عبر "أسطول أشباح".. إيران تخدع الغرب لتهرب نفطها إلى عملائها حول العالم
بينما يجرى اعتراض بعض ناقلات النفط "المشبوهة" المتجهة نحو أوروبا، تقول الحكومة الإيرانية إن صادراتها من الطاقة سجلت زيادة بنسبة 60 بالمئة في الأرباح مقارنة بنفس الفترة من العام 2021.
وبحسب مجلة "فورميكي" الإيطالية، تتجاوز هذه الأرقام غاية الدعاية وتسلط الضوء على ارتفاع أسعار النفط والغاز ودور الصين كمورد لهذه الموارد وكذلك أنشطة التهريب باستخدام أسطول السفن الأشباح.
وكان مسؤول إيراني قد كشف في 29 مايو/أيار 2022، لوكالة أنباء وزارة النفط الإيرانية "شانا"، عن بيانات رسمية تفيد بزيادة عائدات صادرات إيران من الطاقة بنسبة 60 بالمئة في الشهرين الأولين من العام الإيراني (من 21 مارس/آذار إلى 21 مايو 2022) مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.
تشكيك بالأرقام
شككت المجلة الإيطالية في صحة هذه البيانات ولم تستبعد وجود بعض الدعاية وراء نشر هذه الأرقام، خصوصا أن طهران انخرطت في "المرونة القصوى" ضد سياسة "الضغط الأقصى" الأميركية.
وبدأت سياسة الضغط الحادة مع إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على أثر قرارها الانسحاب أحادي الجانب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 وإعادة العمل بالعقوبات المفروضة على طهران.
كما أنها استمرت في عهد خلفه جو بايدن، على الرغم من بدء مفاوضات من أجل العودة إلى الالتزام بالاتفاق، تضيف المجلة.
وأردفت فورميكي أن العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها على قطاعات مختلفة كان لها أثرها على اقتصاد طهران الذي يلعب قطاع الطاقة فيه دورا مركزيا بفضل حجم صادرات الغاز الطبيعي والنفط والمنتجات المشتقة.
وبالتالي يمكن أن يكون نشر بيانات عن تحقيق إيرادات كبيرة وسيلة لإظهار قدرات المرونة تلك، بحسب تحليل المجلة.
وتلاحظ بالقول "في الواقع، لم يشرح المسؤول سبب هذه القفزة في الإيرادات، والتي تحدث بالتزامن مع تضاعف أسعار النفط تقريبا مقارنة بالعام 2021، بسبب الحرب في أوكرانيا وتعافي الاقتصاد العالمي بعد وباء كورونا".
وعلقت على حديث طهران عن تواصل تصدير النفط على الرغم من العقوبات الأميركية المفروضة بأنه "صحيح جزئيا".
وذكرت أن أحد العملاء هو الصين التي تتحدى بذلك الولايات المتحدة وتريد أن تبرهن أنها لا تخشى الإجراءات الأميركية.
وذلك لأنها تستخدم استيراد النفط من إيران كمصلحة مباشرة، وكوسيلة لانتقاد تنظيم العلاقات مع طهران الذي يمليه اختيار واشنطن إعادة فرض العقوبات، وفق تعبيرها.
وفي نفس السياق، عدت المجلة أن ما يسمى بالعقوبات الثانوية أي تلك المفروضة على الجهات التي لا تلتزم بالعقوبات المفروضة على إيران، يجعل التعامل مع الإيرانيين أمرا معقدا للغاية إن لم يكن مستحيلا لأي طرف لا يريد المخاطرة بالوقوع في مواجهة الأميركيين.
"جيش الأشباح"
هذا الملف على غرار القضايا الأخرى، يعد جزءا من سرد بكين قيد الترويج لمراجعة النظام الدولي الحالي تحت القيادة الأميركية. وهو ما يشكل محور صدام النماذج بين الديمقراطيات ضد الأنظمة الاستبدادية، وفق قول المجلة.
وأشارت إلى أن ذلك يؤثر أيضا على جانب من المحادثات التي استمرت شهورا لإعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، حيث تحاول الصين وروسيا، اللتان تربطهما علاقات تعاون أوثق مع إيران، التحرك حسب اهتماماتهما وأولوياتهما.
على جانب آخر متعلق بعوامل ارتفاع إيرادات صادرات الطاقة، ذكرت المجلة بأن الأسطول الإيراني من "سفن الشبح" هرب منذ عام 2021 ما لا يقل عن 22 مليار دولار من النفط إلى الصين.
وفي الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022، شحنت إيران ما معدله 829 ألفا و260 برميلا من النفط يوميا إلى الصين، وفقا لبيانات جديدة صادرة عن منظمة متحدون ضد إيران النووية.
وهي منظمة غير حزبية وغير ربحية تنشط في الولايات المتحدة وتسعى إلى "منع إيران من تحقيق طموحها لتصبح قوة عظمى إقليمية تمتلك أسلحة نووية" وتقود جهودا للضغط على الشركات لوقف ممارسة الأعمال التجارية مع طهران كوسيلة لوقف البرنامج النووي.
وفقا للمنظمة، يتألف الأسطول الإيراني، من 182 سفينة مملوكة وتحمل أعلام دول أجنبية وينشط دون مضايقات من الولايات المتحدة.
ويعرف هذا الأسطول باسم "جيش الأشباح" لأن سفنه غالبا ما تخفي موقعها في البحر وتغلق أجهزة التتبع الخاصة بها في انتهاك للقانون البحري من أجل التهرب من المراقبة والتتبع.
ويضم الأسطول ناقلة النفط "بيغاس" التي كانت ترفع أولا العلم الروسي ثم الإيراني لبضعة أسابيع، والتي احتجزتها السلطات اليونانية أخيرا بناء على طلب من الأميركيين الذين بدأوا بعد ذلك إجراءات نقل النفط الخام الى الولايات المتحدة.
وفي عملية انتقامية، استولى الحرس الثوري الإيراني على ناقلتي نفط يونانيتين في منطقة الخليج. وقالت وزارة الخارجية اليونانية إن طائرات هليكوبتر إيرانية هبطت على متن ناقلتي نفط.
وأوضح بيان صادر عن الحرس الثوري الإيراني أن احتجاز الناقلتين في 27 مايو جاء بسبب "انتهاك أصول الملاحة" في الخليج، بحسب وسائل إعلام إيرانية.
وأوضحت وزارة الخارجية اليونانية أن إحدى السفينتين كانت تبحر في المياه الدولية وقت الاستيلاء عليها من قبل قوات طهران، بينما كانت السفينة الثانية تبحر بالقرب من السواحل الإيرانية.
وكانت تقارير إعلامية بريطانية كشفت عن بعض الحيل التي تعتمدها طهران "لتهريب" نفطها إلى الصين.
وذكرت صحيفة "ديلي ميل" أن أسطول الأشباح يتكون من سفن ترفع أعلام دول أخرى وناقلات جرى تسجيلها في دول صغيرة غير قادرة على مراقبتها.
في الختام، لا تستبعد المجلة الإيطالية أن تكون شحنة السفينة من النفط الإيراني. وهذه السفينة تحمل اسم ARC 1 وترفع علم بنما وترسو ببعض الموانئ الإيطالية على إثر قدومها من ماليزيا.