موقع إيطالي: "الهلال الشيعي" يتمدد في الدول العربية باستقرار وثبات

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تطرق موقع إيطالي إلى أهداف نفوذ مشروع الهلال الشيعي "الممتد من إيران إلى لبنان، مرورا بالعراق وسوريا رغم تداعيات جائحة كورونا والعقوبات وكذلك غارات إسرائيل ضد مواقع نفوذ طهران". 

وأوضح موقع "إنسايد أوفر" أن الأهداف الإستراتيجية لإيران تتمثل في ضمان نفوذ واسع وسيطرة مشددة على المنطقة المحيطة بإسرائيل، لإقامة وجود عسكري دائم هناك، وكذلك الوصول إلى منفذ آمن على البحر الأبيض المتوسط ​للخروج من عنق الزجاجة الذي يمثله مضيق هرمز.

وبين أنها بذلك تكون قادرة على توسيع نفوذها إلى شمال إفريقيا في محاولة للحد من النفوذ التركي. وفي نفس الوقت تحريك طرق اتصالاتها بعيدا عن نطاق خصمها الإقليمي الرئيس أي السعودية.

نقاط تحول

وأشار إلى أنه على الرغم من أن المشروع ليس جديدا، وله جذوره فيما يسمى "محور المقاومة" المعادي لإسرائيل المتشكل من سوريا وإيران وحزب الله، فإنه لم يشرع في وضع أسسه بجدية إلا مع سقوط نظام صدام حسين وولادة عراق تحكمه الأغلبية الشيعية. 

وأضاف بأن عام 2006 شكل نقطة تحول مع انتخاب نوري المالكي في بغداد بالتزامن مع نهاية صراع آخر في لبنان خاضه حزب الله ضد إسرائيل وادعى المحور تحقيق النصر فيه، وفق تعبير الموقع.

ذكر أن مهندس الهلال الشيعي كان الجنرال قاسم سليماني القائد العام لفيلق القدس المتخصص في الحروب غير التقليدية والاستخبارات العسكرية التابع للحرس الثوري الإيراني.

فيما تولى أبو مهدي المهندس قائد قوات الحشد الشعبي العراقية، منذ عام 2011 قيادة الجزء العملياتي من "المشروع الإيراني الطموح، الذي يكاد أن يتحقق الآن".

وينص المشروع أيضا على إقامة طوق أمني لكافة الشيعة في الشرق الأوسط من طهران إلى بيروت مرورا ببغداد ودمشق. 

وصف الموقع المشروع بأنه تعبئة عامة وواسعة ومكلفة، باستخدام الوكلاء الذين دربتهم طهران وسلحتهم في جميع أنحاء المنطقة المعنية.

واستدرك بأنه ذات أهمية حيوية لأمن الشيعة في منطقة غير مستقرة للغاية تشهد وجود إسرائيل والولايات المتحدة.

وبحسب الموقع، حاربت واشنطن وتل أبيب هذا المشروع، إذ شنت إسرائيل غارات جوية على مواقع المليشيات الموالية لإيران وفيلق القدس في سوريا.

 بينما اغتالت الولايات المتحدة في فترة إدارة الرئيس دونالد ترامب الجنرال سليماني وأبو مهدي المهندس في غارة جوية في يناير/كانون الثاني 2020. 

كما انسحبت من خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن الملف النووي الإيراني وفرضت عقوبات اقتصادية وتجارية جديدة. 

وأضاف الموقع أن اتفاقيات التطبيع مع بعض الدول العربية أدت إلى عزل إيران على المستوى الإقليمي.

رغم هذه العوامل و"الصدمة الثلاثية" التي أحدثها تفشي الوباء وكذلك انخفاض أسعار النفط وما ترتب على ذلك بانكماش بنحو 38 بالمئة مقارنة بالعام السابق، فضلا عن العقوبات الدولية الجديدة، لا يزال الوجود الإيراني في العراق وسوريا ولبنان مستقرا وثابتا، يشرح الموقع الإيطالي.

تغلغل إيراني

في نهاية عام 2021، اهتزت السياسة العراقية على إثر تهميش بعض القوى المرتبطة بشكل مباشر بطهران في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2021.

لكن نظام التحالفات السياسية الواسعة في الحكم يقلل من المساءلة ويشجع الفساد ويشل التقدم الاجتماعي، يشير الموقع. 

ولفت إلى أن هذا الشلل يجعل العراق عرضة لتدخلات الحكومات الأجنبية مثل إيران، خاصة أن شبكاتها الواسعة من المليشيات المنظمة لا تزال نشطة في البلاد. 

وكانت قائمة "سائرون" بزعامة رئيس التياري الصدي والزعيم الشيعي مقتدى الصدر قد تصدرت الانتخابات بحصولها على أكبر عدد من المقاعد بينما رفضت العديد من القيادات الشيعية النتائج.

وبحسب الموقع، تحطمت إرادة حكومة الصدر في القضاء على نفوذ الأحزاب الموالية لإيران بسبب التنسيق بين قوى المعارضة الذي تنسج خيوطه طهران. 

وأشار إلى استعراض مليشيات الحشد الشعبي طيلة الشتاء والربيع الماضيين عضلاتها من خلال تنظيم احتجاجات أمام المباني الحكومية ومقار الحزب. 

وشهدت الاحتجاجات وقوع حالات عنف على غرار عمليات القتل المستهدف لصدريين بارزين في جميع أنحاء البلاد. 

كما أدت الهجمات الصاروخية ضد حقول إنتاج النفط في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق إلى مزيد من الاضطراب في السياسة الداخلية.

وبالتالي تقلص احتمال مقاومة حكومة الصدر التي كانت مرتقبة وقتها للقوات المدعومة من إيران بشكل فعال، على حد قول الموقع. 

سياسيا، تمكنت القوات الموالية لإيران من التحرك  والتحالف مع الاتحاد الوطني الكردستاني، وكذلك تشكيل معارضة قوية في البرلمان قادرة على عرقلة إصلاحات حكومة الصدر. 

وبالتالي، أصبحت الأحزاب المدعومة من إيران اليوم في وضع أقوى بكثير مما كانت عليه بعد الانتخابات مباشرة بدعم من المليشيات شبه العسكرية الموالية لطهران.

في سوريا، أردف إنسايد أوفر بأن إيران  تمكنت من تثبيت وجودها من خلال فتح مراكز ثقافية في جميع أنحاء دمشق تهدف إلى دفع أجندة الجمهورية الإسلامية. 

على سبيل المثال، أفادت وسائل إعلام إيرانية في  ديسمبر/كانون الأول 2020 أن عددا من المراكز الثقافية في دمشق أقامت مراسم لإحياء ذكرى اغتيال الجنرال سليماني. 

كما عززت إيران اتفاقياتها الاقتصادية والتجارية مع النظام السوري، ووسعت سيطرتها على القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والمصرفية في البلاد.

واستنتج الموقع بأن التغلغل الإيراني في سوريا بات أمرا واقعا بعد قرابة عقد من بدء التدخل في الحرب الأهلية السورية.

من ناحية أخرى، أوضح الموقع الإيطالي أن الوجود الإيراني في سوريا لا يتعارض في الوقت الحالي مع مصالح موسكو، لا سيما على ضوء الدعم لها في الصراع الحالي في أوكرانيا. 

ويرى أن مواقف البلدين تجاه الأمن الإقليمي والإرهاب والعالم متعدد الأقطاب متشابهة للغاية، كما أن تصورات الجانبين عن مستقبل سوريا متقاربة ولكنها ليست متطابقة. 

يتفق الجانبان على سبيل المثال على أن واشنطن تدعم القوى الديمقراطية الكردية والسورية، وبالتالي يعدانها غير مهتمة بحل الصراع رغم الانسحاب المعلن للقوات الأميركية من البلاد عام 2018.

فيما لم يستنزف دعم إيران للمتمردين الحوثيين في اليمن مواردها رغم ملاحظة الانخفاض في الهجمات باستخدام الأسلحة إيرانية الصنع بعيدة المدى، يضيف الموقع.

من جانب آخر، بين إنسايد أوفر أن النقطة الغامضة الوحيدة تتعلق بعودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، لا سيما وأنه كان لإيران نهج متذبذب تجاهها.

إذ عارضتها عندما استهدفت أقلية الهزارة الشيعية، لكنها باتت تعدها أداة مناهضة للوجود الأميركي في البلاد. 

لذلك مع خروج الولايات المتحدة من اللعبة (ومن أفغانستان في أغسطس 2021)، يتوقع الموقع الإيطالي أن الشرط الوحيد الذي تفرضه إيران يتمثل في أن تكون طالبان مستعدة لتقديم ضمانات موثوقة لحماية مصالح الشيعة الأفغان. 

أما البديل فقد يكون الدخول في صراع لتأمين الشيعة هناك ربما من خلال حرب بالوكالة باستخدام المليشيات مثل لواء فاطميون أو إمكانية التدخل المباشر.

وخلص الموقع إلى القول أن "الهلال الشيعي لا يزال حاضرا وحيا، وتوسع إيران مجال نفوذها إلى ما وراءه على الرغم من الظروف الدولية المختلفة".