لعبة الغميضة بين الإطار التنسيقي وتيار الصدر لعقد برلمان العراق.. من ينتصر؟

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

يعمل "الإطار التنسيقي" الموالي لإيران في العراق على عقد جلسة للبرلمان في مكان بديل عن المقر الذي يعتصم فيه أنصار التيار الصدري داخل المنطقة الخضراء ببغداد، منذ 30 يوليو/ تموز 2022، في محاولة منهم للمضي بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة.

وسيطر أتباع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على مقر البرلمان رفضا لترشيح قوى "الإطار التنسيقي" النائب محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة المقبلة، متهمين إياه بأنه "ظل" رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي يعد الخصم اللدود للصدر.

وتدور النقاشات حاليا حول عقد الجلسة قريبا في جامعة بغداد أو بمحافظة السليمانية بإقليم كردستان، لكن مراقبين يرجحون الوجهة الثانية، لأنه سيصعب على الصدر وأنصاره منع الخطوة هناك.

خطوة الإطار التنسيقي هذه أثارت تساؤلات بخصوص مدى نجاحها في الالتفاف على اعتصام الصدريين، واستطاعتهم انتخاب رئيس جديد للعراق، وتكليف مرشحهم رسميا بتشكيل الحكومة؟

محاولة صعبة

وبخصوص مدى نجاح "الإطار" في الالتفاف على التيار الصدري وعقد جلسة خارج أسوار المنطقة الخضراء، قال مصدر سياسي عراقي مطلع لـ"الاستقلال" إن "الإطار اتفق على المضي في عقد جلسة المجلس في قاعة جامعة بغداد هذا الأسبوع".

وأوضح المصدر، مفضلا عدم ذكر اسمه، أن "الإطار يحاول عقد الجلسة بنصاب الثلثين أي بنحو 220 نائبا من أصل 329، لكن التوقعات لا تشير إلى تمكنهم من جمع هذا العدد حتى الآن، فهم يسعون في الوقت الحالي لانتخاب نائب أول لرئيس البرلمان".  

ولفت إلى أن "قوى الإطار تسعى إلى تحديد، من خلال هذه الجلسة، موعد لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية، وتكليف المرشح محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة الجديدة، فهمهم الآن التخلص من حكومة مصطفى الكاظمي".

وأكد المصدر أنه "إذا لم يتحقق نصاب الثلثين في هذه الجلسة، فإن قوى الإطار التنسيقي ستذهب إلى إقالة رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي، والدعوة لانعقاد جلسة أخرى ينتخب فيها رئيس جديد للبرلمان، وربما يكون من تحالف العزم (السني) ولا يقتصر ذلك على تحالف السيادة (أكبر كتلة سنية)".

وتوقع "صعوبة انعقاد الجلسة، لأن الصدر يترصد أي تحرك لخصومه في الإطار، ومن غير المستبعد أن يُفشل انعقادها، خصوصا إذا جرت في بغداد، لأنه ليس صعبا عليه توجيه أتباعه لقطع الطريق المؤدي إلى المكان ومنع وصول النواب إليها".

ورأى المصدر أن "الهدوء الكبير في المواقف الدولية من الأزمة العراقية يمنح الإطار التنسيقي الفرصة والحافز لعقد جلسة البرلمان، لا سيما أن الموقف الدولي دوما يتعامل مع الواقع، ويؤجل خططه بكل سهولة".

وأعرب عن اعتقاده بأن "الحل قد يذهب نحو اختيار رئيس وزراء توافقي يقود حكومة مؤقتة هدفها إجراء الانتخابات المبكرة، وإحداث تعديلات جزئية في القانون والدوائر لا غير، إذا قبل بذلك الصدر".

تداعيات خطيرة

من جانبه، قال السياسي العراقي عائد الهلالي، إن "الإطار التنسيقي ذاهب إلى عقد جلسة مجلس النواب في محافظة السليمانية بإقليم كردستان"، مشيرا الى أن الوضع السياسي في العراق ذاهب إلى أبعد من الانسداد".

وقال الهلالي لموقع "رووداو" العراقي في 11 أغسطس/آب 2022، إن "الوضع ضبابي جدا، وتداعياته كثيرة وخطيرة تدل على أن هناك شيئا خطيرا في الأفق، خاصة بعد تغريدة الصدر الأخيرة"، معتقدا أن "الوضع سيشهد إجراءات غير معتادة سواء من التيار الصدري أو من الإطار التنسيقي".

 وأوضح السياسي العراقي أن "الإطار سيذهب إلى السليمانية لعقد جلسة البرلمان، ومن ثم يكمل باقي الاستحقاقات الدستورية، أو أن التيار الصدري كما جاء في تغريدة الصدر سيقوم بإجراء آخر، وأشفع التغريدة بالتوجيه برفع دعاوى تطالب بحل مجلس النواب لأنه تجاوز المهل الدستورية".

وكان الصدر، قد غرد على "تويتر" في 10 أغسطس، قائلا: "ربما يقول قائل إن حل البرلمان يحتاج إلى عقد جلسة برلمان ليحل نفسه، كلا، فإن فيه كتلا متمسكة بالمحاصصة والاستمرار على الفساد، ولن يرضخوا لمطالبة الشعب بحل البرلمان، بل أقول: إن حل البرلمان غير منحصر بذلك".

وطالب الصدر "الجهات القضائية المختصة وبالأخص رئيس مجلس القضاء الأعلى بتصحيح المسار، وخصوصا بعد انتهاء المهل الدستورية الوجيزة وغيرها للبرلمان باختيار رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء بتشكيل حكومة محاصصاتية".

وقال الهلالي إن "القضية معقدة جدا وشائكة جدا، فقد ذهبنا إلى أبعد من الانسداد السياسي، وهناك عتمة في النفق ولا ضوء في نهايته"، محذرا من حل الأزمة "بعضلات هذه الجهة أو عضلات الجهة الأخرى، وعلينا أن نتوخى الحذر والدقة، وكلما طال الأمد بالأزمة كلما تعقدت".

وأكد السياسي أن "البلد بحاجة إلى رؤية جديدة وعقد وطني جديد ومشروع جديد وأدوات جديدة، على فرض أن الأدوات الموجودة التي تتصدى للمشهد السياسي وقيادة الأحزاب باتت من الماضي".

ولفت إلى أن "الأحزاب بحاجة ومضطرة إلى تغيير أدواتها، حتى تكون لدينا أدوات قادرة على فهم المرحلة السياسية وتتعاطى معها بإيجابية".

أزمة معقدة

وعلى الصعيد ذاته، أكد عضو "ائتلاف دولة القانون" المنضوي ضمن "الإطار التنسيقي" رسول راضي وجود محادثات بين الأطراف السياسية لعقد جلسة للبرلمان في السليمانية لانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح لرئاسة الحكومة.

ونقلت قناة "العهد" العراقية عن راضي، في 10 أغسطس قوله، إن "حل البرلمان وفق الدستور يستوجب طلب ثلث البرلمان أو طلبا من الحكومة لرئيس الجمهورية، على أن تصوت عليه أغلبية أعضاء البرلمان المطلقة".

وأضاف راضي أن "حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة يتطلب موافقة جميع الجهات والمكونات العراقية، ولو كان التيار الصدري موجودا في السلطة التشريعية بإمكانه طلب حل البرلمان"، مبينا أن "الانتخابات بحاجة إلى موارد مالية وفنية وتصل كلفتها إلى 420 مليار دينار (2.5 مليار دولار)".

من جهته، أكد القيادي في "الإطار التنسيقي" تركي العتبي، في حديث لوكالة "بغداد اليوم" في 12 أغسطس عن وجود مفاوضات لعقد جلسات البرلمان خارج مبناه الحالي، بسبب الاعتصام الصدري.

وقال العتبي، إن "كل القوى السياسية بدون استثناء تدرك بأن تعطيل جلسات مجلس النواب لا يخدم المصلحة العامة العراقية في ظل وجود عشرات القوانين التي تحتاج إلى تصويت".

وأضاف أن ”هناك مشاورات غير معلنة بين قوى متعددة حيال طرح فكرة إعادة جلسات البرلمان خارج مبناه الحالي الذي يحيط به المتظاهرون منذ أيام".

ويتمحور الخلاف حاليا، بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، حول رغبة التيار بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، لكن قوى الإطار ترى ضرورة تشكيل حكومة مؤقتة، لإدارة المرحلة المقبلة، والتهيئة لانتخابات مبكرة، وهو ما يرفضه الصدر.

ورغم تلك الدعوات فإن "الإطار التنسيقي" لا يمتلك العدد الكافي من النواب، لاختيار رئيس الجمهورية، إذ يجب حضور 220 نائبا، وهو رقم كبير، يصعب على أية قوة سياسية تحقيقه دون الاتفاق مع الكتل الأخرى، خاصة وأن هناك خلافات كردية حول مرشح رئاسة الجمهورية.

كما أن اصطفاف رئيس البرلمان محمد الحلبوسي من تحالف السيادة، ونائبه، من الحزب الديمقراطي الكردستاني، شاخوان عبدالله، مع مقتدى الصدر في حراكه، يحول دون إمكانية عقد جلسة للبرلمان يسعى إليها الإطار التنسيقي.

وبدت محافظة السليمانية المكان الأفضل لتلك القوى في حال رغبت بعقد جلسة للبرلمان، إذ يسيطر على المدينة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة بافل الطالباني، وهو حليف للإطار التنسيقي، ويسعى إلى تمرير مرشحه لرئاسة الجمهورية، الرئيس الحالي برهم صالح.

وقال القيادي في "الاتحاد الوطني" غياث السورجي، إن "قادة الاتحاد وجهوا دعوة رسمية إلى رئاسة مجلس النواب لعقد جلسة البرلمان في مقر برلمان إقليم كردستان في السليمانية من أجل الانتهاء من الأزمة السياسية وتشكيل الحكومة".

ونقل راديو "المربد" العراقي في 12 أغسطس عن السورجي قوله، إن "هذه الدعوة وجهت بصورة رسمية إلى البرلمان لعقد هذه الجلسة كون الأوضاع الحالية لا تتحمل بقاء الوضع على ما هو عليه الآن"، لافتا إلى أنه "بعد تأزم وضع التظاهرات وتوسعها في العاصمة بغداد بات أمر انعقاد الجلسة أمرا مستفزا للشارع العراقي".

وأضاف السورجي أنه "يجب على جميع القوى السياسية في الوقت الحالي الصبر والانتظار وإيجاد حلول مناسبة وتوافقات سياسية"، مشيرا إلى أنه "في حال توفرت هذه التوافقات يكون الوضع مهيأ في بغداد لعقد جلسة مجلس النواب، فأبواب الإقليم مفتوحة لذلك".