لإجبارها على تخفيف العقوبات.. هكذا تلوي روسيا ذراع الدول الغربية في سوريا
تحدثت صحيفة روسية عن استخدام موسكو ورقة جديدة لمساومة الغرب على رفع العقوبات المتصاعدة بفعل غزو أوكرانيا.
وقالت صحيفة "غازيتا دوت رو" إن روسيا بدأت باستخدام الورقة السورية وقد تتجه إلى إغلاق معبر باب الهوى الحدودي بين سوريا وتركيا في وجه المساعدات الإنسانية كافة.
وتساءلت الصحيفة، في مقال للكاتبة "آنا جراموفا": كيف يؤثر ذلك على سوريا وماذا ينوي الغرب فعله حيال ذلك؟
وبحسب مصادر تحدثت لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، ستمارس روسيا ضغوطا على الدول الغربية التي لديها آخر معبر للحدود في سوريا.
ومن خلال المعبر المذكور، ترسل الأمم المتحدة مساعدات مباشرة إلى المناطق "التي تسيطر عليها المعارضة".
جوهر المشكلة
كان هناك أربعة معابر سابقا من هذا القبيل، ولكن تمكنت روسيا من إغلاق جميعها "بمساعدة الصين".
وسيتقرر مصير معبر باب الهوى في يوليو/تموز 2022 من خلال تصويت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث تمتلك روسيا حق النقض.
ويؤدي الممر إلى محافظة إدلب شمال غربي سوريا، ولا يخضع لسيطرة رئيس النظام بشار الأسد.
ويوجد في إدلب مراكز للثوار السوريين وعناصر مرتبطين بتنظيم القاعدة إضافة إلى السكان المدنيين، وفق الصحيفة.
وعبر معبر باب الهوى، تقدم المنظمات الدولية المساعدات للمدنيين في المنطقة بشكل مباشر دون التعامل مع نظام الأسد.
هذا هو آخر ممر من هذا القبيل، حيث جرى فتح أربعة طرق عابرة للحدود أمام المنظمات الدولية منذ عام 2014.
لكن في النهاية أغلقت روسيا كل شيء باستثناء "باب الهوى"، وسينتهي تفويض الأمم المتحدة بشأن استخدام هذا الممر في أوائل يوليو.
وتساءلت الكاتبة: كيف يمكن لروسيا البدء في المساومة حول الحدود السورية؟
وأردفت أن موسكو قد تغلق آخر آلية عابرة للحدود للإمدادات الإنسانية أو تستخدم مثل هذا التهديد "كورقة رابحة" في المواجهة بقضية أوكرانيا.
وأعربت عن هذا الرأي مصادر مجهولة لصحيفة نيويورك تايمز. وقال ثلاثة دبلوماسيين أجانب إن روسيا "أرسلت إشارات غامضة" بأنها قد تستخدم تصويت الأمم المتحدة لفرض تنازلات بشأن أوكرانيا.
وحذر دبلوماسي أميركي كبير من أن الولايات المتحدة ودولا أخرى في مجلس الأمن سترسل "رسالة واضحة" إلى موسكو بعدم إغلاق المعبر. وكتبت الصحيفة أنه لا توجد ضمانات بأنه سيجرى الاستماع إليهم.
وأشار أحد محاوري الصحيفة إلى أن روسيا تستخدم المعبر لصد الاتهامات الغربية. فقد أكد الغرب مرارا أن العملية العسكرية الروسية انتهكت سيادة أوكرانيا.
وردا على ذلك، ستوجه موسكو انتباهها إلى القوافل الإنسانية الدولية في سوريا وتعلن أنها تنتهك أيضا وحدة أراضي ذلك البلد.
بالإضافة إلى ذلك، أشار دبلوماسيون إلى أنه بعد إغلاق المعبر، سيزداد الوضع سوءا في سوريا، وسيتدفق المزيد من اللاجئين منه إلى الدول الغربية.
في رأيهم، تريد روسيا الضغط على تلك الدول التي تواجه مشاكل وذلك في حالة حدوث مثل هذه الزيادة في عدد اللاجئين.
"دميتري بوليانسكي" نائب الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة صرح رسميا في 27 مايو أن موسكو لم تقرر بعد كيف ستصوت على قضية المعبر الإنساني الأخير عبر الحدود.
جدل المساعدات
وأضافت الكاتبة أن هناك حوالي ألف شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية تمر عبر معبر باب الهوى الحدودي كل شهر.
وبالإضافة إلى الطعام والماء، فإنهم يحملون الأدوية بما في ذلك العقارات المضادة لفيروس كورونا.
أعرب حمزة حسن من مستشفى باب الهوى وهي أكبر منشأة طبية في المنطقة قائلا: "نعتمد كليا على عمليات التسليم هذه. فلا توجد لدينا أدوية ومعدات جراحية كافية وهي يجري توصيلها عبر باب الهوى".
وأردف: "نواجه الآن موجة ثانية من فيروس كورونا وتتزايد الحالات بشكل كبير. فإذا أغلقت الحدود، ستنتظرنا كارثة إنسانية".
وقال "جيفري بريسكوت" نائب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة إن موضوع إغلاق معبر باب الهوى يعني حرفيا مسألة "حياة أو موت".
وصرح المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي "طومسون فيري" قائلا: "يقدم البرنامج وحده الآن المساعدة المنقذة للحياة لنحو 1.35 مليون سوري في الشمال الغربي بحصص غذائية شهرية".
ومع ذلك، فإن روسيا تدعم الأسد في الحرب المستمرة بسوريا منذ أكثر من 10 سنوات.
وأشارت قناة الجزيرة القطرية إلى أن روسيا تسعى إلى إغلاق المعبر الإنساني الأخير الخارج عن سيطرة الأسد، بحيث تمر جميع الإمدادات عبر دمشق، وليس من خلال الأمم المتحدة.
وعلقت الكاتبة أن موسكو اتهمت الولايات المتحدة وأوروبا مرارا وتكرارا بتسييس المساعدات الإنسانية للسوريين.
وبين "سيرغي فيرشينين" نائب وزير الخارجية الروسي في مارس/آذار 2022، أن الغرب يقدم مساعدات "لتقويض سيادة وسلامة أراضي سوريا لأسباب سياسية".
وبالنسبة لروسيا، فإن "الجماعات المتطرفة" تصادر المساعدات الإنسانية الدولية في سوريا، وفق الصحيفة.
وأوضح "دميتري بولانسكي" نائب المبعوث الروسي في مايو قائلا: "لا أنكر أن هذه (المساعدة الدولية) تذهب إلى اللاجئين أيضا، لكن الجماعات الإرهابية تستفيد أيضا"، بحسب توصيفه.
ويعتقد أن الأمم المتحدة يمكن أن تقدم مساعداتها عبر طرق غير رسمية، وأنه "سيكون الأمر صعبا بالطبع" لكن هذا ممكن.
وأضاف "بولانسكي": "لا يمكننا أن نغض الطرف عن حقيقة أن الإرهابيين يغتصبون السلطة ويتلاعبون بالمساعدات الإنسانية، التي يمكن بسهولة ترتيب توريدها من دمشق إذا رغبت في ذلك"، وفق زعمه.
وتعارض "شيرين تادروس" رئيسة مكتب منظمة العفو الدولية في الأمم المتحدة قائلة: "لم يعترف الروس أبدا بأن باب الهوى حيوي حقا، ونحن بحاجة إلى إبقائه مفتوحا".
وأردف: "لطالما استخدمت روسيا الممرات الإنسانية في سوريا ذريعة للمساومة". وأشارت الأمم المتحدة إلى استحالة تنظيم الإمدادات اللازمة من خلال حكومة الأسد وحدها.
وأكد ممثل منظمة الصحة العالمية "كريستيان ليندماير" أنه في عام 2021، لم تغادر قافلة إنسانية واحدة دمشق إلى شمال غرب سوريا وذلك لمدة 11 شهرا.
وقال الدكتور "فادي حكيم" من مؤسسة الجمعية الطبية السورية الأميركية في عام 2021 إن منظمته اضطرت إلى الحصول على سبعة تصاريح حكومية على الأقل في دمشق لمحاولة تقديم المساعدة من الأراضي التي يسيطر عليها الأسد.
ورفضت السلطات 90 بالمئة من طلبات الجمعية لتمرير القوافل الإنسانية. أضاف حكيم: "وحتى في حالة الحصول على الموافقة، يصادر العديد من العناصر الإمدادات عند نقاط التفتيش. هذا كابوس".