كيف تبدو سياسة ليز تراس تجاه الخليج وإسرائيل ومصر؟ موقع بريطاني يجيب
.jpg)
في أول خطاب لها بعد توليها رئاسة الحكومة البريطانية، تعهدت رئيسة الوزراء ليز تراس في 6 أغسطس/ آب 2022، بتقديم خطة جريئة لاجتياز المصاعب السياسية الاقتصادية التي تواجه بلادها حاليا.
ورأى موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن تراس تنتظرها أجندة مثقلة بتكاليف المعيشة المحلية التي يغذيها التضخم المتصاعد وأسعار الطاقة، فضلا عن ملفات سياسية وأمنية شائكة.
وعن سياستها الخارجية استعرض الموقع مواقف تراس من بعض القضايا الرئيسة في الشرق الأوسط، خلال عملها كوزيرة للخارجية، ووزيرة للتجارة الدولية، مؤكدا أنها "متقلبة المواقف، ولا تعبأ بحقوق الإنسان، ولا ترى إلا الأسود والأبيض".
القضية الفلسطينية
وأكد الموقع البريطاني أن مواقف تراس المعلنة تجاه القضية الفلسطينية، تشير بوضوح إلى انحيازها للكيان الإسرائيلي.
ففي أوائل أغسطس/آب 2022، وأثناء شن الطائرات الإسرائيلية غارات على قطاع غزة، قتلت فيها 45 فلسطينيا على الأقل، بينهم 15 طفلا، أصدرت تراس بيانا داعما لإسرائيل.
وقالت حينها إن بلادها "تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". وأردفت: "ندين المجموعات الإرهابية التي تطلق النار على مدنيين، والعنف الذي أسفر عن ضحايا من الجانبين".
وأضاف الموقع أن تراس ستترأس حكومة تسعى لحظر "حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)"، والتضييق عليها من خلال منع الهيئات والمجالس العامة وصناديق المعاشات التقاعدية الخاصة بهما من مقاطعة الاستثمارات في إسرائيل.
ووفق "ميدل إيست آي"، فإن رئيسة الحكومة الجديدة لم تعطِ أي إشارة أنها ستنقض هذا المسار، رغم انتقادات المجتمع المدني المستمرة لهذا التوجه.
إذ تؤكد المنظمات أن هذه الخطوة "تهدد حرية التعبير وتمنع الهيئات العامة والمؤسسات الديمقراطية من الإنفاق والاستثمار والتجارة بصورة أخلاقية تتماشى مع القانون الدولي وحقوق الإنسان".
وأشار الموقع إلى أن دعم تراس القوي لإسرائيل وصل بها إلى حد إعلان فصل موظفين خدموا لفترة طويلة في وزارة الخارجية، بدعوى عدم دعمهم إسرائيل بالقدر الكافي.
كما ادعت رئيسة الحكومة الجديدة، في أغسطس 2022، أن الأمم المتحدة استُخدمت "للترويج لأجندة خاصة تنطوي على معاداة السامية بكل وضوح".
كذلك استعرض الموقع تصويت بريطانيا، في يونيو/ حزيران 2022، ضد قرارين يدينان المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، في موقف خالفت فيه لندن بقية المجتمع الدولي.
وفي الخط ذاته الداعم لإسرائيل، أعلنت تراس في أغسطس 2022، أنها ستنظر في مسألة نقل السفارة البريطانية من تل أبيب للقدس، إذا وصلت لرئاسة الوزراء، في خطوة من شأنها أن تعارض السياسة البريطانية المتبعة لعقود تجاه إسرائيل وفلسطين.
وجاء ذلك في رسالة وجهتها إلى أعضاء من منظمة "أصدقاء إسرائيل المحافظين"، حيث قالت: "أجريت محادثات عديدة مع صديقي رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، حول هذا الموضوع (نقل السفارة). وتعهدت بالاستمرار كمدافعة قوية عن إسرائيل".
وأثناء خدمة تراس كوزيرة للخارجية، أطلقت وزارة الخارجية البريطانية مفاوضات لتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع إسرائيل، آملة أن تتخطى قيمة التبادل التجاري 5 مليارات دولار بين الطرفين.
دول الخليج
وفيما يتعلق بالعلاقات مع دول الخليج، قال الموقع البريطاني إن رئيسة الوزراء الجديدة تعتقد أن العلاقات التجارية أهم من محاسبة الدول المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان.
فعندما سُئلت، في اجتماع مع لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني، في يونيو 2022، عن إذا ما أثارت قضية حقوق الإنسان مع القادة الخليجيين، فشلت تراس في تذكر أي مناسبة أثارت فيها هذه المسألة.
وقالت حينها: "نحن لا نعيش في عالم مثالي. نحن نتعامل مع عالم يتعين علينا فيه اتخاذ قرارات صعبة، وأعتقد أن من الصواب أن نبني علاقات تجارية وثيقة مع دول الخليج".
كما أشرفت تراس، حين عملت كوزيرة للخارجية، على إطلاق مفاوضات لعقد اتفاقية تجارة حرة مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي هذا السياق، نقل "ميدل إيست آي" عن الخبير في مؤسسة كلية الدفاع التابعة لحلف شمال الأطلسي "ناتو"، أومبرتو بروفازيو، قوله إن "بريطانيا تسعى إلى تنويع شركائها التجاريين قدر الإمكان، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي".
وأضاف أن "الخليج منطقة مهمة، تواجه فيها لندن العديد من المنافسين الذين حققوا نجاحات تجارية كبيرة في السنوات الأخيرة".
وأردف "بروفازيو" أن "المملكة المتحدة تخسر نفوذها في المنطقة -مثل العديد من القوى الغربية الأخرى- بسبب نقص ثقة الشركاء العرب فيها، مقابل نفوذ متزايد للصين وروسيا".
ورجح الموقع البريطاني أن تتجاهل تراس حرب اليمن -التي جعلت البلاد تعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم- في ظل سعي بلادها لتنويع علاقاتها التجارية.
وأشار أيضا إلى أن الأزمة الإنسانية في اليمن لم تمنع الحكومة البريطانية من بيع أسلحة إلى السعودية.
وهو ما يكشفه تباطؤ وزارة التجارة الدولية في بريطانيا في الاستجابة لطلب "ميدل إيست آي" بالاطلاع على الوثائق التي توضح خلفيات اتخاذ قرارات بيع الأسلحة للسعودية.
مصر وحقوق الإنسان
ورأى الموقع البريطاني أن تركيز تراس على العلاقات التجارية مع دول المنطقة، وتغليبها للغة المصالح، سيؤدي بدوره إلى مزيد من التجاهل للوضع الحقوقي في مصر.
وعلى هذا، فمن المرجح أن تستمر الانتهاكات بحق العديد من الحقوقيين والناشطين في مصر، بمن فيهم الناشط المصري-البريطاني، علاء عبدالفتاح.
وأشار إلى أن عائلة "عبدالفتاح" انتقدت تراس أخيرا؛ لتقاعسها عن مساعدته.
إذ كتبت أخته منى سيف، في يوليو/ تموز 2022، على تويتر: "أنا غاضبة! يبدو الأمر وكأنها تتجاهل عمدا محنتنا ومسؤوليتها تجاهنا!".
وذلك في رد منها على منشور لتراس تتحدث فيه عن صدق وعودها، وقدرتها على تولي منصب رئاسة الوزراء.
ولفت الموقع إلى أن كثيرين ينسبون الفضل لتراس في مساعدة العاملة الخيرية البريطانية-الإيرانية نازانين زاغاري راتكليف التي أمضت أكثر من 5 سنوات في السجن في إيران بتهمة التجسس، وسلمتها طهران للندن، في مارس/ آذار 2022.
لكن في المقابل، أورد اتهاما وجهه زوج "راتكليف" لتراس بعدم القيام بما يكفي لمحاسبة المسؤولين عن سجن زوجته.
حيث قال إن تراس لم تلتزم بوعدها بفرض عقوبات على الأفراد الإيرانيين المتورطين في القضية.
أما فيما يتعلق بمفاوضات الاتفاق النووي، فيبدو أن موقف تراس أكثر تشددا، إذ قالت، في 7 أغسطس 2022 إن "الاتفاق النووي لا يتحرك بالسرعة الكافية، وأؤكد لكم أنه في حال انهياره، فإن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة".
لكن "بروفازيو" يرى أن تراس لن تغير السياسات المتبعة في الشرق الأوسط، بسبب أن قدرا كبيرا من اهتمامها سيتوجه للوضع الاقتصادي الصعب والسياسات الداخلية.
ويضيف أن حكومة تراس ستدير الأزمات المختلفة وفقا لمصالحها، وستقدم الأمن والاستقرار على أي قضية أخرى.
ويختم "بروفازيو" بقوله: "أتوقع علاقات أوثق بكثير مع الشركاء الخليجيين، بالنظر إلى أهمية مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بالنسبة لبريطانيا".
وستبذل بريطانيا جهودا لاستيعاب مصالح الشركاء الرئيسيين كالسعودية والإمارات، بما في ذلك مناطق الصراع الرئيسة التي تنشط فيها هذه الدول.