"قتل الثورة".. رفض تونسي عربي واسع لتمرير دستور قيس سعيد

12

طباعة

مشاركة

أثارت أرقام هيئة الانتخابات التونسية بشأن الاستفتاء على الدستور الجديد حالة من اللغط على وسائل التواصل، وصلت حد الاتهام بتزوير النتائج وتضخيم أعداد المشاركين.

وهذا الدستور الذي أعده الرئيس التونسي قيس سعيد، أجري الاستفتاء عليه في 25 يوليو/تموز 2022، ولقي بحسب الصحفيين والرصد المحلي، مقاطعة واسعة رفضا للإجراءات الانقلابية قبل عام.

رئيس الهيئة فاروق بوعسكر، أعلن خلال مؤتمر صحفي مساء 26 يوليو 2022، أن مشروع الدستور الجديد للبلاد حصل على نسبة تصويت بـ "نعم" بلغت 94.6 بالمئة مقابل نسبة تصويت بـ"لا" على هذا النص بلغت 5.4 بالمئة.

وقال إن مليونين و607 آلاف و884 ناخبا صوتوا بـ"نعم" للدستور مقابل 148 ألفا و723 صوتوا بـ "لا"، فيما بلغ إجمالي عدد الناخبين المسجلين 9 ملايين و278 ألفا و541 ناخبا، موضحا أن الأوراق الملغاة بلغت 56 ألفا و479 ورقة، و17 ألف و8 ورقات تصويت بيضاء.

الناشطون اتهموا عبر تغريداتهم على وسوم عدة أبرزها #يسقط_الانقلاب_في_تونس، #دستور_قيس_سعيد، #قيس_سعيد، رئيس هيئة الانتخابات ورئيسها بتزوير النتائج، مشيرين إلى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حذفت نتائج الاستفتاء التفصيلية من صفحتها على فيسبوك، بعدما واجهها مراقبون بالأخطاء الكارثية وقدموا الأرقام الحقيقية.

وأكدوا أن تمرير نتيجة الاستفتاء في ظل حكم الفرد الذي أقره سعيد منذ 25 يوليو 2021 بحل الحكومة والبرلمان والمجلس الأعلى للقضاء، من أسهل المهمات.

ولفت ناشطون إلى أن هيئة بوعسكر منصبة ولا تستطيع أن تتحرك إلا وفق المخطط الذي رسم لها لتنسجم مع الانقلاب، مشيرين إلى أن ما جرى في تونس أثبت أنه أسدل الستار على آخر فصل من فصول الثورة التونسية التي ألهمت الشعوب العربية.

ورأوا أن الاستفتاء على الدستور الجديد يعكس مرحلة انقلابية جديدة في تونس ويمهد لتشبث قيس سعيد بالسلطة لمدى طويل رغم فقدانه للشرعية بخرق القوانين والاستيلاء على السلطات التشريعية والتنفيذية، مراهنين على قدرة الشعب التونسي على إسقاطه.

وأعرب ناشطون عن أسفهم من تعرض ثورة الياسمين إلى عملية اغتيال غادرة نفذها سعيّد بدعم من قوى متواطئة داخل البلاد وخارجها، داعين الشعب التونسي إلى الخلاص من الانقلاب ورموزه، واستعادة حريته وثورته وتصحيح مسارها.

تزوير ودلالات

وندد ناشطون بما حملته الأرقام التي أعلنتها الهيئة من أخطاء، ومحاولة لإيهام الشعب التونسي بارتفاع معدلات التصويت لصالح الدستور.

الصحفية التونسية نائلة الحامي، أشارت إلى وجود لخبطة وتناقض وعدم تطابق في عدة أرقام نشرتها هيئة الانتخابات.

وأعاد الأكاديمي التونسي عبدالستار رجب، نشر تغريدة نائلة، متسائلا: "هل يمكن اعتبار هذا التناقض وعدم التطابق قرينة تزوير؟!". ورجح ذلك، وعدها "قرينة مادية وازنة".

وأكد أن من المهم المطالبة بإعادة فرز الأصوات ومقارنة أوراق التصويت بالسجلات الانتخابية (بما يعني ذلك أيضا التدقيق في الإمضاءات والهويات من خلال عينة عشوائية ممثلة).

وأكدت سميرة السميعي، أن نتائج الاستفتاء على الدستور، أعلنت بتزوير واضح وفاضح.

وتحدث ناشطون عن الدلالات التي تحملها عملية الاستفتاء على دستور جديد لتونس بديلا عن دستور 2014، برمتها، مؤكدين أن المصوتين بنعم لا يعرفون حتى ما يحمله الدستور من بنود وصوتوا نكاية في الإسلاميين.

ورأى الرئيس التنفيذي لمجموعة "فضاءات ميديا" مؤيد الذيب، أن #استفتاء_تونس على دستور #قيس_سعيد فضح الرئيس نفسه وبيّن ضحالة مشروعه.

وكتب رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان: "عندما يدعو قيس سعيد إلى استفتاء على دستور أعده بنفسه وأثار غضبا واسعا، فيقاطعه أو يرفضه أكثر من 70 بالمئة من الشعب، فهذا يعني بوضوح خسارة الرئيس الغالبية الساحقة من شعبه وأنه أصبح يمثل أقلية بين التونسيين، كما يعني أن هذا الدستور هو اعتداء على إرادة الشعب أو سرقة لإرادته الحرة".

ووجه رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد رحمون، تساؤلا لمن صوت بنعم لدستور "الأقلية": "من منهم قرأ فصوله رغم ضيق الوقت، وإن قرأها من منهم فهمها، ومن فهمها من منهم أدرك تميزها وفائدتها لمعاشة ومصير البلاد!؟"

الهيئة وسعيد

وهاجم ناشطون هيئة الانتخابات، وفضحوا تزويرها لنتائج الاستفتاء، كما صبوا غضبهم على قيس سعيد واتهموه بتنفيذ مخطط قوى الثورة المضادة، داعين إلى العمل على إسقاط انقلابه والخلاص من ديكتاتوريته واستبداده.

وأشار الصحفي علاء زعتور، إلى أن هيئة الانتخابات اكتفت عوضا عن الاعتذار أو التفسير والتوضيح، بسحب الجدول الذي تضمن نتائج مغلوطة، ثم أعادت نشر الجداول التفصيلية لكل دائرة انتخابية وكأن شيئا لم يحصل.

ولفت إلى أن الرئيس سعيد نفسه اعترف بـ"أخطاء تسربت" إلى مشروع دستوره، متسائلا: "فما بالك بهيئة الانتخابات؟!".

وقال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، إن دكتاتور تونس الدمية ينهي "عرسه الديمقراطي" على نحو باهت يذكر بنهايته؛ وطبعا من خلال من يديرونه من وراء ستار، وينتظرون إنجازه لمهمة وأد الثورة، مع استمرار الفشل.

وأضاف أن ما حدث سيناريو أرادته "الثورة المضادة"، كي يكون نوعا من الإذلال للشعوب التي تمرّدت، متوقعا أن تكون الأيام حُبلى بالمفاجآت.

ورأى الكاتب الأردني ياسر أبو هلالة، أن لا جديد في نتائج استفتاء سعيد، وأن الاستثناء التونسي انتهى منذ أن حاصر البرلمان بالدبابات ليواصل تدمير المؤسسات الديمقراطية واحدة واحدة، بما فيها هيئة الانتخابات وليكتب دستوره ويصوّت عليه وحده، مؤكدا أن شعب تونس قادر على إسقاط النسخة المشوهة من (رئيس النظام السابق زين العابدين) بن علي.

وقال الصحفي السوري أحمد بريمو: "وإن سألوك عن الثورة التونسية، قل لهم قيس سعيد قتلها".

وأكد الباحث والكاتب الصحفي مصطفى الدروبي، أن في تونس ثورة مضادة، مطالبا قيس سعيّد بالرحيل.

ووصف المغرد عبدالفتاح #قيس_سعيد، بأنه "ديكتاتور تونس لما بعد ثورة الياسمين".

السيناريو المصري

وانتقد ناشطون حفاوة الإعلام المصري بنتائج الاستفتاء المعلنة من قبل الهيئة، مشيرين إلى تبعيته إلى نظام الانقلاب ورئيسه عبدالفتاح السيسي ورغبتهم في أن يطبق مخطط انقلاب مصر في تونس.

وقال طارق المنضوج، إن "فضيحة تزوير الاستفتاء يجب التشهير بها وحملها أمام القضاء"، لافتا إلى أن 13 بالمئة فقط من صوتوا له، وهذا هو العدد الأقرب للصحة.

وأضاف: "نحن أمام اختطاف للدولة وتلاعب بمصير البلاد عبر عملية انقلابية وتزوير استفتاء".

وعد الناشط السياسي المصري عمرو عبدالهادي، أن السيساوية الذين قالوا على نسبة تصويت دستور 2012 في مصر التي كانت 67 بالمئة تدل على سقوط شعبية الرئيس محمد مرسي، هما نفسهم في 2022 بيدافعوا عن شرعية استفتاء دستور #قيس_سعيد ودستوره لم يتعد نسبة التصويت 27 بالمئة.

وسخر الكاتب الحبيب الأمين، من نتيجة الاستفتاء المعلنة، قائلا: "فاز قيس بليلى على سنة السيسي ودستوره".

ونشر أحد المغردين صورة لمتظاهرة تونسية ترفع لافتة مكتوبا عليها: "الاسم: قيس سعيد.. المهنة: عبد الفتاح السيسي"، في إشارة إلى سير الرئيس التونسي على نهج نظيره المصري.

وأشار الكاتب محمد الهاشمي الحامدي، إلى أن من وصفهم بـ"الخرفان" عبيد السيسي فرحانين بمشروع الديكتاتور الفاشل #قيس_سعيد، لافتا إلى أنهم يريدون شعب تونس خاضعا ذليلا مثلهم بأصوات ربع الناخبين فقط.