أبو زرعة المحرمي.. تاجر عسل أصبح رجلا للإمارات وعضوا بالرئاسي اليمني

12

طباعة

مشاركة

في 7 أبريل/نيسان 2022، فوض الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي، كامل صلاحياته إلى مجلس قيادة رئاسي يراد منه استكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، بقيادة رشاد العليمي.

وأثار القرار تساؤلات حول شخصية غامضة، تصدرت المشهد بشكل مفاجئ، وحازت على عضوية المجلس الرئاسي، بعد أن ظلت بعيدة عن وسائل الإعلام منذ سنوات.

وضم المجلس في عضويته سبعة أشخاص، من بينهم عبدالرحمن أبو زرعة المحرمي، قائد ألوية العمالقة في اليمن.

ورغم تعيينه في مجلس القيادة الرئاسي بدرجة نائب رئيس، فإن المحرمي لا يملك إلا صورا قليلة في الإعلام، ولا يتعامل مع الصحافة، ويكتفي بالبيانات فقط.

وظهر أبو زرعة المحرمي، على وسائل الإعلام لأول مرة، بعد سنوات من تواريه عن الأنظار، والاكتفاء بنقل بعض أخباره عن مشاركاته في المعارك العسكرية. 

النائب الأصغر

ولد المحرمي عام 1980 في بلدة "جبل مُحرم" في مديرية رصد، إحدى مديريات يافع التابعة إداريا لمحافظة لحج، وكان والده "صالح زين" رجل أمن بارز يتقلد منصب مدير شرطة مديريات يافع آنذاك.

اسمه عبدالرحمن بن صالح المحرمي ويكنى بــ "أبي زرعة" وهو قائد معارك تحرير الساحل الغربي لليمن ومؤسس ألوية العمالقة المدعومة من الإمارات.

صعد اسمه للواجهة منذ تحرير منطقة باب المندب الإستراتيجية، المطلة على المضيق المائي الدولي، جنوب غرب اليمني من قبضة مليشيا الحوثيين في العام 2017.

شارك المحرمي إلى جانب خاله نائب رئيس هيئة الأركان بالجيش اليمني، اللواء أحمد سيف اليافعي في معارك "الرمح الذهبي" عام 2017، لتحرير المخا وذو باب المطلة على مضيق باب المندب.

وقُتل اللواء اليافعي فيما بعد بقصف حوثي أثناء المعارك في مديرية المخا التابعة لمحافظة تعز في 22 فبراير/ شباط 2017.

ورغم مقتل خاله، واصل أبوزرعة المحرمي قيادة عملية "الرمح الذهبي" لتحرير السواحل الغربية لليمن وأسس ألوية العمالقة التي دخلت خط المعركة وحققت انتصارات قياسية من باب المندب وذباب والمخا وحتى الخوخة.

وزاد صيت أبو زرعة مع وصول المعارك إلى مشارف مدينة الحديدة على البحر الأحمر، التي تعد الشريان الاقتصادي الأكبر للحوثيين، ومنفذهم الوحيد نحو العالم.

ومطلع 2022، نجحت ألوية العمالقة بقيادة أبو زرعة المحرمي في تحرير محافظة شبوة النفطية الجنوبية من الحوثيين.

و"المحرمي" ذو توجه سلفي ويرتبط بعلاقات وثيقة مع الإمارات والسعودية.

ويعد عبدالرحمن المحرمي أصغر عضو بين الأعضاء الـ8 في مجلس القيادة الرئاسي بعمر لا يتجاوز 42 عاما، ليقتحم المعركة السياسية بعد العسكرية من أوسع أبوابها.

قيادة العمالقة

يربط البعض قوات العمالقة التي يقودها المحرمي بألوية القوات المدرعة التي كان يقودها شقيق الرئيس الأسبق إبراهيم الحمدي في السبعينيات، غير أن الأمر لا يعدو عن كونه تشابه أسماء فقط، إذ إن القوتين ليس لديهما ارتباط.

فقوات العمالقة شُكلت من الشباب السلفيين الذين قاتلوا الحوثيين في عدن منتصف 2015 حتى سيطرتهم على مدينة المخا، غربي البلاد، مطلع 2017.

وبحسب مصدر في ألوية العمالقة فإن السيطرة على مدينة المخا وتوسع العمليات العسكرية، فرضت على المقاتلين السلفيين الذين كانوا يقاتلون تحت قيادة ضباط إماراتيين التكتل في 5 ألوية، وبرز حمدي شكري الصبيحي وعبد الرحمن اللحجي، كأبرز القادة.

عقب ذلك، اتحدت ألوية العمالقة تحت قيادة أبو زرعة المحرمي، وهو أحد خريجي معهد دار الحديث السلفي في دماج بصعدة.

وحسب تقارير صحفية فإن المحرمي كان يعمل بائعا للعسل بمدينة عدن، وبرز اسمه حين قاد مواجهات ضد الحوثيين.

وبدت قوات العمالقة قوة ضاربة وما لبثت أن تقدمت على طول الساحل الغربي لليمن، وكانت على وشك السيطرة على مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر، حتى أوقف الهجوم اتفاق ستوكهولم الذي رعته الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية والحوثيين نهاية 2018.

وتوسعت قوات العمالقة بشكل أكبر، وباتت تضم حاليا 13 لواء عسكريا، أبرزها اللواء الأول والثاني والخامس، وفق ما نقل موقع "الجزيرة نت" في وقت سابق.

ولا يوجد إحصائية رسمية عن عدد قوات ألوية العمالقة التي يقودها المحرمي بعيداً عن قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان في الجيش اليمني.

وقد أُجبرت قوات العمالقة على الانضواء إلى جانب المقاومة الوطنية والمقاومة التهامية تحت مظلة قيادة القوات المشتركة منتصف 2019، رغم ممانعتها في البداية التحالف مع طارق صالح (نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح) الذي قاتلهم إبان تحالفه مع الحوثيين قبل أن تنفك عرى التحالف في ديسمبر/كانون الأول 2017.

وجرى إقالة القائد العام لألوية العمالقة أبو زرعة المحرمي عام 2019، بسبب خلاف مع الإماراتيين على نقاط عديدة أبرزها رفض ألويتها الانخراط في قيادة القوات المشتركة، قبل أن تعيده أبوظبي منتصف 2020.

رجل الإمارات

ومولت قوات العمالقة من التحالف السعودي الإماراتي الذي تدخل في اليمن عام 2015، وبدرجة رئيسية من أبوظبي.

غير أن الوضع اختلف بعد أن أنشأت أبو ظبي قوات المقاومة الوطنية بقيادة نجل شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

وتعليقا على هذا الأمر، وصف القيادي في المقاومة الجنوبية عادل الحسني، أبو زرعة المحرمي بالنمر المقنع الذي كشف عن قناعه وعُين في المجلس الرئاسي.

وبين أن المحرمي يمكن تسميته بـ "القائد الذي لم يحضر معركة قط".

وأضاف الحسني في تسجيل فيديو نشره على حسابه بموقع "فيسبوك" أن "هذا الكلام الذي أقوله أتحدى أي شخص في الميدان أن ينكره". 

واستعرض قائلا إن "قادة العمالقة الذين خاضوا المعارك معروفون وهم حمدي شكري وبسام المحضار ورائد الحبهي وعبدالرحمن اللحجي ولؤي الزامكي وعلي العوذلي وغيرهم أسماء كثيرة".

وأوضح الحسني أن "هذه الأولوية تابعة للإمارات وشكلتها من تيار سلفي معين لكن اختيار أبو زرعة لسبب ما".

ومضى بالقول: "أقسم لكم بالذي رفع السماء ونصب الجبال وبسط الأرض أن هذا الرجل مخابرات مع الإمارات".

وكشف الحسني بالقول، "عندما كنا في مقر التحقيق للتحالف كان ثلاثة أشخاص مسموح لهم أن يدخلوا للتحقيق وكانوا لا يفارقوا مقر التحالف وهم هاني بن بريك وأبو زرعة المحرمي وعبدالعزيز العقبي، وهؤلاء الثلاثة هم جواسيس الإمارات"، وفق وصفه.

وشرح بالقول، "هاني بن بريك انتهى دوره وعبدالعزيز العقبي ربما لم يخدمهم الخدمة التي يرونها. وبقي هذا الشخص".

وختم بالقول، أن "الرجل هامور كبير يعرفه كل ألوية العمالقة واسألوا أفرادهم وضباطهم وقادتهم وسيحكون لكم عن تاريخ هذا النمر المقنع وهو بطل كرتوني والتاريخ يزور وما زال الناس أحياء وألوية العمالقة فكيف لو ماتت الناس فكيف سيصنع هؤلاء بالتاريخ‎".

وفي أكتوبر/تشرين الأول، 2019، أعلنت الإمارات انسحاب قواتها من اليمن، لكنها احتفظت بنفوذها من خلال دعمها لتشكيلات عسكرية من بينها العمالقة.