سيناريوهات سقوط نظام الحكم في العراق قبل 2024.. حقيقة أم شائعة؟

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

أثارت تصريحات شخصيات سياسية عراقية بارزة عن قرب الإطاحة بالنظام السياسي القائم عبر تدخل مباشر من قوى خارجية، تساؤلات عدة عن مدى إمكانية تحقق ذلك، في ظل عدم أي وجود مؤشرات دولية تنبئ بوجود سيناريو مشابه لما حصل عام 2003.

وفي 9 أبريل/ نيسان 2003 أقدمت الولايات المتحدة وبريطانيا على احتلال العراق وإسقاط نظام حزب البعث بقيادة الرئيس الراحل صدام حسين، بحجة وجود أسلحة دمار شامل، وإحلال نظام سياسي جديد مكانه مبني على أساس المحاصصة الطائفية.

وتأتي هذه الجدالات في وقت يشهد فيه العراق أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية متفاقمة، فرغم مرور نحو 9 أشهر، لا يزال الفرقاء السياسيون، وفي مقدمتهم الموالون لإيران، عاجزين عن تشكيل حكومة جديدة تعطي أملا لانفراجة تخفف من معاناة العراقيين.

النهاية 2024

السيناريو الجديد الذي يتحدث عنه سياسيون عراقيون، سيتحقق خلال العامين المقبلين، إذ يقول النائب السابق فائق الشيخ علي (ليبرالي)، إن "مخططا يدار الآن لإسقاط نظام الحكم في العراق خلال العامين المقبلين"، مؤكدا أن "قوة التغيير ستكون ساحقة مدمرة تطلق مرحلة صعود البلاد كمحور للمنطقة".

وظهر الشيخ علي خلال مقابلة تلفزيونية في 5 يوليو/ تموز 2022 بمعلومات وصفت بأنها "صادمة" قال إنه اطلع عليها وهي "مؤكدة"، مشيرا إلى أن هذا الظهور الإعلامي له سيكون الأخير لحين وقوع "الأحداث الكبرى في العراق" عام 2024.

وأكد الشيخ علي، أن "قوة ساحقة مدمرة ستزيح الطبقة السياسية برمتها، لتبدأ مرحلة مغايرة لعراق جديد يكون محور المنطقة"، لافتا إلى أن "عام 2024 هو أقصى موعد للقضاء على النظام الحالي إلى الأبد".

وذكّر السياسي العراقي المقيم في لندن بتنبؤات سابقة عن سقوط نظام صدام حسين قبل عام 2003، مشيرا إلى أن "السياسيين المعارضين حينها كانوا يسخرون من تلك التنبؤات، قبل أن تقع".

ورفض الشيخ علي الكشف عن "الدولة التي تتبنى إسقاط النظام وآلية التنفيذ"، مؤكدا أنه "على اطلاع على المخطط الكامل لإسقاط النظام، وأنه لا توجد قوة تستطيع إيقاف ما سيحصل حتى إيران".

وقال أيضا، إن "المسؤولين عن هذا النظام قاطبة سيقتلون في حال أبدوا المقاومة، أو يعتقلون ويعترفون بجرائم القتل والسلب ثم يحاكمون ويعدم منفذو الجرائم"، مشددا على أن "القوة القادمة هائلة ضاربة قاضية مدمرة عنيفة لا يوجد لديها رحمة على الإطلاق".

ونفى الشيخ علي أن "يكون هناك مكان لحزب البعث أو أي من القوى الطائفية في النظام الجديد"، لافتا إلى أن "الحاكم في العراق سيكون شخصا مدنيا وطنيا عراقيا بعيدا عن الدين والطائفية والقومية، ليبدأ مرحلة تحول على مستوى البناء والإعمار والثقافة. النظام الجديد لن يسمح بالفوضى التي حدثت بعد غزو عام 2003".

وبين السياسي العراقي أن "انسحاب شركات نفطية كبرى من كردستان خطوة ضمن المخطط القادم"، في إشارة إلى إعلان شركات النفط الأميركية "شلمبرغر" و"بيكر هيوز" و"هاليبرتون" امتثالها لقرار القضاء العراقي بعدم شرعية تعاقدها مع إقليم كردستان، حسب وزارة النفط العراقية في 5 يوليو 2022.

وعلى الوتيرة ذاتها، أكد السياسي العراقي المستقل ليث شبر، خلال مقابلة تلفزيونية في 6 يوليو 2022، أن كل المعلومات التي تحدث عنها الشيخ علي كانت صحيحة مئة بالمئة، وأنها موجودة لدينا قبل أشهر. 

وأوضح شبر أن مشروع التغيير في العراق بدأ، حينما جمعت القوى الدولية كل المعلومات الدقيقة على الطبقة السياسية الحاكمة،  ولأن هذه الطبقة امتازت بالفساد وجمع الأموال، وكلها كانت مكشوفة أمام القوى الدولية، والمال سبب رئيس لإسقاط هذه الطبقة السياسية.

وأشار إلى أنه، نحن لا نميل إلى أن يكون التغيير من الخارج لأنه سيؤدي إلى التقسيم في العراق، وأن مجلس الأمن الدولي هو من سيتولى ذلك ويصدر قرارا لإنهاء النظام السياسي في البلد.

تحرك دولي

وفي السياق ذاته، يقول رئيس "الجبهة العراقية الوطنية للمعارضة" أحمد الأبيض خلال مقابلة تلفزيونية في 6 يوليو، إن "شريعة نظام المليشيات والقتل في العراق بدأت تنزع، لأن مجلس الأمن والأمم المتحدة كان معترفا بها، وبدأ المجتمع الدولي يتحرك بفتح قضايا قتل ومليشيات في العراق، وحتى دخول تنظيم الدولة، لذلك هذا النظام بدأ يرتجف".

وأضاف: "الوضع العراقي على الحافة حاليا، والآن العراق محط اهتمام دولي، لأزمة الطاقة الدولية الكبرى، وأهميته من ناحية جغرافية واقتصادية، وبالتالي أمن المنطقة وشعوبها مرتبط بالعراق، لأن إيران عندما هيمنت عليه تريد السيطرة على المنطقة".

وأشار الأبيض إلى أن "العراق لا يزال تحت الوصاية الأميركية وقبل أيام زار أهم سيناتور أميركي العراق وهو ليندسي غراهام، وذهب إلى بغداد وأربيل، لأن هناك ترتيبا جديدا في المنطقة، وهذه الزيارة فيها أوامر إلى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وغيره".

وتابع: "غراهام يريد التزاما من الكاظمي بشأن موقفه إذا حصل شيء في المنطقة، أي إذا تعرضت إيران إلى ضربة، لكن ما سيحدث في العراق هو تحول كبير، لذلك يجب أن تتناسى القوى الوطنية خلافاتها حتى لا نخسر فرصة أخرى وتأتي معادلة أسوأ من عام 2003".

وفي زيارة إلى العراق استمرت يومي 4 و5 يوليو، قال غراهام خلال مقابلة مع قناة "الشرقية" العراقية من بغداد، إن "قلقي الأكبر هو الفساد في المنطقة، ولا يمكن أن نسمح بحدوث ذلك هنا (العراق)، وسأعود إلى واشنطن وأعمل مع زملائي لبناء نظام يمكن للولايات المتحدة من خلاله تعقب الفساد. الأيام التي يسرق فيها من قوت الناس يجب أن تنتهي".

ولفت إلى أن "المليشيات مشكلة حقيقية في العراق، صحيح أنهم شاركوا في القتال ضد تنظيم الدولة، لكن الآن أصبحوا أقوياء وفي بعض الأحيان أقوى من القوات النظامية العراقية، وهذه أكبر التحديات التي تواجه الحكومة العراقية وتشكيل الحكومة الجديدة".

وأكد السيناتور الأميركي أن "إيران تستعمل هذه المليشيات لزعزعة الأمن في العراق، إنها مشكلة كبيرة جدا في العراق ونسعى للمساعدة، لكن المشكلة الأساسية الفساد".

ولفت غراهام إلى أن "إيران تكره الديمقراطية في العراق، وهي عبارة عن كابوس لإيران، لكن أعتقد أن العراق الأصيل لا يقبل أن تسيطر عليه إيران ولا حتى الولايات المتحدة".  

"تصدير الوهم"

وتعليقا على الحديث عن وجود سيناريو لإسقاط الحكم في العراق عام 2024، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، لطيف المهداوي لـ"الاستقلال"، إن "هناك فريقا معتبرا يروج لذلك الانقلاب على النظام السياسي، وتغيير المعادلات، ومحاكمة الطبقة السياسية الفاسدة".

وأضاف: "مع كل الطرح الحاصل عن الموضوع، لكن لا أحد يقول كيف يكون ذلك، ومن الذي يقوم به، وهل سيمضي لنهاياته من دون تدخل المتضررين الدوليين أو المحليين؟ هذه الأسئلة بحاجة إلى أجوبة. أما فرضية (أرض الأمل) فلم تتحقق إلا في أفلام الكرتون".

وفي السياق ذاته، نشر المحلل السياسي العراقي، فلاح المشعل سلسلة تغريدات على "تويتر" في 6 يوليو، وصف فيها ما طرحه فائق الشيخ علي وأحمد الأبيض بأنها "أمنيات بائسة".

وأضاف: "لم أشأ الرد عليهم لولا أنها تترك آثارها بإضفاء الوهم وتوسع الخيال بالتغيير القادم من الخارج بصيغة احتلال جديد، وتعميم فكرة أن لا تغيير يحدث دون احتلال خارجي، وهو ما لم يحصل أبدا بعد هذا الخراب والفوضى وخضوع البلاد لأربع احتلالات صريحة".

وتابع المشعل: "وإذا ما حصل فإنه يأتي لازدياد حالة الخراب والتمزق الذي أحدثه الاحتلال وسلطات الفساد التي توالت على حكم البلاد، بينما التغيير مسؤولية الشعب أولا، وأعتقد ومعي غالبية العراقيين بأن النظام السياسي الحالي يمر بأزمة وجود وحياة بعد أن فقد طاقته على الاستمرار".

ومضى يقول: "ما يجعل التغيير مسؤولية الوطنيين الأحرار من داخل الوطن، وليس انتظارا لما تصدره أميركا أو غيرها كما يتنبأ الصديق فائق أو يشتهي الأخ الأبيض، في وقت لم تستطع أميركا كبح جماح إيران وتمددها بعد سنوات من محاصرتها اقتصاديا".

وأشار إلى أن "الرؤية السياسية ينبغي أن تبنى على قراءة صحيحة تنبع من داخل المشهد العراقي وتفصيلاته وتطوراته وحراكاته الاجتماعية التي تمر بأسئلة باحثة عن تصحيح أخطائها، وتسعى لتجهيز مسؤوليتها في تغيير سياسي وطني يعتمد القدرات الكامنة في شعب أعطى البرهان على قوته بانتفاضة تشرين عام 2019".

وأردف: "أقدر عاليا رغبتكم بالتحرر من نظام سياسي فاسد جاء به الاحتلال الأميركي ودعمته دول الجوار ليكون بخدمتها في إضعاف وتدمير المجتمع والدولة، لكن لا تبيعونا الوهم الذي خدعتنا به مسميات المعارضة وقت الجلبي (سياسي عراقي معارض) والجعفري (رئيس وزراء العراق عام 2005) وجوقة اللصوص والأحزاب الفاسدة".

وتساءل المشعل قائلا: "هل استمعتم لما كانت تردده حناجر تشرين بساحات التحرير، هل لفت انتباهكم شعار (لا شرقية ولا غربية) كإحدى استجابات المرحلة الراهنة لمشروع التغيير؟".

واتفق مع ذلك المحلل السياسي العراقي، هيثم هادي نعمان خلال تغريدة على "تويتر" في 5 يوليو، بالقول: "ما قيل عن قوة ضاربة تحرر العراق من الخارج ما هو إلا وهم و خيال يدغدغ مشاعر العراقيين ويعزز فكرة انتظار المنقذ الخارجي التي أجلت الرغبة الثورية في التغيير لزمن إضافي".