حل "الأعلى للقضاء".. غضب تونسي واسع لاستيلاء سعيد رسميا على السلطات الثلاث

12

طباعة

مشاركة

في حين تواجه تونس أزمات عدة أبرزها أزمة اقتصادية طاحنة، أعلن الرئيس قيس سعيد في ساعة مبكرة من 6 فبراير/شباط 2022، انقلابه على القضاء وضمه لنفوذه، بعدما انقلب على السلطة التنفيذية والتشريعية كاملة منذ أكثر من 7 أشهر.

وتعد المؤسسة القضائية هي الجهة القوية التي تصدت لانقلاب سعيد الذي أعلنه في يوليو/تموز 2021، بإجراءات استولى بموجبها على السلطات الثلاث، وترفض الانصياع لأوامره وقرارته وتتصدى له وتتمسك باستقلاليتها. 

وحل سعيد المجلس الأعلى للقضاء (الهيئة الدستورية المستقلة المعنية باستقلالية القضاء)، قائلا إن المجلس "أصبح من الماضي، وأنه يخدم أطرافا معينة بعيدا عن الصالح العام وتباع فيه المناصب، بل ويتم وضع الحركة القضائية (التعيينات فيه) بناء على الولاءات".

"إجراءات" سعيد التي تأتي استكمالا لانقلابه، وإحكام سيطرته على السلطات الثلاث "التشريعية والتنفيذية والقضائية"، أثارت غضب ناشطين على تويتر، ودفعتهم للتنديد بـ"حكم الفرد" الذي يفرضه سعيد على البلاد وبه صادر تونس ومجلس نوابها وقضائها.

وأكدوا عبر تغريدات على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #قيس سعيد، #المجلس_الأعلى_للقضاء، #يسقط_انقلاب_تونس، وغيرها، أن قرارات سعيد وإجراءاته المعلنة من يوليو/تموز 2021، "غير قانونية وغير دستورية"، داعين الشعب لـ"النفير" ضدها.

ونعت ناشطون سعيد بأوصاف مختلفة أعربوا خلالها عن رفضهم لسياساته وله شخصيا، منها "المتوحد، الديكتاتور، الاستبدادي، البائس"، وغيرها من الأوصاف الأخرى التي تستنكر رغبته في القبض على الكرسي، وسط إشارات إلى زيادة وزنه في تلميح إلى استيلائه على ثروات البلاد.

ونددوا بدعوة سعيد الشعب للتظاهر الإثنين 7 فبراير/شباط 2022، بكل حرية، لإحياء ذكرى اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، وللمطالبة بحل المجلس الأعلى للقضاء، في تصرف مناقض لتوجهاته؛ إذ يرى التظاهرات تصرفات خارجة عن إطار القانون وغير شرعية، ويعمل على قمعها.

من جهته، رد رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تونس يوسف بوزاخر، في تصريحات صحفية إن قرار سعيد بحل المجلس "غير قانوني" ومحاولة لوضع القضاء "في مربع التعليمات" الرئاسية.

وأضاف بوزاخر أن "المجلس ليس من الماضي هو من الحاضر والمستقبل.. القضاة لن يسكتوا.. هذا تدخل مباشر ومحاولة لوضع القضاة في مربع التعليمات".

رفض ودعوة

الناشطون أعربوا عن رفضهم الواسع لقرارات سعيد التي اتخذها في ساعة مبكرة، ووصفوها بـ"مذبحة القضاء"، داعين الشعب بكافة مؤسساته للتصدي لها.

رئيسة تحرير موقع "بوابة تونس"، وجدين بوعبدالله، قالت: "لا طاقة لدي للتعليق على حل سعيد المجلس الأعلى للقضاء…فيما العالم يبكي الطفل (المغربي) ريان، ذهب الرئيس في جنح الليل إلى وزارة الداخلية ليعلن من هناك حل مجلس القضاء".

وكتبت المغردة غفران: "قيس سعيد يبهرنا مرة أخرى بجبروت الفصل 80 متاعو (الخاص به) ويحل القضاء". وحذر الناشط سمير عبده، الشعب التونسي وأحزابه ومؤسساته بأنهم "إن لم يقفوا ضد قرار سعيد الذي لم يسبقه إليه أحد في العالمين، فلا بكاء يستحقه الشعب وسيدخل التاريخ من أوسع أبوابه الرديئة". وتساءلت الصحفية، نائلة الحامي: "أي صورة ينقلها الرئيس في تونس لشعبه؟"، مشيرة إلى أن "إعلان حل المجلس الأعلى للقضاء بفيديو على الساعة منتصف الليل من داخل وزارة الداخلية مرفوقا بمسؤولين أمنيين، وفي ذات الفيديو يؤكد أنه يعرف أن هذا هو مطلب المتظاهرين غدا؟!".

ديكتاتورية سعيد

ونعت ناشطون سعيد بأوصاف مختلفة، مستنكرين عليه فعلته بحل القضاء، ومنددين بالموقف الصامت أمام تجاوزاته غير الدستورية.

الإعلامي الأردني ياسر أبو هلالة، وصفه بـ"المشعوذ الدستوري الذي حل القضاء بعدما حل البرلمان"، قائلا "من يستمع للانقلابي يفهم معنى الانقلاب الطبي! ملاحظة شكلية لماذا زاد وزنه وتكرش؟ مفروض المسؤولية تنقص الوزن؟ شاهد وتفكر".

ووصف الإعلامي والناشط السياسي، سلطان العجلوني، سعيد بـ"المقلب القومجي"، قائلا: "تخيلو معي موقف العالم (الديمقراطي) (الحر) لو فعلتها النهضة وحلت القضاء".

فيما نعت الناشط السياسي والحقوقي، أسامة رشدي، سعيد بـ"الديكتاتوري"، موضحا أنه "الآن جمد البرلمان وحل مجلس القضاء وأصبح رسميا طاغية جمع في يده كل السلطات".

وتساءل: "إلى أين يسير هذا المجنون بتونس"، مشيرا إلى أن "تصريحات وتصرفات هذا الرجل تؤكد أنه لا يتمتع باتزان أو قوى عقلية طبيعية".

وهو نفس ما وصفه به الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، ياسر الزعاترة، إذ قال: "ديكتاتور تونس الصغير يواصل الركض نحو الحائط المسدود"، متسائلا: "هل يتقمص شخصية الديكتاتور الحقيقي بإرادته، أم أن هناك من يغريه بذلك كي يدفعه نحو النهاية؟".

شرعية التظاهر

وكان حديث سعيد خلال إعلان انقلابه على القضاء، عن حق التونسيين في التظاهر السلمي للتعبير عن موقفهم ولإحياء ذكرى الذين سقطوا شهداء من أجل الوطن، وحقهم رفع الشعارات التي يريدون سواء تعلق الأمر بالاغتيالات أو بالتلاعب بالملفات وعدم البت فيها من قبل القضاء مسار حديث الناشطين. 

ورأى المغرد مرسي الزناتي، أن "سعيد يستغل ذكرى استشهاد شكري بلعيد في حربه للسيطرة على القضاء".

وتساءلت التونسية أميمة نصيب: "ما لكم كيف تحكمون..؟!"، مشيرة إلى قول "سعيد في 14 يناير/كانون الثاني 2022: المتظاهرون خونة وخرقوا القانون ولم يتقيدوا بالإجراءات الصحية..، أما في 6 فبراير/شباط، فقال: اخرجوا للتظاهر بكل حرية للمطالبة بحل مجلس القضاء وإحياء ذكرى بالعيد وعبروا على ما تريدون..!؟". وأشارت المغردة إيمان، إلى أن "سعيد يحيي ذكرى اغتيال بلعيد بحل المجلس الأعلى للقضاء ويتهم بعض القضاة والنيابة العمومية بالتواطؤ لتعطيل كشف حقيقة هذا الاغتيال"، معتبرة أن "سعيد ورمزية التواريخ، موضوع أطروحة للأذكياء". وكتب الإعلامي حسين دالي: "حين ترى سعيد الانقلابي الذي يزور مطالب التونسيين لمصلحته فيحل مجلس القضاء بخطاب متفيقه وقد أتخمت بطنه بسحت دعم الاستبداديين وعسكر الظلم حتى بان كرشه.. دون أن يقدم للتونسيين شيئا رغم أنه شريك بمنظومة الحكم منذ عامين ونصف.. تدرك مقدار ما يضحك به أمثاله على شعوبنا".