انقلاب 15 تموز بتركيا.. أربعة أبطال لهم الفضل في إفشال المؤامرة عام 2016

أحمد يحيى | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

في الذكرى السادسة لمحاولة انقلاب 15 يوليو/تموز 2016 في تركيا، ساهمت عدة شخصيات بقوة في إسقاط هذا المخطط وإنقاذ الشعب من براثنه.

وباسترجاع ذلك اليوم الحاسم، يبدو أن الانقلابيين لم يصدقوا أن أحدا سيواجههم أو يقاومهم، فكل المحادثات بينهم كانت تؤكد ضمانة الاستيلاء على كل شيء بسهولة.

أخذوا المطار الرئيس (مطار أتاتورك) في إسطنبول، والتلفزيون الرسمي TRT، وبلدية إسطنبول، وقطعوا جسر البوسفور، والطرق والمفارق الرئيسة، وانضم إليهم بعض عناصر من الشرطة.

كانوا يعتمدون على فكرة أن "الانقلابات في تركيا دائما تنجح"، وأن التاريخ يقول ذلك. فقبل المحاولة الفاشلة الأخيرة، جرت 4 انقلابات تركية ناجحة وحاسمة، في أعوام 1960 و1971 و1980 و1997. 

بعض الانقلابات كانت سهلة، ففي عام 1971، وقع انقلاب عرف بـ "المذكرة العسكرية"، ولم يحتج الجيش حينها أن يرسل الدبابات من الأساس.

إذ اكتفى الجنرال "ممدوح تاجماك"، الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة الأركان العامة التركية، بإرسال مذكرة ليسقط الحكومة وهو في مكتبه.

كل تلك العوامل لم تتوفر في انقلاب 15 يوليو 2016، مع وجود مقاومة حقيقية، وشخصيات قررت المواجهة والتصدي للحركة العسكرية غير المحسوبة. 

فهناك من قرر أن يسير عكس حركة التاريخ، ويقف أمام القوة الغاشمة، فكانت الهزيمة للانقلابيين، والنصر للشعب.

ومع استذكار يوم الانقلاب يتذكرهم الشعب التركي، ويتذكر التضحيات التي بذلوها، والقرار الجريء الذي اتخذوه. 

عمر دمير 

لولا أن الأتراك رأوا بؤس 4 انقلابات عسكرية، لربما صعب عليهم قرار المقاومة، فكانت اللحظة الحاسمة عند مقر القوات الخاصة في أنقرة.

حينها نجح الضابط عمر خالص دمير في قتل الجنرال الانقلابي سميح ترزي، ومواجهة المجموعة الانقلابية التي جاءت للسيطرة على المقر الإستراتيجي. 

هنا حدثت الصدمة، وعلم قادة الانقلاب العسكري أن الأمر لن يكون سهلا. فما أقدم عليه عمر خالص دمير كان له أثر كبير في إفشال محاولة انقلاب 2016.

فلو نجح الانقلابيون في السيطرة على مقر القوات الخاصة لكانوا حققوا إنجازا كبيرا وأعاقوا تحرك الجنود لدحر الانقلابيين، ولنفذوا عمليات اغتيال واسعة، وفق تقديرات تركية.

بعدها أضحى دمير رمزا وطنيا ترفع صوره خلال أيام فعاليات "صون الديمقراطية" التي عاشتها تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة.

كما أن اسم دمير تردد في خطب السياسيين الأتراك، وتحول إلى أيقونة من أيقونات الجمهورية التركية الحديثة، وأصبح قبره أحد أهم المزارات لآلاف الأتراك تقديرا لبطولته.

وأطلق اسم دمير على عدة مؤسسات، منها جامعة نييده، ومدرسة ثانوية في منطقة اتيمسغوت بأنقرة، ومدرسة إعدادية في مقاطعة يونس إمره في مانيسا، ومدرسة ابتدائية في كهرمان مرعش، وكذلك إحدى مدارس الأناضول للأئمة والخطباء في إزمير، ومدرسة أئمة وخطباء في يني محلة بأنقرة، وأخرى محلها في جكمه كوي في إسطنبول.

وفي 19 أبريل/نيسان 2018، حكمت محكمة تركية، بالسجن مدى الحياة على 18 شخصا أدينوا بقتل العسكري الذي يعد بطلا وطنيا وقد اعترف المتهمون بـ"القتل العمد" له وبـ"محاولة إسقاط النظام الدستوري"، في إشارة إلى الانقلاب.

زكائي سقاللي

وإذا كان الحديث عن فضل عمر خالص دمير في إفشال الانقلاب، فلا يمكن فصل ما فعله عن قائده المباشر الفريق زكائي آق سقاللي. فالمحادثة الأخيرة بين دمير وسقاللي، كانت فاصلة في ليلة الانقلاب العسكري. 

وعندما اتصل دمير بزكائي، قال له الأخير: "أوكلك مهمة تاريخية باسم وطننا وأمتنا، العميد ترزي خائن للوطن وعاص. اقتله قبل الدخول للمقر".

وأضاف: "نهاية ما ستفعله هو الاستشهاد.. أنت تعلم أننا كنا معا لعشرين سنة. سامحني".

عمر خالص دمير رد قائلا: "على الرحب والسعة يا سيدي، أسامحك في حقي، وأنتم أيضا سامحوني". 

انطلق بعدها الضابط في القوات الخاصة، وقتل العميد الانقلابي سميح ترزي، ومنع سقوط مقر القوات الخاصة في يد الانقلابيين.

لم يقف دوره عند هذه النقطة فقط بل نزل إلى الشارع وقاوم الانقلابيين، الذين حاولوا القبض عليه في أحد شوارع العاصمة أنقرة، لكنه تمكن من الفرار.

ثم أعطى أوامر حاسمة لعناصر القوات الخاصة بمقاومة الانقلاب بكل الطرق الممكنة وعدم التسليم له مهما كانت الظروف.

أوميت دوندار

لحظة وقوع الانقلاب، كان الفريق أوميت دوندار، يشغل منصب قائد الجيش الأول، ومقره إسطنبول. 

ويعد الجيش الأول التركي، حارس الحدود مع بلغاريا واليونان، ويتمركز في كامل تراقيا الشرقية بالإضافة إلى مضيقي البوسفور والدردنيل.

ويبلغ تعداده نحو 120 ألف مقاتل، وهو الجيش الأكبر بين أربعة جيوش تركية. لذلك كان دخوله في إطار العملية الانقلابية سيكون حاسما ومؤثرا في نجاحها. 

ومع ذلك رفض دوندار الانصياع إلى الانقلابيين، الذين حاولوا اعتقاله في البداية، وكانت المراسلات فيما بينهم "اعتقلوا قائد الجيش الأول". 

كما اتصل أوميت دوندار بالرئيس رجب طيب أردوغان وقال له: "أنت رئيسنا الشرعي، وأنا إلى جانبكم، يوجد انقلاب كبير، والوضع خارج السيطرة في أنقرة، تعالوا إلى إسطنبول وأنا سأؤمن لكم طريق الوصول والإقامة هناك". 

وقد عين أوميت دوندار نائبا لرئيس الأركان عقب اعتقال رئيس الأركان الفريق أول خلوصي أكار، على يد الانقلابيين.

وفي 28 يوليو 2016 عين رئيسا ثانيا لرئاسة الأركان بعد قرار من المجلس الأعلى للشورى العسكرية، تقديرا لدوره الحاسم في إفشال الانقلاب. 

هاندا فيرات 

الدور الذي لعبته الإعلامية التركية هاندا فيرات، ضد الانقلاب العسكري، لم يقل عن ما فعله كبار الضباط والعسكريين. 

فعندما توجه فيلق من المجموعة الانقلابية إلى مقر قنوات "تي آر تي" الرسمية التركية، وأجبروا المذيعة "تيجان كاراش" على قراءة بيان الانقلاب العسكري، كانت فيرات تجري واحدة من أهم المكالمات في تاريخ الجمهورية التركية. 

وخرجت في بث مباشر مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من خلال تطبيق "فيس تايم" على قناة "سي إن إن تورك". 

هذا البث التاريخي غير مسار الانقلاب إذ دعا أردوغان الشعب التركي للخروج إلى الشارع والمقاومة والصمود في وجه الانقلابيين. 

وبالفعل استجاب ملايين المواطنين الأتراك لدعوة الرئيس، ونزلوا إلى الشوارع، واندلعت المظاهرات الرافضة للانقلاب. 

وأرجع خبراء ذلك الحدث إلى جرأة وشجاعة المذيعة في هذا التوقيت العصيب.

حتى إن الهاتف الذي أجرت عليه فيرات الحوار مع الرئيس التركي جرى الاحتفاظ به داخل المتحف الذي شيد لتأريخ يوم الانقلاب. 

كما فازت فيرات بجائزة "الحدث الإعلامي للعام" في حفل توزيع جوائز الفراشة الذهبية 43، لدورها البارز في إفشال الانقلاب العسكري. 

وقالت حين استلامها الجائزة إنها تأخذها لجميع "من استشهد لأجل تركيا ولكل المحاربين القدامى وللماضي العريق".