مجرد غطاء.. محللون يكشفون عن أهداف "الانتقالي" بعمليته العسكرية جنوبي اليمن

12

طباعة

مشاركة

في انكشاف جديد لحجم التهميش الذي وصلت إليه الشرعية اليمنية، أطلق المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا بضمانة ورعاية سعودية، عملية عسكرية في محافظة أبين جنوبي اليمن، بدعوى "مكافحة الإرهاب".

رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، أطلق على العملية اسم "سهام الشرق"، معلنا انطلاقها في 22 أغسطس/آب 2022، برغم توقيع الانتقالي اتفاقا في الرياض مع الحكومة الشرعية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، يقضي بتخليه عن الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية.

كما يقضي الاتفاق بتشكيل حكومة كفاءات مناصفة بين الجنوب والشمال، وخروج القوات العسكرية من عدن، وفصل قوات الطرفين في أبين؛ إلا أن مناوشات متقطعة تندلع بين طرفي الاتفاق نتيجة خرق الانتقالي للاتفاق والتراجع عن التزاماته.

وأبرزها وقعت في 10 أغسطس، بمدينة عتق مركز محافظة شبوة، إذ سيطرت مليشيات الانتقالي عليها بإسناد من الطيران الإماراتي، الذي استهدف مواقع القوات الحكومية بعشرات الغارات، مخلفا عشرات الشهداء والجرحى، بعد معارك استمرت 3 أيام.

وبدوره، وجه رئيس مجلس الرئاسة اليمني رشاد العليمي، الذي يزور الرياض حاليا، بإيقاف أي عمليات عسكرية في أبين، إلا أن مصادر إعلامية كشفت عن تمرد الزبيدي على التوجيهات والمضي في العملية التي أكدوا أنها تهدف لطرد قوات الإصلاح من أبين.

وتجسد الأحداث، التي أثارت ردود فعل غاضبة، عمق الأزمة داخل مجلس الرئاسة اليمني المشكل في 7 أبريل/نيسان 2022، بدعوى استكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، إذ أكد محللون وناشطون أن العملية العسكرية في أبين ما هي إلا استكمالا لانقلاب الانتقالي على الشرعية.

واتهموا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #سهام_الشرق، #أبين، #الانتقالي_لايمثل_الجنوب، المجلس الانتقالي باستخدام "مكافحة الإرهاب" كغطاء وذريعة للقضاء على الجيش الوطني وإنهاك القوات الحكومية وتمزيق اليمن.

واستنكر ناشطون استباحة الإمارات لجنوب اليمن عبر مليشياتها المتمثلة في المجلس الانتقالي، وفتح أبواب البلاد للدول الغربية لاستقدام مزيد من التعزيزات العسكرية بهدف تنفيذ عمليات خاصة ضد الوطنيين والأحرار المنادين بسيادة اليمن.

ووصفوا الزبيدي بأنه "ذيل الإمارات، بيدق ومرتزق" وغيرها من التوصيفات الأخرى، منددين بتمرده الواضح على الدولة ومخالفته لسياسات المجلس الرئاسي وتنفيذ الأوامر الإماراتية، متهمين الإمارات بتقويض وحدة اليمن بشكل مباشر عبر مليشياتها المتطرفة والعنصرية.

وانتقد ناشطون ضعف رئيس المجلس الرئاسي وفشله في ممارسة دوره وفرض تعليماته على الزبيدي وتمرير عملية عسكرية دون علمه فيما ذهب آخرون إلى أنهما يتبادلان الأدوار، محذرين من أن الجيش الوطني هو آخر عروش الشرعية اليمنية ويعد سقوطه سقوط لليمن.

أهداف العملية

وتحدث خبراء ومحللون عما تحمله عملية الانتقالي المعلنة من أهداف خبيثة، إذ أكد مستشار وزير الإعلام مختار الرحبي، أنها تهدف للقضاء على ما تبقى من ألوية عسكرية في شقرة.

وأضاف أن الانتقالي يستخدم "حرب الإرهاب" كغطاء فقط للقضاء على ما تبقى من الجيش الوطني في أبين وإخضاعها لسيطرتهم الكاملة وبعد ذلك ستنتقل المعارك إلى سيئون وبعدها المهرة.

وحذر الكاتب الصحفي والباحث السياسي ياسين التميمي، من خطورة التحركات العسكرية للانتقالي في أبين، لأنها تهدد السلام الاجتماعي وتهدف إلى كسر إرادة أبناء المحافظة، كما أنها استثمار وقح لهشاشة مجلس القيادة الرئاسي وتوظيف أوقح لهيكل الدولة اليمنية في خلق وقائع انفصالية جديدة، ليؤمن التحالف لاحقا الإطار السياسي لها.

ووصف محرر الشؤون اليمنية في قناة الجزيرة أحمد الشلفي، ما يحدث في أبين بأنه عملية استلام وتسليم يصورونها على أنها معركة ضد الإرهاب، وحرب طواحين الهواء، متسائلا: "أي إرهاب أكثر مما يحدث لبلد عظيم يتقزم ويتقسم بيد مليشيات ودول صغيرة؟".

ورفضا لإشارة البعض إلى مخالفة الانتقالي لتعهداته، كتب الإعلامي والصحفي بشير الحارثي: "بلا اتفاق الرياض بلا مجلس رئاسي استحوا على أنفسكم وبطلوا ترديد هذه الأسطوانة الصدئة، هناك مشروع واضح المعالم، الإمارات في الواجهة والسعودية من تحت الطاولة تخطط وتوجه وتعطي الضوء الأخضر لتدمير وتقسيم وتجزئة اليمن". 

دور الزبيدي

وصب صحفيون وناشطون غضبهم على عيدروس الزبيدي، واتهموه بإشعال الفتنة دون أي سبب سوى إرضاء سيده الإماراتي ورفض توجيهات العليمي، مستنكرين تذرعه بإطلاق عمليته بزعم "محاربة الإرهاب".

وأكد الباحث عبدالله باراس، أن ما يحدث في أبين تحت مسمى سهام الشرق انقلاب مكتمل الأركان يقوده الزبيدي على المجلس الرئاسي بعد التوجيه بمنع تحرك الحملة الأمنية الصادر عن رشاد العليمي.

وأوضح الصحفي اليمني والناشط السياسي والإنساني أحمد شبح، أن قول عيدروس الزبيدي إن عمليته ضد القوات الشرعية في أبين تهدف لمواجهة "التنظيمات التكفيرية"، مفردة مستنسخة من خطاب الحوثي والأدبيات الإيرانية التي يطلقونها على معارضيهم لتبرير الجرائم والانتهاكات بحق اليمنيين.

وأشار محمد الكميم إلى أن عيدروس الزبيدي في تحد جديد وقرار انفرادي خارج التوافقات التي قام عليها مجلس القيادة الرئاسي يوجه العمالقة بالتوجه نحو محافظة أبين، بهدف إرباك المشهد والسيطرة على المحافظة عبر مليشيات مسلحة لا تتبع الشرعية ولا الجيش الوطني.

وأكد عايد عبدالغني أن ما يفعله الزبيدي تقويض للسلم الاجتماعي، وتخادم مع مليشيات الحوثي وشرعنة لما فعلته في صنعاء، وانحراف تام عن هدف استعادة الشرعية من قبل التحالف وقتال الحوثي، لافتا إلى أن الحوثي والانتقالي سواء، فالأول مدعوم خارجيا من إيران وأميركا، والثاني مدعوم من الإمارات وبريطانيا.

"عمالة" العليمي

وتباينت ردود الفعل على موقف العليمي من العملية العسكرية، إذ رأى فريق أن ما حدث بشأن تسريب معلومات تفيد بأنه أمر بوقف تنفيذ العملية مجرد "مسرحية" لتلميع صورته، فيما رأى آخرون أن استسلامه لتمرد الزبيدي وعدم إعلانه موقفا صريحا ضده بمثابة "ضعف".

وقال الكاتب والصحفي أحمد الزرقة، إن رشاد العليمي لا يعتبره عيدروس والمحرمي غير "كوز مركوز"، وخلال غيابه أطلقا عملية عسكرية تستهدف القوات الحكومية في أبين، مضيفا: "فعلا من ارتضى لنفسه بالذل عليه أن يتجرعه حتى الثمالة".

ووصف الصحفي اليمني صدام الكمالي الحديث عن أن العليمي لا يعلم بالعملية العسكرية التي أعلن عنها عيدروس الزبيدي في أبين وتوجيهه في مذكرة مسربة بإيقافها بأنه "كلام فارغ". 

وأكد أن العليمي يعلم ويشترك بكل هذا، وما يحدث "سياسة تموضع إماراتية" بدأت بالساحل ولن تنتهي في أبين، وستتواصل بنفس المبرر وصولا إلى حضرموت ومأرب وتعز.

وأشار الصحفي عبدالله حميد عصبان، أن قرارات الحرب ليست بيد العليمي، موضحا أن أبين تعد في حكم الساقطة عسكريا بيد الانتقالي بعد سقوط شبوة، وأصبحت محافظة معزولة قواتها العسكرية بدون غطاء أو إمداد من أي جهة لذا لن يتأخر الانتقالي في التهامها. 

ووصف صادق العباد المشهد بأنه "مسرحية مفضوحة" يعرضها ورعان الإمارات، إذ يوجه رشاد العليمي بإيقاف أي عمليات عسكرية في أبين، بينما يوجه عيدروس الزبيدي بعملية سهام الشرق لطرد القوات الحكومية من أبين، مؤكدا أنه "هكذا جندتهم الإمارات على حساب وطنهم وشعبهم".