في حرب أوكرانيا.. لهذا امتنع الغرب عن حظر الطيران ولم تستخدم روسيا كل قوتها
أكد موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي أن استجابة حلف شمال الأطلسي "ناتو" للدعوات بفرض حظر للطيران في أجواء أوكرانيا ستكون بمثابة إعلان رسمي للحرب العالمية الثالثة، بين روسيا والغرب.
وأوضح الموقع أن هذا الحل المستبعد من شأنه القضاء على الغزو الروسي الذي يتقدم بالفعل ببطء في أوكرانيا على عكس المتوقع، لكنه في نفس الوقت سيمهد الطريق للجوء روسيا لاستخدام أسلحتها المتطورة التي لم تدخل الحرب بعد، وفي مقدمتها النووية.
مخاوف حقيقية
وذكر الموقع أن حكومة كييف تناشد منذ أيام الناتو والمجتمع الدولي لإنشاء منطقة حظر طيران في سماء أوكرانيا لمنع روسيا من تنفيذ عمليات جوية، فيما ترفض الدول الأعضاء في الحلف هذا الطلب لتجنب التورط في النزاع.
وشرح أنه يمكن اعتبار منطقة حظر الطيران بشكل أساسي بمثابة حصار بحري لكن يتم تنفيذه في الأجواء لمنع مقاتلات دولة ما من التحليق.
وبين أن هذا الحظر يتم فرضه من خلال استخدام القوة عبر توظيف الطائرات المقاتلة لحظر استخدام المجال الجوي العسكري.
وألمح إلى أنه على غرار الحصار البحري، يمكن اعتبار منطقة حظر الطيران عملا عدوانيا حربيا إذا لم يتم إنشاؤها من قبل هيئة أممية تكون الأمم المتحدة في هذه الحالة.
وهذا يمثل في حد ذاته، السبب الرئيس لعدم قابليتها للتطبيق، بالنظر إلى حقيقة أن مجلس الأمن لن يكون قادرا على إصدار قرار بإجماع التصويت، نظرا للمعارضة الأكيدة من روسيا وعلى الأرجح الصين أيضا، القلقة من تداعيات عالمية لتصعيد محتمل نتيجة هذا الحظر.
كما لفت إلى أن إنشاء مناطق حظر الطيران يعد إجراءا حديثا جدا، إذ تم إنشاء المنطقة الأولى أثناء الصراع الأول في العراق في 1991.
وبعد ذلك تم اتخاذ نفس الإجراء في الصراع في البوسنة والهرسك، في 1992 بغاية فرض حظر على الرحلات الجوية العسكرية في المجال الجوي للبوسنة والهرسك.
وفي 2011، فرضت الأمم المتحدة عدة عقوبات على نظام معمر القذافي في ليبيا، أهمها فرض حظر جوي فوق ليبيا ومنع مقاتلات القذافي من التحليق في الأجواء.
توسع الصراع
لذلك، أكد الموقع الإيطالي بأنه لا يمكن لحلف الناتو أن يسلك هذا المسار من جانب واحد، أو بدون تفويض من الأمم المتحدة خصوصا وأن ذلك سيعني بدء الأعمال العدائية مع روسيا بطريقة رسمية إلى حد ما.
في الواقع تبدو الفكرة بسيطة للوهلة الأولى، ومن وجهة نظر تكتيكية ستكون فعالة في القضاء على القدرات الجوية الروسية، لكن سيكون لها آثار جانبية لا يستطيع الغرب، والبشرية جمعاء تحملها.
وأوضح بأنها ستؤدي من المؤكد إلى توسع الحرب على نطاق قاري أو عالمي، وهو ما من شأنه أن يتسبب في نتائج تكون مدمرة.
و"كمسألة مصداقية، ليس من المنطقي أن يلجأ الناتو وحلفاؤه لمثل هذا الحظر دون أن يكونوا مستعدين لتطبيقه بالكامل، لذلك من شبه المؤكد أن المقاتلات الغربية ستكون مضطرة إلى إسقاط المقاتلات الروسية"، يجزم الموقع الإيطالي.
كما لا يستبعد إنسايد أوفر فرضية إندلاع مواجهة كبيرة في هذا الوقت من الصراع، خصوصا مع العقوبات التي باتت تخنق الاقتصاد الروسي إلى جانب استعداد موسكو للقيام بكل شيء لحماية قواتها على الميدان.
لذلك، في حال إنشاء منطقة حظر طيران، ستستمر الغارات الروسية على أوكرانيا وسيضطر الناتو إلى مهاجمة المقاتلات الروسية وربما أيضا استهداف القواعد التي تنطلق منها في بيلاروسيا وروسيا، يتوقع إنسايد أوفر.
وحذر الموقع بأنه "لا يمكن لأحد أن يتنبأ بما قد يحدث بعد هذا، ولكن مع وجود فرضية اللجوء إلى الخيار النووي، سواء أكان ذلك تكتيكيا أم إستراتيجيا، فإن إنشاء منطقة حظر طيران يمثل مخاطرة كبيرة للغاية بالنسبة لحلف الناتو على الأقل في الوقت الحالي".
تقدم بطيء
على صعيد آخر، أكد الموقع الإيطالي أن تقدم الجيش الروسي في أوكرانيا ظهر أبطأ مما كان متوقعا، وهو ما تؤكده بعض التقارير و التطورات على الميدان وكذلك سقوط أسرى روس بين أيدي قوات كييف.
وقال إن خبراء الكرملين توقعوا أن القوات الروسية بإمكانها تنفيذ هجوم خاطف للسيطرة على كييف في مدة لا تتجاوز 15 يوما بعد بدء العملية العسكرية.
واستغرب عدم استخدام الجيش الروسي في هجومه المستمر على أوكرانيا أسلحة مثل الطائرات بدون طيار وكذلك الدبابات الهجومية الحديثة و أيضا مقاتلات جيل المستقبل، دون أن ينسى الهجمات الإلكترونية التي كان من شأنها إلحاق أضرار جسيمة بالطرف الأوكراني.
في نفس الإطار، لاحظ الموقع أن أيا من مقاطع الفيديو أو صور الأقمار الصناعية وكذلك التقارير بشأن حشد القوات على حدود أوكرانيا، لم تظهر مقاتلات من الجيل الخامس من طراز سو 57 أو دبابة قتالية من طراز تي-14 أرماتا.
وأشار إلى أن ما ظهر فقط أرتال عسكرية لا نهاية لها تتكون من وسائل نقل القوات، مدرعات ودبابات تم تصنيعها في الحقبة السوفييتية وكذلك مروحيات ميل مي-26 و ميل مي-24 سوفييتية الصنع أيضا.
وأفاد بأن الطائرات ذات الأجنحة الثابتة أو ذات الأجنحة الدوارة التي دخلت الخدمة في أوائل التسعينيات، شكلت أحدث الأسلحة المشاركة في الغزو الحالي.
وبحسب الموقع، يبدو أن موسكو اختارت أن تخوض الحرب بالصفوف الثانية من جيشها القوي وهو ما قد يشير إلى أن أوكرانيا هدف عسكري ثانوي.
لغز كبير
واعتبر الموقع الإيطالي أن الغياب الواضح للطائرات بدون طيار يعد أحد ألغاز التقدم الروسي البطيء داخل الأراضي الأوكرانية.
ونوه بأن المسيرات شكلت أحد الأسلحة الرئيسة الحاضرة في النزاعات التي تجري في الشرق الأوسط خاصة من قبل قوات الحلف الأطلسي الرئيسة.
في المقابل، استخدمت القوات المسلحة الأوكرانية هذا السلاح في الحرب الحالية وهو ما تظهره مقاطع فيديو لعمليات نفذتها طائرات قتالية تركية الصنع من طراز بيرقدار تي بي 2 ضد القوات الروسية و كذلك الشيشانية، وفق الموقع الإيطالي.
ومضى قائلا إنه "من المثير للاهتمام الإبلاغ عن وقوع القوات الروسية في العديد من الكمائن في الأيام الخمسة الأولى من الصراع، وهو ما يعني بأنه من الواضح أنها لم تتلق أي تحذيرات عن تحركات معادية تتفوق في العدد من المناطق المجاورة".
وأعلنت وزارة الدفاع الروسي في 2 من مارس/ آذار 2022 في بيان صادر أن الخسائر في صفوف قواتها بلغت 498 قتيلا و1597 جريحا.
كما رجح "عدم استخدام هذا السلاح منذ البداية بسبب الميل إلى التقليل من شأن العدو وقدراته الدفاعية ومقاومته للاجتياح أو ما هو أسوأ من ذلك الخشية من أن تنجح قوات الدفاع الأوكرانية في القضاء على هذه الأسلحة المتطورة والتي يعلق عليها الكرملين انتظارات كبيرة".
وتابع أنه "ربما فكر الجانب الروسي في استخدام الأسلحة الأكثر فاعلية في حال لم يخرج الوضع الحالي عن حالة الجمود التي يوجد عليها".
من جانبهم، يجادل بعض المراقبين بأن العملية التي تسير بصعوبة، بسبب النقص الواضح في الموارد والإعداد الضعيف للقوات الغازية المكونة إلى حد كبير من المجندين، قد تكون بمثابة ارتكاب خطأ إستراتيجي.
ورأى الموقع أن الأيام القليلة المقبلة ستكشف ما إذا كانت القوات الروسية قد صححت العملية، أم أن الحرب ستستغرق أشهرا كاملة ما سيؤدي إلى عواقب وخيمة على ساحة المعركة.