"فخ مخطط له".. مركز تركي يكشف أسباب اتهام أنقرة بقصف دهوك العراقية
سلط مركز تركي الضوء على تداعيات الهجوم الذي أدى إلى مقتل 8 مدنيين وإصابة 23 آخرين، جراء قصف استهدف منطقة سياحية في قضاء زاخو بمحافظة دهوك شمالي العراق، في 20 يوليو/تموز 2022.
وقال مركز "أورسام" للدراسات، في مقال للكاتب، بيلجاي دومان، إنه "بعد الحادث، ألقى بعض السياسيين في العراق باللوم على أنقرة دون أي دليل، بل وقاموا باحتجاجات منظمة ضد البعثات الدبلوماسية التركية".
وفي أعقاب ذلك، أثار السياسيون مطالب مثل قطع العلاقات الدبلوماسية مع أنقرة وإغلاق البوابات الحدودية.
ورأى دومان أن "العراق يحاول تحويل هذا الوضع إلى أزمة دبلوماسية، وأن الجماعات الموالية لإيران زادت من لهجتها المناهضة لتركيا".
تضليل إعلامي
وأوضح أن "وقوع الهجوم المذكور قرب المناطق التي نفذت فيها تركيا عملية (المخلب- القفل) ضد المناطق التي تمركز فيها تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي (بي كا كا)، دفع الأطراف المعادية لتركيا إلى استهداف أنقرة مباشرة".
وتابع دومان: "في حين أن البيان الذي نشرته الوزارة التركية، أكد من خلال وزير الخارجية، مولود تشاووش أوغلو، بوضوح أن هذا الهجوم لم يتم تنفيذه من قبل أنقرة، وأنهم مستعدون للتعاون لإيجاد الفاعلين".
وفي 18 أبريل/نيسان 2022، أطلقت تركيا عملية "المخلب- القفل" ضد معاقل تنظيم "بي كا كا" في مناطق متينا وزاب وأفشين- باسيان.
وذكر أيضا أنه "تم إيلاء أقصى قدر من الاهتمام لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية والتراث التاريخي والثقافي والطبيعة في حرب تركيا ضد الإرهاب".
وأردف دومان أن "نجاح العمليات في الحرب ضد حزب العمال الكردستاني واضح، لا سيما خلال الفترة الأخيرة، وبهذا المعنى، ليس لدى تركيا عملية عشوائية في شمال العراق، لأنها تتبع إستراتيجية عملية تؤخذ فيها جميع التفاصيل بالحسبان، ويتم الكشف الدقيق عنها وتستخدم فيها الذخائر الذكية".
لذلك، فإن "احتمال قيام تركيا بشن مثل هذا الهجوم في منطقة مزدحمة تحتوي على المنطقة المبنية التي وقع فيها الهجوم ضئيل تقريبا"، وفق الكاتب.
كما أوضح تشاووش أوغلو أن "القوات المسلحة التركية لم تنفذ مثل هذا الهجوم، لأن الأسلحة التي تستخدمها أنقرة في العمليات عبر الحدود هي من الجيل الجديد والتكنولوجيا الحديثة، فيما يشير الخبراء العسكريون إلى أن الانحراف في هذه الأسلحة الموجهة إلكترونيا لا يزيد عن 10 أمتار".
ولا تستخدم تركيا أسلحة مثل قذائف الهاون، التي توصف بأنها (عمياء)، في عملياتها عبر الحدود، لأن "معدل انحراف" هذه الأسلحة "مرتفع جدا".
وأشار دومان إلى أنه "لم يتم التأكيد على نوع السلاح في الهجوم، ففي البداية، تم وصفه بأنه هجوم بطائرة بدون طيار، بعدها تم الإعلان عن أنه كان طلقة مدفع، وأخيرا ذكر أن المنطقة أصيبت بقذيفة هاون".
واستطرد: "في هذا الصدد، لا يوجد أي شيء يشير إلى تركيا مباشرة".
من جهة أخرى، قال رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، إن بلاده "يجب ألا تكون منطقة مفتوحة للنزاعات المسلحة"، داعيا الحكومة إلى "اتخاذ الاحتياطات".
بالإضافة إلى ذلك، فإن دولا مثل الولايات المتحدة وألمانيا وإيران، حين تعرب عن أسفها للهجوم، لا تركز على تركيا، بحسب دومان.
إقليم المنظمة الإرهابية
وأشار دومان إلى أن "أولئك الذين يشعرون بالانزعاج من عملية تركيا ضد الإرهاب في شمال العراق يستخدمون هذا الهجوم كذريعة".
والجدير بالذكر أنه بعد الهجوم، تم إجراء دعاية منهجية وواسعة النطاق معادية لتركيا.
ويقع المكان الذي نفذ فيه الهجوم خارج منطقة سيطرة الحكومة المركزية في بغداد، ويخضع لإدارة حكومة إقليم كردستان شمال العراق.
وبعبارة أخرى، فإن قوات الأمن التابعة للحكومة المركزية ليس لها أي نشاط في هذا المجال على الإطلاق، يؤكد الكاتب التركي.
والهدف من عمليات "المخلب" التركية منذ عام 2019، هو تطهير العناصر الإرهابية في شمال العراق وجعل المنطقة "آمنة ومستقرة".
ومن المعروف أن حزب العمال الكردستاني أخلى وسيطر على ما يقرب من 800 قرية في شمال العراق.
والمنطقة التي وقع فيها الهجوم هي أيضا واحدة من الأماكن التي ينشط فيها حزب العمال الكردستاني، بحسب دومان.
يشار إلى أن المدير العام للسياحة في محافظة دهوك، خيري علي، أكد أنه بعد الهجوم "يجب على السياح عدم دخول المنطقة بسبب وجود حزب العمال الكردستاني وتم تحذير الشركات من حظر الدخول، وتم معاقبة الشركات التي لم تمتثل للقرار".
ولا تزال المنطقة التي وقع فيها الهجوم "منطقة إرهابية".
وفي هذه المرحلة، فإن حقيقة أن المدنيين قد أحضروا إلى المنطقة المعنية ثم يتم تنفيذ هجوم تنطوي على احتمال وقوع "فخ مخطط له".
وأكدت بيانات السلطات التركية أيضا أن حزب العمال الكردستاني ربما يكون قد نفذ الهجوم، وفق الكاتب.
حساب داخلي
وشدد دومان على أنه "من الضروري لفت الانتباه إلى توقيت هذا الهجوم والدعاية المناهضة لتركيا، حيث إن هناك جهودا لتشكيل حكومة في العراق لمدة 9 أشهر تقريبا".
وتابع: "مع ذلك، لا توجد وحدة بين الجماعات الشيعية التي هي السلطة التنفيذية للحكومة، والأكثر من ذلك، أن الانقسامات آخذة في التعمق".
وأشار دومان إلى أن "التسجيلات الصوتية لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي التي يزعم أنها تستهدف السياسيين العراقيين وتدعم جماعات المليشيات كان لها تأثير متفجر على السياسة الداخلية".
وأضاف "لذلك، فإن الهجوم في دهوك، تزامن مع وقت كانت فيه الانقسامات بين الجماعات الشيعية تتعمق".
كما تتضمن بعض التعليقات في وسائل الإعلام العراقية تعليقات مفادها أن الهجوم يعزز الجماعات الشيعية.
وهناك أيضا تحليلات من بعض الخبراء العراقيين بأن مثل هذا الهجوم يحدث "من أجل الضغط على الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني والجماعات الكردية التي تختلف حول مرشح رئاسي".
وعلق دومان: "يتم إلقاء اللوم دائما على الحزب الديمقراطي الكردستاني لأنه رشح مرشحين ضد الرئيس المنتخب من الاتحاد الوطني الكردستاني وأن الحزب الديمقراطي الكردستاني لم يتمكن من تشكيل حكومة لأنهما لم يتفقا على مرشح مشترك".
وتابع: "في هذه المرحلة، لن يكون من الخطأ القول إن تركيا تستخدم كأداة لمواجهة داخلية".
من ناحية أخرى، هناك عملية محتملة من قبل تركيا في شمال سوريا، وامتدادات حزب العمال الكردستاني في سوريا في عجلة من أمرها والاستعداد لها.
وفي هذا التوقيت، قد يتم إلقاء اللوم على تركيا والغرض من ذلك منع عملية في شمال سوريا، يقول دومان.
وتابع: "من ناحية أخرى، من المناسب القول إن هذه التطورات، بغض النظر عن التطورات عبر الحدود، لن تمنع تركيا من مواصلة حربها ضد الإرهاب".
وختم دومان مقاله بالقول: "من الملفت للنظر أنه في الوقت الذي تحارب فيه أنقرة الإرهاب علنا، فإن ردود الفعل هذه من العراق ليست موجهة ضد إيران، التي تستهدف بشكل مباشر المستوطنات في البلاد وتقبل رسميا بذلك".