"ذئب متنكر".. صحيفة فرنسية: البرهان يبدأ تطبيق مخططاته رغم ضغط الشارع
.jpg)
انتقدت صحيفة فرنسية إجراءات رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، الذي وصفته بـ"الجنرال الانقلابي"، بعدما قدم خطته السياسية التي من المفترض أن تفسح المجال أمام حكومة مدنية.
وقالت صحيفة "لوبوان" إن "الخطة هي مبادرة سياسية نددت بها المعارضة التي احتشدت منذ أيام مع المتظاهرين، للمطالبة برحيل هذا القائد العسكري".
وفي 4 يوليو/تموز 2022، أعلن البرهان عدم مشاركة الجيش في الحوار الوطني، "لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية والمكونات الوطنية، لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة تتولى إكمال مطلوبات الفترة الانتقالية".
مناورة مكشوفة
ودعت "قوى الحرية والتغيير"، العمود الفقري للحكومة المدنية التي أقيلت خلال انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إلى "الحفاظ على الضغط الشعبي".
ووصفت قوى الحرية والتغيير، في 5 يوليو 2022، تصريحات البرهان بأنها "مناورة مكشوفة وتراجع تكتيكي".
ودعت إلى "مواصلة التصعيد الجماهيري بطرقه السلمية كافة من اعتصامات ومواكب وإضراب سياسي، وصولا للعصيان المدني الذي يجبر السلطة الانقلابية على التنحي".
وأثار إعلان البرهان -وهو الرجل الأول في السودان- عن عزمه إفساح المجال لحكومة مدنية عبر استبدال مجلس السيادة -أعلى سلطة في البلاد- بـ"مجلس أعلى للقوات المسلحة يكون مسؤولا فقط عن مسائل الأمن والدفاع"، دهشة الجميع، وفق "لوبوان".
ورفضت قوى الحرية والتغيير، تشكيل حكومة قبل رحيل البرهان، وشككت بشدة في نواياه، لكن "الجنرال بدأ في وضع اللمسات الأولى لخطته".
وفي 6 يوليو 2022، أقال البرهان، الأعضاء المدنيين الخمسة في مجلس السيادة الذي عينه بعد الانقلاب، والذين كان يعتقد أنهم يلعبون دورا ثانويا، تقول الصحيفة الفرنسية.
وأخبر بعض هؤلاء الأشخاص الخمسة غير السياسيين وغير المعروفين، الصحافة المحلية أنهم لم يتلقوا أي إخطار رسمي، واكتشفوا، بدهشة، أنه لم يعد لديهم سيارات حكومية كانوا في السابق يستعملونها لصالحهم.
وأفاد بيان صدر عن مجلس السيادة الانتقالي، بأن البرهان "أصدر مرسوما دستوريا يقضي بإعفاء أعضاء المجلس المدنيين من مناصبهم".
وذكر البيان أن "رئيس المجلس أعفى رجاء نيكولا عبدالمسيح، ويوسف جاد كريم، وسلمى عبدالجبار المبارك، وعبدالباقي عبدالقادر الزبير، وأبو القاسم محمد أحمد برطم".
وأوضح أن "البرهان عقد اجتماعا مع الأعضاء الخمسة وشكرهم على استجابتهم لنداء الوطن والعمل بمثابرة واجتهاد من أجل خدمة المواطنين".
وأضاف البيان أن "رئيس مجلس السيادة أعرب عن أمله في استمرار عطائهم في ميادين العمل العام المختلفة".
"النساء في الشارع"
وقالت الصحيفة الفرنسية: "في الشارع ورغم مقتل 9 متظاهرين خلال الأيام القليلة الماضية في القمع الذي شهدته شوارع الخرطوم، تستمر التعبئة ضد الجنرال الانقلابي".
وتجمع مئات النساء في الخرطوم وهتفوا "دماء الشهداء لم تذهب هباء"، و"الجنود في الثكنات.. النساء في الشارع".
وقالت المتظاهرة، تهاني عمر، لوكالة "فرانس برس" إن "هذا الاستعراض هو تذكير بدور المرأة في ثورتنا".
ونصب المتظاهرون حواجز ومخيمات جديدة في الخرطوم وضواحيها، كما أعلنوا اعتصاما آخر لأجل غير مسمى في منطقة "واد المدني" على بعد 200 كيلومتر جنوب الخرطوم.
وصرح المتظاهر، محمود ميرغني، في منطقة "ود المدني" لوكالة "فرانس برس" إننا "لن نبرح أماكننا قبل تشكيل حكومة مدنية".
فيما قالت متظاهرة أخرى تسمى صفاء عبد الرحيم: "أطلقنا الاعتصام ردا على خطاب البرهان، نريد الحرية والسلام والعدالة وحكومة مدنية".
وأصر المحتجون على تحدي قوات الأمن وإبقاء العوائق الموضوعة لقطع الطرق، "رغم الحصيلة الفادحة لقتلى الاحتجاجات أخيرا".
وسعت قوات الأمن إلى تفريق المحتجين بإطلاق القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع، وفق "نقابة الأطباء" المؤيدة لعودة الديمقراطية.
وقتل 114 متظاهرا وأصيب الآلاف في حملة قمع ضد الانقلاب منذ أكتوبر 2021، بحسب تقرير "نقابة الأطباء".
رحى المعركة
وخلال الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق، عمر البشير، عام 2019، واصل المتظاهرون اعتصامهم لمدة ثمانية أشهر.
وتوصلوا منذ 21 أغسطس/آب 2019 إلى نتيجة في إطار مرحلة انتقالية مفادها أن يتقاسم الجيش السلطة مع المدنيين لقيادة البلاد نحو أول انتخابات ديمقراطية.
لكن خلال الانقلاب -في 25 أكتوبر 2021-، صادر البرهان السلطة من المدنيين، وطرد جميع المدنيين من الحكومة ومجلس السيادة، ووضع حدا لمسار الانتقال نحو الحكم المدني الكامل.
وبعد إعلان الانقلاب، كانت الأمم المتحدة تأمل في "فرصة للتوصل إلى اتفاق"، ودعت الولايات المتحدة إلى "حكومة بقيادة مدنية" و"انتخابات حرة".
من جانبه، يرى الأمين العام لقوى الحرية والتغيير، ياسر عرمان، أن "خطاب البرهان يستهدف قبل كل شيء المجتمع الدولي، الذي يريد بعض أعضائه حلولا سريعة تفضل الاستقرار على الديمقراطية".
وأوضح عرمان أن "البرهان يريد اختيار رئيس وزراء يكون ذئبا في ثياب الحملان ويأخذ أوامره من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ويحتفظ الجيش بالسلطات السيادية والتنفيذية، بحجة إيجاد حل سياسي للوضع في البلاد".
لكن بالنسبة للمتظاهرين في الشارع، فإن رحى المعركة تكمن في خزائن الدولة الفارغة في بلد محروم من المساعدات الدولية منذ الانقلاب ويغرق في أزمة اجتماعية واقتصادية تفاقمت خاصة مع أزمة كورونا، توضح "لوبوان".
وقال متظاهر في الخرطوم، طلب عدم الكشف عن هويته، إنه "يجب أن يُقدم كل شخص قتل المتظاهرين إلى العدالة، والبرهان أولهم".