سيطرة الروس على "ماريوبول" الأوكرانية.. هكذا ستغير مسار الحرب

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تحدثت مصادر أوكرانية عدة منذ منتصف مارس/آذار 2022، عن سقوط مدينة ماريوبول الأوكرانية، الواقعة في إقليم دونيتسك الانفصالي "من الناحية الفنية"، بينما يعترف القادة الأوكرانيون أنفسهم بأنه لم تعد هناك إمكانية للدفاع عنها. 

وقال موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي إن المعارك تدور فقط في الأماكن التي تنشط فيها بعض جيوب المقاومة التي تقودها "كتيبة آزوف".

وهي وحدة مشاة عسكرية يمينية قومية، متهمة بتبني أيديولوجية "النازيين الجدد" تتخذ من مدينة ماريوبول مقرا لها والتي وفقا لعدة تقارير تدافع عنها بشراسة أمام هجمات الروس وانفصاليي الإقليم.

دوافع أيديولوجية

ذكر الموقع أن مقاتلي الكتيبة ينتشرون في مواقع قومية قوية وتحفزهم في ذلك دوافع أيديولوجية.

كما أكدوا مرارا وتكرارا أنهم لا يريدون وقف قتالهم ضد الروس حتى في حالة حدوث تسوية.

وأفاد بأن القوات الروسية باتت تحكم سيطرتها على الميناء وكذلك مطار المدينة، وبالإضافة إلى ذلك، أنشأ الروس مع الانفصاليين حزاما أمنيا على بعد أكثر من 50 كيلومترا شمال المدينة.

وفي 24 فبراير/شباط 2022، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية مشددة على موسكو.

وتشترط روسيا لإنهاء العملية، تخلي أوكرانيا عن أي خطط للانضمام إلى كيانات عسكرية بينها حلف شمال الأطلسي "الناتو" والتزام الحياد التام، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا في سيادتها".

ويرى الموقع الإيطالي بأنه بغض النظر عن الاشتباكات الدموية الأخيرة، يمكن اعتبار ماريوبول الأوكرانية المدينة الرئيسة المطلة على بحر آزوف بالفعل خارج سيطرة كييف وهو ما من شأنه أن يغير مسار الحرب وكذلك المفاوضات.

واعتبر أنه من المستحيل معرفة أي المناطق في أيدي الروس وأيها لا يزال تحت سيطرة الأوكرانيين خصوصا وأن الاتصالات صعبة، وكذلك تندرج الفيديوهات التي يجري تداولها ضمن إطار الدعاية لكلا الجانبين. 

مع ذلك، أكد الموقع أنه يمكن استعراض الخطوط العريضة لما يحدث على الميدان بدءا من ضواحي المدينة، مشيرا إلى أنه منذ أيام جرى إغلاق مركزها الذي باتت تحاصره القوات الروسية والانفصالية.

وذكر أن القوات الروسية تقدمت من ناحية الغرب بعد نجاحها في الاستيلاء على مليتوبول وبيرديانسك، ومن الشرق تقدم مقاتلو دونيتسك متجاوزين ما كان لمدة ثماني سنوات خط الفصل الذي أنشئ بموجب اتفاقيات مينسك.

وأورد الموقع بأنه قبل دخول مركز ماريوبول، استولى الروس والمؤيدون لهم أيضا على حزام داخلي واسع بين مقاطعات خيرسون ودونيتسك وزابوريزهيا.

بشكل تقريبي، يمكن تحديد المناطق التي يحتلها الروس بأنها تمتد من إنرهودار، وهي بلدة جنوب مقاطعة زابوريزهيا حيث تقع أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، إلى بلدة  فولنوفاخا الواقعة جنوب دونيتسك.

وهذه البلدة الأخيرة تصدرت عناوين الأخبار مؤخرا بعد أن تعرضت لهجوم عنيف وجرت تسويتها بالأرض.

وبذلك، سيطر الروس على نطاق واسع جدا سمح بالتحكم بطرق اتصال واسعة للإمداد ووصول قوات جديدة، يفيد الموقع الإيطالي.

أشار الموقع إلى أن الاشتباكات اندلعت في ضواحي ماريوبول خلال مارس، بينما يشكو الأوكرانيون صعوبات في الحصول على الإمدادات.

حرب شوارع

ومع تراجع مقاتلي كتيبة آزوف فعليا إلى جيب في وسط المدينة، بدأ الروس والموالون لهم خوض معركة حرب شوارع.

من جانبه، اعترف عمدة ماريوبول، فاديم بوشينكو في 19 مارس أن الروس وصلوا إلى وسط المدينة، مؤكدا أن "هناك الآن حرب شوارع".

وأضاف بوشينكو بالقول: "هناك دبابات وقصف مدفعي، وجميع أنواع الأسلحة تستخدم في المدينة. وتبذل قواتنا كل ما بوسعها للتمسك بمواقعها، ولكن قوات العدو أكبر للأسف".

وفقا للبيانات الصادرة عن الأوكرانيين أنفسهم، حدث قتال مؤخرا في محيط مصنع الصلب "آزوفستال" الواقع شرق المركز التاريخي للمدينة والمطل على البحر.

وبذلك وقعت المعارك على بعد كيلومتر واحد من المسرح الذي تعرض للقصف في الأيام الأخيرة، والذي يقع في منطقة تعد بين المناطق الرئيسة في وسط ماريوبول.

علاوة على ذلك، أعلن المسؤولون الأوكرانيون، مساء 18 مارس أن القوات الروسية فرضت سيطرتها أيضا على المطار الواقع في الطرف المقابل لمصنع الحديد على بوابات المداخل الشرقية للمدينة.

واستنتج الموقع الإيطالي بأنه "من هذه البيانات يتضح أن الجيش الروسي يفرض حصارا على ضاحية ماريوبول بأكملها". 

ولفت إلى أنه من المرجح تمركز عناصر مجموعات المقاومة من الأوكرانيين التي ظلت في المدينة والمنتمية خاصة إلى صفوف كتيبة آزوف، بين منطقة المسرح ومحطة السكك الحديدية الرئيسة حيث تدور المعارك في الآونة الأخيرة.

أردف "إنسايد أوفر" أن المواجهات الضارية في وسط ماريوبول لا تدور فقط بين القوات الروسية والأوكرانية، وإنما هناك انتشار كبير لقوى أخرى على الميدان أبرزها كتيبة آزوف من ناحية  في مواجهة قوات الانفصاليين من دونيتسك وقوات شيشانية. 

وبحسب الموقع الإيطالي، ينشر المقاتلون الشيشان معظم مقاطع الفيديو التي توثق معركة ماريوبول على الإنترنت وفي بعضها يصرخون "الله أكبر" بعد إصابة هدف من الأهداف.

لاحظ الموقع أن المواجهات المكثفة بين قوات مختلفة في ماريوبول لا تتكرر في سياق الحرب الحالية إلا في العاصمة كييف.

وهو ما يفسر أهمية السيطرة على المدينة الساحلية بالنسبة لموسكو، في مقابل ما سيعنيه السقوط النهائي لها من مشاكل كبيرة بالنسبة للأوكرانيين. 

وفي تساؤله عن الأهمية التي تكتسبها المدينة الأوكرانية في الصراع، أجاب إنسايد أوفر بأن العديد من المصالح تسجل حضورها على طول ضفاف بحر آزوف. 

أولا، تعني المعركة تصفية حسابات نهائية  بعد ثماني سنوات من المواجهة بين القوميين الأوكرانيين المنتمين لكتيبة آزوف المدافعة عن المدينة والانفصاليين الموالين لروسيا في دونيتسك. 

ثانيا، تحقق موسكو من خلال بسط سيطرتها على ماريوبول بعض الأهداف السياسية والعسكرية المهمة خصوصا أن ذلك سيسهم في ضمان السيطرة الكاملة على بحر آزوف. 

علاوة على ذلك، ستخلق السيطرة على المدينة ممرا طويلا قادرا على ربط شبه جزيرة القرم وخيرسون بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين. وبذلك يمكن تأسيس إقليم "دونباس كبير" مؤيد لروسيا، وفق تعبير الموقع الإيطالي. 

وتابع قائلا إنه "على إثر ذلك سيتحول الإقليم مباشرة إلى أكثر من دولة عازلة أو إلى كيان جديد مرتبط سياسيا بشكل واضح بموسكو". 

باختصار، سقوط ماريوبول تحت السيطرة الروسية سيعلن بداية ظهور تهديد الانقسام في أوكرانيا على محمل الجد وهو معطى سيفرض نفسه بقوة على طاولة المفاوضات، يختم الموقع الإيطالي.