الإمارات تقرر والعليمي ينفذ.. "الانتقالي الجنوبي" يتجه للسيطرة على حضرموت

12

طباعة

مشاركة

في خطوة تمهد الطريق أمام المجلس الانتقالي الجنوبي للسيطرة على محافظة حضرموت شرق اليمن، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، جملة من التعيينات الجدلية في السلطة المحلية.

وفي 6 ديسمبر/كانون الأول 2022، أصدر العليمي تعيينات بوادي وصحراء حضرموت وقيادة المنطقة العسكرية الأولى في مدينة سيئون لصالح المجلس الانتقالي الانفصالي المدعوم إماراتيا.

تضمنت القرارات تعيين القيادي بقوات النخبة الحضرمية الموالية للإمارات العقيد ركن عامر عبدالله محمد بن حطيان، أركان حرب المنطقة العسكرية الأولى، وتعيين العقيد الركن ناصر صالح محمد حسين الوادعي أركان حرب اللواء 135 مشاة.

 بالإضافة إلى تعيين وكيل لوزارة الإدارة المحلية ووكيل لمحافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء من أبناء حضرموت، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ".

قرارات العليمي أطاحت بأركان حرب المنطقة العسكرية الأولى، العميد يحيى أبو عوجاء، الذي يتهمه "الانتقالي" بالتبعية لحزب الإصلاح (إسلامي) والفريق علي محسن الأحمر نائب الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي.

وجاءت القرارات بعد أقل من يومين على عودة العليمي إلى عدن، قادما من أبو ظبي التي زارها في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 لمدة 4 أيام.

توجيهات إماراتية 

وعيّن العليمي بقرار جمهوري، عصام حبريش الكثيري وهو شخصية القبلية والسياسية البارزة، ، وكيلاً لوزارة الإدارة المحلية لقطاع تطوير السياسات المحلية.

وجاء التعيين بعد أشهر من إقالته من منصبه كوكيل لمحافظة حضرموت لشؤون مديريات الوادي والصحراء، من قبل عضو مجلس الرئاسة، فرج البحسني، إثر خلافات بين الرجلين.

كما شملت القرارات تعيين عامر سعيد سالم العامري المنتمي لحزب المؤتمر الشعبي العام، وكيلاً لمحافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء.

وتشكل تلك المنطقة الجزء الأكبر من مساحة المحافظة الغنية بالنفط، وتمتد من حدود محافظة المهرة أقصى شرقي البلاد وصولاً إلى منفذ الوديعة البري مع السعودية.

وجاءت القرارات بعد أيام على لقاء تشاوري عقد في مدينة سيئون في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2022، دعا له قائد قوات التحالف في المدينة، المقدم ضيف الله المطيري، وضم قيادة السلطة المحلية وقائد المنطقة العسكرية الأولى وشخصيات سياسية وقبلية لتدارس المستجدات.

وأيضا بعد دعوات لاعتصامات يخطط مناصرون لـ"المجلس الانتقالي" لتنظيمها في مدينة سيئون، للمطالبة بإخراج المنطقة العسكرية الأولى، ضمن حملة تصعيد بدأها المجلس قبل أشهر بهدف إسقاط المحافظة.

وتخضع محافظة حضرموت لسيطرة الحكومة الشرعية، بينما تسيطر قوات إماراتية على مطار "الريان" في المكلا، كما تدعم قوات النخبة الحضرمية الموجودة في المدينة نفسها.

وتضم حضرموت منطقتين عسكريتين، من إجمالي سبع مناطق عسكرية في اليمن، وهي المنطقة العسكرية الأولى في سيئون، والمنطقة العسكرية الثانية في المكلا، وتعد بكامل قوامها القتالي كونها بعيدة عن الصراع مع مليشيا الحوثي.

وتعد المنطقة العسكرية الثالثة بمحافظة مأرب، والمنطقة العسكرية الأولى في سيئون المصنفتان بالولاء لحزب الإصلاح ذي التوجه الإسلامي، الذي تعاديه أبو ظبي والمليشيات التابعة لها، من أهم المناطق العسكرية في اليمن.

ويرى مراقبون أن تعيين قيادات عسكرية من ذات المنطقة ومحسوبة على طرف ما يؤكد خضوع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، لضغط إماراتي سعودي.

ويتضح ذلك من تغيير أركان حرب المنطقة السابق واللواء 135 مشاة، علي أبو عوجاء، بصفته مرفوضا إماراتيا ويصنفه "الانتقالي" محسوبا على حزب الإصلاح.

تمهيد لـ"الانتقالي

وأثارت قرارات رشاد العليمي، ردود أفعال واسعة، إذ عدّ البعض أنها تهيئ البلد للتقسيم من خلال تسليم المحافظات الجنوبية للمحسوبين على المجلس الانتقالي والذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله.

وقال وزير النقل اليمني السابق، صالح الجبواني، في تغريدة على تويتر إن "إحدى نتائج زيارة العليمي للإمارات تفكيك المنطقة العسكرية الأولى بمباركة سعودية، والبداية تعيين ضباط من أبناء حضرموت في قيادة المنطقة يتبعون الانتقالي".

ورأى متابعون أن ما جرى استكمال للقضاء على كل المكونات العسكرية التابعة للجمهورية اليمنية في المناطق الجنوبية والشرقية، والتي تستفرد بها مليشيات محسوبة على الإمارات والسعودية.

وبالتالي تبقى حضرموت لقمة سائغة لإعادة تقسيمها؛ واستكمال السيطرة على الموانئ والجزر والمناطق الإستراتيجية.

وقال الصحفي الحضرمي عبدالجبار الجريري، إن "قرارات المجلس الرئاسي الأخيرة في حضرموت تأتي كنتيجة طبيعية للضغط الشديد الذي مارسه المجلس الانتقالي منذ توقيع اتفاق الرياض".

 وأضاف لـ "الاستقلال": "المجلس الانتقالي طالب منذ اتفاق الرياض بإخراج المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت ومارس كل أنواع الضغوط على المجلس الرئاسي".

كما أنه استفاد من دعم الإمارات لتحقيق مطلبه، وحاول بعد أحداث شبوة الأخيرة التقدم بقواته صوب وادي حضرموت لكن بتوجيهات سعودية توقف عن التقدم ولجأ للتصعيد الإعلامي والشعبي.

وينص "اتفاق الرياض"، على حل الوضع العسكري في عدن والمناطق الأخرى التي شهدت مواجهات بين الطرفين.

وذلك بعد تشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب يشارك فيها المجلس الانتقالي، بموجب الاتفاق الذي وقع في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، مع الحكومة الشرعية برعاية سعودية، بهدف حل الخلافات بين الطرفين.

ورغم تشكيل حكومة مناصفة مع المجلس الانتقالي في 18 ديسمبر/كانون الأول 2020، وإعلان مجلس القيادة الرئاسي، في 30 مايو/أيار 2022، تشكيل لجنة أمنية وعسكرية لإعادة دمج وهيكلة القوات المسلحة، لم يُحرز أي تقدم ملحوظ في مسألة تنفيذ الشق العسكري من الاتفاق.

وأضاف الجريري لـ"الاستقلال"، أن "قرار المجلس الرئاسي مختطف من قبل دول إقليمية تحديدا الإمارات التي تمول وتدعم المجلس الانتقالي.

لذلك سيستمر المجلس الرئاسي في إصدار قرارات تلبي طموحات الانتقالي وتسهل له استكمال خطته في إسقاط وادي حضرموت ثم محافظة المهرة. 

سيناريو مكرر

وتابع الجريري: "عبر الانتقالي منذ مدة عن رغبته في السيطرة على وادي حضرموت وطرد قوات الجيش الوطني، ويبدو أننا أمام سيناريو شبيه بسيناريو شبوة وسقطرى".

وكما يتضح فإن قرارات المجلس الرئاسي الأخيرة تأتي في اتجاه تمهيد الطريق للانتقالي للسيطرة على وادي حضرموت دون خسائر ومعارك. 

واستدرك بالقول: "لكن ينبغي الإشارة إلى وجود كيانات حضرمية لها ثقلها كحلف حضرموت ومرجعية قبائله ومؤتمر حضرموت الجامع، وقد نشاهد تحركات لهذه المكونات خلال الأيام القادمة".

ويهدف ذلك إلى الضغط على المجلس الرئاسي لتمكين أبناء حضرموت في القطاعات الأمنية والعسكرية وهو ما لا يرغب بحدوثه الانتقالي.

 وقد يؤدي هذا التحرك الحضرمي لإفشال خطة الانتقالي الرامية لإسقاط وادي حضرموت.

وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2022، تظاهر الآلاف من أبناء حضرموت في مدينة سيئون ثاني أكبر مدن المحافظة رافعين أعلام "دولة حضرموت"، وفق تعبيرهم.

ونظمت التظاهرة استجابة لدعوة أطلقتها قيادات من قبائل "آل الكثيري"، كبرى القبائل الحضرمية.

ورفع المحتجون أعلاما وشعارات تطالب بكيان حضرمي مستقل، على خلفية التهديدات المتواصلة التي يطلقها المجلس الانتقالي للسيطرة على المحافظة.

في 13 أغسطس، أصدر رشاد العليمي قرارا بتعيين العميد الركن فائز منصور سعيد قحطان لقيادة المنطقة العسكرية الثانية التي تقع في منطقة ساحل حضرموت.

وكان العميد قحطان قبل تعيينه يشغل منصب قائد لواء الدفاع الساحلي، الذي يتبع ما يعرف بـ"قوات النخبة الحضرمية" التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.

وفي هذا تمكين واضح للقوى المدعومة من الإمارات للسيطرة على مديريات وادي وصحراء حضرموت الغنية بالنفط.

وتأتي التعيينات الأخيرة بالتزامن مع تصاعد تحركات "الانتقالي" المطالب برحيل قوات المنطقة العسكرية الأولى على خلفية أصولها الشمالية، أو كما يطلق عليها "قوات الاحتلال اليمني".

ويتهم المجلس الانتقالي تلك القوات بموالاة حزب الإصلاح  وعلي محسن صالح نائب الرئيس السابق، وهو ما تنفيه تلك القوات.

ويسعى الانتقالي الجنوبي للتوجه شرقا نحو محافظتي حضرموت والمهرة، بعد سيطرته على أغلب مناطق محافظة أبين وجميع مناطق محافظة شبوة، في أغسطس/ آب 2022.