قانون الانتخابات الجديد.. هكذا يعزز "الحكم الأوحد" لقيس سعيد في تونس
.jpg)
سلطت مجلة فرنسية الضوء على القانون الانتخابي الجديد الصادر من طرف الرئيس التونسي قيس سعيد في 15 سبتمبر/أيلول 2022، ويتضمن دعوة المواطنين لانتخابات تشريعية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022.
وقالت "جون أفريك" إنه "كان أمام السلطة التونسية مهلة حتى 16 سبتمبر 2022، لنشر قانونها الانتخابي الجديد، وذلك إذا أرادت، على الأقل، الاحتفاظ بتاريخ 17 ديسمبر 2022، الذي يريد الرئيس فيه تنظيم الانتخابات التشريعية المقبلة".
واستدركت أن "بعض أحكام القانون أثارت حالة من الغضب والإحباط في صفوف المعارضة والهيئات الحقوقية وكذا المجتمع المدني".
ينذر بالتشرذم
وأشارت المجلة إلى "ما جاء في خارطة الطريق التي وضعها سعيد والتي بموجبها يجب إجراء الانتخابات التشريعية في ديسمبر 2021، وهي أول انتخابات عامة ستجرى في ظل عهدته".
وأفادت بأن "سعيد يريد أن يكون يوم 17 ديسمبر، الذي يعده ذكرى الثورة، يوم هذه الانتخابات التي من المفترض أن ترمز إلى تغيير النظام الذي بدأه الدستور الذي أقره في أغسطس/آب 2022".
ولفتت إلى أن "النص الجديد للقانون الانتخابي يطرح مشاكل أكثر مما يحلها، لأنه من الواضح أنه لا يأخذ في الحسبان عدد السكان لكل دائرة انتخابية لإيجاد توازن بين تمثيل كل منها".
ونقلت "جون أفريك" عن خبير سابق في الإحصاء عمل مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، قوله إن "كل ممثل منتخب يمثل في المتوسط 10 آلاف ناخب أكثر من المجلس السابق المؤلف من 217 نائبا، لكن الاختلالات واضحة".
وأكد الخبير (لم تسمه) أن "هذا التقسيم، الذي ينذر بالتشرذم داخل قبة البرلمان المنتظر، سيؤدي إلى تجذير الخصومات الجهوية، فهو يخاطر بمنح المراكز الحضرية مثل صفاقس وتونس نفس العدد من النواب ويضمن لدائرة انتخابية جنوبية صغيرة مثل تطاوين نفس عدد المقاعد مثل سوسة أو تونس".
وأشار إلى أن "هذا وضع يعكس الحكم القاعدي الذي يتخيله ويريده الرئيس سعيد، لكنه لن يكون مقبولا تحت قبة البرلمان".
ولفت إلى أن "هذا التجزؤ المتوقع للبرلمان المستقبلي يفيد السلطة التنفيذية، والتي ستضمن بالتالي كونها صانع القرار الوحيد".
المشروع يثير أيضا تساؤلات، فهو يضع جانبا مبدأ التكافؤ المنصوص عليه دستوريا، ويجعل من الصعب تقديم الترشيح لأنه للمشاركة في هذا الاقتراع الفردي يجب تقديم ملخص لبرنامجك الانتخابي ودعمه بقائمة أسماء (تزكيات انتخابية) تجمع 400 متساوين من الرجال والنساء مع رعاية للناخبين المقيمين في الدائرة الانتخابية.
ناهيك عن أن جميع الوثائق يجب أن تكون معترفا بها ومصادقا عليها من قبل المصالح البلدية، وفق المجلة الفرنسية.
وترى أستاذة القانون العام، هناء بن عبدة، أن "هذا النهج يهدف بين الكفالة والإجراءات الإدارية إلى ردع المواطنين ومنع إيداع عدة ترشيحات انتخابية".
واحتجت بن عبدة على "استبعاد النساء دون ذكر ذلك بوضوح".
كما أن الاقتراع الفردي يحرم الأحزاب من أي رغبة في الترشح وأي أمل في الفوز بمقعد.
درجة ثانية
من جانبها، أعلنت رئيسة حزب الدستور الحر، عبير موسي، موقفها الرافض للانتخابات بقولها "سأقاطع الانتخابات التشريعية".
وأكدت موقفها مستنكرة قانونا انتخابيا قرره سعيد "من جانب واحد".
في ذات السياق، يشار إلى أنه وفقا لمنطق التهميش الذي بنى عليه سعيد قانونه الانتخابي الجديد، فإن مزدوجي الجنسية هم أيضا من المستثنين، حيث يحظر عليهم تقديم ترشحاتهم خارج الدوائر الانتخابية في مكان إقامتهم.
وأوضحت المجلة أن "القانون الانتخابي يعرف أفراد الجالية التونسية في الخارج بأنهم "تونسيون من الخارج!"، ويثير هذا التعريف حفيظة ثنائيي الجنسية الذين يأسفون لعدم تقديم الحلول لأولئك الذين يرغبون في الاستمرار في المشاركة في الانتخابات القادمة.
ومن بين الاحتمالات التي يمكن من خلالها لثنائي الجنسية تقديم ترشحه هي "إجبار المرشح على تعليق جنسيته الأخرى مؤقتا، والذي يتمثل في القيام بتنازل نصت عليه القوانين الدولية ومارسه بالفعل قادة سابقون، مثل رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد.
وأعرب بعض التونسيين من ثنائيي الجنسية عن أسفهم من القانون الانتخابي الجديد.
وقال ياسين، عامل البناء في مدينة دروم الفرنسية أن "البلد لا يريدنا، وهذا ما ورد ضمنيا في الدستور الذي لا يأخذ في الاعتبار هذه الجالية من التونسيين الذين يعيشون في الخارج".
وأضاف أن "الشيء المضحك هو أننا (جالية المهجر) نجلب للدولة عائدات من العملة الصعبة أكثر من السياحة"، لكن مع ذلك نعد تونسيين من الدرجة الثانية"، على حد قوله.
يشار أيضا إلى القادة السياسيين السابقين، وكذا الوزراء والأئمة، كلهم ممنوعون من السباق الانتخابي.
وقالت المجلة إنه "نادرا ما يمثل نشر قانون الانتخابات الجديد خلافا لدى المتابعين للشأن السياسي التونسي".
واستدركت: "لكن رغم كل شيء فإن هذا القانون الانتخابي الجديد يجلب بعض التحسينات الحقيقية، على سبيل المثال من خلال إدخال رغبة جديرة بالثناء في الشفافية فيما يتعلق بمسار المرشحين، الذين سيتعين عليهم إصدار شهادتهم الضريبية".
وأضافت "كما تحدد شروط إجراءات سحب الثقة في حالة فشل الممثل المنتخب في الوفاء بالتزاماته، فيما سيتم فرض عقوبات على أي شخص يحاول عرقلة الاقتراع أو يتلقى تمويلا أجنبيا، ينظر إليه على أنه تدخل في الانتخابات".