"مسمار أخير في نعش حكمك".. سعوديون يحذرون ابن سلمان من إعدام العلماء

12

طباعة

مشاركة

عاد ملف إعدام معتقلي الرأي في سجون السعودية الذين اعتقلهم محمد بن سلمان بعد فترة وجيزة من تنصيبه وليا للعهد قبل خمس سنوات، إلى الواجهة مرة أخرى، بعد أنباء عن عزم النظام تنفيذ إعدامات. 

وأخيرا رفع القضاء السعودي أحكام السجن بحق عدد من الدعاة، منهم الشيخ ناصر العمر، الذي غلظت عقوبته إلى السجن 30 سنة، والشيخ عبد الرحمن المحمود إلى 25 سنة، والشيخ عصام العويد إلى 27 سنة، والشيخ إبراهيم الدويش إلى 15 سنة.

ويتزامن تصدر ملف الإعدامات في السعودية، مع إشادة رموز النظام بنجاح وساطة ولي العهد لدى روسيا بالإفراج عن 10 أسرى من المغرب وأميركا وبريطانيا والسويد وكرواتيا، بدعوى تبنيه "المبادرات الإنسانية". 

وذلك في وقت تفتقر سياسات ابن سلمان، بحسب الناشطين/ لأي وجه من أوجه الإنسانية، إذ يعاني محكومون بالإعدام وعلى رأسهم الداعية سلمان العودة وعلي العمري وعوض القرني من ظروف صحية سيئة فضلا عن تعرضهم للتعذيب داخل محبسهم.

وفي هذا السياق، أطلقت منظمة سند الحقوقية (مقرها لندن)، حملة #لا_لاعدام_العلماء_وتغليظ_الاحكام، مشيرة في سلسلة تغريدات لها على حسابها بتويتر، إلى أن ما تقوم به السلطات هو محاكمة المعتقل بذات التهمة مرتين، ثم تصدر أحكامها المشددة على قضايا سبق للمعتقلين أن أنهوا محكوميتهم فيها.

ولاقت الحملة تفاعلا واسعا بين الناشطين على تويتر، إذ شكك ناشطون في نزاهة القضاء السعودي، واتهموا ولي العهد ببسط سيطرته على الجهات القضائية والتمهيد لحملة الإعدامات، بإجراء تغييرات حساسة في هيكل القضاء للسماح بتمريرها.

كما اتهموا ابن سلمان بالعمل على القضاء على مخالفيه لضمان بقائه على رأس السلطة، وضمان تمرير سياساته التي يعمل على فرضها على المجتمع منذ وصوله لولاية العهد من خلال الزج بكل مخالفيها والرافضين لها في السجون، مستنكرين تغليظ الأحكام عليهم.

واستنكر ناشطون إزاحة الكثير من قامات المجتمع والمؤثرين، واستبدالهم بما يطلق عليهم اليوم علماء السلطان، والمطبلين والذباب الإلكتروني ومروجي سياسات ابن سلمان لملء الفراغ الذي خلفه تغييب الشرفاء خلف القضبان ومحاربة علمهم وشطب أسمائهم. 

استنهاض الهمم

وتفاعلا مع الحملة، ذكر عضو رابطة علماء المسلمين الحسن بن علي الكتاني، بأن علماء الجزيرة العربية بذلوا النفس والنفيس فكان من نتاج دعوتهم خير كثير عم الأرض، داعيا إلى رفع الصوت بالدفاع عنهم قبل أن يسمع خبر ضرب رقابهم ولات حين مناص.

من جانبه، أكد الكاتب السوري الدكتور أحمد موفق زيدان، أن "علماء الأمة هم ريحانتها وشمسها وقمرها وضياؤها، والله إننا لنشعر أن حياتنا أظلمت باعتقالكم، على الرغم من بركة الموجودين".

وقال: "لن ترتاح هذه الأمة، وأنتم وراء القضبان، واجب الوقت حديث الكل عنكم، فقد دخل علمكم النافع كل بيت".

فيما ناشد محمد همام، كل المسلمين الشرفاء، لإنقاذ الأبرياء الشرفاء الذين أرادوا النهضة والعزة للأمة ووقفوا مواقف الرجال ولم ينزلوا على رأي الفسدة ولم يقبلوا الدنية في دينهم، من إجرام ابن سلمان الذي وصفه بأنه "عدو الله وعدو الدين".  ونشر المغرد إبراهيم، صورة تجمع أبرز معتقلي سبتمبر الدكتور سلمان العودة، والشيخ عوض القرني، ود. علي العمري، داعيا إلى المشاركة في نصرتهم ولو بكلمة.

تحذير ووعيد

واستنكر ناشطون تغليظ الأحكام الصادرة بحق عدد من العلماء والدعاة ومعتقلي الرأي، وأعربوا عن رفضهم لأي مساس بهم، وطالبوا بالإفراج الفوري عنهم دون أي قيد أو شرط، وحذروا من تبعات تصعيد النظام ضدهم.

وحذرت الكاتبة والناشطة الحقوقية والسياسية علياء أبو تايه الحويطي، من أن أي مساس بالعلماء يعد بمثابة المسمار الأخير في نعش حكم ابن سلمان.

وأكد القائم على حساب معتقلي الرأي المعني بمواكبة أخبار المعتقلين في المملكة، إن تغليظ الأحكام التي تحدث بحق معتقلي الرأي، هو بمثابة الحكم على ذات الشخص مرتين بنفس التهمة.

وأضاف أن هذا يخالف القوانين والأنظمة الدولية والمحلية، ومواثيق حقوق الإنسان، موضحا أن هذا الإجراء التعسفي طال العديد من المعتقلين.

وكتب الإعلامي المصري أسامة جاويش: "عار على حكام السعودية أن يكون خيرة علماء الأمة داخل السجون وأن يصبح تركي آل شيخ (مستشار الديوان الملكي ورئيس هيئة الترفيه) هو واجهة المملكة".

أبو منشار

وصب ناشطون غضبهم على ولي العهد السعودي ووصفوه بـ"أبو منشار" وذّكروه بدوره في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في تركيا في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وغيرها من الجرائم التي ارتكبها لضمان وصوله لكرسي العرش.

وقالت الأكاديمية السعودية المعارضة حنان العتيبي، إنه لا يصدر مثل ما تصدره محاكم السعودية إلا من قبل الحكام الظلمة الذين عرفوا أنهم وصلوا إلى نهاية حكمهم وليس أمامهم إلا القضاء على مخالفيهم لبقائهم على الحكم لكن لا يعرف أن (دماء المظلومين) سيعجل نهايتهم.

وأكد الكاتب والباحث أكرم حجازي، أن العلماء هم ورثة الأنبياء، وليسوا عبيد السلاطين، قائلا: "لا يعتقل العلماء أو يهدد بإعدامهم أو يعدمهم، بلا ذنب ارتكبوه، واستحق العقوبة الشرعية الملائمة، إلا طاغية جاهل معاند وفاسد ومفسد في الأرض".

وكتب ولد طنيفان العتيبي: "مبس (ابن سلمان) أبو منشار زعيم الإرهابيين في جزيرة العرب وقاتل سفاح هو من أمر بقتل جمال خاشقجي وتقطيع جسده داخل قنصلية المجرم أبو منشار في إسطنبول بتركيا". وأشار القائم على حساب نحو الحرية، أن ابن سلمان لا يفرج عن العلماء لأنه جبان يخشى من كلمة الحق يقولوها تزلزل أركانه.

مهزلة القضاء

كما هاجم ناشطون القضاء السعودي وقضاته وشككوا في نزاهتهم واتهموهم بالموالاة لابن سلمان وتنفيذ أوامره، متداولين صورا تجمع عددا منهم ممن شاركوا في مهزلة إصدار الأحكام المغلظة بحق معتقلي الرأي.

وقال القائم على حساب الديوان، إن التدخل في القضاء السعودي أصبح ظاهرا شاهرا بعد أن كان بالتلميح والإيحاء، والقضاة يتم سجنهم رغم إجرامهم لكنهم لم يشفوا صدر ابن سلمان، ومجرمي النيابة يحلون مكانهم فلا ذمة ولا ضمير ولا مروءة، والخافي من تغليظ الأحكام أكثر ولكن الأهالي صامتون.

ونشر أحد المغردين صورا هزلية لابن سلمان، وعلق قائلا: "ما شفت أغبى من الطاغية أبو جرافة (أبو منشار سابقا) الجميع يعلم أن محاكمة قتلة خاشقجي مجرد مسرحية قام بها سلمان زهايمر (العاهل السعودي) لحماية الدلوع لكن مع إصدار هذا الانقلابي للقضاة بتغليظ الأحكام على المعتقلين هو دليل صريح على أن القضاء غير نزيه أمام العالم". وأكد القائم على حساب سعوديات معتقلات، أن السلطة القضائية تستخدم كأداة لقمع النشطاء، ووسيلة لخنق حرية التعبير ومنع أي رأي يعارض توجهاتها. ونقل صاحب حساب مفتاح، عن مجلة "إيندكس سينسورشب" المتخصصة بالرقابة على حرية التعبير في العالم، قولها إن "ابن سلمان يستخدم المحكمة الجزائية المتخصصة لاستهداف حرية التعبير على الإنترنت، وهو بذلك يفسد القضاء ضد الجمهور، ويقلب الدولة في نهاية المطاف ضد مواطنيها".