أحدثها غزو أوكرانيا.. هذه النزاعات ضاعفتها خلافات المياه والموارد الطبيعية
.png)
تحدثت مجلة ناشونال إنترست الأميركية عن ضرورة جعل المياه والموارد الطبيعية "منفعة عامة" لوقف النزاعات القائمة عليها بالنظر إلى حقيقة أنها ضرورية لحياة الإنسان وصحة جميع النظم البيئية العالمية.
وفي 2012، أصدرت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تقريرا مشتركا ناقش ثلاثة محركات رئيسة للنزاع القائم: المنافسة وسط ندرة الموارد، وسوء الإدارة، والديناميات والضغوط العابرة للحدود.
تحديات ونزاعات
وتظهر هذه التحديات في العديد من النزاعات المعاصرة. على سبيل المثال، تفاقم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بسبب التنافس على موارد المياه، ويقاتل كلا الجانبين للسيطرة على إمداداتها لمواطني كل منهما على حساب الآخر.
وإذا كانت إسرائيل تسيطر على المياه، فسيكون من الصعب على الفلسطينيين الوصول إليها، والعكس بالعكس.
وتفاقم الصراع على المياه بسبب آثار تغير المناخ على كلا الطرفين حيث تعرضت فلسطين على وجه الخصوص إلى الجفاف والفيضانات وموجات الحر التي يمكن أن تؤدي إلى انعدام الأمن الزراعي.
وتوسع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى ما بعد النزاع الحدودي الذي دام سبعين عاما.
وبالمثل، تؤثر ندرة المياه أيضا على الصراع الهندي الباكستاني. وبعد الهجوم الإرهابي عام 2019 في كشمير، هددت الهند بتحويل المياه من نهر رافي بعيدا عن باكستان.
ويعد هذا انتهاكا مباشرا لمعاهدة Indus Waters، التي تنص على أنه سيجرى إنشاء لجنة لحل النزاعات بين الهند وباكستان حول المياه.
ولأن جزءا من نهر السند يتدفق عبر كشمير، كانت المعاهدة جزءا من الصراع. وبالإضافة إلى ذلك، تعتمد باكستان على نهر السند بدرجة أكبر من اعتماد الهند عليه.
وبالتالي، إذا حولت الهند موارد المياه، فسيكون ذلك ضارا للغاية للزراعة الباكستانية.
وتقول المجلة: "كان لنزاع إقليم قره باغ الأذربيجاني تأثير ضار على الأمن البيئي والمناخ في المنطقة".
وصعد القتال في أواخر عام 2020 من زيادة حرائق الغابات عبر استخدام الأسلحة الحارقة؛ كما أدى العنف إلى نقص في المياه في منطقة معروفة بأنها غنية بها.
في السابق، كانت أنابيب المياه في المنطقة قد تعرضت للضرر لأن نزاع 1992-1994 جعل صيانتها أمرا صعبا. وقد أدى هذا أيضا إلى نقص مزمن في المياه الآن.
ويعد اليمن مثالا آخرا على أزمة المياه الدولية. ومنذ بداية الحرب الأهلية في عام 2015، يعاني البلد من نقص حاد فيها.
وتشير التقديرات في عام 2019 إلى أن 18 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المياه والصرف الصحي والمساعدات الصحية.
علاوة على ذلك، يواصل المتحاربون التسلح من أجل الوصول إلى المياه من خلال عمليات الحصار على النقاط المهمة لها.
وتشمل الكارثة الإنسانية في اليمن وباء الكوليرا والجفاف المزمن الناجم عن تغير المناخ.
صراعات دولية
ومن المؤكد أن الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 سيكون له بعد مناخي. وكانت هناك مخاوف من أن تتوقف روسيا عن بيع الغاز الطبيعي لأوروبا بعد الغزو.
وبينما ينبعث الغاز الطبيعي من ثاني أكسيد الكربون أقل من الوقود الأحفوري التقليدي مثل الفحم، فإنه يسرب غاز الميثان إلى الغلاف الجوي، والذي يعد ثاني أهم ملوث للمناخ.
وعلاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي النقص المحتمل في الغاز الطبيعي إلى زيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري، وهو ما يتعارض بشكل مباشر مع أهداف المناخ المعلنة في أوروبا.
هناك أيضا مسألة سيطرة أوكرانيا على العديد من خطوط أنابيب الغاز الطبيعي التي تدخل أوروبا من روسيا، والتي تعد مكونا رئيسا للصادرات الروسية.
وتعد خطوط أنابيب الغاز موضع نزاع لأن أي عقوبات مفروضة نتيجة للغزو قد تؤدي إلى عدم تشغيل الأنابيب في المستقبل.
ويوجد قلق من زيادة تلوث الهواء نتيجة الصراع لا سيما من مصانع إنتاج الحديد والصلب المستخدمة في صنع الأسلحة التي تعتمد على الوقود الأحفوري لتعمل بشكل صحيح.
وأخيرا، تؤدي تصرفات الصين في بحر الصين الجنوبي إلى تفاقم التأثير الإقليمي لتغير المناخ، وفق مجلة ناشيونال إنترست الأميركية.
وعلى الرغم من أن العمليات البحرية الصينية في بحر الصين الجنوبي لا تُعزى فقط إلى بكين فقد أدت إلى تفاقم التلوث والصيد الجائر، ودمرت الشعاب المرجانية.
ومما زاد الطين بلة أن محكمة تابعة للأمم المتحدة كشفت أن الصين كانت مدركة تماما لكيفية تأثير أفعالها على البيئة في المنطقة، لكنها شرعت في متابعة سياساتها العسكرية والاقتصادية.
وبالنظر إلى أن المياه لا تزال تثير الصراع، يجب على الأمم المتحدة أن تعلن أنها منفعة عامة عالمية، وفق المجلة.
وفي عام 2011، أعلنت الأمم المتحدة أن الوصول إلى المياه حق أساسي من حقوق الإنسان.
ومع ذلك لا تزال العديد من النزاعات تنبع من ندرة المياه واستخدامها، كما جرت مناقشته سابقا.
ولا تزال العديد من البلدان تسمح بخصخصة الوصول إلى المياه رغم أنها يجب أن تكون منفعة عامة إذا أردنا وقف النزاعات القائمة عليه.
وإذا لم يجر تحويل المياه إلى منفعة دولية مشتركة، فسيكون أفضل شيء بعد ذلك هو تحسين السياسات التي تهدف إلى إدارة موارد المياه والزراعة والحكم، توضح المجلة.
ويحتاج العالم أيضا إلى حماية أفضل لأنظمة المياه حتى لا يمكن تسليحها في أي نزاع.
وستتطلب كل هذه السياسات تمويلا كبيرا حتى يمكن حماية المياه بشكل صحيح، لكن الأمر يستحق ذلك لإنقاذ الأرواح البشرية.