلة لتأمين نفوذه داخل نظام الحكم الملكي في البلاد. 

وكان هذا من أسباب دوافع والده لتعيينه قائدا للحرس الملكي وهي وحدة النخبة في "قوة دفاع البحرين" التي تتألف إلى حد كبير من جنود باكستانيين وأردنيين.

لكن تعيينه عام 2019، مستشارا للأمن القومي ثم في العام التالي أمينا عاما للمجلس الأعلى للدفاع، جعله يطلق خطته لقيادة السياسة الخارجية للمملكة على محورين، أولهما محاربة الحوثيين في اليمن، والثاني تهميش قطر في المنطقة.

وتأتي محاربته للحوثيين في ظل معرفته القوية بحضور النفوذ الإيراني في البحرين حيث تحتفظ طهران بشبكات نفوذ تابعة لها داخل المجتمع الشيعي في الدولة الخليجية.

وكانت طهران تعد البحرين بمثابة المحافظة الإيرانية الرابعة عشرة لها بين عامي 1957 و1971.

مهندس التطبيع

وفي 7 سبتمبر 2020، ذكرت صحيفة "دياريو 16" الإسبانية أنه بعد استضافة وفود جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" في مكتبه في الديوان الملكي، استورد الشيخ ناصر عددا كبيرا من المعدات الإلكترونية الإسرائيلية التي ترتكز عليها إستراتيجية المملكة. 

شملت تلك المعدات برنامج التجسس التابع لمجموعة NSO الإسرائيلية الذي شكل نقلة نوعية للتقارب الأمني بين البحرين وأبوظبي، رغم استخدامه للتجسس على العديد من البحرينيين.

ونتيجة لذلك، تمكن ناصر من الحصول على معلومات مهمة من الإمارات، التي تجسست بين عامي 2020 و2021 على العديد من وزراء حكومة الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي بالإضافة إلى العديد من الأمراء والمسؤولين القطريين.

وأضافت الصحيفة الإسبانية، "أنه مع سياسته التي تتسم بالواقعية والنهج الليبرالي الاقتصادي، أصبح ناصر نقطة الاتصال في البحرين مع محمد بن زايد ومستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد".

كما عمل على إعادة صياغة السياسة الأمنية الإقليمية مع كل من إسرائيل والإمارات والولايات المتحدة، وفق الصحيفة.

وتزوج الأمير ناصر عام 2009 من شيخة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، إحدى بنات أمير دبي، ما ساعده على بناء علاقات شخصية في الإمارات. 

ويقف الأمير البحريني إلى جانب السعودية في حربها في اليمن، ويتصل بشكل مباشر مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رغم اختلافه مع الأخير حول رفع الحصار المفروض على قطر.

أمير الأعمال 

بعد أن أصبح ناصر رئيسا للشركة القابضة للنفط والغاز الملحقة بوزارة النفط والذراع الحكومية لتنويع مصادر الطاقة البحرينية في أبريل 2021، أجرى العديد من الإصلاحات في الشركة لمواكبة المرحلة الانتقالية لقطاع الطاقة في البحرين.

وأشرف على أصول النفط والغاز في البلاد مثل "شركة نفط البحرين Bapco". وإلى جانب الإستراتيجية الاقتصادية للمملكة، يمتلك ناصر، كغيره من أمراء الخليج، صندوق استثمار خاصا به يتمثل في شركة "لإنفينيتي كابيتال" لتعزيز مصالحه الشخصية في الخارج.

ويدير عبدالله الزين المعروف شركة الأمير ناصر منذ إنشائها عام 2010 وقد عينه أيضا رئيسا لـ "شركة نفط البحرين" في أكتوبر 2021. 

ويواصل الزين الاستثمار في أوروبا نيابة عن الأمير ناصر واضعا جل اهتمامه على قطاعات النفط والرياضة.

إذ يعرف الشيخ ناصر بشغفه الرياضي الذي طوره بعد أن عانى من عقدة الوزن الزائد خلال سنوات المراهقة. وقد بدأ العديد من الاستثمارات في قطاع الرياضة منذ عام 2010. 

واستعان عام 2013 بالمستشار السلوفيني ميلان أرزن لتأسيس فرق الفروسية الخاصة به ثم فريق البحرين لركوب الدراجات النارية في 2016. 

كما استحوذ عبدالله الزين نيابة عن الأمير ناصر في عام 2019 على نادي قرطبة الإسباني.

وفي عام 2020 حصل على حصة 20 بالمئة من نادي "باريس إف سي" الفرنسي لكرة القدم. 

ليكون الأمير ناصر أشبه بالفيل داخل القصر الملكي البحريني من حيث ثقل النفوذ وتعدد المهام، ورسوخ القدم.