الانقلاب الثاني خلال عام.. إلى أين تسير أزمة الحكم في بوركينا فاسو؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة جون أفريك الفرنسية عن الانقلاب العسكري الذي قاده الضابط إبراهيم تراوري في بوركينا فاسو، وإعلان الرئيس المتنحي العقيد بول هنري داميبا، عقد اجتماعات وطنية يومي 14 و15 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

على أثر الاجتماعات، سيجرى تعيين رئيس للمرحلة الانتقالية في بوركينا فاسو التي كانت قد مُنيت في مُستهل أكتوبر بانقلاب عسكري يعد الانقلاب الثاني خلال 2022.

وفي 30 سبتمبر/أيلول 2022، أطاح تراوري برفيقه السابق، اللفتينانت كولونيل بول-هنري داميبا، بعد أن اتهم الأخير بعدم الوفاء بتعهده بالقضاء على التمرد الذي تشهده بوركينا فاسو منذ عام 2015.

سباق زمني

وتساءلت الصحيفة في هذا السياق عما إذا كان منصب "الرئيس المؤقت للمرحلة الانتقالية" سيزيح القائد السابق العقيد سانوغو داميبا من المشهد السياسي في بوركينا فاسو. 

خاصة أن هذه الفكرة تلقى صداها داخل عدد من أفراد الجيش وكذلك الرأي العام في البلاد، تقول الصحيفة.

وأصبح الكابتن إبراهيم تراوري، الذي يقال عنه إنه كان تلميذا ذكيا وخجولا، أحدث ضابط يستولي على السلطة في انقلاب عسكري في بوركينا فاسو.

ولد تراوري عام 1988، أي أنه يبلغ من العمر 34 عاما، ما يجعله أصغر زعيم دولة في إفريقيا، ويضعه في مصاف قائدَي الانقلاب الآخريَن في القارة حاليا.

وقال الكابتن تراوري لمسؤولي حكومة بوركينا فاسو: "أعلم أنني أصغر من معظمكم هنا. إننا لم نكن نريد ما حدث، لكن لم يكن أمامنا خيار".

وخلال فترة حكم داميبا، تزايد عدد الهجمات التي تشنها عناصر على صلة بتنظيمي الدولة والقاعدة وتمكنوا من انتزاع السيطرة على أراض في مناطق ريفية وحاصروا بعض المدن.

وأضحت الدولة تسيطر على 60 فقط من مساحة البلاد، وفق بعض التقديرات.

تشير جون أفريك إلى أن المرحلة القادمة في بوركينا فاسو عبارة عن سباق مع الزمن بدأ في العاصمة واغادوغو منذ صدور مرسوم رئاسي أعلن عن عقد عدد من الاجتماعات الوطنية في 14 و15 أكتوبر.

وتأتي هذه الاجتماعات بعد ثلاثة أسابيع من الانقلاب الجديد الذي أطاح بالعقيد بول هنري داميبا.  

هل سيكون يومان كافيين لضمان اتفاق "القوى الفاعلة" في بوركينا فاسو على نص ميثاق الانتقال واختيار من سيكون رئيس الدولة الجديد؟ 

وفي الساعات الأخيرة، بدأت الاستعدادات على أي حال في عاصمة بوركينا فاسو.  

تضم اللجنة المنظمة، داخل وزارة الإدارة الإقليمية، حوالي ثلاثين عضوا، تحت إشراف العقيد الرائد سيليستين سيمبوري.   

هذا الضابط، الذي جاء من الهندسة العسكرية وأصبح نائب رئيس الأركان العامة للجيوش تحت رئاسة القوى الداعمة لـ "داميبا"، اختار الانقلابيون أن يعهدوا بإدارة هذه الاجتماعات له.

تسلمت القوات الفاعلة في البلاد، بطاقة الدعوة الخاصة بها والتي ستخولها بالمشاركة في هذه الاجتماعات. 

سيكون هناك أعضاء من الحركة الوطنية للعمل والإصلاح (MPSR) بالطبع، وأيضا ممثلون عن قوات الدفاع والأمن، والطبقة السياسية، والمجتمع المدني.

وأيضا سيحضر متطوعو جبهة الدفاع عن الوطن (VDP) وهي تتكون من المساعدين لقوات الجيش أنشئت عام 2019، والمنظمات العرفية والدينية، وكذلك ممثلون عن كل منطقة من مناطق البلاد وفي المهجر.

 يوضح "آلان دومينيك زوبجا"، زعيم حزب بوركينا فاسو (اشتراكي ثوري) بالقول إن: "العقيد تراوري مهتم بلا شك بتعزيز الطبيعة الشاملة لهذه الفترة الانتقالية الجديدة". لكن السؤال: هل ستستجيب الأحزاب السياسية للدعوة؟ 

 انتفاضة شعبية

 لقد أجاب المؤتمر من أجل الديمقراطية والتقدم (CDP) بالإيجاب، أي أنه سيحضر فعاليات الاجتماعات يومي 14 و15 أكتوبر.  

وعن ذلك قال رئيسه إيدي كومبويغو إنه "إذا تمت دعوة حزب المؤتمر الديمقراطي (إلى الاجتماعات الوطنية)، فإنه سيشارك". لكن ماذا عن الحركة الشعبية من أجل التقدم (MPP)؟   

تقول الصحيفة: "كانت هذه الحركة السياسية في السلطة حتى سقوط روش مارك كريستيان كابوري في يناير/كانون الثاني (2022) لكن وقع إبعادها- في عهد داميبا- عن الجولات الأخيرة من المحادثات التي جرى تنظيمها في فبراير/شباط مباشرة بعد انقلاب داميبا- واليوم، والآن نوى الانقلابيون الجدد تنحيتها من جديد عن الاجتماعات".

وهناك الحركة الشعبية من أجل التقدم وهي عضو في الجبهة الوطنية، التي تضم حوالي ثلاثين حزبا ومنظمة مجتمع مدني، والتي كانت رائدة في الإعلان، في 10 أكتوبر، عن مذكرة تهدف إلى توجيه مسار الانتقال.   

وتدافع في هذا الصدد عن مبدأ ميثاق انتقالي جديد، "على أساس الدروس المستفادة من مواثيق الدول الشقيقة مالي وغينيا كوناكري"، واقترحت اعتماد دستور جديد. 

ينتهز أعضاء الجبهة الوطنية الفرصة لتحية "الانتفاضة الشعبية المنتصرة" في الثاني من أكتوبر 2022، والتي "أدت إلى نهاية النظام الانتقالي غير الشرعي" الذي كان سائدا مع داميبا. 

 تقول الصحيفة إنه وفقا لمصادرها، لم يكن العديد من أفراد الوفد المرافق للعقيد تراوري ضد أي تأخير إضافي للحصول على وقت لإعداد هذه الاجتماعات بشكل أفضل.

الحركة الوطنية للعمل والإصلاح، بوصفها أحد المشاركين في هذه الاجتماعات، شعرت بالإحراج في الأيام الأخيرة، وفقا لأبولينير كيليم دي تامبيلا، المحامي والكاتب السياسي البوركينابي. 

فهم يرغبون في بقاء الرئيس الجديد- إبراهيم تراوري- في منصبه، ويعلمون أن بإمكانهم الاعتماد على دعم جزء من الجيش والرأي العام، الذين حشدوا في الشوارع لصالح الانقلابيين، وقلبوا ميزان القوى ضد داميبا.

ومن بين مؤيدي المجلس العسكري الجديد، حركة "أنقذوا بوركينا فاسو"، بقيادة مامادو درابو، التي غالبا ما توصف في أواغا- القصر الرئاسي- بأنها الذراع المدنية للحزب الجمهوري، ولكن أيضا تنسيقية الناشط السياسي "باسكال زايدة" من أجل انتقال ناجح (CNTR).   

شعار "الجميع مع إبراهيم تراوري" المتواتر الحديث عنه في الجمهور السياسي البوركينابي يُحمس قائد الانقلاب بشكل كبير.

إذ دعت العديد من منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك جمعية القادة المواطنين (ACLE)، إلى التعبئة خلال أيام عقد الاجتماعات، من أجل إقناع العقيد الانقلابي- تراوري- بالبقاء في السلطة. 

ماذا سيفعل "تراوري"؟   

بعد أيام قليلة من الانقلاب، أكد أنه سيبقى في السلطة فقط لفترة كافية للتعامل مع "الوضع الراهن".   

هل ينسحب بضغط من أنصاره ويقبل بمنصب رئيس المرحلة الانتقالية أم يختار التنحي أمام مدني كما تطالب الجبهة الوطنية بالفعل؟ تتساءل الصحيفة.

 يحلل مصدر عسكري الوضع في صفوف الداعمين العسكريين لـ تراوري ويقول إن  "الضباط الشباب لن يتراجعوا أبدا، فهم يريدون من العقيد تراوري أن يقود الانتقال وهذا على الأرجح ما سيحدث". 

وأردف "إنهم يعتبرون أن داميبا انحرف عن خريطة الطريق الخاصة به وقرروا إعادة الأمور إلى سابق عهدها".

ويقول "أطيح بداميبا من قبل نفس الأشخاص الذين وضعوه على رأس حزب الحركة الاشتراكية السوفيتية".

تضيف الصحيفة الفرنسية أنه وفقا لبعض مصادرها فإنه "من غير المستبعد أن تؤول قيادة المرحلة إلى العقيد النافذ إيمانويل زونجرانا، الذي اعتقل في 10 يناير من قبل قوة روش مارك كريستيان كابوري بسبب الاشتباه في أنه يتآمر ضده".  

 لا يزال زونجرانا خلف القضبان اليوم وتستمر محاكمته. وتقول الصحيفة، إن العقيد تراوري هو الذي سيواصل قيادة المرحلة الحالية، خاصة أن أحد أعضاء دائرته المقربة صرح بأنه : "نعم، سيقود الانتقال".

ويضيف المحلل السياسي يوسوف مايغا في هذا السياق: "لن يكون هناك إجماع على أي شخص سواء كان مدنيا أو عسكريا على أي حال". 

و"لتجنب الشكاوى والشعور بانتصار فريق على الآخر، ربما سـيكون من الحكمة الحفاظ على القائد الشاب، إبراهيم تراوري"، وفق رأيه.

وتابع: "سيكون قادرا على أداء مهمته المتمثلة في تأمين البلاد وتكليف شخص مدني مقبول والذي يمكن أن يكون نائبه أو رئيس وزرائه، بالمسائل السياسية والاقتصادية، وفقا للأجندات التي ستقترحها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا".