نداء إلى كوب 27.. صحيفة إيطالية تكشف أسرار "المذبحة المناخية" في كينيا

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة إيطالية إن كينيا تعيش أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاما، تسببت في نفوق آلاف الرؤوس من الماشية والحيوانات البرية، وجوع ما يقرب من 4.5 ملايين شخص، ثلثهم على الأقل من الأطفال. 

واستنكرت صحيفة "نيغريسيا" أن الحلول المقترحة من قبل الرئيس الجديد ويليام روتو لمواجهة آثار التغيرات المناخية "متأخرة وليست صديقة للبيئة".

جحيم المناخ

وذكرت "نيغريسيا" بأنه في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، خصصت صحيفة "ديلي نيشن" الكينية الملحق الأسبوعي لقمة المناخ المنعقدة خلال الفترة من 8-18 نوفمبر 2022 في مدينة شرم الشيخ بمصر (كوب 27)، بعنوان "من داخل المذبحة المناخية في كينيا". 

وتضمن الملحق ثماني صفحات من البيانات والمعلومات، مع مقال رئيس بعنوان "هل يمكننا الخروج من هذا الجحيم؟.. أزمة المناخ في عصرنا". 

وأورد كذلك مجموعة من الشهادات من أشخاص عاديين حول تأثير تغير المناخ على حياتهم اليومية. 

في هذا الصدد، قال جون نجوغونا، وهو مزارع، إنه "قبل بضع سنوات جمع ما بين 18 إلى 25 كيسا من الذرة في فدان من الأرض، ما يزيد قليلا عن 4 آلاف متر مربع، لكنه لا يستطيع الحصول اليوم على كيسين من زراعة نفس الفدان؛ بسبب النقص التدريجي في هطول الأمطار".

وأضاف أنه "لا يقدر أن ينتج ما يكفي لإطعام أسرته، ولم يسبق له أن رأى في منطقته معاناة عائلات الفلاحين من الجوع".

ويعيش جون في مقاطعة نيانداروا، وسط كينيا، بعيدا عن المناطق القاحلة وشبه القاحلة في الشمال والساحل، حيث تقل الأمطار بشكل كبير. 

بينما تعيش "حواء محمد" في مقاطعة غاريسا، وهي مربية ماشية تشتكي أنه "قبل عامين كان لدي 35 رأسا من ماعز وغنم، نجا خمس منها فقط، بينما أدى الجفاف إلى نفوق باقي القطيع".

"الوضع ليس أفضل في المدينة"، بحسب شهادة إستير وانجا، المقيمة في كيبيرا، أكبر حي فقير في العاصمة نيروبي، بعد أن فقدت كل ممتلكاتها بسبب الفيضانات غير المتوقعة.

وقالت وانجا: "قبل بضع سنوات كنا نقوم مع حلول موسم الأمطار بحماية ممتلكاتنا القليلة، ولكن على مر السنين أصبح هطول الأمطار غير متوقع بشكل متزايد، لذلك أصبحنا غير قادرين على الحفاظ على ما نملك". 

وأضافت "بعد كل فيضان نحصي الموتى أيضا، وأخبرتنا منظمات المجتمع المدني أن كل هذا ناجم عن تغير المناخ". 

وتوقفت التقارير المحلية كذلك عند ظاهرة الحرائق التي أضحت على مر السنين متكررة ولا يمكن السيطرة عليها.

ومن بين المناطق الأكثر تضررا، المتنزهات الوطنية في أبيردار التي تسكنها قطعان الأفيال، وكذلك جبل كينيا.

يذكر في هذا الصدد أن أسوأ حريق في البلاد اندلع في أكتوبر/تشرين الأول 2022 بمقاطعة ماكوينى استمر لبضعة أسابيع، وأتى على ما يقرب من 5 كيلومترات مربعة من الغابات.

أخطر أزمة

وتضمن الملحق في الصحيفة الكينية صورا معبرة، بما في ذلك جثة فيل صغير هاجمها سرب من النسور.

من جانبها، قدمت وزيرة السياحة، بينينا مالونزا، بيانات عن نفوق حيوانات برية نتيجة أسباب مرتبطة بالجفاف خلال الأشهر الأخيرة.

وقالت مالونزا إن "الظاهرة تسببت في نفوق 512 رأسا من حيوان النو، و430 من الحمير الوحشية، و205 من الأفيال، و51 من الجاموس".

كما حل نفس المصير بالآلاف من الماشية والحيوانات البرية الأخرى.

مقال آخر في الملحق علق على تأثير أزمة المناخ على الأطفال، وأكد بشكل خاص على الآثار الناجمة عن الصدمات وسوء التغذية على التطور النفسي الجسدي والمعرفي.

وأكدت الصحيفة الإيطالية أن "الوضع الذي وصفته الصحيفة الكينية اليومية ومقالات وتقارير أخرى لا حصر لها نشرتها وسائل الإعلام في الأشهر الأخيرة، مقلق ومأساوي فيما يتعلق بآثار الجفاف".

ووفقا للبيانات الرسمية، قرابة عشرين محافظة من 23 واقعة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة في البلاد، تعاني من أخطر أزمة مناخية، وبالتالي غذائية خلال الـ40 عاما الماضية".

وذكرت أن حوالي 4.5 ملايين شخص في حاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم  ما لا يقل عن 1.4 مليون طفل. 

وأشار عدد من الخبراء والناشطين، إلى أن "الأزمات المتكررة لا يتم مواجهتها بسياسات موثوقة وفعالة، كما لا يتوقعون وقوع تغيير حاسم ضروري للتخفيف من تأثيراتها".

وذكرت الصحيفة الإيطالية أن "الحكومة التي صرفت انتباهها لفترة طويلة للتركيز على الحملة الانتخابية، حشدت أخيرا لمجابهة هذه المظاهر خاصة إعلاميا". 

وأشارت إلى أنه في أوائل نوفمبر 2022، زار الرئيس الجديد ويليام روتو مقاطعة توركانا، ربما الأكثر تضررا، وساهم في توزيع المساعدات الغذائية وناشد المانحين الدوليين، كما أطلق برنامج دعم للمزارعين. 

وأضافت أن "نائب الرئيس فعل الشيء نفسه في مقاطعة كاجيادو قرب نيروبي". 

وشرحت الصحيفة أن "تدخلهم كان يهدف بالتأكيد إلى تنشيط حملة المساعدات التي كانت تضعف، على ما يبدو، بسبب التأخير والفساد". 

كارثة وطنية

وذكرت "نيغريسيا" أن "رئيس أساقفة نيري الكاثوليكي استنكر علانية، نهاية أكتوبر 2022، عدم وصول المساعدات التي خصصتها الحكومة إلى المحتاجين".

وفي 10 نوفمبر 2022، دعا مجلس أساقفة كينيا، خلال مؤتمر صحفي، الحكومة إلى إعلان الجفاف في البلاد "كارثة وطنية".

واقترحت الحكومة الجديدة بعض المسارات لمعالجة انعدام الأمن الغذائي، ومن بين التدابير الأولى التي تمت الموافقة عليها الإذن باستخدام البذور المعدلة وراثيا. 

وذكرت الصحيفة الإيطالية أن "كينيا هي خامس دولة في القارة تخضع لضغوط الشركات متعددة الجنسيات التي تمتلك براءات الاختراع".

وأضافت نيغريسيا أن "الإجراء الآخر، الذي دعا إليه نائب الرئيس، يتمثل في استئناف الزراعة في الغابات، وهو ما أدى إلى إزالتها وسهل الاستيطان غير القانوني في هذه المناطق التي تشكل رئة البلاد من قبل عشرات الآلاف من العائلات".

وأثارت الإجراءات المقترحة ضجة بين النشطاء المحليين المهتمين بالحفاظ على البيئة والموارد الإستراتيجية والتنوع البيولوجي في البلاد.

وشارك الرئيس روتو في الدورة الـ27 لمؤتمر المناخ، وخلال الافتتاح، ألقى خطابا "حادا" بصفته رئيس لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة بشأن تغير المناخ.

ومن بين الموضوعات التي أثارها إمكانات القارة للتنمية المستدامة، والحاجة إلى حماية الموارد البيئية، وتطوير التقنيات الخضراء. 

كما ذكر المندوبين بالالتزامات التي تعهدوا بها في الماضي للتخفيف والتكيف، وحث على تخصيص موارد أكبر من تلك المرصودة للبلدان الأكثر تضررا، ولا سيما تلك الموجودة في إفريقيا.

وخلصت الصحيفة إلى أن تدخل الرئيس الكيني بمثابة "نداء قوي سيكون أكثر مصداقية لو تم التعامل مع أزمة المناخ بطريقة أكثر تماسكا وحزما واستدامة في كينيا أولا".