"الحسم ما زال بعيدا".. صحيفة إيطالية: الطائرات المسيرة قلبت المعادلة بحرب إثيوبيا

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "إيل بوست" الإيطالية أن الطائرات المسيرة (بدون طيار) التي اقتنتها الحكومة الإثيوبية من تركيا وإيران والإمارات والصين، قلبت كفة الحرب لصالح رئيس الوزراء آبي أحمد، لكن "الحسم ما زال بعيدا".

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا السلاح أحدث منذ ديسمبر/كانون الأول 2021، نقطة تحول مهمة في الحرب المستمرة في إثيوبيا منذ أكثر من عام ونصف العام بين الحكومة المركزية ومتمردي "جبهة تحرير شعب تيغراي" شمالي البلاد.

منعطف عسكري

وأوضحت الصحيفة أنه بعد أسابيع تمكنت خلالها قوات إقليم تيغراي من التقدم ميدانيا وكانت على مشارف العاصمة أديس أبابا، استعاد الجيش الحكومي الإثيوبي السيطرة على عدد من المدن والأقاليم، ما أجبر قوات الإقليم على التراجع.

وبحسب عدة تقارير دولية، أدى استخدام قوات آبي أحمد المكثف للطائرات بدون طيار إلى عكس مسار الحرب.

وساعدت هذه المسيرات في إثيوبيا الجيش الحكومي في ضرب العديد من الأهداف العسكرية والمدنية بسهولة وسرعة، ما أجبر قوات تيغراي على التراجع حوالي 435 كيلومترا في غضون أيام قليلة، وفقدان جزء كبير من الأراضي التي تمكنت من السيطرة عليها طيلة أشهر من الصراع.

على إثر ذلك، أكد أبيباو تاديسي، نائب رئيس الأركان في الجيش الإثيوبي، في مقابلة بثها التلفزيون الحكومي أواخر يناير/ كانون الثاني 2022 أن القوات الحكومية تخطط لاقتحام مدينة ميكيلي، عاصمة إقليم تيغراي، و"سحق" القوات المتمردة.

في المقابل، قال قائد من قوات التيغراي في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" إن " ما يصل إلى عشر مسيرات كانت تحلق في الأجواء في نفس الوقت" مضيفا "كنا أهدافا سهلة".

وأكدت الصحيفة الإيطالية بأن العشرات سقطوا قتلى جراء الهجمات التي نفذتها هذه المسيرات بينما استمر آبي أحمد في استخدامها في الأسابيع التالية.

وذكرت أن حصيلة إحدى الهجمات التي جرى تنفيذها في أوائل يناير/كانون الثاني 2022 بصاروخ أطلق من طائرة بدون طيار بلغت 58 شخصا.

وإجمالا، قتل أكثر من 300 شخص بواسطة طائرات بدون طيار في الحرب في إثيوبيا حتى مطلع فبراير/ شباط 2022، وفقا لمجلة "بوليتيكو" الأميركية.

ومنذ أيام قليلة، حذرت إذاعة "صوت أميركا"  من مخاطر استخدام القوات الحكومية الإثيوبية الطائرات دون طيار في قصف المدنيين في تيغراي، مشيرة إلى مخاوف من تزايد عدد القتلى من المدنيين في هذه الضربات الجوية.

وقالت الإذاعة الأميركية، في تقرير عبر موقعها الإلكتروني إن عمالا في مطحنة الدقيق كانوا أحدث ضحايا الطائرات المسيرة المسلحة، التي أصبحت أداة رئيسة للقتال في الحرب الأهلية في إثيوبيا.

وأفادت بمقتل 17 ضحية معظمهم من النساء في 10 يناير 2022، بالقرب من بلدة ماي تسيبري في منطقة تيغراي، أثناء تجمعهم لطحن الحبوب.

أبعاد أخرى

وهذه المسيرات تعد فعالة للغاية في الحرب لأسباب من السهل تخيلها، فهي سلاح دقيق لضرب أهداف بعيدة، ويمكن التحكم فيها عن بعد دون أن يخاطر شخص بحياته لقيادتها، كما يصعب كشفها والتصدي لها ويمكن أن تحلق في الأجواء لساعات عديدة.

كما أنها أقل تكلفة بكثير من الأسلحة الأخرى، مثل الدبابات أو أنواع أخرى من الطائرات، ويمكن أيضا أن تستخدمها جيوش صغيرة وبمعدات أقل.

وبحسب الصحيفة الإيطالية، تكمن أسباب مختلفة وراء تزويد دول عدة مثل تركيا والإمارات وإيران والصين للقوات الحكومية الإثيوبية بهذه المسيرات وسمحت لها بتغيير كفة النزاع لصالحها.

بالنسبة لتركيا، على سبيل المثال، أصبح تصدير الطائرات بدون طيار مصدرا لتحقيق أرباح مهمة في الوقت الحالي.

ونوهت بأن المسيرات التركية التي قامت بشرائها المغرب وتونس وليبيا وغيرها من الدول، كانت حاسمة  بشكل خاص في الصراع الإثيوبي أيضا، لا سيما "بيرقدار تي بي 2" التي ساهمت في تفوق القوات الحكومية في معارك ديسمبر/كانون الأول 2021.

وذكرت بأن هذه المسيرة التي أنتجتها شركة صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كان لها أيضا دور حاسم في انتصار أذربيجان في الصراع الذي خاضته ضد أرمينيا في إقليم قره باغ بين سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وقالت إنه "رغم تقدم وتفوق الجيش الأرميني في صراعات السنوات السابقة، إلا أن دخول المسيرات التركية الصراع قلب كفة النزاع لصالح أذربيجان".

وألمحت إلى أن هناك أيضا أسبابا أخرى لقيام دول مختلفة ببيع طائراتها بدون طيار إلى إثيوبيا، مثل اختبار تكنولوجيا عسكرية جديدة في حرب تجري في أماكن أخرى لتقييم فعاليتها.

وأضافت بأن الدافع الذي يقف وراء قرار الإمارات بيع الطائرات بدون طيار لإثيوبيا يرتبط بالرغبة في دعم حليفها الوثيق آبي أحمد.

قدرات مشكوك فيها

كما لفتت "إيل بوست" إلى أن استخدام الطائرات بدون طيار في الحرب ليس بالأمر الجديد مشيرة إلى أن أول من استخدمها على نطاق واسع كانت الولايات المتحدة خلال ما يسمى "الحرب على الإرهاب"، التي شنت بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في نيويورك وواشنطن.

وعلى مر السنين تطور هذا السلاح وظهرت حوله نقاشات أخلاقية أيضا حول شرعية استخدامه مرتبطة بصعوبة تحديد مسؤوليات من يستخدمه.

ويلاحظ أنه في الآونة الأخيرة أصبح من الواضح بشكل متزايد كيف يمكن للطائرات بدون طيار التأثير على مصير الحروب وتحديد نتائجها.

ولهذا السبب أيضا، يعد دمج الطائرات بدون طيار في القوات العسكرية حول العالم أحد الأهداف الرئيسة للعديد من الحكومات، كما يتضح من النمو المستمر للاستثمارات في هذا القطاع.

هذا لا يعني بالضرورة أن الطائرات بدون طيار تضمن التفوق العسكري في كل الأحوال، تستدرك إيل بوست.

وهو ما أكده "بيتر دبليو سينجر"، خبير في استخدام الطائرات بدون طيار في الحروب في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز الأميركية،  بالقول إن "حركة طالبان تمكنت من الصمود لمدة 20 عاما على الرغم من استخدام الولايات المتحدة لمسيرات في أفغانستان".

وخلصت الصحيفة الإيطالية إلى أن مصير الحرب في إثيوبيا لم يحسم بعد، خصوصا وأن بضع عشرات من المسيرات التي يستخدمها رئيس الوزراء الإثيوبي غير كافية لتحقيق النصر على الرغم من أنها تشكل تهديدا كبيرا لقوات تيغراي.