دعم ماكرون "المسيحية العلمانية" في الشرق الأوسط.. دلالات وأهداف مريبة

12

طباعة

مشاركة

في ما يبدو أنها محاولة لاستعادة السياسات الاستعمارية بحق المنطقة العربية على مدار القرون الـ"18 و19 و20"؛ يحاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استحضار ذلك التاريخ وتلك السطوة بحجة دعم مسيحيي الشرق ضد مزاعم عن "اضطهادهم كأقلية".

وضمن خطوة اعتبرها مراقبون بداية لزرع فتنة جديدة بالمنطقة العربية؛ يسعى ماكرون لنشر المسيحية العلمانية المخالفة لنظيرتها بالشرق الأوسط المشتعل بالأزمات الطائفية والدينية والذي يشكل فيه المسلمون الأغلبية.

وقررت فرنسا مضاعفة دعمها المالي للمدارس المسيحية بالشرق الأوسط، وفق ما أعلنه ماكرون مطلع فبراير/شباط 2022، أمام 150 ناشطا ضد ما يدعونه "مخاطر النزاعات والهجمات الجهادية"، وفق تعبيره.

وقال ماكرون إن "دعم مسيحيي الشرق التزام علماني لفرنسا ومهمة تاريخية، ويشكل استجابة لضرورة عدم التخلي عن النضال من أجل الثقافة والتعليم والحوار بالمنطقة المضطربة".

وأشار إلى أن بلاده وجمعية "أوفر دوريان" التي تدعم الكنائس الشرقية ستضاعفان مساهماتهما في صندوق دعم مدارس الشرق إلى 4 ملايين دولار.

ويأتي تصريح ماكرون في إطار صراع سياسي بينه وبين بعض المرشحين اليمينيين للانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة في أبريل/نيسان 2022، وخاصة إيريك زمور المرشح اليهودي ذا الأصول الجزائرية والمعادي للمهاجرين وللإسلام والمسلمين.

توجهات استعمارية

 ويتسابق ماكرون مع المرشحين اليمينيين للرئاسة على استغلال قضايا وأزمات مسيحيي الشرق بشكل خاص، متجاهلين في ذلك أتباع باقي الأديان بالمنطقة الذين يعانون نفس المعاناة كباقي شركاء الوطن من المسيحيين مع الصراعات السياسية والحروب.

كما أن المهاجرين واللاجئين والمسلمين المتدينين ومساجدهم وجمعياتهم الخدمية ومدارسهم وملابس نسائهم تعد عناوين رئيسة يتبارى حولها المرشحون بانتخابات الرئاسة الفرنسية، في محاولة لكسب أصوات اليمين المتشدد الفرنسي.

والصندوق الذي يتحدث عنه ماكرون لدعم المدارس المسيحية في الشرق أنشئ في يناير/كانون الثاني 2020.

وفي العام 2021، قدم الصندوق دعما لـ174 مدرسة، بينها 129 في لبنان، و16 في مصر، وسبع في إسرائيل، و13 في الأراضي الفلسطينية، وثلاث في الأردن، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.

وبحسب الفاتيكان، فإن المسيحيين بالشرق الأوسط يشكلون نحو 15 مليونا، بنسبة 4 بالمئة فقط من إجمالي سكان الإقليم، بعدما كانوا يشكلون 20 بالمئة قبل الحرب العالمية الأولى.

وتعاني المنطقة منذ اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011، في تونس ومصر وسوريا وليبيا واليمن أزمات سياسية ونزاعات داخلية وحروب أدت إلى لجوء ملايين السكان (مسلمين ومسيحيين) إلى أوروبا ودول عربية وخليجية.

مراقبون أكدوا أن تصريحات ماكرون محاولة لاستعادة السياسات الاستعمارية لبلاده وفرض أيديولوجيتها وفكرها العلماني على دول المنطقة العربية، وذلك ضمن مخططاته لمواجهة انتشار الإسلام بفرنسا، والتنكيل بتيار الإسلام السياسي ببلاده وبالمنطقة العربية.

ويعتقدون أن ماكرون يريد زرع فتنة جديدة ويؤجج الصراعات الداخلية في البلدان العربية، موضحين أنه يحاول استغلال مسيحيي الشرق الأوسط لإرسال رسالة داخلية يريد أن يزايد انتخابيا بها على منافسيه بالرئاسة الفرنسية.

السياسي المصري والقيادي بحزب "الأصالة" حاتم أبو زيد، أشار عبر "فيسبوك"، إلى خطورة توجه ماكرون العلماني على المنطقة العربية.

وقال إن "العلمانية ديانة ترى الإسلام عدوها الأول دون سائر الأيديولوجيات القديمة؛ التي تحللت وانضوت تحت العلمانية، بخلاف الإسلام ذي الفكر الواضح غير القابل للذوبان والانضواء تحت الأفكار والقيم الأرضية الوضعية، سواء كانت قيم الجمهورية الفرنسية أو غيرها".

وبين الصحفي المتخصص بالشؤون الإسلامية مصطفى الشرقاوي، أن "ماكرون يدعم هذه المدارس لأنها تنشر اللغة الفرانكوفونية"، مشيرا إلى أن تلك المدارس في مصر مثلا يتبع أغلبها للكنائس، ما يعني أن هذا الدعم سيذهب لها، وأن له مهام أخرى غير التعليم.

وعبر موقع "يوتيوب"، تساءل: "كيف يكون دعم المدارس المسيحية بالشرق الأوسط التزاما علمانيا لفرنسا، بينما تغلق المساجد والمدارس بالأراضي الفرنسية".

ولفت إلى أن "المسلمين يعانون مع هذه العلمانية بأوروبا إذ يجري فرض مناهج وملابس معينة عليهم".

وانقد علمانية ماكرون وإرساله الأموال دون حسيب أو رقيب، معتبرا أنها "تمويل أجنبي لنشر الفرانكوفونية والمسيحية العلمانية".

ماكرون، طوال فترة رئاسته فرنسا منذ (14 مايو/أيار 2017) يحرص وبشكل دائم على الحضور بأزمات الشرق الأوسط، وخاصة بعد حادث تفجير مرفأ بيروت، مظهرا الدعم للبنانيين ولكنه خص به بعض الطوائف القريبة من معتقداته الدينية وتوجهاته السياسية.

كما حرص ماكرون على الظهور بالأزمة الليبية متخذا منذ البداية جانب مصر والإمارات بدعم قائد الانقلاب خليفة حفتر، ضد الحكومة السابقة الشرعية المعترف بها دوليا بزعامة فائز السراج.

كما حرص ماكرون وزوجته بريجيت على لقاء بابا الأرثوذوكس بمصر تواضروس الثاني، إذ زارا مقر الكنيسة في القاهرة 29 يناير/كانون الثاني 2019.

لكن ماكرون، ومع ذلك لم يتحدث عن المسيحيين في اليمن وسوريا اللتين تعانيان من الحروب الداخلية والصراعات المسلحة، بينما يصب اهتمامه بشكل مبالغ فيه بمسيحيي لبنان.

في المقابل فإن علمانية ماكرون التي تشير لحرصه على الأقلية المسيحية في الشرق الأوسط تتعامل مع الإسلام والمسلمين الذين يمثلون أقلية فرنسية بطرق أخرى غير الدعم المالي، وجميعها مجحفة وعدائية.

ومنذ العام 2017، نفذت السلطات الفرنسية 24 ألف عملية تفتيش و650 عملية إغلاق لأماكن تابعة للمسلمين بينها جمعيات أهلية مرخصة ودور عبادة مقننة ومدارس تحتضن آلاف المسلمين.

وفي 28 سبتمبر/أيلول 2021، أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، أن حكومة بلاده باشرت إجراءات إغلاق 6 مساجد، وحل عدد من الجمعيات بخمس مقاطعات.

ذلك الإغلاق يأتي بدعوى انتماء تلك المساجد والجمعيات لتيار الإسلام السياسي، ومناصرة الفلسطينيين وكراهية إسرائيل، والإفتاء برجم الشاذين جنسيا، أو "الإسلام المتطرف"، وفق تعبير المسؤول الفرنسي.

واعترف دارمانان، لصحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، بأن ثلث أماكن العبادة الـ89 تحت المراقبة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

جمهورية مأزومة

الواقع الذي يحيط بتصريحات ماكرون، يشير إلى أن الجمهورية الفرنسية مأزومة وتعاني اقتصاديا وسياسيا، وتواجه تراجعا بدورها الخارجي، وتتعرض لانتكاسات بمناطق نفوذها، وتفقد أدوارها العسكرية وتأثيرها الثقافي والمالي.

وتعرضت باريس في سبتمبر 2021، إلى أزمة وصفتها وسائل الإعلام بـ"طعنة في الظهر"، تمثلت في تراجع أستراليا عن صفقة غواصات "باراكودا" لشراء تكنولوجيا الغواصات النووية من أميركا، ما تسبب بخسائر مادية لفرنسا، وكشف عن تراجع نفوذها العالمي.

صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، أشارت إلى أزمات ماكرون المتتابعة مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2021، وما اعتبرته "الفشل الفرنسي في التصدي لوباء (كورونا)، والعجز عن إنتاج لقاح على غرار ما فعلت باقي الدول المتقدمة".

ولفتت إلى أن الأزمة الفرنسية تمتد "إلى الاقتصاد الذي يبدو عالقا في حلقة مفرغة من تدني القدرة التنافسية وخسارة الأسواق والوظائف وانعكاسات ذلك على ارتفاع التوتر الاجتماعي وغضب الشارع الذي عبرت عنه حركة (السترات الصفر)".

وفي إفريقيا، مثل فشل العملية العسكرية المعروفة باسم "برخان" بساحل غرب إفريقيا، ضربة شديدة القسوة لماكرون ولسياسات فرنسا بالقارة.

وأعلن ماكرون في 14 يوليو/تموز 2021، إنهاء العمليات العسكرية الفرنسية ضد تنظيمي "القاعدة" و"الدولة" غرب إفريقيا، بسبب مقتل 55 جنديا.

وقتل 13 جنديا فرنسيا في تحطم مروحية بمالي نوفمبر 2019. وفي ذات الشهر من عام 2021، تعرضت قافلة جنود فرنسيين إلى حصار فرضه متظاهرون ضد سياسات باريس المالية والعسكرية في القارة.

وتتزايد دعوات إفريقية لإلغاء التعامل بالفرنك الإفريقي، وهي العملة المستخدمة في عدد من الدول الفرانكفونية.

وفي قرار يؤكد تراجع دور باريس ومرورها بأزمة في مناطق نفوذها التاريخية بإفريقيا، طرد المجلس العسكري المالي في 31 يناير 2022، السفير الفرنسي، من باماكو، ما يثير التساؤلات حول مستقبل فرنسا بغرب القارة.

وتعج المكتبة العربية بالعديد من الأبحاث العلمية التي تتحدث عن الدور الفرنسي السافر في فرنسة وتجهيل الشعوب العربية التي احتلتها وتغيير توجهاتها الدينية والفكرية.

وتحت عنوان: "تاريخ استعماري في التعليم"، نشرت "مجلة الدراسات التاريخية" بحثا للكاتب رابح محمد، بعنوان "التعليم العربي الإسلامي والفرنسي إبان الحقبة الاستعمارية، الجزائر أنموذجا".

الباحث خلص فيه إلى القول إن أخطر أنواع الهيمنة الاستعمارية على الدول، هي "التعليمية الثقافية، الاجتماعية، الدينية".

وأكد أن "الدارس لتاريخ الجزائر لاحظ أن فرنسا حاولت بكل الطرق نشر مجموعة من المفاهيم المبنية على مبدأ الفرنسة والذي يقابله التجهيل وفتح باب الأمية على مصراعه الواسع".

وفي مقال له بمجلة البيان بعنوان: "الاستعمار وخراب التعليم"، قال الكاتب عبدالله بن هادي القحطاني: "بعد هجوم المستعمرين وادعاءاتهم بأنهم أتوا من أجل رسالة تحضير المجتمعات البدائية المستعمرة والارتقاء بها؛ أصبحت مستويات الأمية أعلى منها بعد مغادرة المستعمر".

وأضاف أنه "المستعمر بذل جهدا كبيرا في سبيل تجهيلها وتفتيت مجتمعاتها"، لافتا إلى دراسة للباحث الإفريقي السنغالي ملفي درامي، حول سياسات فرنسا لفرض اللغة الفرنسية.

وواصل: "كانت مستويات التعليم في الدول التي استعمرتها فرنسا عالية قبل الاستعمار، ومع مغادرته لم تكن نسبة التعليم تزيد عن 10 بالمئة، وذلك بعد قرابة قرن من الاستعمار المشؤوم".

والسؤال المطروح الآن: ما دلالات خطوة ماكرون وتوجهه إلى زيادة الدعم المالي للمدارس المسيحية في الشرق الأوسط؟

وفي إجابته قال الباحث المصري خالد الأصور: "أول ما يتبادر إلى الذهن من هذه الخطوة التي تأتي من أعلى رأس بهرم الدولة الفرنسية، من الرئيس ذاته، هي أنها تدخل بالشؤون الداخلية للدول التي يزعم أنه يريد دعم المسيحيين فيها".

وفي حديثه لـ"الاستقلال"، تساءل: "ماذا لو عكسنا الأمر، وأعلن رؤساء وملوك دول عربية وإسلامية بشكل رسمي عن دعم مباشر للمسلمين بفرنسا (سبعة ملايين نسمة)، بنسبة تصل 12 بالمئة من التعداد الفرنسي؟".

وتساءل: "هل سيقبل ماكرون دعما كهذا؟ وهل سيسكت على مجرد التصريح بهذا؟"، يتساءل الأصور.

ويؤكد أن "تدخل ماكرون بالشؤون الداخلية العربية هنا واضح وصريح ولا لبس فيه، ويأتي على خلفية سياسية، وليس عبر منظمات المجتمع المدني الفرنسية مثلا".

وأضاف: "يبدو هذا التناقض من الرئيس الفرنسي أيضا وفي سياق مشابه، برفضه للانقلاب العسكري بمالي، لأن القادة الجدد ليسوا على وفاق مع باريس بل طردوا سفيرها، بينما ماكرون ذاته داعم قوي لانقلابات عسكرية ببلدان إفريقية وعربية أخرى".

وتابع: "فرنسا ذاتها تشارك بقواتها أحيانا وبشكل مباشر في الانقلابات العسكرية بالدول الإفريقية، لذا يجب على ماكرون أن يخجل من تناقضاته الفجة".

دلالات وأهداف

 ويعتقد الباحث والمحلل السياسي عزت النمر، في حديثه لـ"الاستقلال"، أن "خطوة ماكرون وتوجهه لتقديم وزيادة الدعم المالي للمدارس المسيحية بالشرق الأوسط يجمع مجموعة متباينة من الدلالات".

أولى تلك الدلالات أن "العالم يعيش تدهورا أخلاقيا وحضاريا، ويقف أمام السقوط الهائل للحضارة الغربية بكل المبادئ التي ظل يدعيها ويتاجر بها بالقرنين المنصرمين، كالديمقراطية وحقوق الإنسان واللتين تم قصرهما على الإنسان الغربي".

وأشار إلى السقوط المدوي للعلمانية التي كانت تدعي أنها تهدف إلى منع الاضطهاد الديني، فإذا بها اليوم ترفع عقيرتها كأسوأ حرب على العقيدة واضطهاد الآخر وحرب شرسة على التنوع وحرية الفكر والرأي.

وفي ثاني الدلالات قال إن "الأحداث تعلن سقطة هائلة للكنيسة بكل طوائفها إذ انكشف عن رذائلها الغطاء، وزكمت خطايا قادتها ورموزها الأنوف بجرائم التحرش الجنسي بالأطفال والاستغلال الذي مارسه آلاف القساوسة والبطاركة وكل رموز الكنيسة".

وتابع: "وصل المعلن من هؤلاء الذئاب البشرية لما يزيد عن ثلاثة آلاف معتد قذر بفرنسا وحدها، التي تدعي أنها دولة النور والحريات، ووصل عدد ضحاياها إلى أكثر من 216 ألف ضحية، وفق تحقيقاتهم، والخفي أضعاف المعلن".

وفي ثالث الدلالات بحسب الباحث المصري فإن "الكنيسة الشرقية كذلك خضعت لهذا الابتزاز الرخيص وسارت بركب شيطان الكنائس الغربية وقبلت بذلك وشاركت فيه، مقابل مكاسب رخيصة لا يقبلها عقل رشيد وصاحب سلوك قويم".

"فضلا عن رموز تنتسب إلى دين وكهنوت أرخصوه وخانوه وباعوه في شقه الأخلاقي بعدما فرطوا بإرثه العقدي تحريفا وتبديلا"، بحسب قول النمر.

وأشار إلى أن "الدلالة الأخيرة لا تخطئها عين، بأن العالم الإسلامي يعيش سقطة تحت حكومات مستبدة وحكام طغاة، فرطوا ليس فقط بدينهم ولكن في دين الأمة، ووقف أكثرهم موقف العداء للإسلام وشريعته وإرثه الحضاري، ربما تزلفا للغرب وإسرائيل وربما كراهية أصيلة وانعتاقا من الدين وقيمه وثوابته عن تحد وقصد".

وتابع: "يكفي لكل كاره للإسلام وحاقد على شعائره وشرائعه أن يجد ضالته فيما يفعله رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي ووليا عهد أبوظبي محمد بن زايد والسعودية محمد بن سلمان وغيرهم من الأزلام الذين يغص بهم العالم الإسلامي".

وواصل: "لا ننسى ذلك التحالف القذر بين الإمارات وفرنسا، والذي نشأ عام 2017، ودعم ابن زايد فيه باريس بالمليارات وإنشاء مراكز إضرار ثقافية لمحاصرة كل ما هو إسلامي ببلادنا ولدى الجالية المسلمة في الغرب".

وفي إجابته على تساؤل: "هل هدف ماكرون دعم مسيحيي الشرق كأقلية أم نشر العلمانية المخالفة لأديان الإسلام ولمسيحية الشرقيين؟"، قال النمر: "لا يمكن بأي حال أن يكون هدف هذه الإجراءات الخبيثة دعمهم".

وأضاف "ولا يمكن انتظار دعم لمسيحي الشرق من الغرب الذي يعترف نشطاؤه المسيحيون أنه لم يعد هناك شعب للكنيسة في الغرب، وأن معظم الشعوب الغربية لم تعد تعتبر نفسها تنتسب للكنيسة".

وأوضح: "لو كان دعما لكان أولى بالدعم الكنيسة الغربية التي سحقتها العلمانية والمادية واللاأخلاقية التي حولت الرهبان والقساوسة إلى تجار عهر وفجر واستغلال جنسي".

ويعتقد بأن "الأهداف الحقيقية هي التقاء لرغبة اليمين الفرنسي والمتنافسين على مقاعد الحكم والسياسة فيه ومعهم ماكرون. لجأ هؤلاء لاستخدام الدين والكنيسة لتكثير أتباعهم، ومحاولة جني مكاسب سياسية خاسرة، والتمسك بأهداب مناصب طلبوها من هذا المسلك القذر".

وبين أن "ماكرون يعلم أن مستقبله بات مجهولا في السياسة والحكم بعد الفشل والإخفاق بالإدارة والحكم، حسب استطلاعات الرأي الداخلية وبعد المظاهرات التي خرجت ضده".

ويلتقي مع هذه النزعة المحمومة كراهية أصيلة وحقد على الإسلام وأهله وتراثه، مع مليارات ومكاسب اقتصادية شخصية.

وبشأن خطورة هذه التوجهات على المنطقة، ومدى اعتبارها مقدمة لزرع فتنة جديدة بمنطقة تموج بالأزمات والصراعات الطائفية والدينية، يعتقد النمر أن "الخطورة الأكبر ستحيق للأسف بالكنيسة العربية إن لم تستنقذ نفسها من طريق مظلم، وتثوب لرشدها وتحفظ وقارها احتراما للشعوب والأوطان".

ويعتقد أن "ماكرون وأمثاله يسعون لإيقاد الفتنة بالمحيط العربي ويتربحون منها لأنفسهم وأوطانهم، ويدعمون بهذه الأزمات والصراعات التي يشعلونها الاستبداد والفساد".

ومن وجهة نظره، فإن محاولات ماكرون تأتي ضمن استحضار واستعادة فرنسا الاستعمارية ومحاولة بسط نفوذها الفكري في الأقطار العربية كما فعلت سابقا طوال قرون. وقال إنه "من غير شك جزء من المخطط يريدون به إنعاش ميت واستحضار مفقود".