حلال في تركيا حرام بألمانيا.. هذه رؤية برلين لمبدأ الانقلاب على السلطة
تزامنا مع فشل محاولة انقلابية هشة وغامضة وبلا دماء في ألمانيا نددت بها كل الأحزاب والقوى الأوروبية، استذكرت صحيفة تركية مواقف برلين المشينة تجاه انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016 الذي وقع في تركيا وسقط فيه 252 قتيلا وآلاف الجرحى.
وأكدت صحيفة "يني عقد" أنه بينما غضت ألمانيا الطرف عن الدماء التركية بل شككت في المحاولة الانقلابية، أقامت الدنيا بسبب ما تدعي أنها محاولة انقلاب فاشل يقف وراءها عدة أشخاص لا يملكون أية قوة أو تأثير.
ازدواجية معايير
وأعلنت السلطات الألمانية صباح 7 ديسمبر/ كانون الأول 2022، اعتقال مجموعة يمينية متطرفة خططت لاقتحام مبنى البرلمان، والاستيلاء على السلطة، تضم 25 متطرفا ينتمون إلى تنظيم "مواطني الرايخ" (رايخسبرغر) النازية.
وأكدت الاستخبارات العسكرية الألمانية أن من بين المعتقلين سليلا للأسرة الإمبراطورية يُدعى هنري الثالث عشر، يبلغ من العمر 71 عاما، وكان له دور محوري في خطة الانقلاب.
أكثر من ثلاثة آلاف عنصر أمني من بينهم وحدات النخبة لمكافحة الإرهاب شاركوا في عمليات الدهم والاعتقال، فيما وصفته وسائل إعلام ألمانية بأنها واحدة من أكبر عمليات الشرطة التي شهدتها البلاد.
واستهدفت عمليات الدهم بشكل أساسي أعضاء تنظيم "مواطني الرايخ" الذين يشتبه في "تنفيذهم استعدادات فعلية لاقتحام البرلمان الألماني بدعم من مجموعة مسلحة"، حسبما جاء في بيان النيابة الألمانية.
وأشارت الصحيفة التركية إلى حملة المداهمات الواسعة التي نفذتها ألمانيا على خلفية محاولة الانقلاب وشملت أكثر من 130 موقعا بينها ثكنات عسكرية.
وفي إطار الحملة تمت مداهمة 137 نقطة تتعلق بـ52 مشتبها في 11 ولاية مختلفة في الساعة 06:00 صباحا.
وشارك في العملية قرابة 3000 من عناصر قوات الأمن، وُجِدت بينهم فرق مدججة بالأسلحة الثقيلة والقوات الخاصة الألمانية.
وبالإضافة إلى المداهمات في ألمانيا، تم إجراء عمليات اقتحام أيضا في منطقة كيتزبوهيل النمساوية وفي بيروجيا بإيطاليا.
وفي النهاية تم إلقاء القبض على 22 مواطنا ألمانيا بتهمة الانتماء إلى "منظمة إرهابية".
ومع ذلك كانت ألمانيا أشد المعترضين على الإجراءات التي اتخذتها السلطات التركية على خلفية محاولة انقلاب 15 يوليو/ موز 2016، والتي شملت توقيف أشخاص لهم صلة بمنظمة "فتح الله غولن" التي تصنفها تركيا "إرهابية".
كما اتهمت أنقرة برلين بأنها تساهلت في إيواء عناصر من منظمة غولن مسؤولين عن الانقلاب، إلى جانب انفصاليين ينتمون لـ"حزب العمال الكردستاني"، الذي تصنفه تركيا وألمانيا أيضا "إرهابيا".
نفاق ألماني
وتعجبت الصحيفة التركية من إمكانية قيام 52 "أحمقا" بانقلاب ورأت أن الأمر يستلزم قوى خارجية.
ولفتت إلى أنه تم اتهام 3 أجانب بينهم شخص روسي الجنسية يدعى "فيتاليا ب." بتقديمهم الدعم لهذا التنظيم.
ولفتت الصحيفة إلى أن هناك عديدا من الأسئلة لا تطرح في ألمانيا فيما يتعلق بهذه المحاولة الانقلابية، من قبل من هو هنري الثالث عشر، لأن عند البحث يتضح أنه وكيل عقاري.
وتهكمت قائلة إن ألمانيا نجت بالكاد، ولو لم يتم ملاحظته في وقت مبكر، لكان هذا "الانقلاب العقاري" قد نجح، وكادت أن تكون ألمانيا "مستملكة عقارية".
وأضافت: بالعموم الحمد لله أنها لم تنجح.
وأشارت الصحيفة إلى موقف ألمانيا من واقعة محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا.
وقالت: هل تذكرون ما قاله هؤلاء بخصوص محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز، والتي سارت فيها الدبابات على الطرق، وأمطرت الطائرات المقاتلة القنابل، واستشهد فيها المئات من مواطنينا في تركيا؟
وأضافت مستنكرة: أطلقوا عليها اسم "صيد الساحرات".
وقالوا إن "حزب العدالة يسكت الأصوات المعارضة ويؤثر على القضاء على خلفية محاولة الانقلاب..".
واتهمت الصحيفة السلطات الألمانية بالنفاق، فهي أقامت الدنيا لأجل محاولة انقلاب فاشلة لديها حاول تنفيذها 52 شخصا وفشلوا.
بينما غضوا الطرف عن محاولة انقلاب 15 يوليو/ تموز، التي تحتوي على 41 قضية رئيسة و3969 متهما.
أولئك الذين يدعون أن الجيش الألماني سيستسلم لضابط واحد غير معروف رتبته.
يشككون في الانقلاب الدموي الذي بدأ بدعم من 150 جنرالا وأدميرالا من مختلف قطاعات الجيش التركي، والذي احتجز فيه رئيس الأركان العامة وقادة الجيش التركي كرهائن، ولا يكتفون بهذا وحسب، بل يقومون بإيواء المتآمرين.
واختتم الصحيفة مقالها بالقول: "ليت الظروف متساوية، فلو كانت كذلك لقمنا بإيواء الفارين إثر محاولة الانقلاب العقاري الفاشلة".