صحيفة أميركية: ثلاثة عوامل وراء تهديد المجاعة لعدد من الدول حول العالم

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة لوس أنجلوس تايمز أن الحرب الروسية في أوكرانيا المستمرة منذ 24 فبراير/شباط 2022، فاقمت عدد الجياع عبر العالم وتهدد بأزمة غذاء عالمية.

وأوضحت الصحيفة الأميركية أن المشاهد التي عاينها الصحفيون والعاملون في المجال الإنساني في الأشهر الأخيرة لافتة للنظر.

في السودان، يبحث الأطفال عن أي شيء يأكلونه، وفي اليمن، حيث منعت الأطراف المتحاربة المساعدات الإنسانية، يواجه الأطفال وأمهاتهم خطر الموت جوعا. وفي أوكرانيا، يجمع كبار السن مياه الأمطار للشرب.

وكان سوء التغذية والجوع مشكلتين كبيرتين حتى قبل أن تغزو روسيا أوكرانيا وتعزل سلة الخبز الأوروبية عن أسواقها، مما أثار موجة من التحذيرات الرهيبة بشأن الإمدادات الغذائية في العالم.

وتعاني العشرات من البلدان في جميع أنحاء العالم بالفعل من نقص الغذاء المدمر لدرجة أن عدد الأشخاص الذين يواجهون المجاعة تضاعف في العامين الماضيين فقط، إلى 345 مليونا، وفقا لأرقام الأمم المتحدة.

تفاقم المعاناة

والأسباب لا تعد ولا تحصى ومن بينها الجفاف والفيضانات وانقطاع سلاسل التوريد بسبب جائحة كورونا، خاصة في الصين، إضافة إلى ما يقدر بنحو 20 حربا أو صراعا- أحدثها في أوكرانيا- والتي أعاقت بشكل خطير الوصول إلى الغذاء والماء.

وقال رامين تولوي مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الاقتصادية، وهو أحد مسؤولي إدارة الرئيس جو بايدن المكلفين بشؤون الغذاء: "إن التحدي الحالي للأمن الغذائي الذي نواجهه يرجع إلى هذه العوامل الثلاثة: المناخ، وفيروس كورونا، والصراع".

ولفت الوضع القاتم انتباه الدبلوماسيين عندما اجتمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين ووزراء خارجية ستة من أكبر اقتصادات العالم في ألمانيا أواخر يونيو/حزيران 2022، لوضع خطط لتخفيف نقص الغذاء العالمي.

ويتوقع قلة من المراقبين اتخاذ حلول حقيقية لكنهم يأملون في أن تسلط القمة الضوء على الأزمة وتعزز التمويل لجهود مكافحة الجوع، وفق الصحيفة.

وقال بلينكين إن إدارة بايدن خصصت حوالي 8.5 مليارات دولار للمساعدات الغذائية الطارئة والبرامج ذات الصلة، مع التركيز في البداية على القرن الإفريقي واليمن ولبنان وهايتي.

وأوضح بالقول "استشهدنا جميعًا بأرقام انعدام الأمن الغذائي المتزايد هذا.. لكن ما نعرفه أن هذه الأرقام هي أشخاص، أناس حقيقيون، حياة حقيقية، سبل عيش حقيقية، أمهات، آباء، أطفال. كبشر، علينا جميعا أن ننشغل بهذا الأمر".

وبحسب برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن ثمانية من أكبر عشر أزمات غذائية في جميع أنحاء العالم ناتجة بشكل أساسي عن الصراع- في اليمن وإثيوبيا وأفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

وتجبر مثل هذه الحروب الناس على ترك منازلهم في رحلات يائسة طويلة بحثا عن الأمان. كما أنها تدمر المزارع وتعيث فسادا في أنظمة توزيع الغذاء، وفق الصحيفة الأميركية. 

وفي أميركا اللاتينية، تدفع ندرة الغذاء أيضا عشرات الآلاف من الناس إلى هجر المزارع الجافة أو التي تعرضت للأعاصير والهجرة إلى الولايات المتحدة. 

وبرزت هذه الكوارث بالفعل عندما غزت روسيا كييف. والآن، تقول الأمم المتحدة إن الحصار الروسي لموانئ أوكرانيا على البحر الأسود قد يؤدي إلى جوع 40 مليون شخص آخر.

وقال كاري فاولر مبعوث الإدارة الخاص للأمن الغذائي العالمي ومؤسس شركة "قبو البذور" النرويجي التي تحافظ على آلاف الأنواع الغذائية "علينا أن نبدأ في التفكير في هذا على أنه أزمة حادة ستستمر لمدة عامين، للأسف".

واشتدت المواجهة في العالم مع المجاعة عندما غزت روسيا جارتها الغربية وحاصرت موانئ البلاد على البحر الأسود.

وتصدر أوكرانيا الكثير من الحبوب والقمح والمواد الغذائية الأخرى من تلك الموانئ والتي أصبحت الآن مهددة من قبل الأسطول الروسي.

ولا يبدو الحصار بالأمر الهين - أوكرانيا هي خامس أكبر مصدر للقمح والذرة في العالم، ومورد رئيس للزيت النباتي والأسمدة.

ووفقًا لأحد التقديرات، يوجد ما يقرب من 25 مليون طن من الحبوب في الصوامع والمستودعات الأوكرانية، ومن المحتمل أن تتعفن. 

القادم أصعب

وستكون محاولات إعادة توجيه الإمدادات برا باهظة الثمن وصعبة للغاية، ويرجع ذلك جزئيا إلى ضرورة إعادة تجهيز عربات السكك الحديدية الأوكرانية للعمل في أجزاء أخرى من أوروبا. 

كما جرى استبعاد المرافقين البحريين التابعين لجهات خارجية إلى حد كبير لأنه قد يؤدي إلى صراع مباشر مع روسيا والتي من غير المرجح أن تتخلى عن الحجر الصحي لموانئ أوكرانيا.

وجرى انتزاع أجزاء من البحر الأسود من قبل أوكرانيا، مما أضاف طبقة أخرى من الخطر، تقول الصحيفة الأميركية.

ويرى بعض الخبراء أن الحل الأفضل هو تسليح أوكرانيا بمدفعية وطائرات بعيدة المدى، مثل مركبات MQ-9 Reaper غير المأهولة والمجهزة بصواريخ دقيقة التوجيه، حتى تتمكن من تدمير السفن الروسية.

وقال بريان كلارك، المسؤول السابق بالبحرية والغواصة في معهد هدسون بواشنطن وهي مؤسسة فكرية: "لست مضطرا لامتلاك الأسلحة الأكثر تطورا، لكنهم بحاجة إلى الامتداد حتى تتمكن من دفع الروس إلى الخلف دون المخاطرة بالقتال في البحر".

ويعد إخراج الحبوب والقمح من أوكرانيا ليس سوى جزء من المشكلة، ذلك أن الحرب تدمر الحقول الخصبة وتدمر صوامع التخزين وتعطل نمو المحاصيل وتقتل المزارعين.

وعندما تدمر القنابل الروسية مزرعة في شرق أوكرانيا، على سبيل المثال، هناك احتمال كبير بأن الأسرة في لبنان التي تتلقى 80 بالمئة من حبوبها من ذلك البلد، لن يكون لديها خبز، كما يقول عمال الإغاثة.

ويوضح المسؤولون الأميركيون أيضا أن لديهم تقارير "موثوقة" تفيد بأن روسيا تسرق الحبوب الأوكرانية وتبيعها على أنها ملكها، وفق الصحيفة.

ويؤكد الكرملين أن نقص الغذاء يرجع إلى العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة ومعظم الغرب على روسيا.

وسارع المسؤولون الأميركيون إلى نفي ذلك، قائلين إن المواد الغذائية والأسمدة معفاة من العقوبات.

وقال مارتن فريك رئيس مكتب برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في برلين إن ارتفاع تكاليف الوقود يعيق أيضا الجهود المبذولة للحصول على الغذاء حيثما تكون هناك حاجة إليه.  

وارتفعت تكاليف تشغيل وكالته بمقدار 71 مليون دولار شهريا، وقال إن سعر شحن حاوية واحدة من المواد الغذائية أو غيرها من المساعدات قد ارتفع من 1000 دولار إلى 4000 دولار في الأشهر الأخيرة.

وأوضح فريك الذي حضر قمة أزمة الغذاء، إن عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدتنا يرتفع بشكل كبير. وأضاف "التمويل ليس كذلك. علينا في الأساس أن نأخذ الطعام من الجياع لمنحه لمن يتضورون جوعا".

ولإطعام سكانها، قال فريك "يجب أن تعود البلدان التي تواجه نقصا في الغذاء إلى زراعة المحاصيل التقليدية- مثل العدس في الهند والذرة الرفيعة في إفريقيا والكينوا في أميركا اللاتينية- بدلا من التركيز على إنتاج سلع زراعية أكثر ربحية مثل حبوب البن والقطن. 

وقالت كيتلين ويلش الخبيرة المخضرمة في الأمن الغذائي العالمي والتي ترأس هذا البرنامج في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، إن الجوع والمجاعة لهما عواقب على الصحة والسياسة. 

وأضافت "يمكن أن يدفع الجوع الناس إلى الغضب والخروج إلى الشارع، وقد أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية أو الوقود إلى حدوث انقلابات عبر التاريخ.. إن الآثار الصحية لذلك يمكن أن تكون بعيدة المدى وخطيرة".

وأكدت أن "الارتفاع المفاجئ في أسعار (المواد الغذائية مثل الخبز) يمكن أن يجعل الناس يتحولون من الأطعمة المغذية إلى مواد ذات تغذية أقل".

وأوضحت ويلش أنه بالنسبة للنساء الحوامل والأطفال الصغار، يمكن أن يتسبب ذلك في إعاقات مدى الحياة.