صفقة جديدة لتبادل الأسرى بين الحوثيين والحكومة اليمنية.. أبرز التوقعات

12

طباعة

مشاركة

تترقب الأوساط اليمنية في الأيام المقبلة تنفيذ أوسع صفقة بين الحكومة اليمنية والمليشيات الحوثية لتبادل الأسرى والمختطفين.

وأفادت مصادر حكومية وحوثية أن الاتفاق الذي أنجز برعاية مكتب المبعوث الأممي سيشمل أكثر من 2200 شخص، بينهم ناصر شقيق الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ووزير دفاعه السابق محمود الصبيحي، واثنان من أقارب الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

وأوضح وكيل وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية وعضو فريق التفاوض، ماجد فضائل، أن الاتفاق جاء نتيجة مشاورات ونقاشات خلال الفترة السابقة برعاية مكتب المبعوث الأممي.

وبين في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع تويتر، أن الصفقة تتضمن الصحفيين وكبار السن والجرحى بجانب من وردت أسماؤهم، يتبعها دفع أخرى.

بدورهم كشف الحوثيون عن التوصل لصفقة تبادل أسرى مع التحالف تشمل 16 سعوديا وشقيق الرئيس اليمني.

وقال عبد القادر المرتضى رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة للحوثيين إن الصفقة التي أُبرمت في وقت سابق من مارس/آذار 2022، تشمل 1400 من معتقلي المليشيا مقابل 823 من التحالف بقيادة السعودية، من بينهم أيضا ثلاثة سودانيين.

وتابع المسؤول الحوثي على حسابه بموقع تويتر أن الخطوة التالية، هي تبادل كشوف الأسرى.

وأدت الحرب المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات في اليمن، إلى وقوع الآلاف في دائرة الأسر أو الاحتجاز، بعضهم مدنيون اعتقلوا لأسباب سياسية والبعض الآخر دون تهم واضحة.

شخصيات رفيعة

ويكتنف ملف الأسرى في اليمن الكثير من الغموض، ولا يوجد حتى الآن إحصائية رسمية دقيقة بخصوصهم.

لكن الحكومة اليمنية ومليشيا الحوثي قدمتا كشوفات نحو 16 ألف أسير من الطرفين، وذلك في مشاورات السويد بين الجانبين في ديسمبر/كانون الأول 2018.

وبعد هذا التاريخ، وقع عدد كبير في قائمة الأسر لدى الطرفين، خصوصا بعد تصاعد المواجهات في عدة جبهات، واستمرار المعارك العنيفة بمحافظة مأرب.

فيما جرى الإفراج عن البعض خلال المرحلة الماضية بعمليات تبادل أسرى رعتها الأمم المتحدة ووساطات محلية، لكن لم يجر الإعلان الرسمي عن تحديث للقوائم.

ضمن آلاف الأسرى، هناك شخصيات بارزة وقعت في الأسر خلال الحرب، أو جرى احتجازها من قبل الحوثيين، نظرا لمواقفها المعارضة.

ويحتجز الحوثيون شخصيات عسكرية وسياسية رفيعة، موالية للحكومة من بينهم وزير الدفاع السابق اللواء محمود الصبيحي، والقيادي البارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان.

وأيضا قائد اللواء 31 مدرع العميد فيصل رجب، إضافة إلى اللواء ناصر شقيق الرئيس اليمني.

وهؤلاء الأربعة احتجزهم الحوثيون في مارس 2015، أثناء معارك على تخوم عدن، وهم مشمولون بقرار مجلس الأمن رقم 2216 الصادر عام 2015 والذي طالب بالإفراج عنهم.

ولا يعرف مكان احتجاز هؤلاء الأربعة، ولم يسمح لأسرهم أو أي منظمات حقوقية بزيارتهم.

كما يحتجز الحوثيون محمد ابن شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والذي كان مسؤولا في إحدى الكتائب الأمنية التابعة لعمه وقائد وحدة المهام الخاصة لمكافحة الإرهاب سابقا.

وجرى اعتقاله إلى جانب عفاش طارق صالح، نجل ابن شقيق الرئيس السابق والذي يشغل حاليا قائد المقاومة الوطنية.

وجاء الاعتقال على خلفية المواجهات العسكرية التي اندلعت بين القوات الموالية للرئيس السابق والحوثيين في بداية سبتمبر/أيلول 2017، وانتهت بمقتله على أيدي المليشيا في 4 ديسمبر/كانون أول من ذات العام.

اعتقالات تعسفية

وإلى جانب عدد من الناشطين والشخصيات الاجتماعية، يحتجز الحوثيون تعسفيا تسعة صحفيين بسبب عملهم الصحفي.

إذ اقتيد الصحفيون اليمنيون التسعة، الذين يعملون لدى مجموعة متنوعة من المنافذ الإخبارية، من غرفة أحد الفنادق في العاصمة، صنعاء، في 9 يونيو/حزيران 2015، وهم محتجزون حاليا في ظروف سيئة للغاية.

وسبق أن حكم الحوثيون على أربعة منهم بالإعدام في أبريل/نيسان 2020، بعد اتهامهم بالتعاون مع التحالف السعودي الإماراتي الذي يخوض حربا في اليمن، وهو ما ينفيه الصحفيون.

والصحفيون المحكوم عليهم، هم عبدالخالق عمران، وتوفيق المنصوري، وحارث حميد، وأكرم الوليدي.

وتكتظ سجون مليشيا الحوثي بعشرات المدنيين، الذين جرى اعتقالهم من منازلهم ونقاط التفتيش، بصورة غير قانونية ودون أي مبررات واضحة.

وتقول منظمات إعلامية وحقوقية داخل اليمن وخارجه إن صحفيين يتعرضون لانتهاكات وجرائم متعددة من كافة أطراف النزاع.

ويقع اليمن في المرتبة 169 (من أصل 180 بلدا) على جدول التصنيف العالمي لحرية الإعلام، وفق منظمة مراسلون بلا حدود الدولية المعنية بالدفاع عن حرية الإعلام.

وأعلنت نقابة الصحفيين اليمنيين، في 13 مارس 2022، أن ثلاثة إعلاميين محتجزين لدى الحوثيين بالعاصمة صنعاء، يتعرضون للتعذيب.

وقالت النقابة في بيان، إنها "تلقت بلاغا من أسر الصحفيين عمران والمنصوري وحميد، المعتقلين منذ 2015 في صنعاء يفيد بتعرضهم للضرب والتنكيل والتعذيب داخل المعتقل".

وتفيد تقارير حقوقية أن مليشيا الحوثي نفذت اعتقالات تعسفية طالت العديد من السياسيين والناشطين الحقوقيين والصحفيين والنساء والأطفال، لأسباب سياسية وطائفية ودينية ومناطقية.

وخارج نطاق الحياة يعيش آلاف من المدنيين في معتقلات الحوثي، ويدفعون ثمنا لخطأ لم يرتكبوه، وتمنع عنهم الزيارات واللقاء بأهلهم، وفق مصادر محلية.

وعلى الجانب الآخر، يوجد آلاف الأسرى الحوثيين، في سجون الحكومة اليمنية والسعودية، أسروا في معارك مع القوات الحكومية بمختلف جبهات القتال، بينهم أطفال.

كما يوجد لدى السعودية مئات المعتقلين الذين جرى أسرهم في جبهات القتال الحدودية مع اليمن، خصوصا في محافظتي صعدة وحجة الحدوديتين مع المملكة.

جهود أممية

وسيطر ملف المعتقلين على جولات المفاوضات اليمنية، التي رعتها الأمم المتحدة، وجرى تنفيذ أكبر صفقة تبادل أسرى بين القوات الحكومية والحوثيين، في أكتوبر/تشرين الأول 2020، بوساطة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وبناء على الصفقة، أطلق سراح 1056 أسيرا من الجانبين، بينهم 15 جنديا سعوديا وأربعة سودانيين، وجاءت هذه الصفقة بناء على اتفاق "ستوكهولم" بين الحكومة اليمنية والحوثيين نهاية 2018، والذي توقفت بموجبه معركة تحرير مدينة الحديدة.

وبموجب الاتفاق، أفرج الحوثيون عن نحو 400، بينما أطلق التحالف سراح 681 من مقاتلي المليشيا في إجراء لبناء الثقة يهدف إلى إحياء محادثات السلام آنذاك.

وكان من المقرر أن يطلق سراح جميع الأسرى على دفعات، بناء على هذا الاتفاق، لكن لم يفرج سوى عن هذه الدفعة وسط اتهامات متبادلة بشأن عرقلة التقدم في هذا الملف.

وفي 29 سبتمبر 2021، جرى إتمام عملية تبادل 206 أسرى ومعتقلين مع الحوثيين، بمحافظة تعز، جنوب غربي البلاد، بوساطة محلية.

وشملت إطلاق نحو 70 مقاتلا من مليشيا الحوثي مقابل 136 أسيرا ومختطفا معظمهم من المدنيين المختطفين من النقاط والشوارع.

ويقول الصحفي اليمني فهد سلطان إن "الأمم المتحدة فشلت على مدى سبع سنوات في جميع الملفات التي تصدرت لها باستثناء صفقة تبادل أسرى واحدة في سبتمبر 2020".

وأضاف سلطان لـ"الاستقلال" أن "الأمم المتحدة تريد تكرار ذات الأمر وخاصة في عهد المبعوث الجديد هانس غرندبيرغ، الذي مر عليه أكثر ثمانية أشهر ولم يستطع أن يحدث أي اختراق يذكر في جدار الأزمة اليمنية".

وأوضح سلطان أن "الجديد في هذه الصفقة أنه أعلن عنها سريعا وقبل أن يكشف عن مفاوضات حولها، ويلاحظ أن الحوثيين متحمسين لها أكثر من الطرف الآخر رغم تضمنها شقيق الرئيس هادي ووزير الدفاع السابق، مع استثناء السياسي البارز في حزب الإصلاح، محمد قحطان والذي لم يكشف عن مصيره حتى اللحظة".

وختم بالقول، "بالنسبة للحوثيين سيخرج بموجبها أكثر 1400 مقاتل أسير، وهذا جيش كبير تحتاجه الجماعة في هذه الأثناء".

انفراجة وشيكة

وتمثل عملية التبادل هذه بارقة أمل لإنهاء النزاع الذي تسبب بمقتل آلاف المدنيين وبأسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، بحسب الأمم المتحدة.

ورغم اختلاف الحكومة اليمنية والحوثيين في مختلف القضايا، فإن الطرفين يتفقان في مواقفهما بأن قضية الأسرى عبارة عن ملف إنساني بحت.

ويقول الطرفان إنه يفترض النأي بهذا الملف عن كل الصراعات السياسية والعسكرية وهو ما لم يحدث في الواقع.

فما يزال الملف يواجه الكثير من التعقيدات، حيث استمر الآلاف رهن الاحتجاز، وسط اتهامات متبادلة بشأن عرقلة التوصل إلى تقدم شامل لحل هذا الملف.

وسبق أن أعربت الحكومة اليمنية عن رغبتها أكثر من مرة في تبادل جميع الأسرى مع الحوثيين على مبدأ تسليم الكل مقابل الكل.

وهو موقف شدد عليه الحوثيون بنوع من المراوغة واستمروا في محاكمات المحتجزين.

ومن بين العوائق التي أدت إلى عرقلة ملف تبادل الأسرى بشكل كامل، تسليم طرف ما كشوفات أسماء يقول الطرف الآخر إنها غير موجودة لديه.

ودخل اليمن في صراع منذ أن أطاح الحوثيون بالحكومة المعترف بها دوليا من العاصمة صنعاء في أواخر عام 2014.

وهو ما دفع التحالف المدعوم من الغرب إلى التدخل في مارس 2015، بطلب من الحكومة الشرعية.

وأسفر الصراع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم العديد من المدنيين، حسب منظمات إنسانية عدة.

ولا يزال نحو 3,3 ملايين شخص نازحين بينما يحتاج 24,1 مليونا آخرين، أي أكثر من ثلثي السكان، إلى المساعدة، وفق الأمم المتحدة.