بهاء الحريري.. شقيق "الرئيس سعد" الذي يفضله ابن سلمان لقيادة السياسة في لبنان

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد إعلان زعيم تيار المستقبل في لبنان سعد الحريري تعليق عمله السياسي، أعلن شقيقه بهاء دخول معترك السياسة، لاستكمال مسيرة والده رئيس الوزراء الراحل "رفيق"، مشيرا إلى أنه سيكون في البلد قريبا.

وكان شقيقه سعد، الذي تولى رئاسة الحكومة ثلاث مرات، أعلن في 24 يناير/كانون الثاني 2022 تعليق عمله السياسي، وطلب من "تيار المستقبل" عدم الاشتراك بالانتخابات.

جاء ذلك لاقتناعه أن "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل نفوذ إيران والتخبط الدولي".

بديل جديد

وعن دخوله العمل السياسي، قال بهاء خلال مقطع مصور نشره على "تويتر" في 28 يناير، إنه سيخوض معركة "استرداد الوطن من محتليه"، لافتا إلى أنه "سيستكمل مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري".

وحذر من أن "أي تضليل أو تخويف من فراغ على مستوى أي مكون من مكونات المجتمع اللبناني يخدم فقط أعداء الوطن، فما بالكم بالتخويف بالفراغ في أكبر طائفة في لبنان التي لي شرف الانتماء إليها".

ومضى قائلا: "مستمرون فيما تعلمناه من والدي، نحن أهل الاعتدال لا التطرف، نحن أهل الإعمار لا الانهيار، نحن أهل المواطنة لا التفرقة، نحن أهل السيادة لا الارتهان، نحن أهل العمق العربي".

ومهد بهاء الحريري لخطوته هذه بتعيين صافي كالو ممثلا سياسيا له في لبنان، الأمر الذي فتح المجال أمام سيناريوهات عدة، حول ما إذا كان سيهيئ الأخير الأرضية السياسية للأول ويحضر جدول لقاءاته واجتماعاته، وذلك قبيل مجيئه المحتمل إلى بيروت.

ونقل تقرير في 29 يناير 2022 عن مهند حاج علي من مركز "كارنيغي ميدل إيست"، قوله "إنها (كلمة بهاء) إشارة إلى أنه لن يسمح بفراغ في السياسة السنية، وأنه يدخل ليرتدي العباءة".

ورأى حاج علي "من الصعب في الوقت نفسه أن تراه يملأ الفراغ، ما لم تكن هناك مساندة إقليمية وتمويل قوي وراءه. إذا كان مستعدا لإنفاق المال على المشهد السني ربما تكون أمامه فرصة".

ونقلت وكالة "رويترز" البريطانية في 28 يناير 2022 عن جيري ماهر المستشار الإعلامي لبهاء الحريري قوله إنه "لن يرشح نفسه في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 15 مايو/أيار المقبل".

وبين أنه، عوضا عن ذلك، سيساند قوائم انتخابية في أنحاء البلد تحت شعار "سوا للبنان"، وهي حركة أسسها ومولها بهاء الحريري.

رجل أعمال

بهاء الدين رفيق الحريري من مواليد 1966، هو النجل الأكبر لرئيس الوزراء اللبناني الأسبق، من زوجته الأولى العراقية نضال بستاني. ويحمل الجنسية السعودية إلى جانب جنسيته اللبنانية، وتشمل مصالحه استثمارات عقارية في لبنان والأردن.

تزوج ثلاث مرات، حيث كانت زوجتاه الأوليين من الجنسية اللبنانية، وله بنتان هما بهية ودانة وابن هو رفيق.

وبعد طلاقه تزوج في 2014 من السعودية حسناء أبو سبعة (من والد سعودي وأم بريطانية) وأقيم حفل زفافهما في منتجع "إدن روك" في أنتيب جنوب فرنسا.

درس إدارة الأعمال في جامعة بوسطن الأميركية، وبعد تخرجه توجه إلى السعودية ليعمل في مجال الهندسة والعمارة في "شركة سعودي أوجيه" التابعة للعائلة.

تدرج بالعمل حتى أصبح مديرا للتدقيق في الشركة، ثم تركها لينشئ عمله الخاص، لكنه بقي يساهم في الجانب التنفيذي. وهو أيضا رئيس شركة "العبدلي" في الأردن لبناء الوسط التجاري في عمان.

أسس "شركة هورايزون للمشاريع الإعمارية" في لبنان، وهو الراعي الفخري للنادي الرياضي اللبناني. وكان قد عمل في إدارة مصرفين مهمين تابعين لعائلته وهما البنك العربي وبنك البحر المتوسط، كما أنه يشارك في رئاسة جريدة المستقبل اللبنانية.

لم ينخرط بهاء في العمل السياسي طيلة فترات حياته، لكنه قال في إحدى مقابلاته الصحفية خلال زيارته للكويت عام 2005: "الوالد كان (مكفي وموفي) في مركزه ولديه قدرة خارقة على حمل الملفات السياسية كلها، ولكن من الطبيعي أن نكون، سعد وأنا، إلى حد ما متواصلين معه نسأله في الأمور السياسية".

وتابع: "اخترت دراسة إدارة الأعمال بمفردي وعن اقتناع فالوالد طيلة حياته لم يفرض علينا أي شيء لا في العلم ولا في العمل، أعطانا الحرية وفي النهاية عملت في لبنان في أمور عملية مع الوالد بإرادتي وفي أمور تتعلق بمصالحنا".

وتقدر ثروة بهاء الحريري الذي يعتبر ثاني أغنى رجل في لبنان بنحو 2.1 مليار دولار.

وجمع ثروته من خلال العمل في البورصة والأسهم والأوراق المالية، قبل أن ينتقل إلى العقارات والإنشاءات، بحسب ما نشرت مجلة "فوربس" الأميركية في يوليو/ تموز 2019.

مفضل لابن سلمان

بعد اغتيال والده عام 2005، وتزعم شقيقه الأصغر سعد الحريري "تيار المستقبل"، انكفأ بهاء إلى الاهتمام بأعماله الخاصة بعيدا من الساحة السياسية. ولم تبرز أي مواقف سياسية له منذ ذلك الحين.

لم تكن العلاقة بين الشقيقين على أفضل ما يرام، إذ ذكر تقرير صحيفة "المدن" اللبنانية في 2017 أن "بهاء تأثر سلبا باختيار السعوديين شقيقه الأصغر ليكمل مسيرة والده بدلا منه".

ولاحقا، انتقد كثيرا أداء سعد المتعثر وسياستيه الإدارية والمالية، وصولا إلى جلوسه على الطاولة نفسها مع حزب الله، محملا إياه مسؤولية تردي الوضع التنظيمي والشعبي لتيار المستقبل، وفق التقرير.

وفي وقتها، تواردت أنباء عن أن بهاء انتقل إلى السعودية، حيث سربت معلومات أن لا عودة قريبة لسعد الحريري إلى بيروت قبل أن يسلم زمام الأمور إلى شقيقه، الذي يقال إن مواقفه تجاه إيران وحزب الله أشد وأقسى.

وجاء ذلك بعد الحديث آنذاك عن احتجاز سعد الحريري في السعودية بأمر من ولي العهد محمد بن سلمان.

ونقل تقرير صحفي نشر في 2017 عن أسعد أبو خليل، أستاذ العلوم السياسية اللبناني بجامعة كاليفورنيا، قوله إن "الملك سلمان (بن عبد العزيز) هو صاحب الأفضلية في ترجيح كفة سعد على بهاء بعد اغتيال والدهم رفيق الحريري".

وأضاف: "بعد بضعة أشهر من اغتيال الحريري، أردت أن أتعرف إلى مواقف فريقه السياسي، فالتقيت بواحد من أقرب مستشاري رفيق. أخبرني عن كيفية اختيار سعد خلفا لأبيه. قال إن العائلة المالكة في السعودية أوكلت إلى الأمير (حينها) سلمان تولي شؤون إدارة العائلة بالنيابة عن آل سعود. وكان بهاء يريد أن يخلف أباه".

لكن سلمان حسم الأمر باختيار سعد قائلا إن بهاء ترك انطباعا سلبيا عند الأمراء لأنه كان أقل لطفا وودا.

وفي حادثة احتجاز سعد الحريري في الرياض، ذكرت كبرى الصحف العالمية، أن السعودية وضعته تحت الإقامة الجبرية، لإجباره على اعتزال السياسة، ومبايعة أخيه الأكبر بهاء، الذي "يفضله" ولي العهد السعودي الآن.

وبحسب رواية ديفيد إغناتيوس الكاتب الأميركي في صحيفة "واشنطن بوست" عام 2017 فإن "بهاء، وهو أكثر تشددا من سعد، بات مرشح الرياض لمنصب رئاسة الوزارة في لبنان. ويقول إن المملكة استدعت عددا من أقرباء الحريري للرياض خلال الأسبوع لمبايعته، لكنهم رفضوا السفر".

وقتها، نقلت "رويترز" أيضا عن مصادر لبنانية لم تكشف عن هويتها، أن "السعودية أدركت أن سعد كان عليه الرحيل عن المشهد السياسي لأنه لم يكن مستعدا لمواجهة جماعة حزب الله".

وقالت المصادر اللبنانية لـ"رويترز" عام 2017 إن "الرياض تخطط لأن يحل شقيقه الأكبر بهاء محله كأبرز سياسي سني في لبنان".

وفي رواية ثالثة نشرتها صحيفة "الأخبار" اللبنانية، أفادت بأن "السفير السعودي المعين حديثا في بيروت، وليد اليعقوبي، أجرى اتصالات بأفراد من العائلة الكبرى للرئيس رفيق الحريري، شملت زوجته نازك، والنائبة بهية وولدها أحمد، وأبلغتهم رسالة عاجلة مفادها أن القرار اتخذ بتولية بهاء الزعامة".

وبينت وقتها أن عليهم الحضور إلى السعودية لمبايعته، إلى جانب سعد الذي وافق على الأمر مقابل إطلاق سراحه، على أن ينتقل للعيش في أوروبا ويعتزل العمل السياسي.

وردا على سؤال عن موضوع "مبايعة" بهاء، علق وزير الداخلية اللبناني في حينها نهاد المشنوق، قائلا: "هذا الكلام يدل على جهل وتخلف بطبيعة السياسة في لبنان. نحن لسنا قطيع غنم تنتقل ملكيتها من شخص لآخر. والأمور لدينا تحصل بالانتخابات لا بالمبايعات".

ويرى مراقبون للشأن المحلي أن توقيت إعلان بهاء الحريري دخوله المعترك السياسي عقب قرار شقيقه سعد اعتزال السياسة، ربما يكون باتفاق مع السعودية، وتصديقا لرغبة الأخيرة في دفعه إلى الميدان السياسي بعد عجز شقيقه عن إيقاف هيمنة حزب الله على القرار اللبناني.