أهل الشرف ضد أصحاب الثروة.. هكذا يرى إعلام عبري الصراع بالشرق الأوسط

ترى أوساط إعلامية عبرية أن الصراع الحالي في شرق القدس المحتلة "محاولة أخرى لتغيير ميزان القوى في المنطقة لصالح أهل الشرف (محور إيران والفلسطينيين) وتقويض هيمنة أصحاب الثروة (دول الخليج المطبعة مع إسرائيل)".
وبينت أن ما يجرى "يضعف النموذج الاقتصادي لصالح سياسات الهوية، ويعكس أحد الأسابيع من شتاء 2022 قصة أكبر تعلمنا شيئا مهما عن الشرق الأوسط بأكمله"، دون توضيح.
وأشارت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية إلى أن هذه القصة تشير من جهة إلى "الزيارة التاريخية" لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى المنامة منتصف فبراير/شباط 2022.
ومن جهة أخرى تظهر "المواجهة الحادة بين اليهود والعرب الفلسطينيين في حي الشيخ جراح بالقدس، ويمثل كلا الحدثين التصورين الأيديولوجيين الرائدين في الشرق الأوسط في القرن الحادي والعشرين".
حجر الزاوية
وهناك أيضا مفهوم اقتصادي نفعي للاعبين البراغماتيين في الحي، أولئك الذين يرون أنه من المناسب التركيز على رفع مستوى ونوعية الحياة لسكان المنطقة من أجل الحد من عدم الاستقرار الذي يشهده الشرق الأوسط منذ شتاء 2010، بحسب الصحيفة.
وترى بأنه نهج يعطي الأولوية للحاضر على رؤى المستقبل، وبالتالي يقوم على تشابك المصالح بين أغنياء المنطقة وإسرائيل ودول الخليج ومع الكيانات الأقل رسوخا مثل مصر، والأردن والسودان التي ترغب الاستمتاع بفتات الكبار.
من ناحية أخرى، هناك مفهوم أيديولوجي يشير إلى أهمية إعطاء الأولوية لسياسات الهوية القديمة، استنادا إلى الترويج للأجندات القومية والدينية من النوع الذي وجّه الشرق الأوسط طوال القرن الماضي منذ توقيع اتفاقية سايكس بيكو عام 1916.
وهذا المفهوم مرتبط بناشطي المنطقة، مثل إيران وحزب الله وحركة المقاومة الإسلامية حماس، تقول الصحيفة.
ولفتت إلى أن هذا هو اللقاء النهائي بين شعوب الحاضر والمستقبل، وبين "أهل الثروة" و"رجال الشرف" في الشرق الأوسط، وبين البراغماتيين والباحثين عن الاستقرار الذين يسعون جاهدين لرسم وترسيخ النظام القائم، وفق تعبيرها.
وأشار "دورون ماتزا" المحاضر في "كلية أحفا" والعضو البارز السابق في جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، إلى أنه في العقد الماضي كانت يد النموذج الاقتصادي النفعي على القمة وقادت جدول الأعمال الإقليمي.
وتابع: "كانت الاتفاقات الإبراهيمية (التطبيع) الموقعة في عام 2020 بين إسرائيل ودول الخليج حجر الزاوية الدبلوماسية والسياسية".
وأشاد بما تسمى "خطة السلام" للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب (2019) المعروفة باسم "صفقة القرن"، والتي في الواقع صاغت بوضوح مبادئ المفهوم الاقتصادي البراغماتي، وفق قوله.
ويرى المحاضر أن هذا التصور امتد أيضا إلى إدارة تل أبيب للعلاقات ليس فقط مع دول المنطقة ولكن أيضا مع الأقلية العربية في إسرائيل.
ويدعم ذلك "وجود السلطة الفلسطينية في رام الله والوقوف وراء الاستقرار الأمني النسبي الذي تتمتع به إسرائيل أمام كل جبهة محتملة تقريبا، في الجنوب والشمال".
وأشار إلى أن هذه هي الأخبار السارة في العقد الماضي، ولكن هناك أيضا أخبار أقل سرورا مما كانت عليه في العام 2021.
ملامح السياسات
وتابع: "هناك مؤشرات على أن أصحاب الثروات وأنصار النموذج النفعي قد تعرضوا لتحديات أكبر بكثير في العام 2021 من قبل رجال الشرف وسياسات الهوية، التي تسعى إلى استعادة نفسها".
وبين أن هذا يحدث بدفع من أجندات أيديولوجية من قبل إيران، وبضغط من أزمة كورونا وخاصة أثرها الاقتصادي، إلى جانب المتغيرات السياسية في الولايات المتحدة.
ولفت ماتزا إلى أن نقطة التحول في هذا السياق كانت هي عملية "حارس الأسوار" (الحرب على غزة في مايو/أيار 2021).
وخلص المحاضر ماتزا في نهاية مقالته الى القول، إن المواجهة الحالية مع حي الشيخ جراح هي استمرار لمحاولة إعادة الشرق الأوسط إلى سياسات الهوية.
وفي سياق متصل، تحدث موقع "مكور ريشون" العبري عن زيارة بينيت إلى البحرين ولقائه مسؤوليها في أعلى الهرم القيادي.
كما زار الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ نهاية يناير/كانون الثاني 2022 دولة الإمارات وهناك سمع "النشيد الوطني الإسرائيلي".
وأشار "أساف جيبور" مراسل الشؤون العربية والفلسطينية في الموقع إلى أن كثرة الوزراء الإسرائيليين الزائرين للدول العربية هو بالطبع استمرار مباشر للاتفاقيات الإبراهيمية.
وبين أن ما يغذيهم حتى اليوم، بصرف النظر عن الأمل المشترك بمستقبل أفضل، هو العدو المشترك إيران، وفق وصفه.
ولفت المراسل إلى أن رئيس الوزراء بينيت أجرى مقابلة مع صحيفة "الأيام" البحرينية أعرب فيها عن معارضته الشديدة للاتفاق النووي مع إيران.
وأشار بينيت في مقابلته إلى أن الاتفاق سيسمح لإيران بالحفاظ على قدراتها النووية وتحقيق مئات المليارات من الدولارات التي ستقوي آلتها "الإرهابية" التي تلحق الضرر بالعديد من دول المنطقة والعالم، بحسب تعبيره.
وخلص إلى القول بأن السعودية تنتبه لما يحدث في المنطقة، مشيرا إلى اهتمام موقع إخباري سعودي بمقابلة بينيت واقتباسه أن "التوقيع على اتفاق مع إيران خطأ إستراتيجي".
يوضح الاقتباس الكثير عن السبب الرئيسي في دفء العلاقات بين دول الخليج وإسرائيل وتسلسل الزيارات الوزارية، كما ترحب السعودية بالتعبئة الإسرائيلية لكل ما تنطوي عليه من تهديدات وتحديات مشتركة، وفق المراسل.