ذكرى الثورة.. دبلوماسي سوري سابق لـ”الاستقلال”: أي انتقال سياسي يهدد الأسد
أكد الخبير السياسي والقانوني السوري، العضو السابق بهيئة التفاوض المعارضة، محمد حسام الحافظ، أن خطة مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون المسماة "خطوة بخطوة"، لن تؤدي إلى أي شيء سوى إكساب وقت للنظام، وإعطاء صورة كاذبة بأن هناك عملية سياسية.
ورأى الحافظ، وهو دبلوماسي سابق بوزارة الخارجية السورية، في حوار مع "الاستقلال"، أن النظام السوري لا يريد أن يحقق أي تقدم ملموس في مباحثات اللجنة الدستورية المكلفة بصياغة دستور للبلاد برعاية أممية، لأنه يعلم تماما بأنها خلقت ميتة.
وأوضح أن نظام بشار الأسد بسبب تكوينه الديكتاتوري والاستبدادي يخاف جدا من أي انتقال سياسي ولو رمزي أو مبدئي، كون ذلك يغير من بنيته بالكامل ويضعه في مواجهة بعضه البعض.
ولفت الخبير السياسي والقانوني السوري إلى أن هيئة التفاوض المعارضة في أصعب حالاتها، ولديها مشكلة داخلية، وهذا ما يفرض عليها أن تبدأ بإصلاح ذاتها كي تجمع أوراق القوة لديها، وتندمج مع جمهور قوى الثورة.
ويوافق 18 مارس/ آذار 2022، الذكرى الـ11 لانطلاق الثورة السورية ضد نظام الأسد الذي يحكم البلاد منذ أكثر من 50 عاما، ورغم مرور كل هذه السنوات لا يلوح في الأفق أي حل قريب.
والحافظ، حائز على درجة الدكتوراه في القانون، وهو دبلوماسي سابق في الخارجية السورية، وخدم في إيران وبريطانيا وأرمينيا.
جهود بلا جدوى
كيف تقيم جهود المبعوث الأممي غير بيدرسون، لا سيما أن البعض يرى أنه خرج عن مهمته المحصورة بتطبيق القرارات الدولية؟
بيدرسون خرج عن التفويض في البداية، إذ إن مهمته هي جمع الأطراف (النظام والمعارضة)، من أجل الوصول إلى تفاوض ومن أجل التطبيق الفعلي لبيان جنيف1 لعام 2012.
وليس ابتداع مسارات جديدة حتى لو كان هو يظن أو بعض الفاعلين الدوليين أنها تصب في الحل السياسي، وهذا خروج عن المهمة الدولية.
التفويض الدولي واضح ودقيق، وهذا جانب قانوني بحت، لا يستطيع الوسيط الدولي الخروج عنه بإرادة منفردة.
وذلك يحتاج إلى تفويض جديد من مجلس الأمن الدولي، أو يحتاج على الأقل لتفاهمات دولية ترتبط بإرادة المتفاوضين، لكي يقال بأن تطور تنفيذ مهمة المبعوث الدولي أوصلت إلى تفاهمات جديدة، وهذا ما لم يحصل أبدا.
لذلك يجب على قوى الثورة والمعارضة السورية أن تكون دقيقة في تصريحاتها وتعاطيها مع المبعوث الدولي لكي لا تعطيه أي شرعية في خروجه الأساسي المعطى له بموجب قرارات مجلس الأمن.
ما رأيكم بخطة بيدرسون المسماة "خطوة بخطوة"؟
التفويض الأساسي لبيدرسون يتعلق بتنفيذ القرار 2254 (المحدد لخارطة الحل السياسي)، والمرتبط بالقرار 2118، وبجمع الأطراف السورية للتفاوض من أجل الوصول إلى بيئة آمنة حيادية وبالتالي انتقال سياسي.
إن خطة "خطوة بخطوة" بعيدة جدا عن روح القرار وعن تفويض بيدرسون، هذا أولا، وثانيا حتى من الجانب العملي لا يمكن الخروج بأي نتيجة خارج إطار المسار الذي وضعه القرار 2254.
لأنه ضمن "خطوة بخطوة" لا يوجد مسار بل هو عبارة عن كلام مفتوح لكل الاحتمالات، يقابلها وضع غير منضبط ومسار غير واضح.
إذ إنه حتى عندما كان هناك مسار تفاوضي وطرفان متفاوضان لم يتم الوصول إلى أجندة، فكيف إذا كانت الخطة كلها تتعلق بخطوات غير منضبطة وغير محددة ومختلط فيها الإنساني مع السياسي والسياسي مع القانوني.
لذلك "خطوة مقابل خطوة" لن تؤدي إلى أي شيء، سوى إكساب وقت للنظام السوري وللقوى المتدخلة في الشأن السوري، لإجراء التغيرات المناسبة لها من تغييرات ديموغرافية وبنيوية، هذا أولا.
وثانيا، إعطاء صورة كاذبة للمجتمع الدولي بأن هناك عملية سياسية، وأن هناك جهودا للمبعوث الدولي لخلق عملية سياسية وإنجاحها والتي هي متوقفة منذ بداية عام 2018.
مواجهة الدستور
لماذا فشلت آخر جلسة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية في أكتوبر/تشرين الأول 2021 في إحراز أي تقدم؟
اللجنة الدستورية هي خارج القرار 2254 وهي محاولات للإشعار بوجود عملية سياسية، إذ إن كامل عملها خارج إطار هذا القرار إضافة إلى القرار 2118.
وبالتالي لا يوجد أجندة واضحة بالنتيجة لإنتاج انتقال سياسي حتى ولو بالاعتماد على الدستور، على الرغم من أن الأخير مكانه بالعملية السياسية من حيث الوصول له وطرحه للاستفتاء.
وآلية الوصول إلى دستور عن طريق جمعية منتخبة هذا كله يأتي بعد تحقيق الانتقال السياسي.
لذلك الهيئة المصغرة المكلفة بصياغة دستور لسوريا لن تتوصل لشيء، وحتى لو توصلت لبعض التفاهمات فإنه لا يمكن إنتاج انتقال سياسي.
إذا إن بيدرسون من خلال الحراك الذي يقوم به هو فقط لتحريك طواحين الهواء للإشعار بأن هناك حراكا دبلوماسيا وعملية سياسية وبالنتيجة هو موظف أممي، ومحاولات إيجاد تفاهم بالأحرف الأولى هو عمله.
لكن تحركاته بين طهران ودمشق وموسكو لا تظهر بأنها مستندة إلى خطة واضحة المعالم، سواء من خطوة بخطوة، أو بالنسبة للعملية الدستورية، بل فقط يقوم باستمزاج الآراء حول أفكار عامة بدون أي نتائج محتملة واضحة.
هل تعتبر المعارضة السورية أن صياغة دستور جديد للبلاد هو الطريق الوحيد للوصول إلى الحل السياسي؟
هي لا تعتبر ذلك، لأن من يعتقد أن الوصول أو الانتقال إلى حل سياسي عبر صياغة دستور جديد لسوريا هو فقط فئة قليلة من المعارضة السورية، وهي منخرطة باللجنة الدستورية، ربما رئيس اللجنة وفريق حوله.
أي ليس كامل أعضاء اللجنة الدستورية المحسوبين على قوى الثورة والمعارضة الذين جزء منهم إما استقال أو يصرح بأنه ليس معنيا أو مقتنعا بهذا المسار، والجزء الآخر يبدو أنه يرى أن وجوده السياسي مرتبط بهذه الهيئة، ومع ذلك فإن هؤلاء هم أقلية الأقلية.
خوف الأسد
لماذا يماطل النظام السوري في تحقيق أي تقدم ملموس في اللجنة الدستورية.. على ماذا يعول؟
النظام السوري لا يريد أن يحقق أي تقدم ملموس في ذلك، لأنه يعلم تماما بأن اللجنة الدستورية خلقت ميتة، وهو غير معني بتحقيق أي شيء، بل هو معني فقط بالاشتراك بالمباحثات لكي يقول إنه يتعاون مع المجتمع الدولي.
لأنه يرى أنه انتصر في المعركة العسكرية، بينما المعركة السياسية طويلة الأمد، وهو يظن أنه لو تعاون في تحقيق تقدم باللجنة الدستورية، لن يحصل على مقابل ذلك.
لذا من أجل هذه المعطيات فإنه يرى بأنه من غير المجدي أن يقدم شيئا للجنة الدستورية.
كما أن النظام السوري بسبب تكوينه الديكتاتوري والاستبدادي يخاف جدا من أي انتقال سياسي ولو رمزي أو مبدئي، كون ذلك يغير من بنية النظام بالكامل ويضعه في مواجهة بعضه البعض وهذا لا يريده أبدا.
ما الأوراق الجديدة لدى هيئة التفاوض السورية المعارضة لمواجهة الدوران في حلقة مفرغة من قبل بشار الأسد؟
هيئة التفاوض السورية في أصعب حالاتها ولديها مشكلة داخلية بسبب موضوع المستقلين، إذ لم تتوصل إلى صيغة نهائية لتتجاوز هذه الأمور.
فضلا عن تداخلات أطراف فاعلين دوليين معروفين من الطرفين، لذلك لا يوجد بين يديها أوراق جديدة لضعفها الداخلي من جهة، وأيضا لعدم وجود تفويض ودعم دولي كالذي كان موجودا في نهاية عام 2015 وبداية 2016 عندما جرى إنشاؤها.
بالتأكيد لدى هيئة التفاوض أوراق لكن يجب أن تبدأ من خلال إصلاح الذات كي تجمع أوراق القوة.
بمعنى أن تنظر داخليا للخروج من الأزمة التي تعيشها منذ حوالي سنتين، ومن ثم الاستقواء بكامل الأطياف والمكونات السياسية للشعب السوري، وكذلك بالجبهة الأوسع من جمهور قوى الثورة والمعارضة السورية.