حال تشكيل الصدر للحكومة.. لماذا تتخوف قوى عراقية من تصدع المكون الشيعي؟
.jpg)
تخشى القوى الشيعية القريبة من إيران في العراق فقدان الحكم، إذا مضى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في تشكيل "حكومة الأغلبية الوطنية" بالتحالف مع السنة والأكراد في البرلمان، وعزل باقي الأطراف الشيعية.
وينادي الصدر بتشكيل "حكومة أغلبية وطنية" بتحالف كتلته البرلمانية طوليا مع السنة والأكراد، وذهاب باقي القوى الشيعية إلى المعارضة، وجعل الكتل السياسية ضمن محورين، أحدهما يشمل فريق الموالاة (المشتركين بالحكومة) والمحور الآخر يمثل المعارضة.
وفي ظل الانقسام الشيعي إلى كتلتين أساسيتين، التيار الصدري 74 مقعدا، وقوى "الإطار التنسيقي" 56 مقعدا، تدور تساؤلات عن أسباب خشية حلفاء إيران من فقدان الشيعة الحكم في العراق، وهل هناك إمكانية لحصول ذلك أم أن الأمر مبالغ فيه لأهداف سياسية؟
"شق الصف"
وفي لغة تهديد شديدة، حذرت مليشيا "كتائب حزب الله" العراقي، من "شق" الصف الشيعي من خلال استئثار جهة تمثل 10 بالمئة من الشيعة، في إشارة إلى التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر.
وقال المسؤول الأمني للكتائب، أبو علي العسكري، عبر "تويتر" في 8 يناير/كانون الثاني 2022 بعد تشكيكه بصحة نتائج الانتخابات التشريعية: "نؤكد أن الحكومة المقبلة يجب أن تكون عراقية، لا شرقية ولا غربية، ولا بريطانية، ولا أميركية، ولا إماراتية".
وأضاف العسكري أن "تدخل القوى السنية (عزم وتقدم) أو الأطراف الكردية لصالح جهة معينة من المكون الأكبر (الشيعة) سيساهم في عدم استقرار البلاد، وإن حصلوا على مكاسب، يطمعون بها، فستكون مؤقتة، وقد تتحول إلى وبال عليهم، وسيخسر الجميع".
وختم المتحدث باسم المليشيا الموالية لإيران، قائلا: "محاولة استئثار طرف معين وإقصاء الأغلبية التي تمثل 90 بالمئة من المكون الأكبر سيؤدي إلى شق الصف، وهذا ما يريده أعداء الشعب العراقي، فعلى العقلاء إدارة الأمر بحكمة لتجنب الذهاب إلى ما لا يحمد عقباه".
وقبل ذلك، دعا "الإطار التنسيقي" الذي يضم جميع القوى الشيعية باستثناء الصدريين، مقتدى الصدر إلى تشكيل الكتلة الأكبر"، بحسب بيان أصدره في 7 يناير 2022.
وقال "الإطار" في بيانه إنه "ناقش في اجتماعه قضية الكتلة الأكبر ومسار الجلسة الأولى وعبر عن حرصه على التزام السياقات القانونية والدستورية".
وجدد دعوته لـ"جميع نواب المكون الاجتماعي الأكبر (الشيعة) وبالخصوص الإخوة في الكتلة الصدرية لتشكيل الكتلة الأكثر عددا للمحافظة على هذا الاستحقاق الدستوري واستقرار العملية السياسية".
"تهديدات خارجية"
لكن زعيم التيار الصدري، رد على دعوات قوى "الإطار" له للتحالف معهم والمحافظة على "الاستحقاق الشيعي"، بالتلميح إلى أسماء تحالفاته الجديدة قبيل أول جلسة للبرلمان التي عقدت في 9 يناير 2022.
وأفضت أول جلسة للبرلمان إلى إعادة انتخاب رئيس تحالف "تقدم" (سني) محمد الحلبوسي رئيسا للبرلمان، والنائب حاكم الزامي (تيار صدري) نائبا أول له، والنائب، شاخوان عبد الله، نائبا ثانيا (الحزب الديمقراطي الكردستاني).
"الصدر" كان قد أشار عبر تغريدته في 8 يناير 2022، إلى تحالفه مع قوى "تقدم، عزم، تصميم، والحزب الديمقراطي الكردستاني" وذلك لدى تأكيده أن التهديدات الخارجية لن تثنيه عن تشكيل حكومة "الأغلبية الوطنية"، وأن التهديدات ستزيده تصميما وتقدما وعزما نحو ديمقراطية عراقية.
وقال الصدر إن "إرادة الشعب الحر التي تتمثل بحكومة أغلبية وطنية فوق كل الضغوط الخارجية الغربية والشرقية".
ولفت إلى أن أي ضغوط خارجية لن "تثنيه" عن حكومة الأغلبية، وأن أي تهديدات "ستزيدنا تصميما وتقدما وعزما نحو ديمقراطية عراقية أصيلة حرة ونزيهة".
وأضاف: "لذا فعليهم أن يعوا أن قوة (المذهب) من قوة العراق وطوائفه وأعراقه، وأن أي مساس بسمعة المذهب وسمعة المقاومة من خلال نشر التهديدات والعنف لن يجدي نفعا".
وبدا الصدر وكأنه يشير إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني (31 مقعدا) وتقدم (37 مقعدا) وعزم (14 مقعدا) وتحالف تصميم (5 مقاعد)، إضافة إلى الكتلة الصدرية التي حلت أولا بالانتخابات برصيد 73 مقعدا.
وجاءت تغريدة الصدر عقب اجتماع الهيئة السياسية التابعة لتياره مع الوفد الكردي في بغداد، نتج عنه إعلان الأول "موقفه الموحد مع الأكراد فيما يخص تشكيل الحكومة".
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) January 8, 2022
تصدع الشيعة
وبخصوص التخوف من ذهاب التيار الصدري منفردا مع السنة والكرد، رأى الناشط السياسي علي مارد الأسدي أن "هناك ضرورة لحكومة أغلبية وطنية شرط أن لا تكون على حساب الأغلبية".
واعتبر الأسدي في حديث نقلته تقارير مواقع عراقية في 6 يناير 2022 أن "من غير المقبول على الإطلاق الالتفاف على حقوق المكون الأكبر تحت هذا العنوان أو ذاك بدخول جميع السنة العرب والكرد موحدين في موضوع تشكيل الحكومة في مقابل مشاركة الشيعة بأقل من نصف حجمهم النيابي".
وفي السياق ذاته، علق بيلغ أبو كلل القيادي في تيار "الحكمة" (الشيعي) بزعامة عمار الحكيم عبر "تويتر" في 6 يناير 2022 أنه "لم أقرأ لأحد من الإعلاميين والمدونين والقنوات عن انتقاد للوحدة السنية بين (تقدم + عزم) بل العكس، وقد لاموني لأني تساءلت: لماذا نقبل بوحدة قوى السنة والكرد وفرقة الشيعة".
وتابع أبو كلل في تغريدة على "تويتر" بالقول: "هي الطائفية الحقيقية عند هؤلاء، لأن الواضح أن ما يريدونه هو تصدع الشيعة فقط ولا علاقة للهوية الوطنية بذلك!".
لم أقرأ لأحد من الإعلاميين والمدونين والقنوات عن انتقاد للوحدة السنية بين (تقدم+عزم) بل العكس! وقد لاموني لأني تساءلت: لماذا نقبل بوحدة قوى السنة والكورد وفرقة الشيعة!
— بليغ أبو گلل (@balighabogelal) January 6, 2022
هي الطائفية الحقيقية عند هؤلاء، لأن الواضح أن ما يريدونه هو تصدّع الشيعة فقط ولا علاقة للهوية الوطنية بذلك!
وعلى الوتيرة ذاتها، قال عباس العرداوي رئيس مركز "ارتقاء" العراقي للدراسات، خلال مقابلة تلفزيونية في 8 يناير 2022 إن "عملية انفراد الصدر بالتحالف مع القوى السنية والكردية يعتبر شق عصا الشيعة في العراق".
وتابع: "لماذا التيار الصدري يصر على تحسب حكومة وطنية، وذلك بتقليص الوجود الشيعي وذهابهم إلى المعارضة، ولا يفرض على الإطار التنسيقي الذهاب إلى المعارضة".
ورأى العرداوي أن "الخطورة تكمن في تجزئة الأغلبية، وكأنما الأغلبية تحسب باستبعاد فئة دون أخرى، رغم أنه يمثل كل الشيعة ما عدا التيار الصدري، فهذا التساؤل المستغرب".
وتساءل: "لماذا يزهد التيار الصدري بمئة مقعد يمثلون الشيعة، بينما السنة والكرد يوزعون مناصبهم بينهم، هذه النقطة التي تستوقفنا؟".
مشروع جديد
وفي المقابل، قال رئيس مركز "بغداد" للدراسات مناف الموسوي في مقابلة تلفزيونية في 8 يناير 2022 إن "الصدر قدم مشروعا جديدا وطنيا، يتمثل بالتحول من الحكومات التوافقية إلى حكومة الأغلبية".
وأضاف الموسوي أن "المشروع قدمه الصدر بخيارين، الأول أن يشكل التيار الصدري الحكومة وفق هذا المبدأ ووفق برنامج تحالفي وآخر حكومي، والخيار الثاني هو الذهاب إلى المعارضة".
ورأى أن "خيار الصدر ربما يكون الأقرب إلى ما ذهب إليه الشارع الذي طالب بانتخابات مبكرة في احتجاجات عام 2019.
فقد "كانت أزمة ثقة بين الشعب والعملية السياسية، تحديدا في المناطق الشيعية، التي لم يشهد واقعها طيلة 18 عاما أي تحسن رغم الموازنات المالية الانفجارية المخصصة لها، وكذلك التئام البيت الشيعي، وتشكيل حكومات توافقية".
وأشار الموسوي إلى أنه "بعد الانتخابات التي حصلت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، تحولت اللعبة من المواطنين إلى الكتل السياسية، لكن (الإطار السياسي) يطرح رؤية واحدة هو أن يدخل في الحكومة هو والتيار الصدري، رغم أن رسائل عدة بعثها الصدر بأن يأتي جزء من الإطار ويذهب الآخر إلى المعارضة".
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) January 9, 2022
واعتبر مقتدى الصدر، عبر تغريدة على "تويتر" في 9 يناير 2022 اختيار رئيس البرلمان ونائبيه أولى بشائر حكومة الأغلبية الوطنية.
وشدد على ضرورة أن "تكون كل الكتل السياسية في البرلمان والحكومة على قدر المسؤولية وأن لا يعيدوا الماضي المرير"، مؤكدا أنهم أمام منعطف صعب يخطه التاريخ بنجاحهم أمام الشعب العراقي.
المصادر
- الاطار الشيعي يدعو الصدر لتشكيل الكتلة الأكبر
- على وقع ضربات الانقسام.. المكون الأكبر في العراق قد يفقد منصب رئيس الوزراء
- كتائب حزب الله تحذر من "شق" الصف الشيعي وتوجه رسالة الى الكورد والسنة
- الصدر يلوّح باسماء تحالفاته الجديدة: التهديدات تزيدنا تصميماً وتقدماً وعزماً نحو ديمقراطية
- الصدر: لا مكان للمليشيات في الحكومة العراقية الجديدة
- الصدر يعلق على اختيار رئيس البرلمان العراقي ونائبيه