إقليم ترانسنيستريا الموالي لروسيا.. لماذا أثارت مولدوفا قضيته مع حرب أوكرانيا؟
تحدثت صحيفة "غازيتا دوت رو" الروسية عن مطالبة مولدوفا المتجددة بانسحاب قوات موسكو من ترانسنيستريا ووصفت ما يحدث للمرة الأولى بأنه "احتلال".
وترانسنيستريا إقليم أوروبي شرقي صغير بمساحة 400 كيلومتر على الحدود الفاصلة بين مولدوفا وأوكرانيا. وكانت هذه المنطقة الأوروبية تسمى سابقا "جمهورية بريدنستروفيه المولدوفية".
وجرى نشر قوات روسية في ترانسنيستريا، وهي شريط ضيق يحاذي أوكرانيا، منذ إعلان هذه المنطقة الموالية لروسيا استقلالها عن مولدوفا في عام 1990 بعد حرب أهلية قصيرة إثر سقوط الاتحاد السوفيتي.
لكن رغم إعلانها الاستقلال، لم تنل اعترافا رسميا من أي دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهذا ما يجعلها مكانا فريدا من نوعه.
ويغلب على عاصمتها، تيراسبول، التي تبعد 70 كيلومترا عن العاصمة المولدوفية كيشيناو، الطابع السوفيتي، إلى درجة أنها كثيرا ما توصف بأنها حبيسة الإرث السوفيتي، الذي يجسده تمثال لينين الضخم أمام مبنى البرلمان المبني على الطراز المعماري السوفيتي، وشوارعها التي تحمل أسماء أقطاب الشيوعية.
لماذا الآن؟
وتساءلت الكاتبة في الصحيفة "ليديا ميسنيك" عن أسباب إثارة مولدوفا هذه القضية الآن في ظل الصراع الروسي الأوكراني وهل تؤيد ترانسنيستريا انسحاب القوات الروسية؟
ودعت رئيسة مولدوفا مايا ساندو إلى انسحاب القوات الروسية من ترانسنيستريا التي كانت موجودة هناك منذ 30 عاما.
وصرحت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا في 16 مارس/آذار 2022 بوجود قوات حفظ سلام من روسيا في جمهورية غير معترف بها ووصفته للمرة الأولى بأنه "احتلال".
وبين مجلس العلاقات بين الأعراق الذي يرأسه الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" أن موسكو التي تجرى عملية خاصة في أوكرانيا لن تسحب أي قوات من أي مكان.
وحذروا في ترانسنيستريا من أن استمرار وجود القوات الروسية، يمكن أن يتسبب في ظهور بقعة ساخنة جديدة في أوروبا.
بحسب الكاتبة، فإن سلطات الجمهورية كانت دائما تؤيد سحب القوات وطالبت أيضًا بالتخلص من الذخيرة.
صرحت الرئيسة "ساندو" بالقول: "أوضحت مولدوفا دائما أن لروسيا دورا مهما في صراع ترانسنيستريا، من بدايته إلى كل ما يحدث حتى يومنا هذا".
كما أشارت إلى أن الجمهورية مستمرة في الدعوة إلى حل سلمي للنزاع ووعدت ببذل كل ما في وسعها لإيجاد وتنفيذ حل دبلوماسي وسياسي وسلمي.
وأضافت الكاتبة أن "بوجدان بيزبالكو" عضو مجلس العلاقات بين الأعراق، يعتقد أن طلب "ساندو" بانسحاب القوات الروسية من ترانسنيستريا يرتبط ارتباطا مباشرا بالوضع في أوكرانيا.
وبين أنه: "من الواضح أن ساندو تخشى أو تتظاهر بالخوف من مشاركة القوات الروسية في أي عمليات ضد مولدوفا. ولكن بشكل عام، لا يوجد سبب لافتراض ذلك".
في الوقت نفسه، أشار " بوجدان بيزبالكو" إلى التوقيت الذي اختارته رئيسة مولدوفا لبيانها هذا. وقال إن "روسيا في لحظة صعبة وهو الوقت المناسب للمرء أن يحاول تقديم أي مطالب ضدها".
لكن يبدو أن هذا البيان كان مظهرا فقط لأنه من الواضح تماما أن روسيا التي تنفذ عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا، لن تسحب أي قوات من أي مكان، وهذا أمر مستحيل ماديا، وفق الكاتبة.
وأضاف "بوجدان" قائلا: "من المحتمل تمامًا أن ساندو قدمت هذا الطلب بسبب تعرضها لضغوط شديدة من الدول الغربية فهي مدركة تماما أن مطلبها لن يكون له أي معنى عملي".
تغيير أم توريط؟
ووفق، "فلاد باترينشا" نائب رئيس البرلمان المولدوفي، تحاول الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بهذه الطريقة جر مولدوفا إلى الصراع في أوكرانيا.
وأكد وزير خارجية مولدوفا "نيكولاي بوبيسكو" أن بلاده ستستمر في الحفاظ على موقفها المحايد بخصوص النزاع في أوكرانيا، وذلك حسب حالة الحياد المنصوص عليها في الدستور.
أما إعلان الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا فهو للاستشارة فقط ولن يؤثر على موقف كيشيناو (عاصمة مولدوفا) في المفاوضات بشأن ترانسنيستريا.
ووصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية "ماريا زاخاروفا" استنتاج الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بأنه غير مقبول ولا يتفق مع الوضع الحقيقي للأمور.
وبينت أن موسكو مستعدة لمناقشة جميع جوانب تسوية الصراع في ترانسنيستريا مع كيشيناو، لكن الحل النهائي لهذه المشكلة يعتمد على مولدوفا.
كما أشارت إلى أن "التسوية السياسية الشاملة لمشكلة ترانسنيستريا" على وجه التحديد ستصبح أساس انسحاب القوات الروسية من المنطقة، ولكن لا يزال هذا بعيدًا.
وعلقت الكاتبة أن وزارة خارجية مولدوفا غير المعترف بها كانت غاضبة أيضا من وصف الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا حول ترانسنيستريا بأنها "محتلة" من قبل روسيا.
ووصفت الوزارة ما يحدث بأنه مدمر ويتعارض مع مبادئ التسوية السياسية السلمية للعلاقات بين تيراسبول (عاصمة ترانسنيستريا) وتشيسيناو (عاصمة مولدوفا).
وأضافت قائلة: "نشدد على أن أي هجوم ضد عملية حفظ السلام الفعالة عند نهر دنيستر والذي كان يحدث على مدى 30 عاما من قبل روسيا، يتسبب في تدمير الطبيعة بشكل بالغ الخطورة، وذلك يتعارض مع المبادئ المعتمدة دوليا".
وبالتالي فهو أمر "يتعارض مع حدوث تسوية سياسية سلمية للعلاقات بين جمهورية بريدنيستروفيه (ترانسنيستريا) ومولدوفا المجاورة".
كما يعتقد "بوريس شابوفالوف" السياسي في بريدنيستروف أن مسألة انسحاب الكتيبة العسكرية الروسية من تلك الأراضي أمر مصطنع، وجميع ما يجرى مجرد "لعبة جيوسياسية أخرى انجذبت إليها مولدوفا المحايدة مرة أخرى".
وأضاف: "لا أعرف مدى صحة إظهار هذه القضية الآن في ظل ظروف الصراع الروسي الأوكراني". ففي حالة انسحاب القوات الروسية من ترانسنيستريا، ستلغى اتفاقية وقف إطلاق النار لعام 1992.
وعندئذ هل ستدخل بريدنيستروفي مع مولدوفا في مواجهة عسكرية وهما جزءاين من دولة واحدة؟ إنه أمر غير منطقي، ومن الخطأ إظهار هذه القضية الآن، وفق قوله.
وأعرب السياسي عن ثقته في أن بريدنيستروفي ستعارض بكل طريقة ممكنة انسحاب القوات الروسية.