وفاة 21 بحريق بناية في غزة.. لماذا يتهم ناشطون الاحتلال بالمسؤولية؟

12

طباعة

مشاركة

21 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء تلاحقت أرواحهم تباعا وضمتهم الأكفان وشيعهم الآلاف وآوتهم القبور، بعدما طالت ألسنة اللهب أجسادهم وخنقت أنفاسهم، إثر اندلاع حريق كبير في بناية سكنية لعائلة أبو ريا بمعسكر جباليا شمالي قطاع غزة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وزارة الداخلية في غزة، أوضحت أن التحقيقات الأولية في الحادث تشير إلى وجود مادة البنزين مخزنة بكمية كبيرة داخل البناية، ما أدى إلى اندلاع الحريق بشكل هائل ووقوع عدد من حالات الوفاة؛ مبينا أن "كل من كان في المنزل ماتوا، ولم يبق أحد".

وبعد يوم من الحريق شيع آلاف الفلسطينيين شمالي القطاع جثامين ضحايا الحريق عقب صلاة الجمعة، بينما خيم الحزن الشديد على المناطق كافة، وأدى آلاف المصلين في المسجد الأقصى صلاة الغائب على أرواحهم.

كما أعلنت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في القطاع "الحداد الوطني العام".

وفي تصريحات إعلامية، قال مسؤولون بالدفاع المدني الفلسطيني، إن الجهاز لم يتم تحديث سياراته ومعداته والأدوات التي تستخدم في مختلف الأحداث والكوارث؛ بسبب الحصار الإسرائيلي، كما خسر العديد من المعدات خلال الحروب السابقة.

ويعاني سكان قطاع غزة المتخطي عددهم مليوني نسمة، أوضاعا اقتصادية ومعيشية صعبة جراء الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أعلن الاحتلال القطاع "كيانا معاديا" في سبتمبر/أيلول 2007، فيما رفضت حركة المقاومة الإسلامية حماس الاعتراف بإسرائيل كثمن لرفع الحصار.

ومن جانبهم، حمل ناشطون على تويتر الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية الحريق المأساوي، بفعل جريمة الحصار وسياسات التجويع ومنع إدخال المواد وقطع الكهرباء التي يفرضها على القطاع، وهو ما يضطر الأهالي لتخزين الوقود والبنزين اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية.

وأشاروا عبر تغريداتهم على وسوم عدة أبرزها #حريق_جباليا، #ارفعوا_الحصار_عن_غزة، إلى أن الاحتلال يفرض الحصار على غزة منذ 15 عاما لأنها جبهة الدفاع عن المقدسات ومجابهة الكيان، وتحمل هم الجهاد وتحرير البلاد، وترفع راية المقاومة، وتحبط مؤامرات تهويد القدس.

وأوضح ناشطون أن الحصار الخانق يضيق على غزة، ويعيش سكانها وضعا مأساويا ووجعا موصولا، مؤكدين على وجوب تداعي الجميع لمثل هذه الفاجعات والكوارث التي تحل بالقطاع والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لفك الحصار. 

واستنكروا منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال معدات الدفاع المدني من خراطيم ضغط المياه المخصصة لسيارات الإطفاء، وغيرها من الأدوات الأخرى، ولفتوا إلى أن معدات الإطفاء متهالكة وبطيئة ومهترئة، داعين إلى تطوير الجهاز بالمعدات والكوادر.

وعد ناشطون السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، وأتباعها، المسؤول الثاني عن الحريق الهائل الذي شهدته غزة، بالإضافة إلى كل النكبات التي يتعرض لها الأهالي لتواطؤها مع الاحتلال وتنسيقها الأمني معه ومحاصرتها للقطاع إلى جانب الاحتلال.

واستنكروا سير أعضاء حركة التحرير الوطني "فتح" في جنائز من قتلوا جراء الحصار، وعدوهم شركاء في الجريمة مع الكيان على حد سواء.

وتداولوا صورا ومقاطع فيديو تظهر التشييع المهيب لجثامين ضحايا الحريق، وقائمة بأسمائهم وأعمارهم، وأخرى لمشاهد مؤلمة من وداعهم والمشاركات الواسعة في صلاة الجنازة عليهم، مواصلين تقديم التعازي والنعي للضحايا.

تنديد بالحصار

وتفاعلا مع الواقعة، أكد السياسي العراقي طارق الهاشمي أن مأساة الحريق الكبيرة ما كانت لتحصل لو توفرت وسائل دفاع مدني كافية وحديثة، لكنه الحصار الجائر المفروض على غزة منذ 16 سنة، الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي وسكت عنه العرب، ولا عزاء لأهلنا المحاصرين.

وعدت مريم أبو جزر الاحتلال المسؤول الأول والأخير عن هذه المصيبة التي حلت بآل ريا، بسبب الحصار ومنعه من إدخال معدات حديثة لجهاز الدفاع المدني.

وقال المستشار المصري السابق لدى الرئاسة أيمن الصياد، إن حريق قطاع غزة الذي أودى بحياة 21 فلسطينيا، بعد أن فشلت قوات الدفاع المدني في التعامل معه (لنقص الإمكانات)، هو باختصار دليل آخر على وحشية الحصار الإسرائيلي للقطاع المستمر منذ ستة عشر عاما.

وأرجع الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني السبب المباشر وغير المباشر لمعظم حوادث الحريق في قطاع غزة، إلى الحصار الإسرائيلي.

وأوضح أن أهم مسببات حوادث الحريق هو انقطاع التيار الكهربائي، ضعف معدات جهاز الدفاع المدني، الفقر والبطالة، قائلا، لذلك فإن الهدف الأول والأخير هو العمل على إنهاء الحصار الظالم بكل الوسائل والسبل.

وكتب الصحفي السوري قتيبة ياسين: "في غزة حفروا لعائلة واحدة 21 قبرا.. هذه العائلة انتظرت عودة ابنها المسافر، وعندما اجتمعت للاحتفال به اشتعلت مادة البنزين في المنزل وأحرقت الجميع.. يخزن أهالي غزة البنزين لتشغيل مولدات الكهرباء بسبب انقطاعها المستمر نتيجة الحصار الإسرائيلي، هذا البنزين عبارة عن قنبلة موقوتة".

تضامن ورثاء

وأعرب ناشطون عن حزنهم وتضامنهم مع العائلة المنكوبة في قطاع غزة، داعين لهم بالرحمة وأن يلحقوا بالشهداء.

ونشر الصحفي نضال الوحيدي صورة لمنزل عائلة أبو ريا، قائلا: "في هذا المنزل  لم  يبق  لا  الطير  ولا  البشر  ولا مرتدي الملابس التي علقت لتنشف بعد غسلها".

وأردف: "لم  يكتمل عيد  ميلاد  ولا  فرحة  العودة  من  السفر  بعد  الغياب، وطارت  للسماء  تحلق  أرواح  واحد  وعشرين  كانوا قد  اجتمعوا  ليفرحوا  قبل  أن  تشتعل  بهم  النيران".

ونشر خالد صافي صورا جوية من تشييع ضحايا الحريق في جباليا شمال قطاع غزة داخل مقبرة الشهداء.

ونقل محمد سعيد نشوان عن طبيب قوله إنه رأى جثث الضحايا بـ18 كفنا وعددهم 21، وحاول الاستفسار فقيل له هذه الثلاثة أكفان فيهن 6 ضحايا، ثلاث أمهات في حضن كل واحدة منهن أصغر أولادهن.

وعقب قائلا: "الأطفال كانت آخر أنفاسهم وهم بحضن أمهاتهم".

عباس متهم

وسخر ناشطون من بث بعض المنتسبين لحركة فتح شائعات وأخبار كاذبة عن تراخي الدفاع المدني وعدم استجابته السريعة للتعامل مع الحريق، واستباقهم لنتائج التحقيقات، مشيرين إلى أنها ورئيسها عباس أحد أدوات الحصار المفروض على غزة.

وقالت ميسون عباس، إن سلطة رام الله وبتعاون وثيق مع الاحتلال قطعوا الكهرباء والغاز وافتعلوا الأزمات وقطعوا الرواتب ومخصصات الفقراء، وحرموا غزة من الحياة، وشاركوا بتعذيبها وإقصائها لأجل أن يعودوا إلى حكمها.

وقال الصحفي والناشط الإعلامي محمد الشريف: "فتح وكوادرها صابرون على نتائج التحقيق باغتيال ياسر عرفات، منذ 18 عاما، ومش صابرين على نتائج التحقيق بحادث حريق جباليا 18 ساعة".

واقترح جمعة الغول على سلطة فتح توجيه سيارات الدفاع المدني التي وجهت لإطفاء حريق الصهاينة، قبل فترة، إلى غزة لتستفيد منها بدل اللطم على ضحايا الحصار الذي هم أداة من أدواته.

ونشر خبير شؤون الجماعات الإسلامية حذيفة عزام صورة لرجال سلطة أوسلو يصلون صلاة الغائب على ضحايا الحريق، ساخرا بالقول: "وفروا صلواتكم وارفعوا الحصار عن غزة".

وعلق: "خمسة عشر عاما ونصف وهم يقتلون أهل غزة ويخنقونهم ويمنعون عنهم أسباب الحياة، بل صرح أحد كبرائهم لو أمكننا قطع الهواء عن غزة فسنفعل، واليوم يصلون عليهم صلاة الغائب!! كقاتل يذرف دموع التماسيح على من قتل ويصلي عليه ويمشي في جنازته ويدفنه ويؤبنه!!".