"سورية إلى أين؟".. هذه حقيقة ندوة رياض حجاب المزمع عقدها في الدوحة
تترقب الأوساط السورية انطلاق ندوة تحت عنوان "سورية إلى أين؟" في العاصمة القطرية الدوحة، بدعوة من رئيس الوزراء المنشق عن النظام رياض حجاب.
وتهدف الندوة التي ستحضرها شخصيات سورية معارضة، لفتح باب الحوار بين الفاعلين فيها لقطع الطريق أمام محاولات إعادة تأهيل نظام بشار الأسد.
برنامج الندوة
لكن الندوة قبل انعقادها المقرر من 5 إلى 6 فبراير/شباط 2022، واجهت مغالطات كثيرة حول الشخصيات التي ستحضرها.
إذ تلقفت وسائل التواصل الاجتماعي أخيرا، مسودة أسماء قيل إنها للشخصيات التي وجهت لها الدعوة لحضور الندوة في الدوحة، إلا أنه تبين لاحقا أنها غير صحيحة ومزيفة.
ولا سيما بعد الزج بأسماء لم يجر توجيه أي دعوة لها، من أجل خلط الأوراق والإضرار بالندوة قبل انعقادها.
وجرى توجيه دعوات الندوة من قبل الفريق المنظم لها، (لم تنشر بعد)، إذ تسلمت كثير من الشخصيات السورية المدرج أسماؤها على قائمة الحضور الدعوات.
ووفقا لبرنامج الندوة الذي اطلعت عليه "الاستقلال"، فإن الجلسة الافتتاحية ستبدأ بكلمة لرياض حجاب، ثم جلسة أولى حول تحولات المواقف الإقليمية والدولية من القضية السورية.
وستركز الجلسة الثانية من الندوة، على تقييم أداء النظام وسياساته، أما الثالثة، فستدور حول واقع الثورة والمعارضة.
بينما ستتطرق الجلسة الرابعة للمشهد السوري مطلع عام 2022 والسيناريوهات المتوقعة والتحديات التي ستواجه قوى الثورة والمعارضة، وبذلك يكون ختام اليوم الأول من الندوة.
أما اليوم الثاني من ندوة "سورية إلى أين؟"، فستكون الجلسة الخامسة فيها مغلقة، وستركز على ترتيب البيت الداخلي للمعارضة، ضمن محاور فرعية.
بينما ستشمل الجلسة السادسة (مغلقة) التطرق لمساحات العمل الوطني المشترك.
وستناقش الجلسة السابعة (مغلقة) رؤية مشتركة للانتقال السياسي، وستختم الندوة بالجلسة الثامنة (مغلقة) لمناقشة وإقرار ورقة التوصيات.
تفنيد المغالطات
وأكد أحد منظمي الندوة في الدوحة، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"الاستقلال"، أن "الزوبعة التي أثيرت حولها مصدرها روسيا ومن يخدمها وبعض الدول ممن لا تريد للسوريين أن يلتقوا ويكون لهم دور فعال في علاج الملف السوري".
ولفت المتحدث إلى أنه من "المغالطات حول الندوة اتهام رياض حجاب بالسعي من خلالها لإنشاء منصة معارضة جديدة، وهذا عار عن الصحة تماما، ومصدر هذه الشائعات الدول والشخصيات التابعة لها التي لا تريد لأي عمل يجمع السوريين ويجعلهم فاعلين أن ينجح".
وأكد المصدر أن الندوة هي "دعوة من قبل الدكتور رياض للمعارضة بكافة أطيافها، إذ يوجد شخصيات وطنية، وناشطون ومراكز دراسات سورية"، واستدرك قائلا: "ومن ادعى أن هذا المؤتمر هو تحرك مدفوع من قبل بعض الدول فهذا أمر عار عن الصحة".
وحول هدف الندوة، أوضح أنها تتلخص في "فتح باب الحوار بين الفاعلين في المعارضة وعرض دراسات وتقديرات موقف من قبل مراكز الدراسات حول الوضع في سوريا وحالة الفاعلين، والمؤثرين في الملف".
وأضاف قائلا: "تهدف أيضا إلى تبيان حال المعارضة والفرص والهوامش التي يمكن لها أن تتحرك فيها وتعيد تحريك الملف السوري وإغلاق الطريق على من يريد إعادة تأهيل النظام سواء من قبل دول أو مراكز وأشخاص".
وألمح المتحدث نفسه أن "بعض المحسوبين على المعارضة يبثون إشاعات وادعاءات لا أساس لها من الصحة، وهم ليسوا سوى أبواق لبعض الدول ومن ذلك انتشار قوائم غير صحيحة بأسماء المدعوين".
وختم المتحدث بالدعوة إلى "عدم الانجرار وراء الإشاعات والوقوف خلف الشرفاء من أبناء الثورة السورية من أمثال الدكتور رياض الذي ما عرفنا عنه سوى الغيرة والعمل لثورتنا".
ويرى مراقبون أهمية عقد مثل هكذا ندوة في هذا التوقيت الحرج الذي تعيشه سوريا داخليا، وعلى صعيد مراوحة الحل السياسي مكانه أو تجميده، وهو أمر يفسح مجالات كثيرة للنظام لإعادة ترتيب أوراقه.
جمود الملف
ويؤكد هؤلاء أن أهمية الندوة تنبع من كونها تأتي في ظل انسداد أفق الحل السياسي بسوريا، إذ إنه إلى الآن ما يزال القرار الأممي 2254 الصادر عام 2015، والممهد للحل في هذا البلد دون تطبيق، ولم يحقق أيا من سلال العملية السياسية الأربع وهي: الحكم الانتقالي، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب.
كما فشلت اجتماعات اللجنة الدستورية بين النظام والمعارضة والمجتمع المدني، في نسختها السادسة بصياغة دستور جديد لسوريا.
واعترف مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن وفد النظام "لم يقدم أوراقا في اليوم الأخير للاجتماعات، ما شكل خيبة أمل كبرى".
وخلق "تعنت" النظام في تحقيق أي تقدم في مسار الحل لسوريا، حالة من الرأي العام الداعية لضرورة انسحاب المعارضة من اللجنة الدستورية، لأنها "تؤدي أولا لكسب الوقت والمماطلة وفي نهاية المطاف لتعويم نظام بشار الأسد، وفق الرؤية الروسية"، وفق كثير من المراقبين.
لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد، بل وجهت عقب ذلك ضربة مفاجئة للأوساط السورية، على لسان مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، حينما قال إن "كتابة وإعداد دستور جديد ينبغي ألا يهدف إلى تغيير السلطة في دمشق".
وعدت تصريحات المسؤول الروسي بمثابة "شهادة وفاة" للجنة الدستورية السورية، ولا سيما أنه لم يكتف بذلك بل مضى يقول إن النظام السوري "راض عن الدستور الحالي، ولا يرى ضرورة لإحداث أي تغيير فيه"، وفق ما نقلت عنه وكالة تاس في 27 ديسمبر/كانون الأول 2021.
وتابع لافرنتييف قائلا: "طبعا إذا رأت المعارضة ضرورة إجراء تغييرات، فيجب النظر في القضايا التي تهمها، وطرحها على التصويت سوءا عبر الاستفتاء أو من خلال طرق أخرى لإقراره".
وتوازى تعطيل النظام السوري للمسار السياسي الأممي، مع شروعه في محاولة تحسين علاقاته مع الدول العربية عبر تقديم نفسه كلاعب أساسي تارة عبر مشاريع اقتصادية مترابطة عربيا، وأخرى عبر استغلال تطبيع بعض الدول العربية معه.
وانشق رئيس الوزراء السوري السابق رياض حجاب عن نظام الأسد، في أغسطس/آب 2012، واختير منسقا عاما لـ"الهيئة العليا للمفاوضات السورية"، في الاجتماع الأول لها بالعاصمة السعودية الرياض في 17 ديسمبر 2015.
لكن حجاب أعلن استقالته من الهيئة في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 مع 8 من أعضائها.
ويحظى حجاب بشعبية عالية بين السوريين، فضلا عن معاملته إلى الآن كرجل دولة في كثير من الدول العربية والغربية التي يزورها.