سامح شكري.. وزير خارجية السيسي المفتقر للدبلوماسية والمشهور بالعدوانية

12

طباعة

مشاركة

عرف عن رجال الدبلوماسية في العالم سمات محددة، أبرزها الهدوء وملامح عليها شيء من الوقار، ولسان طليق يستطيع التحدث بلباقة، وسرعة بديهة تمكنهم من تجاوز المواقف الصعبة والمفاجئة بسلام. 

 

لكن هذا لا ينطبق على مصر، التي يرأس دبلوماسيتها وزير الخارجية سامح شكري، المثير للجدل بمواقفه وتصريحاته، وطريقة تعامله مع الأحداث. 

الوزير الذي اشتهر بالفظاظة والعدوانية برز على مسرح الأحداث أخيرا، عندما انسحب غاضبا في 6 سبتمبر/ أيلول 2022 من اجتماع وزراء الخارجية العرب.  

وذلك احتجاجا على تولي وزيرة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة الوحدة الوطنية الليبية نجلاء المنقوش رئاسة الدورة الجديدة للمجلس الـ158 خلفا للبنان.

وذكرت وزارة الخارجية المصرية في بيان أن الانسحاب "جاء تحفظا على تولي نجلاء المنقوش رئاسة الدورة، وهي وزيرة خارجية حكومة منتهية ولايتها"، في إشارة لحكومة عبد الحميد الدبيبة.

وتدعم مصر معسكر الشرق الليبي الذي يقوده الجنرال الانقلابي خليفة حفتر ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، المنبثق عنه حكومة موازية برئاسة فتحي باشاغا.

طريقة انسحاب شكري وصفت بأنها تفتقد الدبلوماسية، ومخالفة لأعراف وبروتوكول المجلس، وأعادت للأذهان مواقف مشابهة لوزير الخارجية المصري كان فيها أكثر حدة وشراسة، وأخرى مثيرة للجدل وغير مهنية. 

لمحات من حياته

وبالنظر إلى مسيرة شكري وجوانب من حياته الخاصة، فإنه ولد في القاهرة يوم 20 أكتوبر/ تشرين الأول 1952. 

وأعلى شهادة علمية حصل عليها هي "ليسانس الحقوق" من جامعة عين شمس، وكانت هذه من مسارات الجدل لدى تعيين شكري، إذ إن المتعارف عليه للوصول إلى هذا المنصب المرموق الحصول على درجة الدكتوراه. 

والتحق شكري بالسلك الدبلوماسي عام 1976، وبدأ كموظف في الخارجية، ثم انتقل إلى القنصليات المصرية في مجموعة من الدول. 

إلى أن شغل منصب السفير المصري في النمسا عام 1999، ثم السفير المصري في الولايات المتحدة عام 2008. وكذلك ترأس "البعثة الدائمة لمصر" في الأمم المتحدة بنيويورك.

وعرف عنه كونه من المقربين بشدة إلى وزير الخارجية (الأسبق) أحمد أبو الغيط، حتى أنه أصبح مدير مكتبه في الفترة بين عامي (2005-2004). 

وفي مارس/ آذار 2011، بعد أيام من سقوط نظام مبارك، ونجاح ثورة 25 يناير، سربت برقيات دبلوماسية أميركية صادرة عن "بعثة الولايات المتحدة" لدى الأمم المتحدة في جنيف.

وكشفت هذه البرقيات عن قلق من شراسة السفير المصري سامح شكري وهجومه المتكرر الذي كثيرا ما يخرج عن الخط السياسي للنظام المصري. 

ويعد شكري من أقدم وزراء حكومات السيسي المتعاقبة، إذ أصبح وزيرا لخارجية مصر منذ 17 يونيو/ حزيران 2014، ومستمرا إلى الآن، ولم يتزحزح رغم مواقفه وإخفاقاته المستمرة. 

مواقف صادمة

اشتهر شكري بمعاركه المتكررة مع "ميكروفون" قناة الجزيرة الفضائية، في ظل تصاعد الخلافات بين القاهرة والدوحة  عقب انقلاب 2013.

وفي 12 ديسمبر/ كانون الأول 2015، خلال المؤتمر الصحفي لاجتماع "سد النهضة" بالخرطوم، أطاح الوزير المصري بالميكروفون وألقاه على الأرض. 

بعدها بأيام وتحديدا في 27 ديسمبر، وخلال الجلسة الختامية للمفاوضات طلب الوزير بعصبية من مساعديه إبعاد الميكرفون من أمامه حتى لا يظهر في الكادر التليفزيوني الخاص بكلمته قائلا: "أبعدوا ده من قدامي".

اللقطة الثانية والتي عدت فضيحة عالمية بحق الوزير، ما حدث في مؤتمر مشترك مع نظيرته المكسيكية (آنذاك) كلوديا رويز ماسيو، في سبتمبر 2015.

وقرأ شكري البيان المصري آنذاك لينهيه بعبارة "End of text" ومعناها "انتهى النص".

وهي العبارة التي لا يجب على الوزير ذكرها لأنها تكتب لمجرد تنبيهه بنهاية النص.

وكان المؤتمر مفصليا ومرصودا من وسائل إعلام عالمية لكونه حول أزمة مقتل وإصابة 21 سائحا مكسيكيا أثناء رحلة سفاري في الصحراء الغربية، عن طريق الخطأ من قبل القوات المصرية.

وقتها اندلعت سخرية واسعة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام محلية وعالمية، وصف فيه البعض وزير الخارجية بأنه لم يكن على مستوى المهمة. 

صدامات متعددة

وفي ظل توتر العلاقات مع تركيا خرق شكري البروتوكولات الرسمية، في مراسم تسليم رئاسة القمة الـ13 لمنظمة التعاون الإسلامي، في أبريل/ نيسان 2016، والتي أقيمت في مدينة إسطنبول. 

وجرت العادة أن يسلم رئيس الدولة التي استضافت القمة السابقة لرئيس الدولة المضيفة للقمة التالية، وهو ما لم يحدث نظرا للخصومة بين الرئيسين رجب طيب أردوغان وعبد الفتاح السيسي. 

وتحمل شكري المهمة وذهب إلى تركيا، وبعد أن ألقى كلمته التي لم يشر فيها إلى أردوغان أو الدولة المضيفة، انسحب سريعا متجهما قبل أن يصل الرئيس التركي إلى المنصة. 

اشتباكات شكري أيضا وصلت إلى الصحف العالمية، حيث هاجم صحيفتي "واشنطن بوست" الأميركية، و "ذا غارديان" البريطانية، واسعتي الانتشار، واتهمهما بعدم تحري الدقة.

وفي 14 يوليو/تموز 2015 اتهم شكري في مؤتمر صحفي مع نظيره الإيطالي (آنذاك) باولو جينتيلوني تلك الصحف بتخصيص مساحات صحفية استغلتها "منظمات إرهابية" للتعبير عن نفسها.

وكان المؤتمر المشترك مع وزير الخارجية الإيطالي عقب تفجير استهدف قنصلية بلاده، وأسفر عن مقتل مواطن مصري، ودمار كبير في الجدار الخلفي للمبنى، وأعلنت مصر وقتها تحملها كامل تكلفة ترميمه.

وزير التطبيع 

وكان من أكثر سقطات الوزير فجاجة ما حدث في أغسطس/ آب 2016، حيث رأى شكري أنه "لا يمكن اعتبار قتل الإسرائيليين أطفال فلسطين إرهابا".

فخلال لقائه مع أوائل الطلبة في مقر وزارة الخارجية، وردا على سؤال "هل قتل الإسرائيليين الأطفال الفلسطينيين يعد إرهابا"؟

أجاب إجابة صادمة إذ قال "لا يمكن أن يوصف بأنه إرهاب، دون اتفاق دولي على توصيف محدد للإرهاب، وهناك مصطلحات دولية مثل إرهاب الدولة، والذي تمارسه بعض الدول ضد شعوب خارج حدودها، أو قمع معارضين داخل حدودها، لكنها تدور في أطر سياسية". 

وأضاف: "نظرا لتاريخ إسرائيل فإنها مجتمع عنصر الأمن والأمان فيه مرتفع، ويسعى منذ 48 لإحكام سيطرته على الأراضي لتأمين نفسه".

وكان شكري قبل تلك التصريحات بشهر وتحديدا في يوليو/ تموز 2016، يقوم بزيارته الأولى لإسرائيل. 

حيث عقد مع رئيس الوزراء الإسرائيلي (آنذاك) بنيامين نتنياهو مؤتمرا صحفيا  استخدم فيه عبارات من عينة: "معالي السيد رئيس الوزراء.. السيدات والسادة الحضور، اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بالشكر للسيد رئيس الوزراء على استقبالي والوفد المرافق".

وقتها تعرض الوزير لانتقادات لاذعة أبرزها ما جاء على لسان الإعلامي باسم يوسف، الذي غرد قائلا: "وزير خارجيتنا بيزعله ميكروفون الجزيرة أكتر من حاجات تانية أهم، مثل نتنياهو وعلمه وسياسته في إفريقيا. وفي الآخر احنا الخونة بتوع إسرائيل". 

فظ وعدواني

دبلوماسية سامح شكري انعكست على سمعة مصر عالميا، حتى أن بعض الصحف الدولية تناولت سيرته بشكل شخصي. 

مثل صحيفة "بوبليكو" الإسبانية، التي سلطت الضوء على تعيين شكري "الذي لا يملك كفاءة في مجال المناخ" وأيضا "العدواني على الساحة الدبلوماسية"، ليترأس القمة العالمية للمناخ المقبلة (نوفمبر/ تشرين الثاني 2022). 

وقالت الصحيفة في تقرير نشرته يوم 18 يناير/ كانون الثاني 2022، إن "الحكومة المصرية اختارت شكري لقيادة مفاوضات المناخ التي ستجمع مرة أخرى أكثر من 200 دولة، لمحاولة تحديد إجراءات ملموسة في مكافحة أزمة المناخ"

وأوردت الصحيفة أن "شكري لا يملك صفات الشخص المتعاطف والحازم، بل هو في واقع الأمر رجل حاد الطباع يصعب التواصل أو التفاهم معه". 

وأضافت: "تعد هذه التفاصيل بالغة الأهمية في مؤتمر مثل قمة المناخ حيث يجب أن تتوصل مئات الدول ذات المصالح المتضاربة إلى اتفاقيات عن طريق الإجماع". 

ونقلت الصحيفة أن "وارن تيشنور، سفير الولايات المتحدة في جنيف عام 2008، وصف شكري، نظيره المصري آنذاك، بأنه (عدواني وفظ وغير مهذب)".

وذكرت أنه "حتى في سلوكه الشخصي، فإنه يكشف عن لحظات من القسوة، مثل الطريقة المهينة التي يعامل بها سائقه".