فشلت في 2014.. ما احتمالات نجاح اسكتلندا بالاستقلال عن بريطانيا؟
سلطت صحيفة "غازيتا دوت رو" الروسية الضوء على مطالبة اسكتلندا للمرة الثانية بالانفصال عن بريطانيا وتحقيق استقلالها.
ومنتصف يونيو/حزيران 2022، أعلنت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجن، عن بداية حملة جديدة للمطالبة بإجراء استفتاء شعبي جديد من أجل انفصال اسكتلندا عن بريطانيا.
وكانت المرة الأولى عام 2014، وأظهرت النتائج وقتها، بعد فرز جميع الأصوات في الاستفتاء، تصويت 55 بالمئة من الناخبين لصالح البقاء ضمن المملكة المتحدة، مقابل 45 بالمئة صوتوا لصالح الانفصال.
وصوتت آنذاك 4 مناطق فقط لصالح الانفصال، جاءت على رأسها "جلاسجو"، أكبر مدن اسكتلندا، بجانب "دندي"، و"دونبارتونشاير" الغربية، و"لانكشاير"، الشمالية، في حين صوت معظم الناخبين في العاصمة "أدنبره"، لصالح البقاء.
وفي المطالبة الجديدة تساءلت الوزيرة الأولى: "هل نظل مرتبطين بنموذج اقتصادي بريطاني يوجهنا إلى نتائج اقتصادية واجتماعية سيئة نسبيا من المرجح أن تزداد سوءا وليس أفضل خارج الاتحاد الأوروبي؟ أم أننا بدلا من ذلك نرفع أعيننا بالأمل والتفاؤل ونستلهم من البلدان المماثلة عبر أوروبا؟"
وفي حملة على وسائل التواصل الاجتماعي أطلقت بعد الخطاب، كانت النرويج وفنلندا والدنمارك وأيرلندا من بين الدول التي جرى الاستشهاد بها كأمثلة على الدول الأوروبية التي تجاوزت مشكلات مماثلة مثل اسكتلندا خلال جائحة كورونا، لكنها ظهرت بآفاق اقتصادية أكثر إيجابية.
ويبقى هذا الطلب وفقا للعرف الدستوري البريطاني مرهونا بموافقة رئيس الوزراء بوريس جونسون.
وبحسب الكاتبة "أليس أندريفا"، فإن كل ما في الأمر هو إجراء استفتاء استشاري. ووعدت الوزيرة الأولى في أوقات سابقة بتنظيم استفتاء جديد على الاستقلال عام 2023 من أجل جعل اسكتلندا "أكثر ازدهارًا وعدالة".
وصرحت أخيرا قائلة: "حان الوقت للحديث عن الاستقلال ثم الاختيار". وحسب "ستورجون"، فإن اسكتلندا لن تعتمد على قرارات حكومة وستمنستر (مدينة في لندن)، التي لم تصوت لصالحها.
وأيد وزير حزب الخضر الاسكتلندي "باتريك هارفي" موقفها، مشيرا إلى أن السلطات البريطانية لا تفكر في مصالح الشعب الاسكتلندي.
في نفس اليوم، نشرت السلطات الاسكتلندية أول سلسلة من الوثائق تدعى "بناء اسكتلندا الجديدة".
ضد الاستفتاء
وقال متحدث باسم جونسون، إن رئيس الوزراء يعتقد بأن الوقت غير مناسب الآن للحديث عن استفتاء على استقلال اسكتلندا لكن الحكومة ستبحث بتعمق اقتراح رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجن في هذا الشأن.
وبحسب الكاتبة، أعرب "بوريس جونسون" بدوره مرارا وتكرارا أنه لن يسمح بإجراء استفتاء ثان، لأن شعب اسكتلندا أعرب بالفعل عن إرادته قبل ثماني سنوات.
بالإضافة إلى ذلك، وصف رئيس الوزراء البريطاني في يناير/كانون الثاني 2021 فكرة إجراء استفتاء ثان على الاستقلال بأنها "بلا معنى".
وأشار رئيس الوزراء البريطاني إلى أن "نفس الأشخاص الذين استمروا في الحديث عن الاستفتاء عام 2014، جادلوا بأن مثل هذا التصويت يجب أن يجري مرة واحدة فقط في كل جيل". ومع ذلك، تعتقد "ستورجون" أن جونسون يمكنه تغيير رأيه.
وأضافت الكاتبة أن "ستورجون" أعربت قائلة: "يجب أن يكون الناس في اسكتلندا قادرين على التحدث عما إذا كانوا يريدون الاستقلال أم لا".
وأردفت: "تغير العالم كثيرا منذ عام 2014 عندما جرى الاستفتاء (الأول) حول هذه المسألة. بالإضافة إلى ذلك، لم تدعم اسكتلندا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
وواصلت بالقول "هذه حجة ديمقراطية". ففي رأيها، "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جعل إعادة توحيد أيرلندا وأيرلندا الشمالية أكثر ترجيحا".
وعلقت "ستورجون": "من المهم للغاية بالنسبة لنا أن نكون جزءا من الاتحاد الأوروبي والسوق الأوروبية المشتركة".
وتابعت: "طُردنا منها اليوم ولكن بصفتنا دولة مستقلة داخل الاتحاد الأوروبي، يمكن أن نكون بمثابة جسر بين بروكسل وبريطانيا".
ووصفت السياسية إحجام الحكومة البريطانية عن إعطاء الاسكتلنديين فرصة التصويت بأنه شائن ومعاد للديمقراطية.
وأكدت: "جونسون يحرم الاسكتلنديين من حق التصويت. لم يكن ثابتا في القضايا الأخرى، فلماذا لا يغير رأيه الآن؟، ليس لديه مبادئ سياسية".
عواقب الاستقلال
وأشارت الكاتبة إلى أن الممثلة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية "ماريا زاخاروفا" علقت بالفعل على المبادرة الاسكتلندية لتنظيم استفتاء.
فقد أعربت قائلة: "وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس تتجول في دول البلطيق على متن دبابة وتضغط من أجل إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا بينما كانت بلادها تنهار".
وكتبت "زاخاروفا" على قناتها في التليغرام: "لماذا لا يريد رعايا صاحبة الجلالة العيش في بلد ناجح مثل بريطانيا ويطالبون بشدة بالاستقلال عنها".
ونشرت مجلة "ذا ناشيونال انترست" الأميركية في 18 مايو 2022 أن استقلال اسكتلندا عن بريطانيا سيشكل تهديدا لأمن وسلامة حلف شمال الأطلسي "الناتو".
فعواقب انسحاب اسكتلندا من بريطانيا قد تدمر البنية التحتية لتأسيس وخدمة الغواصات النووية لدول الناتو، فضلا عن التكاليف المرتبطة بنقل قواعد تلك الغواصات.
وبحسب الصحيفة، فإن استحواذ اسكتلندا على السيادة سيؤدي أيضا إلى تفاقم أزمة الطاقة والتأثير سلبا على أمن الطاقة في أوروبا في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، سيؤدي هذا القرار إلى عجز في الميزانية الاسكتلندية بنسبة 10 إلى 20 بالمئة.
كما أشارت "ستورجون" إلى أنه بعد استقلال اسكتلندا، يجب أن تنضم إلى الناتو من أجل ضمان أمنها خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.